رسالة إلى التنظيم
- zaratimoukhi
- 25 mai 2020
- 42 min de lecture

تحيّة ثوريّة لكلّ الرفاق تونس في :20/02/2014
من خلال الذي قرأته في الوثائق التي قدّمت لي وخصوصا الوثيقتين (مشروع أرضيّة سياسيّة لحزب ثوريّ + لنواصل المسار الثوريّ حتى الإطاحة بمنظومة النهب الرأسمالي الوحشي والاستبداد الظلامي).وقفت على جملة من القراءات التي تطرح للنقاش لأنّها لا تمثّل حقائق تاريخيّة فقط تعتمد في قراءة الواقع والمسار الثوري الصحيح.وإنما هي منعرج كلّ الأفكار والمقترحات التي يتقدّم بها التنظيم الثوريّ وهي منبت ومرجع برامجه السياسيّة والاقتصاديّة والمجتمعيّة التي تستند لهذه القراءة التاريخيّة الصحيحة.
لذلك سأنطلق في توضيح رأيي من البداية مسترسلا في نقاط مرتّبة تاريخيّا لهذا المسار أو الحراك الثوري منذ ما قبل حتّى 17/12/2010 و14/01/2011.
وهنا أطرح أوّل الأسئلة الحارقة والمحوريّة والأساسيّة لتحديد جملة مفاهيمنا ورؤانا للواقع التونسي قبل وبعد هذه التواريخ النضاليّة الأنفة الذكر.
هل ما قام به الشعب التونسي انطلاقا من 17/12/2010 وصولا إلى 14/01/2011 ثورة؟ هل يمكن حتّى أن نسميها ثورة؟
هنا أجدني مضطرّا لاقتطاف فصلا من ما كنت كتبت ولازلت أعدّ ليكون وثيقة تاريخيّة وعمل تأريخي عن هذا "الحدث"
(من هم؟)
أوباما والتغير الذي جاء من أجله:
كان صعود نجم أوباما سياسيا مرفقا بهالة. تغذّي رؤية شعبيّة أمريكيّة جديدة تماما. على شخصية من يحكم قوّة عالميّة. ليس على مستوى الأصل العرقي واللوني فحسب. حتى أنه عدّ نصرا للأقليات المضطهدة تاريخيّا، واقتصاديّا، وحتى تعليميّا، وحياتيا عامة(ومنهم المسلمين بما أنه يحمل من الأب الإفريقي دما مسلما"باراك حسين أوباما") وابتعادا عن حماقات وغباء حكم عائلات الثراء. اللذين ابسط ما يقنعهم وهم في الحكم، هو مراكمة الثروة على حساب الشعب(المموّل الرئيسي لخزائنهم عن طريق الضرائب التي يدفعها وكدحه الدائم). وعلى حساب مصالحه ومصالح شعوب العالم. من خلال تكتّل الحاكم ومن كان خلف صعوده، في عصابة تستنفر كلّ طاقاتها وجهدها للفوز بأكبر قدر ممكن من العقود والاستثمارات. وربط علاقات قذرة مع حكّام مهزومين أصلا(عربا وغيرهم). وبأسلوب استخباراتي من خلال جمع ملفّات مخزية تكون ورقة ضغط دائمة . وليس بنسب الولاء لأمريكا شعبا و (وطنا). بقدر خدمة المصالح ألأمريكيّة(المتمثّلة في مصالح النخبة الرأسمالية والشركات(وعلى رأسها شركات السلاح والصناعات الثقيلة العابرة للقارات وخصوصا الصناعات الاستهلاكية ذات الغلاف البديع والمنتوج المسرطن والمدمّر للعقل والسلامة الصحيّة للمستهلك المستهدف)وهي نتاج مصانع الطبقة المتحكّمة في كلّ أمريكا. بإرادة الحاكم طبعا. وتوابعه في العالم). وكان أوباما حلم الأمريكان شعبا(خصوصا الفئات الضعيفة والأقليات ذات الأصل الغير أوروبي. والدين المغاير لدين الطبقة الحاكمة. وتحالفاتها التي أسسها المال ليقوّيها ويغذيها العامل الديني. وفكرة الاضطهاد التاريخي. لكن العوامل الجديدة خصوصا بعد تطوّر أسعار النفط التي تراكمت ثروات خياليّة بيد فئة من حكّام هزمتهم أهوائهم. وجينات الجريمة التي تجمعهم وهؤلاء. الذين أبدعوا في اصطياد مثل هذه الفئة لتقوية حضورها في محيطها. وزرعها حتى تكون الجندي الأمامي لحماية حديقة أمريكا الخلفيّة.لكن أوباما جاء ليجدّد هذه الآلية ويحدّثها بعد أن أصبحت كلّ تفاصيلها مكشوفة لدى الخاص والعام. وبالية في بلدان هؤلاء العصابات الحاكمة. وعوض تدمير معارضي هذا الجندي الأمامي. وقع ومنذ البدء انتقاء لمن يمكن أن يكون خلفا صالحا للسلف الذي يكون من مهامه تدمير اللذين بقوا خارج ما تنتقيه أمريكا. وتخرجه إلى ظلّ يترعرع فيه إلى حين. ثمّ يستخدم ورقة ضغط على هذه الجندي ساعة يجب. وكانت أرض أوروبا هي الوسّادة لهؤلاء. حيث راكمو الذلّة.والأموال القذرة. لطول ما تاجروا في المواقف حسب قواعد الربح والنفع الذي نشؤ عليه. من أجهزة تسهر على حماية وجودهم. وتوفّر لهم وبتخطيط مدروس. ساعات الظهور والاختفاء وما يجب أن يقال وما لا يقال في ذلك الظهور المهيب.
