همزة من همزات مجنون رسمي (الدخان) هذا حال الزوالي بفلوسوا وكاينوا يطلب
- zaratimoukhi
- 22 mai 2020
- 6 min de lecture

بقلم المختار المختاري الزاراتي

من مضحكات هذا البلد أنّ الذي خطّه أهل العلم والكلمة والحكمة فيه تكرر حضورها وبقوّة في كلّ منعرج من منعرجات تحولات الناس الكبرى.
وهذا ابن خلدون تعود حكمته إلى السطح لتشير لنا بالبنان أننا لا نستحقّ حمل اسمه ووزر حكمته ولا نستحق أن يكون حاملا لذات النسب الذي يجمعنا به وكذلك من سبقه ومن تلاه من الذين قتلنا حلمهم واسمهم قبل ان نقتلهم على عادتنا في قتل أنبياءنا بكل حجة وذريعة مخادعة ودنيئة ورخيصة.
ومن بين المقولات المهمة التي استنتجها ووضعها حكمة وحلقة في اذن من يحكم كما المحكوم.
أن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الاخبار وفي باطنه نظر وتحقيق وأن التاريخ يعيد نفسه في شكل مهزلة وغيرها مما يحمل للغرض من تصفح التاريخ والتدقيق في مجريات أحداثه ومعرفة أسس وعلل ونتائج كل حدث. حتى أنّ أعور الصهاينة في لحظة محاسبته من قبل نواب الكيان الغاصب الاسرائيلي بعد حرب أكتوبر التي كان لهم فيها انتصار محوري. وعند طرح السؤال عليه.
ـ كيف تجازف وتعيد ذات الخطة العسكرية التي نفذت في حرب 67 ؟
أجاب بكل ثقة بعد أن رمى كتابا منشورا يحمل جميع تفاصيل هذه الخطة.
ـ لو لم أكن متأكدا أن العرب لا يقرؤون لما فعلتها.لكنّي على يقين أنهم شعب لا يقرأ.
وأقف عند لا يقرأ حتى لا يذهب بي سخطي وغضبي الذي ينزع نزوع النقمة من حكّام خونة جهلة ومن بطانة فاسدة سارقة مرتزقة غيبت عنهم حقائق الصادقين اللذين كانوا يقرؤون ويكتبون لينيروا للشعب ولهم الطريق ويردّوا ولو القليل من ما منحهم الشعب الكادح من أموال (عمومية مستقطعة في شكل ضرائب مخصصة جزء منها للتعليم) حتى يكون عيون ولسان وحكمة وشمعة نور تزيل ظلام ليل الوطن وتمسح دمعة نسائه الكادحات ووجع الفقر والحاجة عن رجاله المحكومين بالنار والحديد.
وبعد ما أسميتموها ثورة ثم أهديتموها للذين وضعتم اصابعكم في الحبر الانتخابي الديمقراطي جدا (و شرفا صونا للعرض) وبينما كنتم ترقصون طربا كان غيركم يؤسس في الظلمة جناحه المافيوزي في الجبال وفي الحدود الصحراوية ويشتري منكم من يشتري ليعيد ترتيب بيته وجيش حكمه للبلاد لخاصته.
وبالاستعانة بخبرات عدوّ مستعمر طبلتم لوجوده وسارعتم للرقص على وقع كلماته الواعدة بفتات ما ينهبه من خيراتكم ويوفرها له هذا الجناح أو ذاك من الاجنحة المتصارعة التي ورثناها منذ بورقيبة وأكمل الزين وأصهاره وعائلاتهم الفاطقة الناطقة بحماية هؤلاء المستعمرين الغرباء ليس تخريب الادارة التي يكررون في كلّ لحظة انها مفخرة بل وحتى جزء كبير من شارع جهّل وأعدم وعيه وشخصيته التي حوّلوها إلى سارقة مرتشية بالضرورة متسولة في أغلب الأحيان مستغلين فقر علمه ووعيه الذي أسسوه له. وواضعين حكمتهم في السرقة تحت شعار الطموح
وهنا لي سؤالين. الأول عن هذه المفخرة التي نسميها إدارة (كيف كانت تمرّ كلّ هذه المآسي والتجاوزات وبأي قانون وتحت أي مسمّى وشرط مرحلة وخطة اقتصادية ورقابة ادارية وغيرها من الأطر القانونية التي تضبطها الادارة بآلياته التنفيذية والرقابية كل هذه الكوارث المخربة للبلاد؟ ونحن نعلم أنّ في مشروع المصالحة هذا الذي يرغب تمريره الجميع وبلا استثناء ولا حياء بعد ان اتفق الكل على توسيع القائمة لتشمل مموليهم الرئيسيين وحتى الثانويين ومن يمين الى يسار الى وسط يسار ويسار اليمين شاهدنا مشنقة فقط لشعب واحد وفقط. وأن هذه القائمة تشمل اسماء فاعلين اداريين عادوا الى مناصبهم ومكاسبهم بعد أن انتصرت اجنحتهم في مرحلتها الأولى من الصراع ضد ارادة الثورة الشعبية وخلى لها الميدان من انصار الشعب).
