لا المرزوقي ولا السبسي بل ثورة مستمرّة
- zaratimoukhi
- 23 mai 2020
- 5 min de lecture

بقلم المختار المختاري الزاراتي

بالأمس القريب وقف العديد من (الجبهاويين) ضدّ مشروع ما يسمى جبهة الانقاذ مدّعين المبدئيّة ونقول مدّعين لأننا اليوم نجدهم في صفّ مرشّح النداء الطرف الثاني في جبهة الانقاذ وينادون جهارا بمساندته مصوّرين المرزوقي على أنه المشروع وحده المشروع الاستعماري الامبريالي والصهيوني بقيادة قطر وإذنابها الموجودين بين ظهرانينا.وهنا لا يفوتني أن أسألهم والمرشّح السبسي ماذا يمثّل بالنسبة لتحليلاتكم الثوريّة؟
وأخاطب العقلاء موضّحا موقفا أراه مبنيا على أسس مرجعيّة فكريّة ومستند راكمناه من أسس الفكر التحليلي العلمي مبيّنا المشهد التاريخي وواقع تونس (على الأقل منذ 14 جانفي).
المرزوقي هو واضح المرجعيّة القطريّة التي هي خادمة وعبد لسيده المستعمر الامبريالي الصهيوني ويسنده الشقّ الرجعي بفلوله والذي هو ذاته عبد لسيده امريكا لكن عبر وسيط يحميه من الانكشاف والتعرّي أمام العقل المفكّر في أتباعه السكارى بثوريته وانتمائه للسلف الصالح والدين الحنيف الذي يمثّل حسب ما يعلنوه مرجعا لأفكارهم السياسية والاجتماعيّة والاقتصاديّة.هذا الوسيط الذي يراوح بين جناحين الأول قطري والثاني سعودي.بما يمثّلانه في واقع وتاريخ العرب المعاصر (على الأقل) من وجه العمالة والنذالة والخسّة وغيرها من العناصر التي تكون وجودهم فينا والتي تجعلهم أوّل من يبادر بتخريب بلادنا فكريا وسياسيا واقتصاديا حتى لا نكون النموذج الذي يحتذي حذوه أهلهم وأيضا حتى نكون الخادم الذي يثري بنوكهم الخاصة ويعيل دولهم الغير مصنعة ولا حتى فلاحيه ونكون عبدا لهم وبالتالي لسيدهم وراعي وجودهم فينا.
السبسي هو ورقة من أوراق الاستعمار الامبريالي الصهيوني التي أخرجها بوسائله الاعلاميّة من ركام الموت على أنها المنقذ والوجه المعاصر لتونس البورقيبيّة وبالتالي هو يحي مشروع العمالة القديم نسبيا في شكله العلماني (الحداثي) في ظاهره والاستعماري الامبريالي الصهيوني في باطنه ولنقف عند تاريخ هذه الشخصيّة بعد الثورة فقط
ما الذي صنع في واقع تونس الحالة الثوريّة هو غرس سكين المستعمر فينا وأنفذها إلى أعمق مكان حتى لا يقدر أي طرف ثوري من اقتلاعها وبالتالي طرد هذا المستعمر بشكل أو بآخر فهو الذي اعتمد بشكل مكثف على المديونيّة حتى عمّق نسب القروض بشكل يجعل تونس لا يمكن لها الفكاك والتحرر من شروط الدائنين والتي تمس سيادتنا الوطنيّة ممثّلة في خياراتنا الاقتصاديّة وبالتالي السياسية وكان هذا أهم دور له في تلك المرحلة مع فعل ما أمكن له فعله في تثبيت ركائز الدولة من خلال المواقع المفاتيح للدولة وإدارتها من عناصر نظام بن علي ونجح في ذلك بشكل نسبيّ فهو في مرحلة أولى وإرضاء للشعب الثائر أخرجهم من مواقعهم المكشوفة ليعيد هيكلتهم في مواقع في أكثر من حالة هي مواقع مركزيّة وعصب رئيسي من مواقع القرار والتسيير داخل الادارة والتي يمكن أن تعيد تشكيل مشهد القواعد التجمعية القديمة في موقع متقدّم جديد.