أوباما وفي سرعة منقطعة. ومن خلال الهالة وبفضلها فقط. يحرز على جائزة لم يظهر بعد استحقاقه لها ولم يظهر حتى القدرة على تنفيذ البرامج التي فكرتها كانت سبب لهذا الدعم المعنوي الكبير والتاريخي لمن ينالها(قبل أن يكتشف العالم مؤخّرا ولمرة أخرى. أن نوبل جائزة سياسية بامتياز وليست إنسانية تنال بالجدارة وحتى أصبحت محفلا من محافل تأطير. ما يخالف المبدأ الذي أقدم نوبل ذاته على تأسيس هذه الجائزة ومن المال الذي جناه من اكتشافه المدمّر).
ولأن إرادة كاملة هي التي وقفت خلف أوباما(سياسية واقتصادية وعسكريّة وحتى مخابرتيه عالميّه).جرّبوا وسائل غير تقليدية فاجأت النخبة السياسية التقليدية في أمريكا. وعلى رأس هذه الأسلحة. سلاح اجتماعي يمس القاعدة الشعبيّة من أقرب مجالاتها الحيويّة(المواقع الالكترونيّة ومنها الفايسبوك والتويتر واليتوب وغيرها) وكان الفوز ليس لأوباما فقط بل لنجاح المرحلة الأولى من مختطه الحربي الجديد البسيط والمعقّد في آن. وكانت الآلية المتفوّقة على الميدان بدرجة أكبر لسهولتها ورواجها في غالبيّة الشرائح الاجتماعيّة بفروقها الطبقيّة.(الفايسبوك) الذي ربط بين بقيّة الفروع القتاليّة بضغطة زرّ. وتسريبا للمعلومات في طرق الاستخدام على ذات المواقع.
هذا السلاح الذي أصبح أكبر سلاح للدمار الشامل فهو أقوى فعليا، وزمنيا، من حرب تقليديّة. وأكثر شراسة وضراوة من آليات عسكريّة. تتحرّك بأموال طائلة وربّما تنتهي في رمية مقاتل جيّد على الطرف الآخر فتكون خسارة في المال والأرواح.وتمّ تأجيل اللجوء إلى السلاح إلى حين"وتوفّرت فرصته في حرب ليبيا من خلال بروز الناتوا كمقاتل إلى جانب من أسمو نفسهم بالثوار". وهنا سيكون ردّة فعل دافع الضرائب. الحامي الوحيد لديمومة مصانع الآلة العسكريّة هذه قويّة. ربّما تكون استفاقتها أقوى من تلك التي عاشتها أمريكا على إثر خسارة مخزية في فيتنام. لذلك كان يجب الترتيب المحكم لهذه الحرب(ومن خلال المقولة العلميّة التجربة والخطأ هي مقوّم النجاح) يمكن أن نستقصي مراحل التنفيذ الفعلي لهذا المقاتل وقفزاته على الخارطة المعقّدة أصلا. والأخذ من ملفّ الصقور المهزومين ما يفيد للخطّة الجديدة.والعودة إلى دور المخابر(التي تحدّثنا عنها في أول البحث أي البلدان المخابر. التي أعدت سلفا لتكون مخبر إنتاج الحلول والبدائل).ولاختصار المسافة والمساحة نورد المعطيات في شكل نقاط أسئلة:
- أين الآن موقع ويكيليكس ومالكه. وكلّ الهالة التي أحيطت بهذا الملف. والتسريبات التي تخصّ الشعوب. بقصد تنويرها وتشكيل غضب شعبيّ. سترتفع درجاته. بردّة فعل المكشوفين للحفاظ على مواقعهم؟ وقام الطرف الأمريكي بمسرحيّة محاكمة صاحب الموقع من جهة. لتبرئة ساحتهم قدّام حكام لم يرحلوا بعد إلى مثواهم. وشنّوا حملة إعلاميّة موازية لدعم مسألة الحرّيات وخصوصا حرّية التعاطي مع المعلومة وحرّية شخصيّة للمساهمين في بثّها للرأي العام. وهذا مبدأ متنازع عليه إنسانيا. ولم ينتهي ملفّه لما يشوبه من اختراقات.وهنا حرّك ضمير الشعوب لحماية مناصريهم.
- المحاولات الأولى لاستخدام حرب الفايسبوك وجّهت إلى إيران بقصد إضعاف وإرباك جبهتها الداخليّة وكلنا يذكر محاكمة المتهمة بالزنا وأوّل ما جرّب فيها. التصوير الهاتفي للأحداث الميدانيّة. وهنا يبرز التويتر وعالمه الموازي والخادم للفايسبوك في عمليّة الحرب التي فاقت الإعلام الذي حاول مسايرة الحدث بتخصيص عناوين استقبال لهذه التسجيلات الهاوية ثمّ تطويعها واستخدامها في شكل دعاية موجّهة حسب طلب الخدمة(وللتذكير نذكّر بدور محطّة الجزيرة لتعويض النقص في كمّية المستخدمين العرب للفايسبوك).
- وبعد توفّر الغضب الشعبي العام وترعرع وتغذية نار الحقد على الطبقة الحاكمة وأهل بلاطها المنتفع بدم الشعوب كانت مرحلة التحريض المبطّن من خلال تكثيف وإطناب بلغ حدّ الفبركة لزيادة مساحة الزمن الملهب للجماهير الناريّة وقتها. والتي لا تنتظر سوى القادح الفعلي أو المبرّر(على هشاشته). للخروج إلى الشارع والمواجهة الرهيبة.
