كارثة وطنيّة من ذكر مسرح أيام المسرح المدرسي بقبلي
- zaratimoukhi
- 5 juin 2020
- 5 min de lecture

بقلم المختار المختاري الزاراتي
بعد ما يسمى ثورة لدى من تتيح لهم هذا سرج ركوب صهوة الكراسي وتأثيث المكاتب ورفوفها بطاقم من المتكسبين الممتثلين لولي نعمتهم الثوريّة جدّاااااا. وبعد أن عاش كمّ هائل من الحالمين وهم الانتصار على الرداءة والتخلّف والانتهازية والتسلقيّة والارتزاق من رغيف وحلم وجهد وطموح المنتمين لحبهم لمعرفتهم وحرفتهم وهوايتهم. والحالمين بتأسيس ما أمكن تأسيسه ولو على حساب الوقت اللذي يمكن ان يستثمر في شركات انتاج او دوائر ومنابر تدر من المال والشهرة ما يؤسس لكي يكون أي مسؤول يلهث لغاية حتى أخذ صورة تذكارية معه لكنه آثر أن يكون وفيا للمبادئ صادق الفعل بعد القول.
ولأن حظّي دائما ما يوفّر لي وعلى هواه حضور ما لا يجب أن أحضر حتى لا يذهب بي غضبي الى قول الكثير وفضح الأكثر من مآسي الزمن الثوريّ جدااااا في وطني.
ففي الأيام القليلة الماضية اختتم بمدينة قبلي أيام المسرح المدرسي وكنت بفعل هذا الحظّ الرائع شاهد عيان لا على مآسي المبدع التونسي في أول طريق الهواية والغواية وكيف تقتل المواهب وتقبر وتذبح بجرّة لسان مسؤول لا يعرف (وليس لا يحسن) التعامل مع مشروع مبدع ويحوّل وجهته الى الشارع بكوارثه من اجرام الى تهميش وضياع وكره المعرفة والإبداع بفروعه التي تنطلق من فني وأدبي لتبلغ المعرفي والعلمي والفكري فلمن لا يعرف أن أول صاروخ في الكون طار وانطلق من قصّة ليستلهم عالم من هذه القصة صاروخه الحقيقي ويكون انجاز ومكتشف علمي أساسه ابداعي ادبي وفنّي.
والأستاذ الذي يحترف تدريس الفنّ المسرحي والذي كان بإمكانه أن يوفّر جهده وتعبه ومجهوده ليستثمره في عمل تلفزي أو مسرحي أو سينمائي خارج المحيط المدرسي وحتما يدرّ له ربحا وفيرا(خصوصا بعد ما لمسته وشاركني الحضور من جمهور قبلي ممن حضروا العرض والمأساة وكان أول المطالبين بعودة التلاميذ الى الركح وإكمال العرض وتجاوز سلطة وسلطان (الأجنة بمشرفيها وهم من أهل الفنّ معرفة وامتهانا .وتحديدا وبصدق قلّة منها لكنها القلة الفاعلة هي التي تسببت في تدمير نفسية تلاميذ إعدادي وهم في سنّ تعتبر من أخطر سنيّ العمر التي منها ينطلق التأسيس)
وحتى أكون دقيقا وأوجز الكلام. أطرح المأساة في شكل حزمة أسئلة واضحة ودقيقة.
