ـ لماذا النهضة اليوم وهنا في تونس؟ (المختار المختاري 'الزاراتي')
- zaratimoukhi
- 18 juil. 2022
- 16 min de lecture

يتحدثون في كلّ مرحلة عن وجود المخابرات العالمية على أرض تونس بشكل مباشر وكأنهم لا يعلمون ما لتونس من دور استراتيجي في محيطها العربي رغم أنه مستتر ومخفيّ في جبّة العلاقات التبادلية التجاريّة كما يحلوا للبعض مغالطة عقولهم المحللة للأحداث المفصليّة 'على الأقل'.فمنذ الخروج العسكري لفرنسا من على أرض تونس تمّ ربطها باستعمار اقتصادي مفضوح رغم المراوغات البورقيبيّة لإخفاء هذا الاستعمار حتى يكون في صورة البطل الذي قهر فرنسا وهزمها وأخرجها تجرّ أذيال الخيبة من تونس. والحال أنه هو أوّل من يعلم أنّ اقتصاده بكلّه مرتبط ارتباطا عضويا بالاقتصاد الفرنسي خصوصا ومن ثمة دائرة التفاعل الفرنسي الاقتصادي أي الأمريكي والأوروبي وحين نتحدث عن أمريكا لا يمكن إطلاقا على العاقل إغفال نصيب إسرائيل من الكعكة الأمريكيّة.
وهذا الاستعمار العضوي.كان المدخل الرئيسي لتواجد المخابرات الفرنسية والأمريكية والاسرائيليلة طبعا على أرض تونس.وكان في البداية مرتبطا بالدائرة الرسمية ضمن فعاليات السفارات (في شكل تقارير أمنيّة وعسكريّة وسياسية ترسلها السفارات إلى دوائرها الحكوميّة لمتابعة حكام هذه الدولة 'ألصديقة' التي يجب أن ترعى مصالح أصدقائها على أرضها بشكل مطلق ومبجّل وبحظوة تجعل منهم الأول على الساحة والمتحكمين حتى في الخيارات الاقتصادية ومشاريع هذه الدولة المستقبلية (ومنّا من يذكر حادثة نوعيّة هي حادثة ترويج سيارات الايسيزوا اليابانية في أول ظهور لها على الطرقات التونسية زمن بورقيبة وماذا كان موقف فرنسا حين أغلقت مشروع 'ستييا' لتركيب السيارات وقطعت تزويد تونس بقطع غيارات السيارات الفرنسية حتى رضوخ بورقيبة وزعمه أنه أوجد حلّ يرضي الجميع وهو الترفيع في سعر الايسيزو بما يتناسب ومبيعات ال404 بوجو الفرنسية وحذف المحرّك الاضافي الذي كانت ايسيزو تعطيه هدية مع كلّ سيارة مقتناة).
ولم ينتهي عالم الجوسسة في تونس إلى هذا الشكل فقط بل وتطوّر متفاعلا مع الأحداث العربيّة والعالمية وتأثيرها على الساحة التونسيّة.
فدخلوا إلى الساحة الوطنيّة (وهنا أخصّ بالذكر الوجود الخاص لجهاز الموساد في تونس). من خلال الأطر السياحيّة 'مثلا وكالات الأسفار.بحكم تحكمهم في المراصد العالمية للترويج السياحي'.ثمّ أستخدم عنصر 'الحفاظ على سلامة الجالية اليهوديّة بتونس'وكأنهم ليسوا مواطنين تونسيين أو هم مضطهدون في تونس إلى درجة أنهم معرضون للخطر فيها'وعملوا داخل صفوف اليهود التونسيين مستغلين قدومهم للحجّ اليهودي في 'الغريبة' بجزيرة جربة ومثلّ الحجّ مدخلا سهلا ومناسبا للموساد للتغلغل في صفوف يهود تونس وبثّ سموم الفرقى وغسل وتنظيم عقليّة ظهرت في مناسبات عدّة لدى يهود تونس وترتكز على عنصر أساسي في الفكر الصهيوني وهو الشعور الدائم والتفكير المسترسل في وضعيّة وهميّة تحولت إلى مرضيّة هدامة ومخربة وهي عقلية ونفسيّة المضطهد والمستهدف الذي يجب أن ينال من غريمه قبل أن ينال منه.