- قبل ذلك بقليل تواترت التقارير التي تفيد بأن تونس على حافة الهاوية.وهي الفاتحة الأولى. خصوصا بعد تطعيم المشهد المتوتّر أصلا بإطناب الجزيرة في التعاطي مع ملفّ الساحة التونسيّة(المختبر)ومنذ أحداث الرديف 2008.
- الجميع يجمعون أن لا دور للسياسيين في الثورة وهذا خطأ تاريخيّ فكلّ المحطات التلفزيّة وعلى رأسها(بنسب المشاهدة في تونس) فرنسا24 والجزيرة على وجه الخصوص ومحطات فرنسيّة وعربيّة(بدرجة مشاهدة أقل)استنجدت بتحليلات السياسيين التونسيين من أقصى اليسار واليمين وحسب برامج وأجندات معدةّ سلفا في دوائر مختصّة. لكن تأكدهم من معطى عربي قائم لا يخصّ تونس وحدها. أن العرب شعب نسّأ بقدر كبير من السرعة. وبفعل التوجيه لأسباب كثيرة أهمها نقص كبير وفادح في درجة الوعي الجماعيّ. الفكريّ والتنظيميّ وخصوصا التعليميّ. الذي ضربت قواعده منذ زمن بعيد فأصبح انتقائيا وحتى نخبويّا(لكن زمن المعارك تسارع حيث أن وجود أطراف فكريّة من عائلات فكريّة متعدّدة في تونس وفي الوطن العربي ولو بشكل محصور في نخب متنافرة كان لها ومازال حضورا. يمكن (وأكيد) أنه سيكون فاعلا. إذ لا مجال بعد الآن لتحريك الشعب بوجهة واحدة وتحت شعار واحد حتى وإن كان ذلك بالعودة إلى فعل السلاح.)
- وهنا كان(البوعزيزي ليقوم بدور أسست ناره أحداث قفصه 2008 وبن قردان ومساكن وغيرها في إعطاء الضوء الأخضر. لمن يحمي النار ويوجهها إلى برّ آمن. كوجهة أولى."الجيش وجزء من الأمن "الآمن جانبه" بحكم سيطرة بن علي المباشرة على الجهاز الأمني ودرايته الشخصيّة بمفاصله ومكاتبه). فكانت وقفة الكونغرس المشهودة تحيّة لنجاح مبدأ أول ومفصل أول من آليات الحرب. وخصوصا شجاعة وإقدام وقوّة إرادة الثائر التونسي. الذي حوّل أحلام عديدة وعلى رأسها حلمه هو أصلا إلى حقيقة ميدانيّة في مهدها الأول ليلة 14-01-2011 الانقلابية.
وكان انتصار ثنائيّ ففي ذات الليلة احتفل وبحذر شديد كلّ من الإدارة الأوباميّة والشعب التونسي. الأول بفعاليّة طرحه الحربي. والثاني بقوّته وإرادته. وهزمه لطاغيّة يعتبر من أقوى طغاة العصر الذي نعيش. رغم تأكده الضمني من معونة ما قدّمت له في اللحظات الحاسمة والدليل"شكوكه في عمليّة تهريب الرئيس المخلوع"وغيرها من الأحداث المرافقة. الغامضة حتى الآن رغم محاولات التبرير المبرمج على خلفيّة الوطنيّة.
وهنا جاء دور مخبر آخر وجب التضحية به فقد انتهى دوره عمليا واحترقت ورقت توته بحيث أصبح عبأ على مخططات أمريكا والصهيونيّة في المنطقة رغم المحبّة الخاصة التي يحظى بها في دوائر التنفيذ العربي للمخطط الأمريكي للخدمات التاريخيّة التي قدّمها لهم. لحمايتهم وتثبيت رؤيا التعامل مع أمريكا كقوّة عالميّة قادرة على حماية وجودهم. لكنّهم وكما سنرى ليسوا مستعدّين أو لنقول قادرين على حمايته هو أصلا من غضب شعبه المجهّز الجاهز وأعني تحديدا مبارك مصر.
فلكلّ دوره حسب قائمة المصالح وأزمنتها التي تحدّدها الصراعات الأممية. وفي مصر لم يشذّوا عن القاعدة التاريخيّة التي بحكم واقع مصر كعدوّ للكيان ظاهريّا(أتحدّث هنا على مستوى الحكّام وليس الشعب). رغم معاهدة كامب ديفيد المهينة.(ورغم كلّ البيانات الثوريّة قبل الثورة بزمن وحتى مستهلّها بالعداوة التاريخيّة. واللا الغليظة. لوجود الكيان والمعاهدة وما انجرّ عنها من اتفاقات. على سبيل المثال بيع الغاز المصري ببخس الأثمان للكيان. وسنرى أن بعد الوصول إلى الحكم أصبح الخطاب في تونس"دولة الاحتلال"وكلمة دولة دليل على الاعتراف الضمني بوجود دولة إسرائيل بحدود لن تكون في كلّ الأحوال حدود 1967 أمّا في مصر فالموافقة كلّية على المعاهدة وما تبعها).
أيضا فإن الجيش أيضا يعتبر المحرّك الرئيسي لإنتاج القيادة منذ جمال عبد الناصر ولا يريد فقد مكانته. هذا رغم سيطرة المعارضة على الشارع المصري. التي أصبحت تاريخيّة على الساحة على أيام مبارك تخصيصا. والتي غذتها بالإشعاع الإعلامي والهالة الشعبيّة المفترضة(كحركة كفاية لعبد النور مثلا. والتي كنّا نتصوّر من كثرة ما تواترت أخبار نضالها على الساحة المصريّة والتي استدعت في بعض الأحيان كما خلال محاكمات عبد النور تدخّل أمريكيا رسميا)ولا أتحدث عن القتل المنظّم على الشاكلة التونسية والعربيّة عموما للخطر اليساري عموما وتجفيف منابع انتشار أفكاره وحصر رقعة حضوره في من لم يحملهم بعد الزمن إلى مثواهم الأخير والذين يحاولون جاهدين ترك أثر لهم وخلف يمنع اندثارهم مخطئين في تقديرهم لأن تاريخ الأفكار له حتميات حتى في الوجود العفوي وحتى الغريزي.الذي ينضج وينتشر بفعل التواصل مع الإنسانيّة وحراكها المسترسل والمتواصل.
