مفاهيم أساسية لإصلاح التربية ثمّ التعليم... أخطاء مقصودة معممة سبب الخراب بقلم : المختار(24-10-2015)
- zaratimoukhi
- 22 févr. 2021
- 16 min de lecture

من البديهي في ذهن أي باحث عن إصلاح منظومة معينة. وطارح أي رؤية أو فكرة عقلانية وعلمية الأسس وهو يرصد ويعمد إلى تغيير أو تأسيس من أرضيّة مريضة (إن لم نقل موبوءة)
أن ينطلق من الأسس وليس من الفروع.وأيضا وأساسا أن ينطلق من حيث يكمن الداء والعلة وليس ما بني عليها.
ومن هذه الأسس رصدنا جملة مغالطات وإيهام المقصود منه تغطية الأسس المريضة محاولة لبقاء الثدي المرضعة لجيش من الناهبين و(السراق).
فأول ما سننطلق منه هو السؤال المركزي بعد كل اللغط الذي صدّع رؤوس الواعين الفاهمين.
*عن أي إصلاح للمنظومة التربويّة يقودها رموز جدد من المفروض أنهم يدركون أسباب انهيارها الكارثي منذ زمان؟
*عن أي تربية تتحدث. عن ألتعلم؟
*أم عن التربية المدنية والأخلاقية والشرعية الدينية المنظمة لحياة الدولة التي تتبنى دستوريا مذهبا خاصا لها هو رافد من روافد التعامل المجتمعي والأخلاقي العام؟
طبعا ومنذ أوّل سؤال يتبيّن أننا جزئنا الفعل بينما يخلط المشرّع والمؤسس لمهام وزارات الدولة فهو تارة تكون وزارة المعارف وأخرى وزارة التربية والتعليم ومن ثمة تصبح وزارة التربية والتكوين لتتخلى عن التكوين وتكون وزارة للتربية.
*فهل تكون هذه الوزارة المربية عوضا عن الذي تخلّى أساسا ونهائيا وكان سبب خراب البلاد (الأولياء) لتقود هي فعل ليس سوى جزء من مهامها يرتبط بالعملية التعليمية وليس مفردا وخاصا وفعلا مقصورا عليها؟ *هل أن المربي في تونس (استاذا كان أو معلما) مطلع على عناصر التأسيس والسيطرة و فرض الانضباط في زمن التعلم من علوم النفس وبيداغوجيا التعلّم وهل تركت له مساحة للتركيز واستيعاب الطرق والمناهج التعليمية المتغيرة مع كل تبدل لتشكيلة اشخاص موهومين ويوهمون الموهومين اصلا من الشعب التابع بمنهج مثالي لم تجد اذهان بمثله والحال أنه منقول بغير دراسة علمية وعقلانية للبلاد وخصوصياتها ليس من الناحية النفسية والبيداغوجية بل من الناحية ‘الاجتماع ـ سياسية’ واقتصادية وهي الاساس والأرضية للنفسي والذي يقودنا موضوعيا للبيداغوجي؟
*وهل هو موجود لتعليم العلوم والآداب وبعض أسس التعامل المواطني وأخلاقيات المجتمع العربي المسلم (المالكي المذهب) في حصص لا تكفي حتى لمراجعة ما ذهب من عقل التلميذ نتيجة ما يعيش هرسلة متواصلة ومزمنة في البيت والشارع وكل القائمة المتزايدة كل يوم من الاغراءات والجذب نحو الاستهلاك المفرط حتى جعل منه (وبالتالي والديه) عنصر تخريب للاستقرار العائلي والمجتمعي بالطبع كنتيجة حتمية؟
من الواضح أننا وبعد هذه الجملة من الاسئلة البديهية والتي اختصرناها قدر الامكان حتى لا نطيل ونغرق في مآسي التلاعب بعقول الكبار قبل الصغار ومنذ بورقيبة وحتى اليوم وما فعلوه في تعليمنا الذي بلغ مرتبة الاشعاع لينحدر الى اسفل سافلين بفضل ارتهانهم لوصايا الدائنين التي تحد من المصاريف الأساسية (الصحة والتعليم والثقافة وتحولها الى سلعة خاضعة لمنطق الطلب والعرض وترفع عنها نبل مقاصدها لتستثمر في المعلومة حتى) مقابل تحويل كم هذه الأموال المنهوبة من شعب قام على مرّ الأزمان التي تلت الاستعمار الفرنسي بتوظيف جزء مهم من عرقه وتعبه وكدحه وحرم نفسه وعياله حتى يؤسس مصدرا ثابتا لتمويل هذه المؤسسات التي حرم منها ولشعوره الدائم بقيمة ما حرم منه أسسه وركزه لأبنائه وسائر أبناء الشعب حين خصص للدولة مؤسسات بمثابة (الوقف) منها الشركات الوطنية وجملة من الدواوين وحتى الوزارات ذات الصبغة التجارية والخدمية (كوزارة البريد والبرق والهاتف) والتي كانت من أبرز ممولي مشاريع الدولة على أيامها وكذلك ديوان الصيد البحري والذي أسأل كل عاقل هل أن البحر أفلس وجف سمكه الذي يباع في اسواق الخليج وليس أوروبا وحسب وديوان الزيت الذي لم ينتهي عند خوصصة مفاصله بل ورهن فلاّحينا بجهل القائمين عليه لتكون زيوتنا الذهبية الرائعة وذات القيمة الغذائية الهامة تباع لإسبانية التي نبيعه على أنه زيتها الخاص وتغنم منه ما حرم منه التونسي سواء كان فلاّحا أو مواطنا من خلال عائداته بالعملة الخارجية.
