لأرواح الرضع القتلى السلام
- zaratimoukhi
- 22 mai 2020
- 4 min de lecture

مقالة المختار المختاري الزاراتي

تعودت بعض القنوات المعلومة التمويل على النفخ في القرب حتى اذا ما صاح 'المزود' رقص الموتى طربا في قبورهم. ففي الأزمة الأخيرة والتي في الأصل هي حلقة من حلقات مسلسل تخريب المرفق العام في اتجاه سلبه تدريجيا قيمته الأصلية ومن ثمة تفليسه وثم خصخصته.
وهو التمشي الذي انتهجته الحكومات المتعاقبة اثر (الانتفاضة التي سماها الناس ثورة) وبعد وقوف الاتحاد العام التونسي للشغل كمعدّل ثابت على ايقاف نزيف الخصخصة والابقاء على ما تبقى من المرافق الأساسية والرئيسية التي بلاها سينعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وحتى الأمني وهو ما عمي عليه راس المال الجاهل لقوانين اللعبة في مجتمع متخلف وفقير بالضرورة اذ حتى خيراته هي منهوبة سلفا ولا يعلم عنها سوى انها موجودة وهذا ما ثبت لديه من خلال جهات خارجية متصارعة على الاستحواذ على هذه الثروات بأي طريقة ومنها كشف اوراق الواضع لليدّ على البلاد من خلال استقلال صوري تبين بالدلائل انه استقلال مزيف وضع كامل اقتصاد وثروات البلاد بيد مستعمر حافظ على ارواح جنده بمقابل استمرار وجوده عبر حكام يتحكم فيهم وفي قراراتهم عن بعد وبأليات الربط التي نفذها عبر مراحل تاريخية جعلته لا يخجل حين يعين سفراء يمارسون مهام مقيم عام امّا على شاكلة الملوك حيث يقوم الآخر بزيارته واعلامه في شكل استشارة بما ينوي فعله ومن ثمة تقع الموافقة أو الرفض أو على شاكلة الغازي نابوليون حين ارقص مشايخ مصر ورؤوس قومها على كذبة انه مغرم بالصوفية والتصوف بينما كان علمائه ومخبريه وجنده يهربون خيرات وآثار وتاريخ مصر لفرنسا وإن لم نكن في تونس لم نسلم من هذه النهب ونذكّر من نسي أيام (الانتفاضة الأولى أو ما سمي شعبيا ثورة الربيع الخريفية) حين اكتشف الجميع فيلا الشخصية التي كانت ستهرّب في حدود 400 صندوق من آثار البلاد المنهوبة بطرق أضحت مكشوفة من زمان ولم يتخذ اي اجراء لوقف نزيفها وبأيادي تونسية تعتبر خائنة وخيانتها أكبر من القتل والتخريب وتقابل في اوطان تحترم ذاتها وتاريخها بحكم الاعدام مباشرة. وحتى لا نبحر في كوارث أصبحت عنوان تونس اليوم (بلاد الكوارث اليومية) نعود لموضوعنا تاركين الخوض في عناصر أخرى لمقالات أخرى.
وبالنسبة لحادثة موت الرضع هي تحمل في باطنها عوامل خارجية وأخرى داخلية ترتبط رأسا بالحرب المعاصرة وهي الحرب على استعمار الشركات العملاقة التي لم تعد تحتاج الى جيوش واسلحة. اذ وجدت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي الذي كان عنصر تعديل عالمي من خلال حلفه ورؤيته وبرنامجه الاقتصادي العالمي الذي وقف الى جانب الشعوب النامية والفقيرة سندا وحماية.
أمّا اليوم فلم يبق لهذه الدول سوى قواها الاجتماعية ونخبها التي بقيت ثابتة على مبادئها ولم تتاجر وتبيع نضالاتها بمقابل لتكون (مرتزقة عصرها وبلادها) فالنضال الذي يقف ورائه مقابل هو بالضرورة مرتزق لا غير.