وكانت مصر بميدان التحرير. وكان الشعب المصري مدفوعا بانتصار مستحقّ. على شاكلة ثورة شقيقه التونسي. في طريقه لصنع الحدث لكن فشل هذه المرّة ذراع الحرب في تأمين مصير مبارك بعد الضغط الجماهيري الكبير. الذي تعداده يفوق جماهير تونس الصغيرة. لذلك فإن التعاطي معه كان يحتكم إلى السرعة. حتى لا تنفلت الأمور نحو ما لا ترغبه إدارة المعركة. بحيث تخرج الأحداث عن السيطرة. وتشبث مبارك بالسلطة غير مقتنع بنهايته الحتميّة.
كانا سلاحا أفشل(حتى بعد فهمه لحتميّة رحيله المتأخر جدا) تهريبه على شاكلة بن علي تونس. لكن المحاولة متواصلة لضمان الحدّ الأدنى من سلامته مقابل سكوته وصمته عن التاريخ(وهذا ما كان غير متوفّر كما سنرى في الملفّ الليبي فالقذافي يمثّل خطرا فهو ذاكرة تاريخيّة ليس للعرب وقياداتها فحسب وإنما للصراع العالمي فهو من الحكّام الذين عمّروا منذ ما فاق ال40 سنة من الحكم الفعلي فكانت فتوى إسلاميّة(قرضاويّة) بقتله. وكما رأينا كم شنّع به. والتاريخ هنا يذكّرنا بفتاوى قتل صدام يوم عيد إسلامي. (وهذا نموذج آخر على قوّة حضور المتأسلمين وليس المسلمين في مخطّط العدوّ والإسلام براء من هذه الملّة أو تلك.وخصوصا تعويله عليهم لقيادة العوام الغفّل)
ويذكّرنا أيضا بما درسنا في التاريخ العربي خصوصا من مجازر تغطّى بالدين وتغلّف بما يجتزئ من كتاب الله عمدا وقصدا لتبرير وتشريع ما لا يشرّع أو يبرّر.لا دينيّا ولا أخلاقيا ولا إنسانيا حتى.والذي بلغ حدّ ضرب الكعبة بالمنجنيق بقصد الهدم على رؤوس معارضيّ الحكم الذي يتمثّل في شخص الحاكم وسلالته المالكة لرقاب الأمّة.
وللحفاظ على الحدّ الأدنى من سلامة إسرائيل. والعمل على ديمومة هذه السلامة من غضب شعبيّ جارف أبرزته الأحداث خصوصا في قضيّة سفارة إسرائيل بالقاهرة. التي كانت بمثابة مقياس للتعاطي الشعبي الدافع لأي قيادة في اتجاه حرب مع إسرائيل. ليكون الشرط المباشر لاستلام السلطة ولو وقتيا في مصر هو الالتزام بعاهدة كامب ديفيد. وكما سبق وأن أشرت أن الاسلامويين من معتدلة إلى غلاتهم.بلغوا مرحلة من خيانة الثورة بالقبول بشرط الحفاظ على سلامة إسرائيل مقابل الوصول إلى السلطة. وحتى الجناح العقلاني المكفّر لليساريين في بلده هو مكفّر لا يقوى على الالتحام بالشعب نتاج لما أسلفنا من تحليل لعمليّة القتل المنظّم لهذا الفكر بينما لا يقوى الاسلامويون على تكفير الكافر أصلا بل يمدّ له يد السلام فقط ليحكم. (وهذا ما سنمرّ عليه ذاكرين في مرحلة أخرى من هذه الدراسة).
لم يتجاوز الزمن شهرين ليحتفل العالم وخصوصا فقرائه وكادحيه بانتصار ثاني مدوّي. لكن ليسوا لوحدهم. فإدارة المعركة الامبرياليّة الصهيونيّة. التي لا تزال تحافظ حتى الآن على الحدّ الأدنى من الظهور على السطح. مخافة تحوّل الغضب الشعبيّ على وجودها هي أيضا. الغير مرغوب فيه أصلا. وتاريخيّا. في أوساط الشعوب المضطهدة عموما والعربيّة على وجه التخصيص. للتاريخ الأسود لأمريكا في المنطقة. وهذا ما وعته جيدا إدارة المعركة. لذلك هذه المرّة وكسابقتها في المخبر الأول أعادت لعب ذات الورقة(الجيش. والموالي. والثابت ولائه من الأمن ومن العناصر النوعيّة) لكن اختلف الدور الطبيعي للجيش بين تونس، التي تكتسب مقوّمات الدولة المدنيّة تاريخيّا(في جزئها العام على الأقل أي الإدارة المسيطرة على دواليب الدولة لذلك من يتحكم في الإدارة له الحكم في تونس. بينما وبحكم عوامل تاريخيّة فإن الحضور العسكري في آليات الحكم في مصر وخصوصا المخابرات العسكريّة يصبح شرط ومفتاح الحكم منذ ثورة الضباط الأحرار وحتى اليوم. هو إما التحالف معها. أو التحالف مع من بيده مفاتيح تحييدها جزئيا على الأقل وضمان بقائها في ثكناتها أكبر زمن ممكن. من العناصر السياسية التي تحظى بقبول الجيش).