ولن أبحر أكثر في افلاس عقول السراق في وطني الذين غرهم ما أعطوهم من فتات والحال أنه إذا ما حافظوا على خيرات بلادهم كانت مواردهم تزيد مع كل زيادة طلب عليها. وهنا يتبين تبعية القطيع الجاهل من من يسمون انفسهم تجار ورؤوس أموال وغيره من الاقتصاديين في وطني.
وأخلص لأعود إلى ما نرغبه من مقالنا هذا (رغم الروابط التي سترد بشكل مختصر للعلاقة بين الخيارات الاقتصادية والسياسية وتأثيراتها السلبية للغاية والقاتلة لمنظومة التربية والتعليم معا في وطني).
*الدائنين والتعليم والحكم في تونس.
بعد صعود نجم تونس كأرض للحداثة والمعاصرة والعلم والثقافة والفنون (خصوصا مرحلة الستينات) واتضح لبورقيبة حقيقة وجوب رحيله ليس لمرضه فقط وإنما لمحدودية عقليته التي ارتبطت بمؤامرات أزمنة الجهل.أيام كان فيها هو وقلّة قليلة من أبناء العائلات الحاكمة أيام البايات وأغلبها كانت من خدم القصر وليس حكاما حقيقيين وفي أفضل حالاتهم صبايحية وقياد ممن انتفعوا بعطاء باشا مسطول أو مصاب بالشذوذ الشيء الذي يجعله يجزل العطاء لحاشية موهوبة في الابتزاز الذي لم يفارق حتى سلالتها التي خلفتها فينا (راجعوا اسماء زمرة بورقيبة ممن وزّرهم وجعل منهم حاشيته وبطانته وحتى الزوجة التي اختارها لتعوض الفرنسية التي وهبته ابنه الوحيد هي سليلة عائلة نهبها بورقيبة وعائلتها فنهبت البلاد قبل بورقيبة وفعلت فيها من خلف الستار وجهارا
ما يفعله المخبول بطبل لا عيد بقي في صوته ولا عرس)
وبعد بروز الفكر والرؤى السياسية الوطنية (منها التابع ومنها النقلي ومنها المسقط ومنها الانتهازي لكن لن ينكر أحد أن منها وفيها الوطني الجاد والمؤسس والنابع من واقع البلاد وحقائقها ومن عمقها وحتى اطرافها وتفاصيلها وهذا ما يهمنا في هذا المقال)
وهذه المعارضة التي نبعت من الزيغ الذي رافق مؤامرات خلافة بورقيبة في القصر الملكي وأزمة الستينات التي ذهب فيها مستشاروا بورقيبة وهو الذي يؤمن بقدراتهم الخارقة على خلق الحلول التي ستكون حاملة لاسمه الشخصي على أنها ابعات المجاهد الاكبر الزعيم الأوحد باني تونس ومحررها وكل القائمة المفضلة لمسامعه وقتها والتي كان الشعب في أغلبه لا يزال مغيبا عن حقائق وواقع البلاد التي تذهب نحو الارتهان للخارج من خلال المديونية المشروطة بما يسمونه اصلاحات اقتصادية وبعد اقتناع الحاشية والزمرة بسقوطهم في الهاوية والفخ كابروا وأبو الانسحاب وترك المجال للعقول والأفكار المعاصرة واجمعوا على المزيد من توريط والتفريط في البلاد التي لا يهمهم شعبها المسكين مقابل الفتات الذي يغنمون من الصفقات السياسية والاقتصادية والبيع المنظم والمبرمج لمؤسسات سبق ان تحدثنا عن مصدر انشائها وتمويلها الشعبي ليقع افلاسها وبيعها برخص التراب لمن باركته الوصايا التي كتبها داوود في كتابه الزابوري الموجه الى فصر قرطاج بالفاكس العمومي من أمريكا والتي بذلك هيئة خلافة بورقيبة سابقة بذلك ومحطمة لمن كان سبب استقرارها في تونس واكتشاف قيمتها الجغرا ـ سياسية واقتصادية.
ومن هنا انطلقت فكرة تحويل المنهاج من (شامل) إلى مخصص لينتج متخصصين ومختصين فالدولة لم تعد في حاجة لموظفين بل لنابغين (وطبعا يكونوا في اغلبهم الاعم والمطلق من سلالة البائعين. ويبق الأمن والجيش (أي العصى والقتيل) من أبناء الفقراء المحرومين الذين عاملوهم هم خاصة وبتكريس متعمد (جوعوا يجيك…إلخ وأربأ بهم وبكافة أبناء الشعب المعدم الكادح عن بقية المثل ولو أن الكلب لو يعلمون أرفع قيمة وقدرا وأخلاقا منهم. ثم ضربت قاعدة من أهم عناصر الصناعة في البلاد وهي من المهام الرئيسيّة للتربية والتعليم وهي الشعب المهنية التي في مرحلة أولى افردت لتعود بالنظر لوزارة التكوين والتشغيل والتي يفتقر كوادرها للخبرة والتجربة والأسس التعليمية والتسييرية لمؤسسات خاصة للتعلم.