بينما الجبهة كانت ولازالت موضع فوّهة بندقياتهم فهم نجحوا حتى الآن في تحييد فعلها القاعدي ليكون صراع كسب المواقع داخل الشارع والمصنع والإدارة هو مهمة يمين يمين بينما الجبهة بقيت تصارع الأوهام والفقاقيع السياسية التي أشاعوها طيلة هذا الزمن الفاصل بين قيام ثورة 14جانفي ويومنا هذا وفي أفضل الحالات الحفاظ على وجود الجبهة لحاجة طرف من طرفي النزاع اليميني الاستعماري لوجودها ككبش نزال لما تمتلكه من فكر علمي وقدرات وخبرات ميدانية لصراع الوهم والخرافة والذي لا يمتلكونه رغم العناصر المطرودة من حقل اليسار لتاريخها الملوّث والذي أثث بها الجناح العلماني بيته الثوريّ لذلك بقيت أهم العناصر التي كان من المفترض أن تكون الجبهة قد أتمت انجازها لازالت موضعه على رفّ الانتظار رغم أنها تمثّل مهام ثوريّة أكيدة وعاجلة في بناء تماسك الجبهة على المدى البعيد والتي تفرض الجبهة كعنصر ورقم لا يمكن أن يحيّد أو يتلاعب بوجوده (سواء كان ذلك على صعيد التنظيم والهيكلة أو على صعيد تكوين مرجعيّة وآلية ديمقراطيّة داخل هذه الهيكلة الجبهاويّة والتي تحفظ وتحافظ على توحدها وتبنيها لمواقف موحدة في المسائل الرئيسيّة وفي المواقف التاريخية المطروح على الجبهة اتخاذها)
لذلك كان اتخاذ القرار بالنسبة لهذه المرحلة (الانتخابات الرئاسية) بتأخير وتلكأ و مجاهرة أطراف بمخالفة وتضاد وبالتالي عدم الالتزام والانضباط.
وهنا دفعنا الواقع لاتخاذ هذا الموقف الذي نبنيه على أسس المبادئ وواقع تونس وحقيقة المرشحين.
النداء هو حزب لقيط وعلى شاكلة الحزب ذي المرجعيّة العتيقة التي يكون فيها محور الفكر والمسئولية هو زعيمها المعبود ولا رأي يخالف رأيه (وإن تظاهر أو تنازل لأحد عناصره بالتظاهر بأنه فاعل ومرجع فكريّ وتخطيطي للحزب) ومشروعه الوحيد هو مشاريع الدائنين وما يفرضوه علينا من شروط لاسترداد الدين وهي تتمثّل في برامج اقتصادية مفروض علينا اتباعها واتخاذها بالكامل مشروع البلاد.وبالتالي هو صوت المستعمر وصورته ويديه التي تقبض على عنقنا لتقتل منّا المعارض بشكل أو بأخر ولو بتأخير وتأجيل مرحلي.
أنظروا كيف صودق على مشروع ميزانية الدولة وما يحتويه من بنود وأسس مطروحة على اقتصادنا في المرحلة القادمة
المرزوقي ومن ورائه النهضة هو الوجه الآخر للسكين وللعملة بفارق وحيد وهو عمالة العبد للعبد وليس للسيد مباشرة.واعتماد الجهل كمرجعية تأسيس ومشروع للتكريس للحفاظ على المواقع.