وبما أنّ هذه الشركات بين مصنعة للآلة الطبية والأدوية هي صاحبة السلطة على منتوجها الذي تروجه عن طريق سلسلة من الشركات التي يطلق عليها وطنية لأنها فقط توجد في حدود جغرافية معلومة ولكن ارتباطها بالمزود للمادة الأولية وبالمعادلة الطبية والكيمائية والفيزيائية التي سيتركب منها الدواء الذي ستصنعه هذه الشركات التي في الأصل هي ’sous Térence’ لهذا ليس لها سوى هامش من الربح هو كلّ ما ترغب في تكثيره بأي طريقة وهنا يكون تدخّل الخارج في وضع إملاءاته التي تنتهي وتتوقف عند بيع المرفق العام الخاسر بالضرورة في نظرها (لأنه يحمي من نهبهم الشريحة الأكبر من المواطنين في بلاد يتعمق فيها الهوة الاجتماعية والطبقية الى درجة ان ما يسمى الشريحة والطبقة الوسطى أضحت من مكونات طبقة الفقراء) ولم يكتمل بعد برنامج الخصخصة فكيف يكون حالها وحال الفقراء بعد اكتمال البرنامج؟
أمّا الآلة التي كانت في البداية هي لغز تدمير المرفق الطبي والاستشفائي العام (وكلنا يذكر كيف كان يقوم شرذمة من العاملين على هذه الآلات بتخريبها ومن ثمة توجيه المرضى الى المصحات الخاصة والتي سيجدون نفس الشخص يعمل بها خارج توقيت عمله في المستشفى (وربما خلاله) ليقوم بالعملية على آلة لا يمسها سوء ولا ضرّ ولا شرّ مهما حصل من تعطيل وسيقوم هو نفسه بإصلاحها بأي طريقة حتى يحافظ على استرزاقه بينما راتب الوظيفة (شهرية الحاكم) لن يمسها الجن حتى بل وسيكون من الواقفين في الصفّ الأول عند المطالبة بامتيازات جديدة وسيمثل دور النقابي المتعصب الجهبذ ليعترف له الجميع ببراءة الذمة والطهارة والنقاء ومنهم من يتغطى بغطاء جديد وهو غطاء التحزب.
وليس بالغريب أن يتحد الخارج بالداخل مادام الربح سيتوفّر لراس المال الداخلي الذي على قدر كبير من الشراهة والنهم بحيث لا يدخر اي جهد ليس لتدمير البنية التحتية والأدوية بل وحتى الاستثمار في كلّ ما صرف من المال العام لتخريج المكونات البشرية من أطباء وكافة الاسلاك العاملة في الميدان الاستشفائي والطبي وما تكاثر المصحات الطبية ومعامل الادوية وشركات استيراد الأدوية وتهجير الطاقات البشرية وكوادر المنظومة الاستشفائية بكافة اسلاكها وغيره من وسائل تخريب وتدمير المرفق الاستشفائي العام حتى يكون للحاكم مطلق القرار بإلغائه والانتهاء من مشاكله بخوصصته وهو طبعا الغاية الدنيئة التي تقود كلّ هذه البرامج والعمليات والطرق والاساليب التي تستخدم والتي يروح ضحيتها الفقراء والطبقة الوسطى التي في أغلبها الأعم هي من رواد المستشفيات اذ لا يسمح راتبهم بالاستشفاء والتداوي في المصحات الخاصة وهي لا تزال تعتمد على المنظومة الاجتماعية ( cnam) لتتمكن من البقاء على قيد الحياة ولمواصلة بناء دولة تنهب كل لحظة ولكن هذه المرّة كانت الضربة أقوى من كلّ الضرابات السابقة وهي الاعلان الرسمي للحرب وهي التي عرت عناصر بعينها كشفت على وجهها الحقيقي منها من باع صفقة 'ساشيات' الفضاءات التجارية على اعتبار ان البلاستيك مادة مسرطنة والحال ان 'ساشيات الفضاءات اليوم هي من مادة البلاستيك ولكن بمقابل' وأينما حل. حلّ البيع لأي جزء يمكن ان يستثمر ويستفيد منه شركات بعينها.
وهناك ايضا من يتصور ان كلّ التونسيين ممكن ان تشترى ذممهم وارواحهم وارواح أكبادهم بالمال أو أن حياة التونسي ارخص من بلاد لو انعدم البشر منها ما الذي سيبق سوى الركام وما الذي ستحصلون عليه وما الذي سيحصل عليه راعيكم الرسمي الخارجي صاحب الاملاءات والقرارات التي تطبقونها كأنّ لا عقل في هذي البلاد يمكن ان ينتج الفكرة والطريقة والحلول؟
أمّا الوزيرة بالنيابة فالاجتماع في شرعتها أهمّ من أرواح الاطفال القتلى وهذا كله لا يوحي بغير معطى ومعنى واحد (شركاء في الجريمة) بكل الطرق والوسائل فلا خجل ولا اسف ولا حتى تطمينات حقيقية لتسريع نتائج البحث عن اسباب القتل (وليس الموت) فالكلمة الحقيقية لنتيجة الجرم هو القتل وليس الموت فالموت طبيعي ولا يتدخل فيه عامل خارجي وأما القتل فبفعل خارج عن المقتول وهذه حالة الرضع اليوم.
وحتى لم يقم بتصبير الأهالي والرفع من معنوياتهم بل التجئ الى المال لشراء ذممهم وألسنتهم وارواح اطفالهم. اللذين هموا ارخص في هذي البلاد من اطفالهم اللذين لو كان واحد منهم مسه ضرّ لصدرت قرارات وقوانين ومراسيم لحمايته وحماية ابناء ملتهم التي انتهت بسرقة الارواح بعد نهب المال العام.
تونس
14/03/2019
Comments