فا أفرغوها من اسسها وفروعها واقتصر التعلم فيها على عناصر كان يجب اضافتها للمواد وليس تخصيصها لوحدها واستثناء الكثير من المواد والشعب التي انعدمت حتى أصبح أفقها العام معدوم نهائيا والحال أننا اليوم وفي اطار البناء نفقدها ونفقد الخبرة العلمية فيها وعدنا إلى المثل القائل (نتعلموا في الحجامة على رؤوس الايتامة) كما تمّ بعد ذلك تحطيم نفسية وذهنية من تبق من رجال التعليم الذين تربوا على قيم شعبية وعلى أخلاقيات نبيلة نبالة ما اختاروه من مهنة ليمتهنونها.الشيء الذي دفع بأغلبيتهم العظمى ممن لم يرضوا بالحال الواقع لاستخدام حقهم في التقاعد المبكر او الذهاب الى حالات المرض النفسي الذي سمح لهم المشرع بالدخول غب عطل مرض طويلة الامد والتي تقربهم من التقاعد.
وذلك بتغيير المناهج بشكل عشوائي اسقاطي غير مدروس (كما سبقت الاشارة له) وإضافة على ذلك وفي محاولة ترقيعية للنتائج الكارثية التي بلغتها مستويات المتخرجين من مؤسسات فقدت كل وابسط مقومات التعلم فيها بالزج بهم (وتحت الضغط) في المؤسسات التربوية التعليمية من دون تسليحهم بنا يلزم من اسس كان بالإمكان تطويرها عن طريق الخبرة والممارسة مع الاشراف المتواصل من اهل الخبرة قبل التقييمات الميكانيكية والإدارية للمتفقدين.
لكن هذا الدائن لم يرضيه هذا الحل فعاد إلى أول السطر وتبش قبر الموتى من ملته ليعود إلى ألاعيبه محاولا افلاس الوزارة بالتحريض والدس وتحطيم والقضاء على التربية كمؤسسة وطنية شعبية مضمونة مجانيتها والزاميتها دستوريا فركز عناصر التخريب فيها من داخلها سواء بشرية كانت أم (ظاهرها وسائل علمية حضارية معاصرة وجنّية النتائج)
لتتحول المدارس الخاصة هي النموذج الذي يجب احتذائه قبل المؤسسات العمومية التي انعدمت فيها الأخلاقيات لدى المشرفين على التدريس فيها (وهو صراع المادة والتكالب على ايجاد المال وبالتالي مجارات السائد في الصرف والاستهلاك) فكانت أزمة الدروس الخصوصية والتي كان النظام يغطيها سرا ويجهر بأنه أشرس مقاوم لها وأول المتصدين لعديمي الذمة والأخلاق من ممارسيها والحال أنه لم يراعي أولا متطلبات الحياة لهذا المدرس من جانب ومن جانب آخر ترك له إيجاد حلول سرية لها ويغض الطرف عنها رغم سهولة كشفها فالأمر بلغ حد اكتراء مربض السيارات الخاصة للجوار المدارس لتكون قسم الدروس الخصوصية التي تمنح التلميذ العدد النهائي للنجاح حتى تربى التلميذ على هذا الحل السهل للنجاح فهو يدمر وليه تدميرا حتى يمكنه من معاليم بلغت حدا خياليا للدراسة عند معلمه أو استاذه في حصص الدروس الخصوصية.
ولأن هذا المدرس هو أول من تفطن من خلال الممارسة بالوضع الكارثي للعائلة في البلاد والتي ذهب أيام تماسكها وسلطة الوالدين اللذان تخلوا نهائيا عن دورهم الأساسي في مرحلة أولى ثم أصبح حضورهم هداما فهم أول من كرس عقلية الاتكال والاستكانة والانتفاع بغير وجه حق وغيرها من الامراض التي تؤدي حتما للإجرام كما سنبين ذلك في ما سنورده من تحليل. كما أن الخيار الرأسمالي الذي انتهجته دولة بورقيبة والغرق في أملاءات الصناديق الدائنة نحو تسليع الثقافة الوطنية وتحويلها إلى صناعة.وهو النهج الذي كرّس مفهوم السوق الثقافية.هو نهج لم يدرس خصوصيات المعطى الثقافي كمفهوم وأداة ووسيلة وغاية في آن فعنصر الثقافة هو عنصر أساسي في حياة الشعوب التي تسير نحو التقدم وهو المؤسس للقاعدة الشعبية الواعية بمسؤوليتها في رسم هذه الطريق المنشودة والمهيأة لجيل واعي وفاهم ومستوعب لمهامه الأساسية في مجتمعه ويجعل منه (حراكه الثقافي والإبداعي) نموذجا لا في العقل المفكر والمكتشف والمغامر في مسالك المعرفة بل يؤسس لشخصية مجتمعية منضبطة وراقية وشفّافة وحساسة تشعر بمواطن الخلل وتقوم على اصلاحه بغير أمر أو مرسوم حكومي بل بإرادة ذاتية فاعلة بوعيها.