والآن مرّوا الى الصراع الأخوي (من منّا يحكم ؟)
ولأننا شعب سريع الالتهاب كما هو سريع النسيان أذكرهم بقولة ذلك التجمعي الذي وقف أمام مجلسكم التبسيسي قائلا بصريح العبارة (إن أزحتمونا اليوم غصبا فإننا عائدون بدمّ) ولنذكر والذكرى لا تنفع إلا المجانين (قولة غنوشي الزين الأغلبية الصامتة قادمة) وفعلا وهو الذي على علم بها وبطرقها وأساليبها يعرف جيدا أسرار حكمتها الغادرة وموطن سكاكينها في عمق جسدنا.
وأمّا سؤالي الثاني. فهو واحد أحد شامل. أين رقابة وزراء المال لما بعد ما تسمونه ثورة ديوانة رقابة اقتصادية رقابة مالية وإدارية وغيرها من مصالح الرقابة على المال العام وتنظيم السوق التجارية والاقتصادية عموما؟
وسآخذ مثالا واحدا وبسيطا وكارثيّ.
تجارة المرض في بلادي. مع كلّ مسرحية حكومة منتخبة يصعد أحد الزعماء الفعليين ليبشرنا أنّ على الشعب أن يبتعد عن التدخين فهو مضرّ بالصحة وعن الشرب (شرب الكحول أعني) فهو مذهبة للعقل والمال. ويتعامل مع الشعب ليس كحاكم وانما (وهنا تكمن بساطة التفكير والجهل بأساليب الحكم عند هذا الطرف وذاك على السواء وأنهم ليسوا أهلا ليس للحكم فقط وإنما حتى لرقابة الحكام كما نواب مثلا في مجالس نيابية ينوبون فيها شعبا) لكن يحضرني مثل تونسي (أعمى يود في أعمى...وعمشة في دار العميان) وهم في الحقيقة عمي في الخطاب وليس في النوايا فمن الواضح أن البداية شملت السجائر والمشروبات الروحية ولكن بعد حماية شملت المشروبات الروحية من الخارج والداخل بقي ميدان السجائر وهو المقصود الحقيقي بالحملة مرصودا وفي مرمى أغراضهم (وهذه الحال منذ السراق القدامى أيام الزين حيث كانوا راغبين في شرائه بأرخص ثمن فسهلوا بإدارتهم الموالية لهم هذه الادارة المفخرة دخول السجائر القاتلة الحقيقية المجهولة الصنع والمصدر والمكونات) وليتواصل الحال وبشكل مكثف اكثر ومركز اكثر وبترغيب وترهيب للعاملين في مواقع شركة التبغ الوقيد وبتكديس الزيادات في اسعار السجائر التي يمكن للحظة وفي عملية حسابية بسيطة اكتشاف حجم الزيادة فيها بين أمس ما قبل ما تسمونها ثورة واليوم.
ومع اضافة أخرى وهي التنزيل في اسعار السلع المهربة المجهولة المصدر والمكونات وتغييب السلع الوطنية المدفوعة الثمن سلفا من الضرائب المستقطعة للغرض. وكل ذلك في النهاية للفوز بمصدر من أهم مصادر المال على حساب مجموعة كبيرة من الشعب مريضة بالإدمان قبل أن تكون متفاعلة مع السجائر للزينة أو الرفاهة أو للمناسبات السعيدة. ولولا تلك السجائر التي يعتمدها لزيادة التركيز أمام التشويش المركز العام والخاص وأمام الهجمات الداخلية والخارجية التي تشوش وتنغص عليه حياته في كل ثانية وهنيهة من الأخبار السارة جدا لحكامنا الأشاوس أبناء الشعب الذين تارة ينعتونا بجهلة للدين وأخرى متعصبين جهلة للكفر وأخرى جهلى لا نؤمن بالديمقراطية وغيره مما يدفعنا للتفكير والسؤال (من الجاهل فينا حقيقة ؟) ولنتذكر كيف نشأت المافيا في العالم ألم تكن في اساسها تجارة السجائر والوسكي قبل أن تتحول بعد هجرتها إلى أمريكة نحو تجارة المخدرات؟
رزق البيليك:
طبعا لن يفوتنا توضيح ما لا يغفل عنه حتى الغافل في هذي البلاد من أنّ بارونات المافيا (نقصد مافيا التهريب) تعتمد ذات الأسس التي تستلهمها من أسلافها والتي تنطلق من السوق السوداء نحو التغلغل في سلطة القرار بعد أن تتوفّر على حجم من الأموال تكون مصدر ضغط قويّ وتتدرّج نحو ابتلاع كلّ البلاد لتصبح سوقا لها وتعتمد على تجارة الكمّ الفقير (توفير السلع بأرخص الاثمان وهي المعدة والجاهزة سلفا وبمقاييس دنيئة أذ أنها هي ذاتها مصدر مهم من مصادر خلق التجارة الجاهزة للاستعمار ونوضّح ذلك حتى لا يقال عنّا مغرضين أو ندعي في العلم فلسفة)
توفير سلع رخيصة مستمدة من مواد استهلاكية غير صحية تنتج امراضا وربما أوبئة وتكون مصدرا مهما لتحرير (من خلال الضغط الكمّي) سوقي الطبّ والصيدلة وهما من المهن التي كانت تحمل صفة النبل والتطوع المجاني والمتحوّلة إلى تجارة أكثر من مربحة وتمثّل كارثة من الكوارث التي تقف حائلا دون تطوّر مهنة الطبّ علميا ودون ما يوفّره المواطن من ضرائب (تصبح قليلة بالنظر لرأسمال الخاص والذي مصادره أكثر من مشبوهة بل وأسسها لا انسانية وربحها فاحش ولا انساني ولا نبل ولا قسم طبّي يشفع لوجوده فينا (وهنا يصبح القسم الطبّي كمن يستخدم الدين لقتل الانسانية)
ونعود لمسألة السجائر التي انطلقنا منها كمثال معاش الآن وعلى الأرض. فالتجار الكبار وبعد أن تفطن المواطن لمضار السجائر المهربة والتي مضارها اسرع من زمن ادخالها للسوق ظهورا وبروزا على صحة المواطن الشيء الذي دفع ببعض الخيرين إلى اخضاعها الى التحليل المخبري ليجدوا فيها من الكوارث الصحية ما يجعلنا نسأل سؤالين محددين.