ومن هنا تحركت دوائر الموساد واستهدفت شرائحها الأولى من بعض التونسيين لتكون خلايا مدّتها بما يلزم من مال وسهّلت وصولها إليه.وجعلت منهم في بعض الأحيان عناصر مزدوجة فهي تقوم بالاستخبار على الداخل التونسي وتخصيصا (الحركة السياسية في تونس وحتى الاقتصادية وهنا ترصد كلّ تحركات الرأسمال التونسي الحرّ أي ما يسمى بالبورجوازية الوطنيّة حتى بلغت رغبتها في تجميعهم داخل محافل خاصة معزولة عن الشعب الكريم وربطتهم بمشاريعها مستغلّة ما في القانون التونسي من خور وثغرات حتى تركّز لديها خلايا في أهم المواقع الرافدة والمغذية لدوائر القرار في تونس وأعني الجهات المميزة في بلوغ مركز الحكم من وزراء وكوادر إداريّة.حتى أصبحت متمكنة من إعلاء شأن من تريد من أذرعها.وهنا للناظر في مسيرة (بن علي) سيعرف قيمة التغلغل لأجهزة المخابرات الاسرائيليّة 'الموساد'التي هي جناح رئيسي للسي أي أيه الأمريكيّة بحكم ما لديها من حدود التماس مع العنصر البشري التونسي والعربي بالأساس ثمّ القدرة المالية السريعة التسلل للمواقع العربيّة.فالموساد خلق لمحاربة العرب بالعرب ذاتهم بحكم وجود العرق العربي اليهودي الذي يمكن أن يتلون ويتشكّل مثلما تشاؤه رغبة الكيان الصهيوني وهذه الميزة تفتقدها المخابرات الأمريكيّة بشكل يتيح لها الذهاب بعيدا في مشروعها ألاستخباري لذلك هي تعتمد على ما توفره المخابرات الصهيونية الموساد. وكلنا يذكر في العهد البورقيبي ما لدور الموساد التي ركزت خلاياها في تونس قبل وخلال مجيء الفلسطينيين بقياداتهم إلى تونس وقامت بعمليتين نوعيتين الأولى والرئيسيّة بالنسبة لي هي عملية اغتيال أبو جهاد والثانية وهي أقل أهميّة عملية قصف حمام الشاطئ وكان الاعلام المتواطئ ودوائر الصهيونيّة جاهز لإخراج صورة بورقيبة من عنق زجاجة الغضب الشعبي جاهز حيث صوتت أمريكا ولأول مرّة في التاريخ والأخير طبعا لينتصر بورقيبة على إسرائيل ويصبح الدم المراق والكرامة المهدورة والسيادة الممرغة في الوحل والدمّ محلّ متاجرة مع إسرائيل لتدفع المبلغ الكافي لحفظ ماء وجه بورقيبة داخليا وعربيا وعالميا.
ولن أزيد على ما يعرف عن (بن علي) وما عرف بعد فراره من ملفات تعاون وتفاعل مع المخابرات العالمية على أرض تونس لقاء إعلامها بما يصلها من معلومات حول تحركات السياسيين التونسيين في الداخل والخارج. لكنّي أعود إلى ملفّ حارق وفاضح ومجيب على السؤال الحارق.
لماذا النهضة تحكم تونس المنتفضة.بعد فرار بن علي.وأعتمد في إجابتي على ما رغبت دوائر السي أي إيه والموساد فضحه عن طريق عميلها بالأمس والوقت الحالي (سنودن) المعروف بوثائق ويكيليكس.وهي نموذج سهل للمتآمر الذي يتهمك بالاستناد إلى نظرية المؤامرة في التحاليل التي تقدمها. وهي جزء من العمل الاستخباري الذي تقوم به الجهات الرسميّة أي السفارات الموجودة على أراضينا وبحماية دولية:
ـ وثيقة ويكيليكس المسربة والخاصة برؤية السفارة الامريكية المثبتة في شكل تقرير تفصيلي موجّه للإدارة المركزية الأمريكية(هذا أهم ما تحتويه في شكل ملخّص):
مثّلت تونس بعلاقاتها الممتدة لأكثر من مأتي سنة مع أمريكا نقطة محورية في سياستها الاقتصادية والأمنية ليس للمنطقة العربية ككل أو العربية المغاربية فقط وإنما الافريقيّة أيضا بحكم موقعها الاستراتيجي المفتوح كجسر بين كلّ هذه المحيطات وأوروبا ومضيق جبل طارق منفذ أساطيل الجيش الامريكي التي تجوب البحار ومنها المتمركزة بالمتوسط لحماية طرق التجارة الدولية الخاصة بمنظومتها ومكونات حلفها ودائرته العالمية.لذلك فإن الادارة الامريكيّة ركّزت نشاطها المباشر في تونس للفوز بها نهائيا مقابل تراجع فرنسا إلى مرتبة الشريك الاقتصادي التقليدي الاول بينما لأمريكا اغراض ومشاريع أخرى لا تقف عند حدود التجارة مع تونس كخارطة ضيقة.وبعد صعود اليمين وسيطرته على كلّ مفاصل فرنسا وتنامي الدور الصهيوني في كواليس السياسة الفرنسية وانتهازية ما يسمى باليسار في فرنسا وترهله وانحنائه لرغبات أمريكا والحركة الصهيونية التي انغرست في العمق الفرنسي بسيطرتهم على مفاصل الاعلام خصوصا. بقنواته المتعددة والمتشعبة المنغرسة في لبّ المحيط الفرنكوفوني بكلّ أجزائه. وفي اطار تفاهمات تترك لفرنسا مجالها الحيوي بينما تتقاسم معها أمريكا ما تراه نشاطا مشروعا لتأمين حدائق وطنها الخلفية أي مصدر ثروتها التي تنهبها من هذه الامم الفقيرة الكادحة من نفط وغاز والماس وذهب وما وهواء وعبيد في شكل مأنسن جديد أي بترك هذا العبد في موطنه يكدح ليسعد المواطن الامريكي الثريّ بالثروة ومصادر الطاقة لتشغيل مصانعه ويبيعه فتات ما فاض من سلعه الموبوءة والاستهلاكيّة من الدرجة الرخيصة التي لا يرغبها المواطن الامريكي العادي أو الاوروبي ايضا.وبخلاف عن وجودهم حقل تجارب لأسلحتهم الفتاكة المستقبلية المتمثلة خصوصا(السلاح البكتريولوجي)بنشر الاوبئة والفيروسات التي يبحث عنها علمائهم في إرث الانسان القديم الذي كان يعاني من انتشارها ومنها(السيفليس والطاعون والسيدا والايبولا وفيروسات الانفلونزا بجميع انواعها التي عرفناها اليوم....و..و..وغيرها كثير مما اكتشفه علماء السلاح الامريكي لتعويض الآلة العسكرية الحالية والحد من خسائرهم البشرية مقابل قتل أكبر عدد ممكن من العدو ومحقه تماما(وانتشر هذا الصراع في نهاية ستينات القرن خصوصا في اطار الصراع بين الكتلة الشرقية وأمريكا وحلفائها).