لكن بورقيبة وبعد شعوره بالعجز امام الفكر العقلاني الساري كالنار في ثنايا البلاد على اثر افتضاح اسلوبه اللا وطني وشخصيته المريضة وشخصه المريض وسياسة ازلام البلاط اللاهثة خلف بيت المال ومنابع اغتناء على حساب شعبنا الفقير اصلا. ولهذا تأثير على عنصر يعتبر من أهم العناصر التي تؤسس للوعي المجتمعي لدى الصغير قبل الكبير وبكل تفاصيله وتنوعاته ومنها الانضباط وحب العلم والمعرفة وتهذيب الذوق الفني والإبداع عموما وروح الاكتشاف والخلق. فكان ان ضربت هذه المؤسسة الوطنية لتخصص لمن يدفع والشعب لا يجد ما يسد الرمق فكيف يمكن له ان يجزل العطاء لقاء فعل ثقافي جاد ومع التكريس وإطناب الاعلام الداخلي والخارجي على تسويق كوارث يسميها لجهله وجهل المشرفين بينما العارف الوحيد هي الدوائر الاستعمارية التي تقف خلف برمجة ثقافة الشعوب التي سمتها نامية وفي طريق النمو تعويضا عن مقولة (تقسيم العوالم الى أول وثاني وثالث) لتكرس الجهل والضياع والتشرذم وشذوذ الفكر والشخصية وإمراض نفسية جمّة أولها وأساسها الفردانية التي قضت على اخلاقيات مجتمع أساس عائلته الجمع قبل الفرد وهو الذي قال في امثاله (روحي روحي ولا يرحم من مات) على هذا الفصيل الذي هو جانب من جوانب التكوين الانساني المفطور والمجبول عليه ولا يمكن دحره ورده الاّ من خلال التربية والتعليم والتثقيف مع وفي كتلة وسياسة واحدة وطنية أو لا تكون
وهنا وجب ان نعطي رأيا في النهج الجديد المشتق من أسس قديم مغدور وهو ما يسمى الان (المجتمع المدني والعمل الجمعياتي)
فالمجتمع المدني بفعله الجمعياتي المنظم هو شكل تنظيمي فيه جزء رقابي أمني (وهم اللذين كانوا يتقولون على نظام الاشتراكية في خلق رقابة أمني مخابراتي على كل اجزاء الفعل الثقافي الحرّ والمسئول) كما يسهل على الاعداء اختراق هذه الجمعيات التي بعد التطور الحاصل في المفاهيم الجمعياتية العالمية ونقاط التواصل المفتوحة على مدار الساعة أصبحت تمثل كارثة وطنية بعد ان تأسس الجهل وانعدام القيم والتي اندثرت الشخصية الوطنية والروح الوطنية فيها وأصبحت من قبيل التندر لندرة من اكتسبوها من اللذين بقوا كما ديناصورات في طريق الانقراض.
وهنا أحدد ما يشمل مقالنا المخصص للطفل والتربية والتعليم في مسألة الثقافة وارتباطها به وبفعله التعلمي وتربيته واكتساب المهارات وتكوين شخصيته خصوصا بعد البسطة الواضحة رغم الاختصار المجحف. ففي غياب الثقافة الوطنية الجادة وتكريس ثقافة الجهل التي راوحت بين طريقين إمّا التفسّخ والإنبتات أو الغرق في متاهة ما يسطر ويروج ويشاع بطريقة مدروسة ومخططة من ما يقصّ عمدا من دستور البلاد الأساسي كشعب مسلم بعد عروبته,
فبعد أن حطمت الشخصية العربية بمقوماتها استعمل العامل الديني كسلاح للفاقد للشخصية المحبة للمعرفة بل تستلم وتستكين للجاهز المروج بذات الطرق التجارية أي تستهلك كمنتوج جاهز للاستهلاك ومتوفر في اسواقها ايام الدكتاتوريات ومن ثمة تأسست الردة التي نعيشها الآن والتي راح ضحيتها شباب هو بالأمس القريب كان الطفل الذي أسس له المستعمر منذ ابويه زمان بورقيبة ليصل الى نتاج سياسته الاستعمارية المرحلية المشتقة من اسس الفكر الصهيوني الذي يقص هو نفسه من التوراة ما يصلح لقيادة عالم جاهل والسيطرة على كنوزه وهي كنوز الشعوب المفقرة وأولها العربية التي ليست فقط منبع الثروة النفطية والغازية وغيرها من الثروات الطاقية بل وهي موقعا استراتيجيا تجاريا ومن ثمة عسكريا وغيره.
وهنا يبرز معطى اساسي وسبب مهم من اسباب ما يعيشه اطفالنا من جهل وتجهيل وما يصيب مدرستنا من كوارث تصلها حتى قبل أن تتكون لديها المرهم المضاد الحيوي لها اذ ان سرعة الافعال والانجازات التي يقوم بها المستعمر وهي على مدار الثانية من خلال وسيلته الرئيسية الاعلام بجميع طرق الاتصال والتواصل فيه.
وأهمها تكريس ثقافة الجهل والأمية الفكرية وانعدام الشخصية وغيره.