وكتقديم مختصر. قدمت المدرسة الاعدادية النموذجية (علي طراد) الراجعة بالنظر للمندوبية الجهويّة للتربية تونس عرض مسرحيتها التي أعدها وأخرجها الاستاذ المسرحي سهيل كيدارة والتي رشحتها اللجان الجهويّة لتمثيل ولاية تونس 1 في الأيام الوطنيّة. والتي جمعت بين الجانب المعرفي العلمي (فهي مقتبسة من أمهات النصوص المسرحيّة التي كانت مهد العلم الفلسفي والفكر الانساني جملة وتفصيلا) كما صبغها ببعض العصرنة والمعاصرة في اسقاطات تتلاءم وسنّ الذي يقدم العرض والمستهدف وهو جمهور التلاميذ المشاهدين له. وأبرز من خلاله قدرته على صنع مشهد مسرحي تلمذي هاوي في أول درجات سلم الهواية متكون من عدد يفوق 27 عنصرا بين اناث وذكور وتبويبهم وتنسيقهم وتوزيعهم وبشكل منضبط لقواعد اللعبة المسرحية العلمية وموظفة في ابهى ما يكون عليه عرض تحسبه منتج من طرف فريق عمل له من المساحة الزمنية والسنّ والفكر الذي يخول لهم تقديمه مثلما قدمه هؤلاء التلاميذ الذين اكدوا من خلال العرض أنهم فعلا نموذجيين هذا علاوة على أن زمن العرض والذي سبب مشكلة أرهقت وأتعبت وأضنت لا الجمهور التلمذي ولا الحضور من غير التلاميذ اللذين كانوا مشدودين ومتابعين وبتركيز وعناية لا نشهدها الاّ في عروض الاحتراف والمتميز منها. بل فعلت فعلتها تلك في بعض من (أجنة) توزيع القيمة المعنوية والاعتبارية للعروض. الشيء الذي دفع الى استدعاء صاحب العرض الاستاذ سهيل الى القاعة والعرض مسترسل ليوشوش له في الظلمة أنّ الزمن طال.
لذلك نسأل هذه الفئة من الراغبين في بلوغ مراتب في تربية الخلق الناشئ على التوجه نحو الثقافة وثقافة الابداع تحديدا الفني والعلمي والفكري. وفسح المجال كاملا أمامهم ليكوّنوا مشهدهم بشكل حرّ غير موجه وغير مركوب أو يسترزق منه من همه الوصول الى رئاسة أي شيء المهم أن يكون على رأس الكرسي حتى وإن كان مدججا بقيم القتل المنظم والمبرمج للذين همهم الوحيد هو الفعل الحقيقي اللذي هو من سيجني ثماره بتقدمه من كرسي الى كرسي الى تراب هو الكرسي الحقيقي والدائم فقط.
1 ـ العمليّة الإبداعيّة عملية علمية بامتياز ومنطلقاتها نفسيّة من التسيير الى الانتاج الى العرض في ذاته جملته وتفاصيله. وعلم النفس مادة رئيسيّة لدراسة المرسل والمتلقي في عملية انتاج عرض ركحي فنّي علمي وليس اعتباطي من قبيل ما كنت تعيشه بلادنا أيام (أيا نعملوا نشاط ويقوم احدهم ليلبس جبة وشاشية ويضع يديه خلف ظهره ليروي لفتات تلبس فوطة وبلوزة وتقريطة عكري كيف براد التاي تحرق في كانون المولدي البناي. ويضحك الجميع وهانحن عملنا جو ونشاط ثقافي)
أو (يصمّ آذننا بدربكة على 'دارـ ابوك'ويصرخ وهو متصورا انه يؤدّي أعظم أغاني فنان الشعب صالح الفرزيط ويشطح كما زينة أو عزيزة وهانحن عملنا جو ونشاط ثقافي)
أو (نعملوا رحلىة لقربص وتكويرة على البحيرة وهانحن عملنا جو ونشاط ثقافي)
هل هذا ما نرغب في تكريسه كثقافة علمية عقلانية تؤسس لجيل مبدع علميا وفكريا وفنيا؟
وبعد علم النفس هناك الفعل البيداغوجي بتأسيساته على مستوى ما يطرحه العرض من قيم ومعارف ومن أمهات النصوص الانسانية برؤية تونسية تثبّت الشخصية الوطنية ومميزاتها وقراءتها الذاتية للموروث الوطني والعالمي وبتأسيس علمي وعقلاني.