ولأنّ تونس تمثّل طريق رئيسيّة ومعبّدة لتنفيذ مشاريعها التي واجهتها الواضحة شعاري الديمقراطية والحريّة وعنوانها الرئيسي موطئ قدم لقوات الافريكوم(للتدخل السريع)وغطائها تجاري...واصلها نهب ثروات الشعوب الافريقيّة وطرد كلّ من تسوّل له نفسه الاقتراب من حديقتهم التي كانت مغلقة لزمان في انتظار دورها في الماكينة الامريكية.وتونس ايضا رقم مهم في المعادلة العربية سواء مغاربيا أو شرق أوسطيا من خلال امكانياتها وحضورها في داخل الجامعة العربية وتأثيراتها على بعض دوائر القرار من خلال علاقات بشخصيات فاعلة عربيا.وأيضا من خلال علاقاتها بالسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني.
ومن خلال تقارب وجهات النظر في مجمل الصراعات والنزاعات الدولية وقضايا الشعوب المحيطة بتونس على وجه التخصيص سواء برابط الدم والانتساب (أي القضايا العربية والمغاربية العربية)أو قضايا الشعوب الافريقية.وبلوغا القضايا الانسانية والنزاعات الدولية.
لكن في فترة حكم بن علي وخصوصا بعد تقدمه في السن وسيطرته المتنامية من خلال جهاز كامل ركزه للتخابر الداخلي مشكلا من التجمّع(الحزب الحاكم) والداخليّة. على كلّ أعوانه ووزرائه وحاشيته. وليس فقط المعارضة والشعب الكريم.حتى انه لم يترك مجالا لبروز خليفة له يمكن ان يتولّى الدولة بعد مماته من خارج دائرة القصر التي سيطرت عليها زوجته ليلى وهذه الاخيرة تكنّ حقدا خاصا ومتناميا ليس على الشعب وحسب وإنما حتى على كلّ من تحدث عن تمييزه في الدراسة أو القدرة السياسية أو المالية.وهذا طبيعيّ حين نعرف تاريخ هذه الشخصيّة التي اصبحت ركيزة مسيطرة على الدولة بمعيّة إخوتها وإذنابهم من سقط المتاع الذين لا يتميزون عنها في التاريخ الشخصي والتكوين العلمي المعدوم والضحل.والنسب العائلي الفقير المعدم.مقارنة بتركة بورقيبة التي اثقلت كاهلهم ودمرت وجودهم لردح من خلال تواجد شخصيات كان لابدّ لبن علي أن يوظّفهم لتكريس وجوده علما منه بقدرتهم التسيرية وخبرتهم وحنكتهم وجملة علاقاتهم الخارجية التي وظّفوها لشخصه حتى يرضى عنه اليهود والنصارى بأن يكون رئيس تونس بعد الانقلاب على بورقيبة.والذين ينتسبون لعائلات معروفة لدى العامة برفعة سندها المالي و الفلاحي التاريخي ومنها التجاري والمقاول وتطوّر ليشمل حتى اصحاب المصانع من البرجوازيون الجدد الذين انتفعوا كبير النفع من ولوجهم الدائرة والمحفل (الطرابلسي "نسبة لليلى الطرابلسي زوجة بن علي وإخوانها وبطانتها) في مرحلة لاحقة.ونتيجة لتقدمه في السنّ الذي اسكنه هاجس الانقلاب عليه مثلما فعل هو ببورقيبة وخشية من كلّ مقترب من محيطه.أطلق يد الجهاز البوليسي السياسي ووسع افرعه ليشمل عديد الفروع في مؤسسة الداخلية كما ربط الداخلية بجهاز الحزب الحاكم(التجمع)معتمدا على الإرث البورقيبي الذي ربط كلّ الدوائر الحكوميّة والدواوين والوزارات بشبكة رافعي التقارير الأمنيّة عن كلّ معارضة مفترضة لحكمه المطلق في هذه الدائرة.وجعل منهما بن علي جهازا متكاملا في مراقبة الشعب بأسره.بالاعتماد على الشعب الترابيّة والمهنيّة للتجمع(حزبه الحاكم)وكامل أجزاء ودوائر هذا الحزب اللقيط الذي خنق كلّ البلاد عبر شبكته الأمنيّة التي تعتمد رفع التقارير التي يصل منها ما يصل إلى جهاز أمن الدولة لقاء فتات موائد ما يدعى بالرأسمال الوطني الذي كان يدعم الحزب بالسيولة النقدية اللازمة لوجوده على أرض تونس.وبقيّة التقارير تستعمل للضغط على أشخاص معينين لابتزازهم ونهبهم ليس في ممتلكاتهم العينية المادية فقط بل وتجاوز ذلك إلى حدود الملكية الفكريّة وغيرها.حتى أصبحت مرافق الدولة الإداريّة الرسميّة مفتاح ولوجها وولوج قرارها هو الامتداد الحزبي للمتقدم للخدمة ومدى ما يوفره من معلومات جديدة قيمة.