بينما تمّ تحويل وجهة الطفولة (بعد أبويه المقتنعين بأن الثراء حظّ وفرص تمنحها الفرصة وليس الجهد)تحولت انظارهم نحو الرياضة وتحديدا ا’لكورة’ وحتى هذه لا تمنح الفرصة ليكون فيها الطفل الممارس لها أو الراغب في ذلك الاّ لأبناء الاثرياء الذين لم يفلحوا في الدراسة وبالتالي يعوضون عن الجهل بوسيلة للثراء جاهزة حتى أننا وبعد ملحمة الأرجنتين أيام كانت الرياضة هواية شعبية وتتحول الى وطنية عندما يكون الراية والعلم الوطني هو الفاعل (المنتخب الوطني) وكردة فعل على ظاهرة ‘الكورة’ المسيسة (خصوصا في افريقيا الستينات وهو نتاج عالم بأسره في ظل الحرب الباردة كان أن تحولت الفيفا لمؤسسة عالمية ذات قرار ودخل في رسم ليس السياسة الرياضية التي تشمل مهامها (ظاهريا) بل أسست لكل ظواهر ومظاهر الفعل السياسي من مرحلة الانتخاب إلى مرحلة ابراز وترشيح الاسماء الى دعم وترويج مفاهيم السلطة المحلية (طالما تكون ضمن قائمة عبيدها) وبإمكانها رسم الفعل المضاد جماهيريا عند الحاجة (وهي تغيير الحكم) وبالتالي حوّل الطفل إلى فقط مستهلك مشاهد متحمس ومدمن حدّ السقوط في عمى الافعال نتيجة سياسة إفراغ الضغوط والكوابت المتفجرة والشحن التي يعدوه ضمن قائمة السلبية في الفعل وهي الشحن
المبرزة للضغط الذي يذهب للقلق الذي يصنع الفكرة لدى صاحبه للخروج من الحالة وحين يكون معلما مثقفا ومتخلقا فان فعله حتما سيكون ابداعا متميزا ومتفردا. ولأنهم يخشوا على سلعهم من المزاحمة هذه المحلية فإنهم عند التيقن والشك في انها ستكون مادة تزاحمهم فهي يجب ان تهدر وتقتل وتوأد في المهد. وهنا يتضح لدينا امراض لدى الاطفال أهمها العدمية التي تصاحب أيامهم حتى أن التلميذ الذي لا يزال في المرحلة الابتدائية على ايامنا هذه حين يسأل (لماذا لا ترغب في التعلم؟) يجيبك رأسا (وماذا سأصنع بالشهادة سأكون بطالا كفلان ‘أخي وقريبي و…و…)
وهذا ما رغبه المستعمر وما خطط ونفذ له منذ تأسيسه لمخططه لما بعد الحرب الباردة بعد أن تيقن من بلوغ مأربه غدرا ومن خلال الجهل والجهالة العربية وكنوز شرقها الموبوء باستثناء عواصم العلم التي نشهد على
أيامنا كيف يتمّ تدميرها وتدمير البنية والقاعدة والأسس وحتى البنى التحتية لأرضيتها التعليمية العلمية.
*حلقات التربية حسب ترتيب الأدوار طبيعيا.
لا يختلف عارفان في ترتيب الأدوار وأساسياتها في تكوين الطفل في محوري التربية وحتى التعلم وعاهاتهما التي يقع تقويمها في مراحل تتكامل وأساس ومركزية ومحورية العملية التقويمية هي المدرسة.وهي التي تصلح ما افسده من عناصر البيت والشارع.ولكن ليست هي المصدر الوحيد الذي يتحمل الانحراف العام (وليس الشاذ) ففي تعميمه تحول ومظهر من مظاهر علل في الحلقتين السابقتين والأمراض درجات لكن في الحالة التونسية هو الوباء وقرب الفناء لمجتمع حضاري نامي وباحث عن التطور واللحاق بالعالم المتقدم الذكي المبدع والمبتكر. فالحاصل في تونس أن التباين الواقع على مستوى تحمل أعباء الأزمات الاقتصادية (وخصوصا ما عمّمه الوجه الجميل ظاهريا المتباهي بانتمائه للعالم المتحضر المتطور في قشوره من لبس وأكل وفتات الرفاهية المزعومة إذ أن الرفاهية في البلاد النموذج بالنسبة اليهم متقدم عن ما هو موجود لديهم) هذا المناخ العام الذي اشرفت عليه وأسست له دولة بورقيبة في تكريس احزمة النازحين اللذين تخلوا عن ارضهم لقاء بعض ملاليم كان جاهزا لدفعها أناس معينين
وهذه أحزمة الفقر كانت الذخيرة الحية التي انطلق منها مشروع تحويل البلاد إلى ميدان صراع على الاستهلاك الغير مدروس حتى زاد الطلب والتكالب على المال والذي دفع بالوالدين لتخصيص كامل يومهم للغرض مقابل التنازل الطوعي للمؤسسات الخاصة (من رياض أطفال وغيرها) لتربية أبنائهم
وهذه الرياض الخاصة تنتدب نساء لا علاقة لهم بالقراءة والكتابة حتى لا أذهب إلى علوم بعينها كعلم نفس الطفل وطرق التربية وغيره من الحاجيات الرئيسيّة للتربية.وخلق روح التعلم لدى الطفل في سنييه المبكرة. وبقي للوالدين فقط مجال لتعويض الغياب بالدلال والصرف بغير عقل وتعقّل محاولين كسب ود ابنائهم اللذين لسانهم لا ينطق سوى أسماء مربياتهم (سواء بسوء أو بالشكر والتبجيل) وهذه الحالة التي جعلت من الأطفال يحملون جملة من الأمراض الخطيرة بداخلهم تترجم في جملة أفعال تكبر نتائجها وممارساتها وتطور بتطور العمر وتصبح جزء لا يتجزأ من شخصيتهم.
