فصل المقال في حادثة اغتيال (الرفيق الشهيد شكري بالعيد)
- zaratimoukhi
- 25 mai 2020
- 3 min de lecture

بقلم المختار المختاري الزاراتي
وبعد هدوء نسبيّ في العقل.وبعيدا عن الاستنتاجات العاطفيّة المشحونة.والتي لا ولن تبرّأ القائمين على الحكم من دم الرفيق الشهيد شكري بالعيد,مهما صرّحوا ونفوا وعلّلوا وتعلّلوا.
فإنّ المدقق للنظر في مجريات الأحداث على الساحة التونسيّة. والفاهم لخصوصيات ثوابت الشعب التونسي.ومنها مسألة الاغتيال السياسي وبأيدي تونسيّة.سيكتشف سريعا عدّة مفارقات ومعطيات تشير إلى أنّ هذا الملفّ الذي فتح بحادثة اغتيال الرفيق الشهيد شكري بالعيد لن يغلق الآن وبالسهولة التي فتح بها.وليس استنادا على قوائم تجول هنا وهناك تحمل أسماء معارضي الوضع الراهن فقط.وإنما استنادا على حقائق بشّرت بها تطورات الخطاب القيادي الذي افتتح موسم الحصاد.والذي لن يطال سياسيين أو صحافيين أو حتى من هم في الصفّ الثاني خلف القيادات الحاليّة فقط بل فتح الباب لحصد رجالات وكفاءات وطنيّة يتصوّر الجميع أنها (حتى الآن على الأقل) في منأى عن مثل هذا المصير.
فالذي شاهد الفيديوا المسرّب.والذي تحدّث فيه زعيم النهضة راشد الغنوشي عن مهام عاجلة لاحتواء والزحف على المؤسستين الأمنيّة والعسكريّة لضمان استمراريّة النهضة في الحكم وسيطرتها على البلاد.وأيضا عمليّة القبض على الخليّة المسلّحة التي كانت ستقوم باغتيالات لسياسيين والتي كنت تضمّ ليس فقط عناصر من أهل المال والأعمال القذرة ولكن عناصر نهضاويّة.وبعد فيديوات التهديد والتبشير بعصر الموت لمن يقولون أنهم كفرة.وبعد استخدام منابر الجوامع للدعوة إلى قتل أسماء قياديّة منها الرفيق الشهيد شكري بالعيد.سيعرف أنّ معركة التصفيات التي افتتحت باغتيال الشهيد الرفيق شكري بالعيد.هي نقطة فارقة في تحوّل الصراع إلى ذروتها داخل الأجهزة الأمنيّة خصوصا بعد ضمان حياد المؤسسة العسكريّة إلى درجة اتهامها في بعض الأحيان بالتواطؤ لما حاولت النأي بنفسها عن التجاذب السياسي والذي ربّما سيؤثّر على مستقبل حيادها فالانتهاء من ملفّ الأمن هو فاتحة التحوّل نحوها بأيّ شكل بات مستباحا فيه القتل الممنهج والمخطط له سلفا.بقصد الانتهاء من ملفّ تونس المثال لكلّ الثورات الباحثة عن الديمقراطيّة والحرّية والكرامة الوطنيّة.
وذلك إمّا بتحويل الأوراق إلى مصلحة طرف يضمن أكبر قدر ممكن من رهن البلاد في دائرة العمالة والارتهان للامبرياليّة والصهيونيّة العالميّة.أو الدخول في مرحلة اللبننة الذي يعطي المثال المرعب لبقيّة الشعوب العربيّة الثائرة أنّ التجربة هذه هي تجربة الموت والدمار والخراب القادم من داخل الوطن لا من خارجه. والحال أنّ هؤلاء الذين تريد تثبيت حكمهم بأي ثمن هم صنيعتها وممولي وجودهم فينا والمحافظة الأولى عبر أجهزتها المخابراتيّة المبثوثة بين ظهرانينا.
وفي إطار الصراع على أجهزة الحكم وعلى رأسها كما أسلفنا وزارة الداخليّة وبعد تمكن كلّ طرف من المتصارعين على مواقع مهمّة حدّدت الأهداف وبدقّة وعناية.وليس اعتباطا أن يكون الرفيق الشهيد شكري بالعيد على رأس التنفيذ فهو الحلقة الأكثر جدلا،والأكثر ضعفا أمنيا. فهو المصارع الشرس لا في حزبه فقط وإنما في أروقة المحاكم.وخصوصا في جبهة الشعب(الجبهة الشعبيّة)وهو أحد المصارعين لبقاء الجبهة على مسافة من هذا الصراع والاهتمام بزعيم الثورة(الشعب التونسي بأسره) والتركيز على رصّ صفوف هذا الشعب خلف مطالبه الشعبيّة الثوريّة.
ولكن تسريع وتيرة الصراع خصوصا بعد دخول الترويكا الحاكمة وبزعامة النهضة نفقا مسدودا في حكمها.والذي بشّر بفرصة الوثوب على الحكم من طرف كلا الجانبين المتصارعين وبدعم فوريّ ومركّز من الخارج كان وجوبا التخلّص من الطرف الذي صرّح علنيا في الفترة الأخيرة على استعداده التام لاستلام الحكم. وجدارته بهذه المسؤولية وقدرته التي لم يشكّوا(طرفي الصراع)في إمكانيتها وقدرة الجبهة الشعبيّة بمكوناتها على التمكن من حكم البلاد.حكما عادلا ومسئولا ومنصفا.وهنا للخارج رأي آخر في ذلك.فرغم طمأنة رأس المال الوطني على وجوده وحرياته التي يضمنها القانون فإنّ حكما ديمقراطيّا حقّا ويساريّا خصوصا.وفي مثل هذا الوقت من تطورات الأحداث هو خطّ أحمر.إذ لا يمكن لهم على ديمومة بقائهم أسيادا تحت حكم(شافيزيّ عربيّ)في تونس المثال.ولهذا كان الرفيق الشهيد شكري بالعيد القربان الذي وجب أن تقدمه تونس الآن فداءا للشعب الذي يناضل ثورييه الآن من أجل كرامته وحرّيته وخبزه.وليس لأجل المناصب المفاتيح لتركيز دكتاتوريّة الحاكم بأمره أو بأمر الخليفة.
ومن التسريبات الأوليّة حول نوعيّة المسدّس المستعمل في العمليّة والذي لا يوجد في تونس إلاّ عند الفرق المختصّة في جهاز الأمن والذي يترك فرضيتين قائمتين أولها أنّ جهازا تمّ احتوائه في الدائرة الأمنيّة.أو محاولة توريط الجهاز الأمني الذي يعاني حتى الآن من تاريخه الأسود أيام دكتاتوريّة بن علي.ولكن وفي كلا الحالتين لا يمكن نفي الدور السلبي لهذه المؤسسة في مسؤوليتها الكاملة للحفاظ على حياة لا المواطنين فقط بل قياداتهم الوطنيّة.كما لا يمكن نفي المسؤوليّة الأخلاقيّة والسياسية والأمنيّة للحكّام(الترويكا وعلى رأسها النهضة) عن عمليّة الإغتنيال الشنيعة في انتظار حقيقة ما حول هويّة القاتل التي ستحدّد الجهة أو الجهات التي خططت ونفذت العمليّة
Comments