فالولاء للتجمع الذي يفتح للفقراء باب الرزق يمرّ عبر ما يمكن ان يوفّره هذا المعدم من تقارير وإفادات حول من يمكن ان يكون معارضا أو حتى مشروع معارض انطلاقا من البيت والحيّ شاملا المعتمديات بلوغا الولاية وصولا الى مراكز تجميع المعلومات واستكمال الملفات ثم تحال على من يصدر الاوامر وفي اغلب الاحيان كان بن علي هو نفسه من يراجع الملفات ويعطي التعليمات في شأن أسماء تعدّ خطيرة في رأييه.
وكان الامريكان على علم بجميع تفاصيل ما يجري من خلال عملهم المشابه تماما للفعل المخابراتي لبن علي (طبعا حسب وجودهم وما يرغبون معرفته سواء عن الحكام او المحكومين ومنهم وعلى رأسهم من يمكن ان يكون عنصرا نافعا لمشاريعهم).ولينفذوا لعمق أكثر الشرائح تضررا في عهد بن علي (الشباب المعطّل والمفقّر)اتخذت نفس اسلوب المستعمر الفرنسي لكن بإضافات امريكية ولمسات مزوقة ومبهرجة بشكل يجذب الشباب التواق للفكاك وكسر الطوق الذي يحتجزه داخل مربّع الضغط النفسي والمادي المضروب عليه بشكل جعل المستقبل في عيونهم وبصائرهم اسود براق.
ومن خلال معرفة الامريكان بمسار العقلية التونسية المنفتحة على الحضارات الانسانية بغير عقد ولا تعقيدات مسبقة ركّزوا في تعاملهم أوّلا على توفير التكوين والتدريب على لغة التواصل الانجليزية.والتبادل التعليمي من خلال رصد منح دراسية للراغبين في الدراسة في امريكا خصوصا من الباحثين لكن الجانب التونسي الذي يعرف مسبقا بأهمية الدور الامريكي في اصطياد الرؤوس والعقول من هذا الباب قام بتقليص عدد الطلبة المنتفعين بالمنح التي ترصدها امريكا تحت مشروع "فول برايت" للدراسة الجامعية بأمريكا من جانب واحد.كما امتنعت عن تحقيق دعم مشاريع الشباب عبر برامج المتاحة لمنظمة العون الامريكي.وهنا لابدّ من التذكير بغباء السيدة الاولى التي زاحمت بو عبدلي في مدرسة قرطاج الدولية وطردته منها قامت من خلال سلطة زوجها بفرض ضرائب ذات مفعول رجعي وبطريقة أحادية وفجّة بخصوص مدرسة التعاون الامريكية بتونس.لتجبرها تدريجيا على الاغلاق مما يدفع نحو تقليص البعثة الديبلوماسية الامريكية وتحد من برامجها وهذا ينتج عنه آليا تحجيم العلاقات الثنائيّة الى حدّ أدنى.ويتحوّل الصديق إلى مشروع سكين.
وقامت السفارة بتركيز نواة برنامج ثقافي يزرع في الاوساط الشبابية مشهدا ثقافيا مأمركا. والنفاذ الى صورتها التي قلّدها بن علي وهي جمعيات ما يسمى بالمجتمع المدني التي تمولها الدولة لتكون بديلا تدريجيا لدورها كدولة (مثلا في تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة)هنا نطرح سؤال كيف لجمعية أن تقوم مقام الدولة في تمويل وتركيز مشاريع اقتصادية صغيرة ومتوسطة ونفس هذه الدولة التي تموّل هذه الجمعيات للقيام بهذا الدور.ألا يعدّ ذلك تفريط في عصب اساسي لمشاريع الدولة التي تدرّ عليها مداخيل وتوفّر لها مواطن شغل تقلص من حجم البطالة وتقلّص من نسب الجباية المتفاقمة من كاهل الشعب؟وهذا التفريط اليس تملّص تدريجيّ عن مهمتها كدولة رعاية مواطنيها من خلال تدرّج يبيح لهذه الجمعيات جمع ارباح ومنافع مادية تكوّن رأسمال يحوّلها في نظر القانون من جمعية مدنية الى مؤسسة مالية مشغّلة؟وهذا النموذج الامريكي للتخلّص من دور الدولة الراعية مقابل الحريات الفردية للملكية.هل هو النموذج الذي يصلح لتونس التي والأمريكان اول العارفين انها دولة تعدّ من الدول النامية التي تفتقر ولو ظاهريا وفي نظر الشعب التونسي للمواد الأولية للصناعة وعلى رأسها الطاقة والثروة الباطنية من نفط وغاز عكس بلدان الجوار(ليبيا والجزائر)؟
ولا نتجنّا حين نتحدث عن جمعيات الفعل الخيري التي تمنح لها الدولة رخص العمل وتمدها بالدعم المالي(حتى لا يسيطر عليها مجموعات اسلامويّة كان بن علي قد وضع لائحة بأهمها وبالتالي يقع تتبع من يتعامل معها).هذه الجمعيات اصبحت عبأ على الدولة في مرحلة نشاط وزارة الشؤون الاجتماعية لكن تدريجيا تخلصت الوزارة من ملفّ رعاية المعوزين والفقراء ودعمهم لتترك المجال الى هذه الجمعيات ذهابا نحو تخلّص وتملّص الدولة من رعايتها لشعبها الذي لو هو فقير لأنها لم تقم بدورها اما في تشغيله أو في توفير مصدر الرزق القار الذي يقيه هذا العوز الدائم هو وعائلته وتترك لجمعيات تتحجج بقلّة الحيلة نظرا للتمويل الضعيف بقصد الضغط على المصاريف المتزايدة في هذا الباب بحكم تطوّر نسبة الفقر في تونس. في الوقت الذي تراكم عائلة الطرابلسية الثروة من خلال النهب والسرقة والتهريب والتهرب الجنائي وكلّ النشاطات الغير مشروعة من سيطرة على السوق السوداء التي قتلت الاقتصاد التونسي وبمباركة امريكية وصمتها الذي يشتم من ورائه الرضى التام على ما يربط هذه الدولة بقروض جديدة تزيد في رهنها وتوريطها ليوم معلوم.