مع التركيز الكبير والمستتر خلف راحة وصحة اطفالنا من اشهار مركز في اوقات معينة مدروسة يكون فيها الطفل والأبوين معا امام التلفاز فبمجرد التركيز على جملة الاشهار ونسبها سنجد ان الطفل يحضا بنسبة كبيرة من المواد الاستهلاكية التي يدرجوها تحت شعار الصحة (والحال انها اساس الامراض الصحية لأبنائنا حيث انهم عزفوا عن اكل اساسيات الخضر والحليب وغيره من المواد المساهمة في تكوينهم الجسدي في طفولتهم والتي هي طبيعية لقاء مواد مصنعة وبمواد كيمائية وغيرها مما تسبب في ظهور امراض كثيرة في صفوفهم اعقت حتى تطور بنيتهم لتحمل مصائب ونوائب الدهر والوطن الذي تحت شعار النهوض بالبلاد وبفلاحتها منذ بورقيبة الذي غره انتاج القمح وغيره في دول اوربا وأمريكا والذي يرتكز على احدث ما تنتجه المخابر التهجين الجيني والكيماوي ليتخلى عن (الفلاحة البيولوجية الطبيعية) ويستجلب هذه المشاتل العاقر التي رهن بها فلاحتنا وفلاحينا وبالتالي شعبنا وطفولتنا للمنتج لهذه المواد الذي هو نفسه عاد ومنذ زمان لاستعادة الفلاحة (البيولوجية الطبيعية بعد ان اكتشف ان لا يكفيه نقص الموارد البشرية لديه بل زادها بغرس المرض وقلّة الحيلة في بنيتها الجسدية المريضة وليبقي على مصانعه لنتج هذه السموم لمستعمراته) وليكون الفلاح الصغير مرهونا للبنوك التي تقرضه مبالغ شراء هذه المشاتل والبذور والأسمدة.ويكون الطفل سلعة بيد مصانعهم التي يقولون انها استثمارية والحال ان جرد بسيط لهذه المصانع سنجد انها مصانع في اغلبها هي مصانع مواد استهلاكية تخص بلادنا وفي افضل الحالات البلاد القريبة منا ولا تصدر لبلادها ما تصنعه الاّ اذا تعلق الامر بفائدة صحية أو مواد اساسية في الصناعة كالمواد المحولة من الثروات الباطنية (كالفسفاط) وهذه المصانع هي السمّ الذي لن يرضى اهاليهم بوجودها على أراضيهم (وحتى وإن فرضت قسرا سيكون أجر العاملين فيها والخدمات المقدمة اليهم خصوصا الصحية لا طاقة لهم بتحملها وهم اللذين يرغبون في تكديس الثروة (انظر مصنع الكيمياويات في قابس وما فعله لا بالعاملين بل بمنطقة كاملة بحرا وبرا وجوا بل بمدينة كانت من أروع ما يوجد في جنوبنا من الواحات والبحر الغني بالثروات التي هربت وغادرت بعيدا وحتى الثروة البشرية فيها بلغ امر الامراض فيها حد التشوه الخلقي للأطفال المولودين والسرطان اضافة لذلك.
فأي مربّي يمكن ان يدرس طفل في قابس عن الطبيعة وتاريخ المكان وعن جمال الحياة والحب والطفولة وهو والطفل يعرفان بان المرض يسري في جسديهما سريان النفس؟
ـ ذكاء سلبيّ : أطفالنا في قمة الذكاء بحيث يشعرون ثم يتيقنون من تصرفاتنا تجاههم المحاولة كسب ودهم وترضيتهم عن الغياب الطويل. لذلك هم يزيدون في الدلال ويضعون قائمة شروط تتركز على الصرف في ما يتصوره الكبار اشتهاء ومجارات لما شاهدوه عند زملائهم. والحال أن الطفل يغتنم تلك الفرص للتلذذ بلحظات ضعفهم. وهو ما اكتسبوه من تصرفات وممارسات الرياض التي يؤمونها والمشرفات اللواتي مللنا العمل في ظروف ورواتب ومعاملات وغيره من واقع الرياض الخاصة التي يلهث أصحابها على الربح السريع والسهل مقابل خدمات متدنية وتصل الحالات إلى كوارث يكون ضحيتها هؤلاء الاطفال.
كما أن الأبوين غير مهيئين عمليا لتربية الأطفال في الأغلب الأعم بحكم عدم الدراية والمعرفة اللازمة وذلك لا على مستوى التربية الأخلاقية والاجتماعية وحسب وإنما حتى التربية التعليمية فالغالبية تخلت نهائيا على هذا الدور وحتى على مستوى الرقابة الاسبوعية إن لم نقل اليومية لا بل تخلت عن الرقابة والمتابعة للحياة المدرسية ولا يتذكر وجوب زيارة المدرسة والمدرسين الاّ في مناسبات تعد على عدد اصابع اليد الواحدة طيلة الموسم الدراسي وذلك في أفضل الحالات.