ـ هل الدولة فعلا (وهي التي تتبجح بأن مصدر ثروتها هي القوّة البشرية) جادة في قولها وعملها على ادامة ثروتها ومصدر قوتها؟
ـ هل أن التونسي الذي يهرّب هذا السمّ لأبناء وطنه تونسي فعلا ووطني ويحمل الجنسية الوطنيّة أم أنه خائن وعقوبة الخيانة العظمى معلومة فالخيانة هنا قتل وإبادة جماعية متعمدة وبقصد الاستثراء وكنز المال وبغير تفكير في استمرارية وجوده كتاجر مهرب مافيوزي هل سيبق لديه مشتري بعد قتلهم؟
وبعد أن أعلنت السلطة عن حملة تصدي جابهها لوبي آخر وهو لوبي وسطي وسيط وهما (من يحمل رخصة بيع السجائر وأبناء عمومته وهم بنسبة تفوق التسعين بالمائة من اصحاب رخص حوانيت الفواكه الجافة والتي لم تحدد مجال نشاطهم ليقضوا على حرف ومهن أخرى قضاء مبرما وبجشع يفوق جشع معلميهم وأصحاب الفضل في رأس مالهم الفعلي والمؤسس إذ باعوا بطاقات وكذلك وصولات شحن الهاتف التي قضت على محلات (التاكسيفون) ومن ثمة باعوا السجائر بالمفرد وسمح لهم ببيع العلب بربح معقول لكن جشعهم دفعهم للتفاعل مع اصحاب رخص بيع السجائر ليحتكروا بيعها دونا عن المرخص له الذي يبيع القليل للزبائن والأغلب يبيعه لباعة الفواكه الجافة من ابناء جهته ليصل سعر العلبة الى الضعف في اماكن وأزمات مفتعلة يروجون لها حتى يضاربوا ويحتكروا وفي اغلبهم هم تراهم يحملون مواصفات المتدين.
زد على ذلك ما سبقت الى اشارة اليه من رغبة اطراف داخلية وخارجية وأيضا مشتركة في الفوز بهذا المفصل المحوري من التجارة التي تدرّ رأسمال كبير للدولة في اطار الخوصصة والأزمات المفتعلة بعد حملات النهب والسرقة المنظمة لتكريس وجود الاستعمار الى ما لانهاية على ارضنا وفي رغيفنا ويمتص دمنا ولا يمكن لنا ان ننبس ببنت شفة وليكون لهم بذلك سلطان الحكم الى ما لا نهاية وربما بالوراثة المكشوفة بدون ان يتمكن كائن من كان من القيام بثورة كالتي تسمونها ثورة فأي قرود من يظنون أنّ البلاد (رزق بيلايك). لأنّ وما نهبوا منذ قيام ما يسمى بثورة وبتعاقب الحكام 'الوطنين الأشاوس' ممن تكدست لديهم هبات وقروض وتمويلات وأرقام مخجلة للذي يقول ساعتها واليوم أننا لا زلنا نبحث عن مصادر لنوفر رواتب العاملين في الادارة فقط وأنه قريبا ينضب ما لدينا في خزينة الدولة من أموال وغيره من الحجج التي لا تنطلي إلا على من انتخبكم ومنهم من أفاق من (تخميرته) بعد أن تبين له الابيض في الاسود العام والمعمم بقصد.وأقصد النسوة اللواتي يتبجح بأصواتهنّ من كان غيره يتبجّح بمليونته ومن كان يفاخر بفقراء أرياف لا تزال وستظلّ أن المساجد والجوامع للعبّاد وليس للتجار والسماسرة فقراء العقل والدين على غالبيتهم فينا.
ولكم يا ناس إن بقي فيكم بعض مما اشتق منه كلمة ناس وأقصد الانسانية شيء أو بعض شيء.القول الفصل.
تونس 21/10/2015
Comments