وفي هذا الوقت الحساس من تاريخ تونس نجد الصديق الامريكي يوصي ادارته من خلال تقرير تفصيلي عن الوضع في تونس.في حكم عجوز جديد ليس هو ببورقيبة لننتظر خليفته.وليس في بطانته وحاشيته من تأتمنه امريكا على تونس او يستقر لها عليه رضى نسبي.ولأنّ بن علي خبير بالتجربة في مجال صناعة الرؤساء ورعايتهم فقد كلّف عبد الوهاب عبدلله حين توليه حقيبة وزير الخارجية بمراقبة والسيطرة على تحرك البعثات الديبلماسية في تونس وتطوير علاقاتها مع الكوادر التونسية سواء الادارية او السياسية(وكانت السفارة الامريكية تظنّ أنها وحدها التي تعاني من هذا المأزق لكن بلغها فيما بعد أنّ الأمر يسري على أهم البعثات الديبلماسية التقليدية والغير تقليدية في علاقتها بالمجتمع المدني التونسي والإدارة والسياسيين ألتونسيين(حتى ان صاحب التقرير يشير الى حادثة رصد منحة لامرأة تونسية كجائزة من خلال برنامج mepi 2 في البداية طلب منها مديرها المسئول في وزارة التجارة عدم الذهاب واستلام الجائزة وعند اصرارها تلقت تهديدات بالقتل مجهولة المصدر فخافت وتراجعت عن تسلم جائزتها.)
وهذه الصعوبة متأتية أساسا من تعميم قام بتوجيهه عبد الوهاب عبد لله يأمر فيه البعثات الديبلماسية الحصول على تراخيص مكتوبة قبل الاتصال بأي مسئول في اي وزارة كانت.وكل المنظمات الشبه رسمية.وبالنسبة للمسئولين من الدرجات الوسطى فلم يعد مسموحا لهم التحدث مع عناصر السفارات والبعثات الديبلماسية من غير الحصول على رخصة واضحة تنصّ بالتدقيق على المواضيع وكيفية التطرق اليها التي يمكن لهم الخوض فيها.
وهذه البيروقراطية ليست بالغريبة عنّا كتونسيين فكيف ببعثات ديبلماسية وعناصر سفارات يعرف النظام مسبقا انها دوائر متقدمة للتجنيد والغربلة لخليفته.
لذلك قامت السفارة بإنشاء سلاحها الاجتماعي الجديد والفتاك وهو توظيف الفايسبوك لربط الصلة مع شريحة الشباب خصوصا.وأضافتا اليه قامت بإنشاء مدونة خاصة بالسفير الامريكي تربط العلاقة عن بعد بجميع شرائح المجتمع ومكوناته المدنية والسياسية.ومن خلالها يمكن التوصل الى استنتاجات نسبيا قيّمة وبسهولة ويسر ومن غير التعقيدات التي يفرضها نظام بن علي كلّ يوم لحصر خسائره الناجمة عن تفاقم الوضع الكارثي في مجالي الحريات والتشغيل خصوصا وهما ملفان حارقان الى درجة ستعجّل بهروبه.كما قامت السفارة الامريكية بقصد الالتحام وكسب والتواصل مع الشباب بإقامة حفلات ومهرجانات سينمائية ونشاطات مختلفة موجهة.بينما يمثّل المركز الاعلامي للسفارة وقسم"الزوايا الأمريكية" وسائل اكتسبت شعبية لدى التونسيين من اجل الحصول على الاعلام والمعلومة الغير مصنصرة من قبل النظام التونسي.
ورغم الكمّ المعقول للبرامج الاقتصادية والتجارية التي تهدف امريكا لربط رأس المال التونسي بعجلة أمريكا وتوجيهه نحو بابها العالي.عبر مشاريع المجلس المشترك في اطار tifa 1 وتمّ ارسال بعثات تجارية واقتصادية عديدة في هذا الاطار وزيادة النشاط في عالم الاعمال.الاّ أن الحكومة التونسية تنزع نحو الصمت أو التلكؤ كما ايضا فيما يخصّ التفاوض حول فتح الاجواء لتسهيل الملاحة الجويّة الذي ترغبه الادارة الامريكية.كما كانت تخطط الادارة الامريكية للترفيع في نسب الاستثمار والتجارة والدعم الفني في مجالات كالنقل التكنولوجيا.حسب توصيات كاتب الوثيقة.تحت باب تحقيق الاهداف الامريكية والتي ينطلق في صياغتها من الجملة التالية(وسواء نجحنا في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان أم لا.فإنّ الولايات المتحدة الامريكية لها مصلحة معتبرة في بناء علاقاتها...)