ويزيدون تكريس الجهل والأمراض في ابنائهم حين يعاملوهم إمّا بشكل لا يتناسب وأعمارهم فمنهم من يحاول جعله فوق سنه ومنهم من يواصل تدليله على أنه لا يزال صغيرا ومنهم من يسيء التربية (وهم غالبية) حين يقومون بتأسيس روح عداوة مفترضة بين أحد الأبوين وكذلك منهم من يجعل منه واشي ومرتشي لقاء معلومات عن أحد الأبوين ومنهم من يجعل من ابنه ببغاء ألعابه ولهوه الأخرق فيربيه على تجاوز مقامات الأهل بالإهانة والسباب ويعلمه أصول القذارة الاجتماعية ألفاظا وأفعالا (على أنه يصنع منه بطلا لا يشق له غبار في الحيّ) ومنهم تكون خلافاته مع زوجته والعكس ايضا صحيح مادة يكون الطفل فيها سلاح الحرب القاتل وهو بذلك يقتل روح الحب ودفئ الشخصية فيه ويجعل منه المجرم الخطير الذي لا رحمة فيه ولا ضمير. وأترك الكثير الكثير من الأفعال المؤسسة لتكوين الطفل في أول مراحل تربيته وتعلمه البيت للقارئ يزيد من معاينته ما يثري به الصورة لديه.وأتجاوز الى مرحلة الشارع وهي الحلقة الثانية التي تسبق المدرسة.
فعند خروج الطفل للشارع بما سبق وأوضحنا من أمراض يكون مهيأ طبيعيا للالتقاء بشبيهه ليتخذه رفيق يومه والأمر ليس بالصعوبة المتخيلة لأن الطفل ذكيّ في رصده وترصده مع سابقيه الاضمار للرفيق الذي يجب ان تتوفر فيه الشروط التي يرغبها وحتى وأخطاء الشخص فهو سريعا ما يتخلى عنه مفتشا عن المطلوب. لكن وبما أن الحالة عامة يصبح من أسهل المفتش عنه هو الشبيه اذ انه متوفر في كلّ منعطف بصر.لذلك ريعا ما تتكون العصابة وتتلاقى البرامج وتتنافس الأفراد ليس على القيادة كالسابق بل على الظهور المغاير المتباهي بما منحه ابويه من لبس ثمين وغالي ومصروف جيب وفير وحرية تصرف مزعومة أساسها الغياب التام للرقابة الابوية والمتابعة الدقيقة للأفعال والأماكن والتوجهات العامة لأفراد وأصدقاء وأتراب الطفل. والنتيجة ضياع الأطفال والقيم الاخلاقية معا وعلوّ صوت الاستهلاك وظهور الجريمة والانحراف في صفوفهم منذ ازمنة مبكرة وسن مبكرة جدا.
وهو أمر طبيعي في خضم الصراع على التباهي بالممنوحات من اموال وغيرها.ففي حالة عدم توفير الوالدين للمبالغ المطلوبة وفي الازمنة المحددة وبزيادات متطورة وبأكاذيب تعلموها من صراع المال داخل البيت بين الأبوين لينتج إفراز الكثير من المآسي.ونسب زيادتها ترتفع مع مرور الايام وليس السنين كما كانت قبلا.
كما دخول أمراض من نسميهم (تقليدا للغرب) بالبرجوازية مثل المخدرات وغيرها والتي تدخل للبلاد بتسهيلات ممنوحة من ادارة هي يشغلها تونسيون تربوا بالشكل الخاطئ ذاته ولهاثهم خلف المال أفسدهم ليفسد أطفالهم وبالتالي مجتمعهم.وبتمويل من الحلقة السابقة الذكر والتي تشتري هذه السموم من مصادر عالمية معروفة نقاط تجمعها وتجميع سمومها لتتوزع عبر خارطة الشعوب التي يجب ان تبق بعيدة عن العقل والفكر والوعي الحقيقي والصحيح حتى لا تقوم عليهم القائمة ويخسروا مصادر عيشهم وعبيدهم.ويتجدد اسطول عبيدهم ألائك ويرثه ابنائهم ليفعلوا فيهم المزيد لقاء ثرائهم واستعمارهم المصاص للدماء.
وبعد هذا كله كيف يمكن للمدرسة أن تقوّم كل هذا الاجرام خصوصا بعد أن اصدر قانونا يتباهى به السياسيون الجهابذة لشعب لا يتوفر فيه وله ما يتوفر لمن سطر هذا القانون وفرضه عليهم ونعني تحيدا (بقانون حماية الطفل في المدرسة خصوصا وهذا ما يهمنا اولا وأخيرا).
فالطفل في الغرب ابويه لديهم ما يكفي نسبيا لتربيته ولهم من المعرفة ما يمكن لهم تهيئته تربويا (وحتى ان غاب عنهم المعرفة فإنهم مراقبون من طرف الشؤون الاجتماعية والوشاة كثر فقط في مثل هذه المسائل التي تمس الاخلاقيات العامة والقيم المجتمعية
وليس مثل ما تربوا عليه من القمة الى القاعدة في جعل الوشاية مصدرا استثمار امّا في باب العمل أو فيما يتعلق بالمسائل الأمنية الخاصة بالرأي والتوجهات والأفكار.