وهذا الفارق هو الذي كان عاملا حاسما في عمليّة التأسيس لما بعد الثورة في كلا الساحتين فبين إعادة كتابة الدستور وبين تغيير مفاصل منه"ونعرف كلّنا قيمة الدستور في الاحتكام إليه بحثا عن الشرعيّة(الديمقراطيّة)للحكم.ولو لفترة زمنيّة تمتدّ حتما إلى زمن مؤسس حتما لمسار تاريخ جديد لمصر. إذ لا يمكن كتابة دستور كلّ سنة أو تنقيحه كلّ أربع سنوات بصعود نجم لاعب جديد على سدّة الحكم. إلاّ في حالات جنوح السفينة أو الاتفاق العام على الجدوى والحاجة لذلك.
وكان 25 فيفري(فيبراير) إيذانا صريحا وقويّا وفاعلا في جدّية سلاح التغيير وفعاليته في نمطين(الدولة الأمنية والدولة العسكريّة أين يكون الحزب على وهن عقيدته تابعا لا متبوع وسنرى كيف تتولّد مشاكل تضطر الامبرياليّة للنزول بثقلها في ظلّ الدولة الحزبيّة أو العقائدية الحزبيّة مع التفاصيل المغايرة للحالة في ليبيا رغم أن العنوان واحد) . ونجاح التعبئة المنشودة من خلال الأسلحة الفاعلة التي سبق ذكرها. وكان هذا التاريخ مستهلا فعليّا بحكم ارتباط مصر التاريخيّ بالخليج(أو بالجزء الشرقيّ من الخارطة العربيّة أكثر من تفاعلها مع الجزء ألمغاربي)لذلك سنلحظ شبه حذر شديد رغم خصوصية العلاقة بين ليبيا ومصر تاريخيّا وشعبيّا كدولة جارة غنيّة. رغم قيادتها التي عادت طويلا مصر حتى وهي في حاجة لدعمها قبل أن يتحوّل العقيد إلى مساندا لمبارك سياسة وقيادة بعد فتح علاقاته مع أمريكا(التي نجح نجاحا باهرا في تنفيذها وتنفيذ شروطها زين العرب على رأي ياسر عرفات). لكنه لغرور تاريخيّ بحكم أقدميته في الحكم(التي تخللها نضال بجملة كبيرة جدا من الأخطاء في داخل ليبيا وفي خارجها بحكم ما يطرح على نفسه"وأعني العقيد القذّافي"من أدوار رياديّة وقياديّة عالميّة. التي لم يغفرها اليهود والامبرياليّة الصهيونيّة لمثل هذه القيادات التي تنعت بالثوريّة العالميّة.وما جناه شعبه وقاساه من تهميش لدوره في الداخل بلغ حدّ قتل التفكير وليس بلوغ الفكر إلى غالبيّة شباب ومثقفي الشعب بدعوى نظريته العالميّة الثالثة العظيمة التي تكفي ليكون كتابه الأخضر لليبيا دستورا إن لم أقل قرآن وجود).
لذلك كان هذا التاريخ على الأرض الليبيّة نهاية تخفّي القيادة الحارسة(الملاك الحارس امريكا)لهذه الثورات. بحكم تسارع الأحداث فيها. أكثر من اليمن الذي يحظى قائده بحظوة خاصة بعد توحيد اليمن ومحو الشطر الكافر منها بقوّة الدعم الخليجي الموجّهة دفّته من أمريكا.وغيره من الملفات التي كان صالح يتبناها. لكن وقوفه مع صدّام في محفل خاله محفل المنتصر كان بداية نهايته. فصدام منتصر في حربه ضدّ إيران وهو منتصر في حربه على اليمن الاشتراكي ونسي في لحظة فرح ونشوة أن من انتصر فعلا هو من رعى الحرب وموّلها وهو ليس سوى مجرّد جندي مطيع نفّذ ميدانيا. ولا يحقّ له أن يتصوّر أنه بطلا تاريخيّا حتى لو كان الأمر يتعلّق بيمن هو واحد أصلا.
فحاولت أولا أمريكا أن لا تظهر في الصورة مباشرة وتركت لقطر دور البروز مضحّية بحليفها. فهي تعلم حتما حجم الغضب الشعبيّ الذي ستجنيه بعد انكشاف دوره لكنها وللحاجة الأكيدة هي قادرة على حمايته ودعمه مرحليّا ليكون جنديها على الساحة. لذلك حمته بأن جعلته قبلة من يرغب في الحكم(أي بتكريس إرادة قوّة مفترضة)ثم عدّلت هذه الخطّة بأن جعلته محطّة لبلوغ البيت الأبيض أو مفتاح الجنّة. لطرح البرامج التي ترغب في الحكم وإظهار كمّ القدرة على الولاء للبرامج الجديدة للقوّة المحتفلة بانتصار رؤيتها وأسلحتها(السلميّة لحدّ ما) للتغيير والحرب.حتى أن قيادات حماس العدوّ الأصلي للكيان الصهيوني والذي كان قبل تحوّل قياداته الشرعيّة إلى ضفّة التحالفات السوريّة. تنكرت بذلك لباعثها والدور الذي كلّفت به عند ولادتها من قسم ظهر المقاومة التي ومن خلال الدعم السوري أصبحت ورقة من ورقات توت الأنظمة العربيّة قبل التخلّي عليها لدعم برنامج الديمقراطيات العربيّة بدبابات أمريكا. والعوزي الصهيوني.وبعد التمكن من ابتلاع قيادة فتح منذ ياسر عرفات و"أسلوا" وحتى أوان إلغائه عن الوجود. ها هي هذه القيادات تتجزأ بين مناصر لقطر ومشروعها وتمويلها وبين عناصر قياديّة تاريخيّة لم تجد حتى الآن وطنا تتشرّد فيه لحين ميسرة قطريّة أمريكيّة.