والجبهة (وهذا ما نفترضه منها)هي المشروع الثوري الذي حتمت عليه ثوريته وواقعه أن يكون المرايا التي تكشف للشعب حجم وآلية وأوراق المستعمر.وأيضا مطروح عليها أن تكون طليعة الشعب وجنده النوعيين المتموقعين في الصفّ الأمامي للمعركة (معركة الاستقلال والكرامة والحرّية معركة الحقوق المسلوبة من شعب عانى طيلة عقود ويلات المستعمر الذي غرس فيهم الدكتاتور تلو الآخر واستنزف ثرواتهم وعرق جبينهم ليبني قوّته وسلطانه عليهم).لذلك فهو مطروح عليهم ومفروض عليه خوض المعارك والصراعات سواء كان المرزوقي أو السبسي في الرئاسة وما مساندته لطرف سوى تقذير وتوسيخ لهذا المشروع النضالي الثوريّ والذي سيكون ورقة بيد سيد ومالك ارادة الرئيس المرتقب ليهزم بها مشروع وقوفه بعد انحنائه لهذا المرشح أو ذاك ولكم في مشروع 18 أكتوبر أو مشروع جبهة الانقاذ الدرس الذي يكفيكم شرّ الانحناء مجددا لهذا الطرف أو ذاك.
لذلك أكرر سؤالي البريء بما فيه من خبث.
السبسي وجبهته التي توسعت مؤخرا لتشمل ليس فقط (الاغلبية الصامتة)التجمعيين بل الدساترة وشركات سليم الرياحي وغيرهم هل يحتاج لأصوات الجبهاويين لإسناده وهو الفائز في التشريعيّة وفي الرئاسيّة الأولى ولو بفارق لا يريحه فهو راغب في انجاز انتخابي يعطيه دفعا وفوزا معنويّ يحكم من خلاله بشكل يرضي سيده قبل أن يرضيه؟
لذلك ما الداعي من مساندة الجبهة له هل هو الخوف من أن لا يعطى لها حقيبة في الحكم؟
وليس على الجبهة حرج ان لم يسند لها حقيبة فالكل يعرف انها قوّة نوعية في مرحلة التشكل كقوة حكم منتظرة في القادم القريب (ان عملت في هذا الحيز الزمني على الوصول الى هذا الهدف من خلال التوسع واستغلال هذه المرحلة وهذا الدعم الشعبي الذي اوصل 15 نائبا منها لمجلس الشعب)
هل مطروح على قيادات الجبهة مرحليا أن تصطفّ لأجل الاصطفاف حتى ترضي داعما يمكن الاتكال عليه لبلوغ الحكم؟
هذا ما أشكّ شخصيّا أن يكون موجود أصلا في واقع مسار ومسيرة الجبهة قيادات وحتى بطانة لكن قلّة الوعي وواقع المؤامرات يدفع البعض للتفكير في مثل هذا المعطى خصوصا في ظلّ التشويه المتعمّد لبعض القيادات التي وإن نختلف معها إلاّ أننا ننزهها عن التواطؤ أو الغدر بمشروعنا الثوري الذي جمعنا منذ أيام الجمر وليس اليوم وفي هذا الظرف والحالة الثوريّة التي نعيشها وهذا الفصل من فصول الصراع الثوريّ التونسي والعربي والإنساني.الذي يحتّم علينا أن نكون نحن النموذج الملهم والطليعة الثوريّة التي تبني تجربة نضالية بخصوصياتها تحمل مشروع تحرر وانعتاق ونضال الشعوب التي تراقبنا بشغف وتستلهم من حراكنا ما يكون مشروعا لوجودهم (كما كنّا في 14 جانفي درسا لمصر وغيرها قبل أن يفعل فيهم من عناصر الغدر والتآمر على ثورتهم كحالنا وحالتنا)
لذلك أدعوا كلّ مكونات الجبهة بلا استثناء للرجوع إلى مبادئهم وتحكيمها في هذه اللحظة التاريخية قبل تحكيم العاطفة أو أي مستند آخر يجرّها إلى مواقف تحسب في سجل تاريخها القريب والبعيد.
والثورة مستمرّة
تونس 14/12/2014
Comments