ومنه إلى علم الجمال وعلم المسرح والفنون الركحية من فنّ العرض الى الانارة والصوت وآليات تقنية الممثل والركح وغيره من الاسس العلمية للفن.
وهنا يجرني السابق ذكره الى سؤال أساسي. هل أسسنا برنامجا واضح وعلمي لتدريس المواد الفنية والثقافية وهل هناك مراجع مطبوعة تعتمد كوثيقة تعليمية. أم أننا لازلنا نعتمد الطلق العشوائي وقتل الطفولة على شبهة تسلق المناصب في غفلة من العلم والمعرفة لدى من يهمهم الاشراف؟
وحتى أنصف من أنصف فإنّ السيد المسؤول عن الأنشطة الثقافية بالمندوبية الجهوية للتربية تونس 1 قام بدوره الاعلامي وواجبه المهني حين أعلم الاستاذ سهيل المشرف على المجموعة المسرحية المقدمة للعرض. بأن مراسلة الوزارة المشرفة حددت زمن العرض وأعلمه بالمدة الزمنية الممنوحة لكن نسأل هل الزمن الممنوح لعرض فنّي مسرحي هو قرآن منزّل إذا ما كان العرض المقدم مستحسن من الجمهور ولم يشعر بهذه الاطالة التي شدت حتى بعض عناصر (الاجنة) من الذين مشروعهم معرفي علمي فنّي وليس اداري برتبة مشرف ومضاف اليه (من الأجنة التي تمنح الجوائز والتكريمات والتشريفات)؟
هل أنّ المسؤول لم يحسب حسابا لتلاميذ إعدادي حين يطلب من الاستاذ احترام زمن العرض (أخلاقيا ومعرفيا علميا وفنّيا وتربويا لا يمكن تحت أي اعتبار استدعاء الاستاذ والعرض بصدد التقديم للإشارة له بأن زمن العرض طال على (أجنة اسناد جوائز النشاط)؟
فمن ابسط القواعد الاخلاقية أن أتحمّل الاطالة حتى اذا ما كنت من غير مناصري ما يقدم وابدي ملاحظاتي على ورقة التحكيم. وأن امتثل للأغلبية التي شدها العرض (وخصوصا الجمهور الذي صفق طويلا ورفع شعاراته مناصرا للعرض وللتلاميذ)؟
وللعلم أن التنظيم أيضا كان كارثة وطنيّة. فالمشاركين من المدارس التي قبلت مشاريعها انطلقت في (غرغور القايلة) لتصل الى دوز في ظلمة الليل وتحاول تجاوز اتعاب ومشقة الطريق لتتهيّئ للعرض ووضع اللمسات الاخيرة وهنا نسأل هؤلاء المحترفون في الجلوس على مقاعد (الاجنات) لو كنتم مكانهم ألا تطالبون بقاعة تمرين وتهيئة جسدية ونفسية منها جزء لإزالة الارهاق ومنها التهيئة النفسية والجسدية لآلة العرض الرئيسيّة (الجسد) وللآليات الركحية (إن وجدت)؟
ولكن عوض أن تكون (الاجنة) هي الواضع الرئيسي والفاعل الاساسي لتأسيس فعل مسرحي واعي وعارف وعالم ومكون ومؤسس علميا وثقافيا وفنيا. وتطالب المشرفين بوضع المستلزمات التي تزيد من رغبة وتعطش وتفاعل التلاميذ مع المادة وبالتالي تؤسس لتلميذ فاعل في مجتمع راقي الحسّ شامل المعارف مبدع في مجاله وليس مجرما أو كارثة وطنيّة محشوة بجهل مجهّل إلى آخره من ما شبعنا وبعبعنا من كثرة ما باعنا المسؤولون من دفتره ثورية وهو ينوّرنا عن برامج في هذا الصدد.
لذلك نكتفي بالقول راجعوا انفسكم قبل سقوط جدار برلين.
قبلّي 30/04/2016
Comments