إذا ومن خلال هذه العناصر العامة يمكن أن نفكّك أحد أبرز التجارب وأوّل منبت للثورة وأكثر الساحات صراعا على ثوريّة الثورة وشرعيتها الشعبيّة التاريخيّة. تونس التي لا تزال تكتب وبمراحل حسّاسة تاريخ الصراع بين الشعب ذي غالبيّة قادرة على برمجتها وأقول لثقلها في الشارع السياسي التونسي غالبيّة أخرى بين "متفرّجة صامتة"كما سمّاها رئيس الوزراء الغنوشي. وبين متحرّكة صلب المعركة وبأدوات تخلق من ضعف قوّة.
وحتى أكون أكثر وضوحا فإن ما أحرزته ترويكا الحكم المؤقّت في تونس في ظلّ الانتخابات الديمقراطيّة الأولى وعلى رأسها حزب النهضة. هو لا يمثّل إطلاقا غالبيّة الشارع الذي شاهدناه ونشهده بعد خروج العديد من صمتهم عند احتداد العناصر المحرّكة هي ذات العناصر التي ستبني قاعدة الحكم ومشروع تونس ما بعد انتفاضة و(إنقلاب) 14/01/2011. لكن سنضطر للمرور بتحليلنا على أهم مراحل التاريخ التي خزّنت وشحنت ما كان من (ثورة) لنعي أهمّية نضال كلّ طرف في تاريخ الحركة الثوريّة في تونس وعلى الأخص دور الشعب في هذه المراحل.
من نحن؟
(تونس "الثورة" نموذجا) وقبل تخصيص نزر من مواقفنا وما يجب أن يخصص لسوريا واليمن وجب أن نمرّ على الزمن الفاصل الذي كان لحظة التأسيس في الأروقة وبتغطية من أحداث ليبيا والحرب على ألقذافي وليس ثورة كما كانت في المنطلق(أيام بنغازي) إذ بدخول الناتو وآليته العسكريّة التي حسمت المعركة عمليّا وفعليّا خرج مفهوم الثورة من ساحة ثورة المنطلق وهنا يبرز جليّا وجه المحرّك وخدمه الرئيسيين على الميدان كلاعب رئيسي وأساسي يجب أن يعي كلّ حسب رأيه. حجم ومسار ومآل نضاله.وكان للأحداث في ليبيا انعكاس(مؤسس لمرحلة فوضى خلاّقة في محيط المغرب العربي) على مجريات الأمور سواء في تونس أو مصر معا.
فكان على تونس أن تدخل مرحلة صراع داخلي شرس للغاية تحكمه في الأصل قوّة رأس المال. ورأس رأس المال الاستعماري في آن وتضاد الدوافع والأجندات.التي في النهاية تتحد في الهدف.
وقبل أن يبرز معطى جديد قديم نسبيا هو تكريس وجود الطرف الإسلامي "كورقة تستهلك نفسها بنفسها حتى تركيز معطيات المرحلة داخل صورة ومشهد يوحي من بعيد بصراع سياسي ديمقراطي ناشئ إلى حين توفير عناصر وقواعد وشخصيات المرحلة ليصعدوا(ديمقراطيّا) للمشهد الجديد"وكانت ركائز صعود نجم من قدموا من بلاد الثلج إلى نار الانتفاضة بقوّة المال السياسي والإعلام الموجّه(كالعادة قناة "الجزيرة" التي ما تزال حتى اللحظة التي أتحدث عنها تحظى بإصغاء المشاهد العربي عامة والتونسي والمصري خصوصا. نتيجة حضورها. تبعا لأجندة محكمة البرمجة والتطبيق. وبتوفّر الآلة اللازمة لانتقاء وفبركة الصورة. ومن ورائها الخبر الذي يحرّك أحاسيس المشاهد. ويقتل عقله جزئيا على الأقل. وهذا ما نجحت فيه إلى حدّ ما حتى هذه المرحلة. بمعيّة محطات أخرى تصارعها لتدعم نهجها ضمنا. من أجل الفوز بلقمة من الكعكة المعدّة للإعلام"النزيه الثوري الديمقراطي الحرّ" ومن بين هذه القنوات من كان معدّا منذ حكم الصقور في ذات الميادين المخبريّة والتي كانت أذرع فاعلة في التغطية المنتقاة والتوجيه المبرمج. بحرفيّة مخادعة. لتأخذ الحيز الذي تركته فيما بعد الجزيرة التي فضح أمرها. خصوصا في تونس. ووقع حتى طردها من الساحات. حين كانت تحاول يائسة لكسب ما تبق من مصداقيّة وحياديّة مخاتلة ومغالطة كاذبة. للعودة للدور الذي رسم لها. من خلال تنويع وجودها في صلب قضايا الشعب التونسي المصيريّة لكن حيلها لا تنطلي إلاّ على غافل جديد أو مشبوه أو مريض عقليا. وتعتمد هذه المحطّات الناشئة على الإقناع بالصورة المنتقاة بدقّة متناهية الذكاء حيث تجمع بين خاص يوهم بأنه عام. وأيضا الإلهاء حين يجب حتى أنّ بعضها أصبح مثار تهكم التونسيين. أو الغضب الفعليّ مما أفرز"حسب المتوفّر من دعم" بروز إعلام يوجّه ويحاول السيطرة بكلّ السبل على الرأي العام. قصد تسييره إلى وجهة محدّدة. وليس يعلم ويخبر ويوفّر المعلومة بنزاهة وحياديّة وصدق في تونس". وهو ما ترغبه حاليا القيادة لتكريس وجودها والتحكّم في الرأي العام وبالتالي قلب الطاولة حين تشاء على من تشاء. ونعلم كلّنا قيمة الإعلام في العصر الحالي وحتى خلال ما سمي تاريخيا بالحرب الباردة خصوصا إعلام الصورة. وحتى الأداة الوطنيّة(على أساس ممولها الأول والأخير الشعب)فهي تعيش صراع كسب الشرعيّة للوجود فقط كمرفق عمومي لابدّ من وجوده في المشهد العام وضرورة على قاعدة اتضح في الأخير أنها محكومة بالتعيينات
والولاءات .لذلك رضخ على عادة بعض أهله الذين يتخيلون أن رزقهم بيد الحاكم وليس ممول وجودهم الشعب(دافع الضرائب)لذلك هم انحازوا لخدمة النظام وهذا عمق التخلّف والمرض الذي تعانيه ديمقراطيتنا الوليدة وبدعم خارجي لا مشروط ولا محدود.فهو النهج الذي سطّروه لكي تبق هذه المستعمرات قائمة كمستعمرة مهما كانت درجات وعي ونضج نخبتها إن لم أقل شعبها. على الأقل بما هو ملك لهم بما أنهم ممولوه والمتحكمين في مصيره ومنها وزارة الداخليّة والتربية والعدل والصحّة العموميّة وغيرها التي تعيش أساسا على ضرائب الشعب.