ولم تنسى الوثيقة مجال الارهاب الدولي الذي اختصت به هذه الدولة لاقتحام ساحات مختلفة منها تونس.وهي تلوّح بملف الحريات والديمقراطية بيد والأخرى تحمل مساعدات من خلال التوصية بتحويل مساعدات عسكرية التي تموّل من (صندوق العون العسكري الامريكي الخارجي).رغم ان الادلة وافرة التي تفيد بأن الجيش التونسي "حسب رأي كاتب الوثيقة" لا يحتاج لمساعدات عينية من (صندوق العون الامريكي)بالدرجة التي يدعيها النظام التونسي.لذلك ستتركز المجهودات من اجل حصر عدد قليل من مجالات التعاون العسكري مثل الاستعمال الاخير "للفقرة 1206"وبرامج « pko » من اجل مدّ الجيش التونسي برادار ارضي متطور يراقب (تحركات الارهابيين على الحدود)وكذلك طائرات مراقبة بدون طيار.وذلك عوض الاستعمال الغير مدروس لصندوق العون العسكري الخارجي.
مدوّني العرب خريجي أكاديمية فريدوم هاووس
* الثروة الأمريكية الحقيقيّة (ثورة الياسمين 'الرّبعي')
طلع البدر علينا..................................من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا..................................ما دعا لله داع
ففي طاولة نقاش عقدت يوم 8أذار2006 حضرها نشطا من المجتمع المدني (حسب وثيقة السفارة الامريكيّة بتاريخ 22أذار2006 التي نقلت للإدارة في امريكا وقائع هذا النقاش) كان تركيز الجانب الأمريكي موجّها النقاش حول وضع الاسلامويين وقوّتهم. وهنا يظهر اسم زياد الدولاتلي الذي كان من اصدقاء السفارة الامريكيّة المثبّتين في قائمة الزوار الدائمون. وهو عنصر نهضاويّ قياديّ كان يروّج لا لحزبه فقط بل ولشخصه بالأساس (وهذا ليس بالغريب عن مثل هذه الشخصيات) على أنه وحزبه يمثلان التيار الاسلاموي المعتدل. وفي اثناء حرب تموز التقى المذكور (زياد الدولاتلي) بمستشار السياسي للسفارة الامريكية حسب وثيقة تعود ل18آب2006 كما حضر اللقاء كلّ من صلاح الدين الجورشي على اساس انه ناشط من المجتمع المدني وهو الذي كان عضوا قياديا بالنهضة قبل ان يؤسس اليسار الاسلامي ورفده بمجلة حوارية اسماها 21/15 لتكون منبرا اعلاميا لحركته التي بذلك تكون على خلاف مبدئي مع النهضة ذات التوجه الاقتصادي الليبرالي وليس اليساري على الطريقة الاسلاموية.وفي هذا اللقاء صرّحت الشخصيتان ان الحرب في لبنان و دور أمريكا المساند لإسرائيل هما اللذان قوّيا حزب الله ومجموعات متطرفة أخرى ليكون ذلك دافعا للشباب التونسي للنزوع نحو الافكار الجهاديّة السلفيّة "كالقاعدة" وتنسحب من فلك التنظيم (المعتدل والغير عنيف "النهضة") ويؤكّد السفير في برقيته التي تمثّل الوثيقة التي صدرت عن السفارة بالتاريخ المذكور أن كلاهما يصنّف نفسه بالمعتدل .
أمّا فيما يخصّ التحوّلات المهمّة التي ترتّبت عن الملفّ المجمّع لدى الإطار الأمريكي الأمّ. من مصادره داخل تونس وخارجها وحيثما وجد اسلامويّ تونسي او مرتبط بهذا الاتجاه التونسي ومشروعه في تونس. وحسب وثيقة مؤرّخة ب21آب2006 وهي تروي بالتدقيق المفصّل لأهمّ الإفادات عن اجتماع 15آب2006 الذي عقد بين الاسلامويين التونسيين 'المعتدلين' والوثيقة تذكر وبتحفظات مسألة الاعتدال التي ينسبوها لهم من خلال ذكرها بين معقّفين.والمستشارين السياسي والاقتصادي وكذلك بحضور ومشاركة الضابط السياسي بالسفارة الامريكيّة والتي ارسلها رئيس البعثة الامريكيّة في تونس وقتها ديفيد بالارد واعده بناء على طلب من رضوان المصمودي امريكي من اصول تونسية يرأس مركز "قيل" دراسة الاسلام والديمقراطية ومقره واشنطن.ومن بين الحاضرين ايضا سعيدة العكرمي الامينة العامة للرابطة الدولية لدعم السجناء السياسيين.ويعبرون فيها أنهم رغبوا في لقاء ممثلين عن السفارة "لإعادة فتح حوار في القضايا المشتركة"بعد انقطاع ظاهري دام منذ الثمانينات أي عند صعود بن علي للحكم وإطلاق سراح الغنوشي شرط خروجه من تونس والتزامه الصمت(حتى فيما يخصّ مصير اتباع الاتجاه الاسلامي الذي يرئسه) مقابل ابعاد شبح المشنقة عنه.وبعد ان حلّ الحزب من طرف الدولة التونسية وحبس من اراد النظام وقتها حبسه بتوافق مع راعيه وموصله للحكم وقتها.بعد ازاحة صخرة فرنسا اللاعبة على الحبلين الامريكي الفرنسي خصوصا بورقيبة.لكن من جملة هذا اللقاء ورغم كلّ ما قدّمته المجموعة من اجل دمقرطة تونس بشكل يجمع العلماني بالاسلاموي وهذا تأسيس لإزاحة الحاكم وتلميح لذلك.الاّ ان المحاورين الامريكان لم تقنعهم الفكرة بل حتى سخر بالارد من ادعاء انّ حزب النهضة حصل قبل حله على 60% من أصوات الناخبين سنة 1989 بينما لم تتعدّ النسبة الحقيقيّة 30%. وفق بالارد كاتب البرقية والمطلع على عديد الحقائق من خلال شبكة تعمل لحساب السفارة منتشرة في ارجاء البلاد على غرار ما هو معمول به في عموم البلدان الواقعة تحت بصر وإرادة ورغبة الصهيونية والامبريالية العالمية بقصد السيطرة عليها.