وطفلنا يعاني الأمراض الناتجة عن الفقر وقلة الحيلة التي يعيشها أبويه واللذين همشوا طيلة عقود ليتحول صراعهم نحو بعضهم ونهب ما يكتسبه الواحد منهم لصالح الاخر الذي مل هذه العيشة (لاحظوا نسب الطلاق والتي كل اسبابه وان تنوعت هي ناتجة عن الملل من عيشة لا عيشة فيها حتى لا اقول شيء آخر)
كيف لمدرس يعاني هو نفسه قلّة المستلزمات الحياتية والحاجيات الأساسية أن يكون أمينا وحريصا على تقويم كلّ هذه الكوارث بدون أن يجني ما يردّ عنه أمراض ارتفاع ضغط الدمّ والنفسية المتدهورة والضغوط الاجتماعية والعائلية والإدارية وغيره كثير. وحتى المجهود الذي يبذله محاولا ارضاء جانب مازال نابضا في عقله عن أخلاقيات المهنة وأيضا جانبا إداريا ونعني به التفقد الذي يمنحه التطور في سلّم الترقيات.كيف والحال بما اسلفنا وعلى ما اسلفنا من النماذج القليلة من الأمراض والأوبئة وهو الممنوع من أصل فعله وهو التقويم وسلاحه في ذلك فرض الانضباط وبلا عقوبة صارمة لن يفلح في ظلّ هذه الشخصيات الصغيرة المدللة والذكية إذ هي تعلمت وعرفت أن كلّ ما تأتيه من أفعال لن يكون العقاب بالحدية والصرامة والجدية التي تعيده الى رشده وترجعه للطريق الصحيح.
لذلك فالطفل هو الآن سيد المدرسة وهو الذي يجبر المدرس على ما يجب أن يدرس وما لا يجب أن يكون عليه من باب الشخصية الصارمة.ويبلغ الأمر حدّ تقزيم المدرس والحطّ من قيمته (خصوصا العلمية وسبق ان ذكرنا السبب الرئيس وهو عملية الانتداب المدروسة التي من خلالها وقع تدمير شخصية المدرس وسلطته العلمية والتربوية في المجتمع والمدرسة نتيجة)
وهنا لا يسعني المجال لجملة من التساؤلات سأقتصر على واحدة ربما تمنح غيري من القائمين على شؤون وزارة التربية حلاّ مهما.وهو لماذا لا يقع تأسيس معهد خاص لتكوين المعلمين والأساتذة وإعدادهم للتدريس بالخارج بنظام التعاقد (مع وكالة التعاون الفني) ومع استثناء المدارس التونسية بالخارج الخاضعة لوزارة الاشراف وينتدب لها مدرسين حسب نظام الانتداب الجاري به العمل بالوزارة.
وبالتالي نربح توظيف الخريجين مرحليا ونكسب تواصل تكريس وتطوير خبراتنا بشكل مؤسس للتواصل الذي يبني الجيل الذي يؤسس بدوره لفتح أفق علمي (حتى نخرج بنسب مهمة من هذه الحالة الكارثية) لكنّي تحملني نسب المدارس الخاصة في الابتدائي والإعدادي والثانوي والعدد المتزايد بشكل غير طبيعي للجامعات الخاصة والتي كالعادة تتباهى بنسب النجاح وما يتوفر لديها من امكانات ووسائل هي فتات الوسائل العلمية التعليمية حتى في البلاد لكنها تبثّ في وسائل الاعلام بشكل وثوب سينمائي جذاب سلعي طبعا قابل للاستهلاك في غياب المتابعة الاعلامية والتجاهل المتعمد لما يتوفر (ولو انه قليل ولا يفي بالحاجة المتطورة في كلّ لحظة على الصعيدين البحثي العلمي والأسس التعليمية العالمية المقاييس)ولكنه يكفي ليوضح الصورة المهزوزة عن مؤسساتنا والتي تستغلّ لمرحلة ؟أولى هي مرحلة المزاحمة ومن ثمة الافلاس والبيع والخوصصة لما أفنى في غايته وإنشائه أجدادنا اللذين ماتوا في الشمنديفير الزوافرية الحقيقيين) وانتهكت ابسط حقوقهم وإنسانيتهم ورزقهم في مقالع وداموس الفسفاط وحقول النفط السرية وفي الجبال يخرجون الصخر ويبنون به قصور السراق الذين يكدسون الضرائب بقصد بناء هذه المشاريع التي بعد ان افرزت وأصبحت مصدر تمويل للشعب والوطن وبعد ان اكتشف القيمة الحقيقية المالية لها وهو الذي كان يخال لجهله أنها من مظاهر التحضر ومجارات للغرب وأدعو انها اصلاح. يتقدمون اليوم وبكل السبل الدنيئة لمزيد التفويت وتدمير الوطن وقدراته ومخزونه الشعبي ليفلسوها ثم يشتروها ببخس الأثمان وهي النهج الذي انتهجوه منذ بورقيبة وبعده زين والديهم وحتى يوم الناس هذا مع كتل الثوريين اللذين ربتهم ورعرعتهم دوائر الاستخبارات في بلاطها وفي عمقنا وبيننا والذين هموا من ايادي الضرب بقوة النار والحديد أيام الزين ابوهم.
فأي اصلاح نتحدث عنه ونكذب على الجماهير الغارقة في أمية مكرسة وانتخبت من ينقذ أيامها وليس أحلامها من شرّ ما أفسد وبيع وخرب من وطن يبكي أيام رجاله.
تونس 2015
. ملاحظة:
***لا تعتبر الحالة التونسية هذه استثناء في الوطن العربي بل هي قاعدة عامة تخص الأقطار ذات الاعتماد على ثروتها البشرية أساسا وليست ضمن قائمة الممالك النفطية ذات المخزون النفطي العالمي.وهو العقاب الصهيوني الأمريكي لهذه الأقطار وتحويلها الى جوافة نفاياتها السلعية والعلمية وحتى البشرية والنووية وغيره من مزابلها المعاصرة.
Comments