وبين داخل لا يزال منه المشبوه لتاريخه ألانبطاحي وعمالته للحاكم(على رأي مقولة الأجداد"الله ينصر من صبح"). وبين محاولات تلاقي صدّ الطرف الحاكم الآن. لانحياز بعضهم لقضايا شعبيّة بصدق نسبي مهمّ.محاولا الخروج بأخف الأضرار إمّا بتجنيبها وتحييدها أو بضمّها إلى ممتلكاته الحزبيّة الحاكمة مؤقّتا(أو حتى سلطة شرعيّة حاكمة) وهذا مالا تفترضه الحالة الثوريّة من مصداقيّة تامة وغير مشروطة وبلا خوف يعيد سريعا إنتاج خوف من سلطة ويفترض أنها تؤسس لديمقراطيّة شعبيّة تونسيّة وحرّية وكرامة حتى قبل الخبز الذي هو ضرورة حتميّة.وليس لحكم جديد مؤقّت يؤسس لدائم. بشروطه وقواعده. وبطرق الاحتلال وبغطرسة ودكتاتوريّة مقنّعة بالضرورة الحتميّة. وبزوايا نظرتهم وطرحهم. وليس الكسب الديمقراطي من خلال الإقناع والجدوى والضرورة الشعبيّة الديمقراطيّة.
وحتى أسرع بلا تسرّع سأعتمد في هذا الجزء من المبحث على مقالاتي كسند وليس حجّة وهي التي نشرت بجريدة الشعب لسان الإتحاد العام التونسي للشغل. وواكبت مختلف مراحل الانتفاضة الشعبيّة التونسيّة لتنير مراحل التاريخ بصيغة شعبيّة قبل أن تخاطب نخبة تتخبّط في مجهولها. وفي أهم المفاصل تباعا. وعلى قاعدة الصيرورة التاريخيّة ومراحله المفصليّة المؤثّرة في ما بلغته الوضعيّة الثوريّة حتى تاريخ نشر هذا البحث الشعبي على الرأي العام والخاص في شكل مساهمة إثراء. وإنارة. وتشكيل وعي لمن غالطتهم وراوغتهم وهمّشتهم الأزمنة السياسية. أهمّ وسيلة مهمّة من أسلحة التجميع والتعبئة وهو الإعلام. وستكون هذه المقتطفات التي أنتقيها بعناية متواصلة مع الروابط التاريخيّة للانتفاضة في أهمّ مفاصلها ومراحلها ومحاورها التاريخيّة في تونس المعاصرة.وبطريقة يفهمها الشعب أساسا.
وأتوقّف بعد هذا المقتطف لأزيد معلومات غفل عنها من غفل ففي مراسلة من السفارة الأمريكيّة بتونس تفيد أنّ أحد الأحزاب السياسيّة التي تدّعي الديمقراطيّة كانت أهمّ رابط بين ما نسميه (ولست أدري كيف تتلاءم هذه التسمية سياسيا ونظريا وتنظيميا وفكريا "حزب حركة النهضة"فكيف به حزب وحركة في آن؟ المهمّ أنّ هذا الحزب الديمقراطيّ جدا وبعد قطيعة بين الأمريكان والإسلاميين في تونس أعاد ترتيب أوراق هذه العلاقة وساهم بذلك في فتح قناة تواصل أفضت إلى قناعة الأمريكان بجدارة وجدّية الإسلاميين في تونس ليكونوا عنصر تنفيذ طيع وجندي حارس أمين وسارق جديد وناهب لثروات الشعب الغبيّ فعلا لأنّ هذه الوثيقة سرّبها موقع ويكيليكس نفسه.