وكم حاولوا اقناع محاوريهم الامريكان ان التعاطي معهم يصبّ في مصلحة امريكا لتعيد الثقة والمصداقية لنفسها في الشرق الاوسط خصوصا من خلال حاجتها لنموذج يمسح من اذهان العرب خيبة امريكا في العراق بنموذج ديمقراطي جديد لا يكون على صهوة الدبابات وكان ابرز المدافعين للترويج لتونس على انها المهيأة أكثر من غيرها لتكون المثال الذي تحتاجه امريكا لذلك هو الدولاتلي الذي يعدهم ببديل عن البن لادنية وعن الجبهات القاعدية وغيرها في العراق.وكانت المجموعة في الاصل ترغب من خلال هذا اللقاء وغيره اعتراف أكبر قوّة امبريالية في العالم بهم ومشروعهم الاسلاموي ربما بذلك تزيح عنهم لا فقط الزين بل وحتى الاحزاب الكارتونية والبوتيكات السياسية الاخرى فهي مفتاح الحكم وبساطه السحريّ ولذلك طلبت المجموعة الاسلامويّة خدمة من السفارة الامريكية بأن تتحوّل بعثتها الديبلماسية لزيارة حمادي الجبالي أحد القادة في حزب النهضة الممنوع انذاك من مغادرة ولاية سوسة وهو حسب رأييهم يمثل احد اهم اعمدة التيار الاسلاموي المعتدل.كما طلبت بإدراج لائحة بأسماء بعض الاسلامويين المعتدلين ضمن لوائح زوار السفارة الامريكيّة وان تشمل عناصرهم خصوصا القيادية منها الزيارات التي تنظمها لأمريكا.
وللتماهي والمجارات (بقصد الاختبار طبعا) قامت البعثة الامريكية بزيارة الجبالي في اقامته الجبرية بسوسة بتاريخ 31آب2006 أي بعيد ما يربوا على خمسة عشرة يوما عن اللقاء المذكور آنفا.وكان ذلك بمنزل الجبالي بسوسة ودام لأكثر من ساعتين وكان هذا الموظّف بالسفارة هو في الاصل ضابط الذي لفت نظره في هذا اللقاء عدم تشكّي الجبالي من السياسة الامريكية في لبنان أو علاقات اسرائيل بالملف العراقي وهي مواضيع ساخنة.بل ركز على أن الغنوشي هو قائد النهضة وهي ذاتها في الخارج كما في تونس وبنفس الطرح وهي ككل الحركات الاسلامويّة في حضرة الراعي الامريكي.وعليه فإن النهضة راغبة في العودة إلى الساحة السياسية في تونس ولو تدريجيا وهم غير راغبين في انشاء دولة اسلاموية كغيرهم وفي مسار حديثه عن بقية الاحزاب الاسلاموية العربية انتقد رؤيتهم التي تعتقد أنها تمتلك(الحقيقة الالهية،ولا تقبل النقد) وردا على ملاحظة الضابط على انه يبدوا علمانيا.أكد الجبالي أنه يفصل بين ممارسته للدين عن الشأن العام والحياة العامة.وعمم رأيه هذا على كلّ الاسلامويين المعتدلين قاصدا بذلك النهضة وقياداتها ومن ولاهم ودخل عباءتهم.وهم يرفضون العنف كمبدأ.
لكن الضابط كانت له اجابة فورية دقيقة استند فيها على تاريخ هذا الحزب وهي تفجيرات فنادق سوسة في الثمانينات.لذلك لم يصدق الضابط قول الجبالي عن انه ممنوع من العمل والتضيقات التي تمارس على نشاطه وتحركاته.
نظر الضابط لأثاث بيت الجبالي الذي كان من البذخ والجودة وبذخه في استقبال ضيفه.مما دفع جبالي إلى التركيز على التطرف الاسلاموي مقارنا بين اتباع النهضة المنفتحين (إلى حين) وبين الشباب التونسي المتشدد والمتطرّف البادي في الظهور نتيجة الضغط العام الذي انتجته سياسات الدكتاتور بن علي وفضائح سرقات ونهب عائلة اصهاره ومقربيه لثروة هؤلاء الشباب الذين يعيشون الفقر والخصاصة وانعدام الافق وسواد المصير الذي دفعهم نحو يأس كان سبابا كافيا لاستدراجهم الى احضان الفكر الذي تريده وترعاه الصهيونية الامريكية لتؤسس من خلاله مشروعها الاستعماري للمنطقة بأسس التخلّف والجهل والعود الى جاهليّة الجاهليّة والى الجاهليّة الأولى (وأعني بجاهليّة الجاهليّة المعنى العنفي للفضة الجاهليّة التي تفيد التوحّش في التصرف ورد الفعل وبعنف وبطش يظهران لمن خالفهم بأسا مخيف يسيطرون من خلاله على الناس وهذا ما نشهده في تصرفات هذه الفرق والملل الاسلاموية من قاعدة وداعش وغيرها من نصرة وأنصار وغيرها من المسميات المنتشرة كفقاقيع برك آسنة)
ومن هنا تأتي دعوته المبطنة (حسب تصوره) لفتح المجال امام النهضة للعودة الى الساحة التونسية وفك الحصار عليها.إذ لم يفته تذكير الضابط أن بعض العناصر المنتمية للنهضة والتي ترفض التعاطي مع الامريكان عكس من بقوا اوفياء لنهجه هم اصدقاء خلّص للسفارة الامريكية بتونس.والمثال واضح في القائمة الموجودة على لائحة زوار السفارة وغيرهم من الراغبين وهم صفوة من الاسلامويين المعتدلين المنفتحين (اللايت) وهو النوع الذي يتصورون انه مرغوب فيه في امريكا لحكم المنطقة.ويقدمون خدماتهم للفوز بنصيب الاسد من سدّ الحكم في تونس.
ولم تكن السفارة الامريكية غافلة عن من كانوا من النهضة ممن فتحوا مجال الحوار معها في اعادة صياغة حرب العراق.لكنهم راوغوا حتى يصلوا الى اعتراف أمريكي بوجودهم كطرف مهمّ (وقويّ حسب تصوّرهم) يمكن ان تعول عليه امريكا اذا ما فكّرت في ازاحة بن علي.
ولم يغيب عن السفارة الأمريكية قبيل ثورة الموز ان تقوم بإشراك عناصر بقصد تكوينهم في فنون الحرب الحديثة (عالم الانترنت من (انترنوت وبلوقرات). ومؤثثي صفحات لمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"من خلال برامج (فريدوم هاوس) التكوينيّة.وعلى رأسهم عناصر نهضاويّة.
ولم يغب عنّا الصيادين في الماء العكر من المشككين في مصداقية ما اتينا على ذكره فإننا نورد لهم ما ارادت فعلا وليس ايهاما بأنها لا تريد تسريبه الادارة الامريكية عن طريق ورقة وليام اسانج صاحب اشهر موقع وثائق المخابرات الأمريكيّة المسرّبة.ونعني بها طبعا (ويكيليكس).
ونوردها تباعا وبترتيب زمني وحسب البرقيات ذات الرمز التالي:
ـ23 أيار 2005 (05tunis1081)refid........destination ( 05tunis981) – (id 33109)
ـ9 شباط 2006 (06tunis388)refid...........- (id53871). destination(06tunis224)
ـ29 تشرين الثاني(05tunis256……refid destination(05tunis2153 /05tunis2420) – (id 46303)
ـ22 آذار 2006refid(06tunis670)– (id 57621) destination(06tunis425)
ـ18 آب 2006(06tunis2144)refidر destination(06tunis2111) – (id 75404)
ـ21 آب 2006(06tunis2155)refid destination(06tunis2144) – (id 75528)
ـ06 أيلول 2006(06tunis2298)refid destination(06tunis670) – (id 77302)
أمّا بعد الانتفاضة الشعبيّة 14 جانفي فتبيّن بوضوح تام وجود عناصر الاستخبارات وبشكل عملياتي في قلب العاصمة التونسيّة وأقصد ملفّ ما عرف بالقناصة الذين جنّدوا من خلال حلول موسم صيد الخنازير البرية بتونس وقدموا في شكل سياح صيادين وهم جزء من مكونات هذا الفريق أمّا بقية مكوناته فهم تونسيون مدربون في مراكزهم المرتبطة بأحد التشكيلات الوطنيّة إمّا حرس أو نخبة الشرطة أو الجيش وهذا الأخير الذي تسلّم عديد العناصر التي تمّ القبض عليها من هذا الفريق وقام بإخفاء وتنظيف وتبييض كلّ الملفّ وبشكل رائع وهنا لا يسعنا إلاّ أن نذكّر الشعب وعلى رأسه الجندي رشيد عمّار على الأقل بعنصر تمّ القبض عليه قرب مقرّ PDP قرب شارع باريس في أحد فروع شارع بورقيبة أو شارع الثوار والثائرين على مرّ عصور تونس الحديثة. يحمل بندقيّة قنص وهو أجنبي ودخل التراب التونسي على أنه صياد سائح في موسم الصيد أين هو وأين ملفّه وملفّ محاكمته ولا أزيد في هذا المجال الذي وإن تغافل عليه بعض ساستنا من الجناح المحسوب على الوطنيّة وبإرادة خارجة عن قدرته ورغبته إن لم يكن بطوع إرادته فلا ألوم أحزاب امريكا في تونس على طمسها لمعالم جريمة قتل أبناء الشعب الفقير المهمّش والمنكوب.
وحتى يومنا هذا لا يزال وطئ العمل الكبير الذي تقوم به الموساد والسي أي أيه والمخابرات الفرنسيّة وأركز على الثلوث أكثر من غيره لتحمه في مفاصل وتفاصيل الساحة أكثر من غيره وهو القادر على تغيير منحى واتجاه تونس نحو اللون المرغوب.
فالموساد مثلا جندت في الفترة الأخيرة ومن خلال آليات العمل الجمعياتي الاجتماعي ومؤسسات الوافدة الواهبة للقروض الصغرى العديد من العناصر النوعية من الشباب الفقير والمفقّر والطامح.كما تقدمت في مشروعها لتركيز خلايا متقدمة على الشريط السياحي الساحلي حيث يختلط التونسي بالوافد السياحي بشكل عفوي وطوعي باحثا عن رزق ما.وهذه نقطة مفصليّة ومصدر معلومات مهمّة وبثّ سموم هدامة وإشاعات سيطرت وتسيطر على عقليّة الشعب المجهّل سلفا ومنذ عقود تمهيد أولى.ومن هذه الفعاليات ما شاع في عقليّة التونسي بعد انتفاضته التاريخيّة من محاولة عزله عن أداته الرئيسيّة لحكم بلاده الفعل السياسي.
Kommentare