كما أنّ الذي يتقوّل الآن أن الثورة بريئة وهي شعبيّة ولم يقع تسيرها بطريقة أو بأخرى ولا حتى تغذيتها فهو واهم أو كان في غيبوبة أو لم يجهل مجريات الأحداث لذلك هو يواصل إيهامنا بصكّ براءة أوهمه به ذات المصدر على أنها ثورات الربيع العربي وثورة الياسمين.فالذي لديه ذاكرة بسيطة حتما سيتذكّر أدوار قنوات كالعربيّة والجزيرة وفرنسا24 كرأس حربة تزعّمت المشهد المغذّي والمؤجج سواء عبر برامجها الحواريّة التي أخذ فيها (وهنا أسوق مثلا وليس حصرا أو قصرا)المرزوقي الذي كوفئ بالرأسية مكافئة لخدماته في تلك الفترة سواء في الجزيرة أو في فرنسا24.وبالرجوع إلى أرشيف هذه المحطات الإخباريّة(وعنيت كلمة إخباريّة)للدلالة على أهمّية العنصر الإخباري الذي ينتقي ما يريد وبطرق علميّة مؤثّرة نفسانيا وعقليا على مشاهد في غالبيته غير واعي ولا حتى متهيئ لغير فعل واحد هو الخروج إلى الشارع كما لو كان قنبلة موقوتة ألهب فتيلها بضغط مركّز طيلة ساعات الأيام منذ حتى قبل 17/12/2010وصولا إلى ما بعد 14/01/2011ليكملوا مشوار التوجيه من حكومة الغنوشي الأولى ثم الثانية ليصعد نجم لاعب محلّي هو من منبتهم وهم كلّ من آل القروي وآل بن عمّار وآل برليسكوني المجتمعين في سلّة نسمة ففي نظرة بسيطة لمن أخرج السبسي من كتاب الديناصورات وعصور ما قبل الإنسان سيجد أن نسمة هي من قدّمه في حصة أدارها "بن حديد" في دور الصحفيّ والسبسي في دور المنقذ وفعلا كان لهم ما أرادوا في ظلّ غياب الثوريين الذين غيّبوا في صالونات طويلة الاسم الثوريّ الجامع لكلّ مفاهيم الثورة الحمراء وليعدّوا كفنهم في مطالبهم.
وحين اقتربت مسافة الانتخابات الديمقراطيّة جدّا وعلى مسافة أسبوع تعود آلتهم "نسمة" لتوفّي وتكفّي بلعبة معدّة بإتقان اسمها"بيرسيبوليس" وكلّ الهالة التي أقنعت الشعب اللاواعي بوعي مزيّف سينتخبه وبنسبة ساحقة هو خدم الله على أرض تعبت من الكفّار.
وكان طبعا رفاقنا الثوريين جدّا جدّا المثقّفين جدّا جدّا والواعين لأقصى درجات الوعي والعلميين حتى النخاع بسياسييهم ومنظريهم وأطرهم وقواعدهم وكأنهم في عرس لا عريس ولا عروس فيه سواهم لأنّهم قرؤوا واقعهم جيدا وآمنوا أنها ثورة الفقراء والجياع على الطريقة الديمقراطيّة
ناسين ديمقراطيّة جاءت بالعدو الأمريكي الصهيوني إلى قلب بغداد لتوزّع الحلوى والورود على أطفال العراق.وهذا آخر ما حدث في وضوح شمس الأيام التعيسة التي نعيش والتي لم يقرؤوا منها ما يجب أن يؤخذ كعلامات لما ينتظر الموهوم.
فهل هي "ثورة" أم هي "انتفاضة"أو مسار ثوريّ؟غدر بانقلاب؟ماذا تقوله الوقائع؟
وهذه مقتطفات أخرى من العمل الذي أقوم به وهو المنشور بجريدة الشعب على شكل مقالات صحفيّة:
هل سيقول هذا الشعب يوما العبارة الشهيرة"غلطوني"
ثورة هي أم انقلابا(تونس أولا)
حتى اللحظة وأنا أنتظر شجاعة الشجعان من سياسيينا. ليعلن حقائق ما يطلقون عليها ثورة شعب. لتتحوّل إلى جملة ثورات أطلق عليها عنوان (الربيع العربي). هذه "ألثورات" التي هي الآن رهينة كذبتها وأسيرة المتستّرين على حقائقها التي إن كشفت. ستكون انطلاقة فعليّة لثورة حقيقيّة. تأكل الأخضر واليابس. وتقوّض أركان وعروش العار. المتآمرون على شعوبهم وثرواته التي ينهبونها. ويكنزون منها ما يؤسس الهوّة القاتلة لهم، على المدى البعيد. وسيكون لدى شعوبهم السند القويّ. من وضوح الرؤيا للعدوّ الرئيسيّ. الذي يبيعهم جملة وتفصيلا للعدو التاريخي لهذه الأمة. التي يضحك الآن من جهلها العالم(وأقصد بهذا العالم. من سطّروا وخطّطوا ومازالوا يتابعون تسيير المفاصل الرئيسيّة لهذه المهزلة التاريخيّة. والوهم الذي يزرعونه في عقول الناس. وأوّلهم الساسة من راكبي الحدث لمصالح تتنوع بين استغلال الفرصة في أفضل الحالات وطنيّة وبين المنتفعين بها ماديّا ومعنويا مباشرة أو غير مباشرة). فهل هي ثورة أم انتفاضة أو انقلابا؟
كلنا يعلم علم اليقين أن زين العابدين وأصاهره وأقرباء أقربائه حتى، وحاشيته ومن بينها التجمّعية. وحتى أحزاب الكارتون والبوتيكات السياسية. التي كانت مفتوحة في عهده. وحتى سابقته من أيام بورقيبة وحوانيته الأنفة الذكر. كانت غير قادرة. ولا حتى مؤهّلة. ولا حتى طامحة في تغيير رأس الهرم. مدام على عهده من رعاية ودعم ومساندة لا مشروطة لها. ولسرقاتها وامتصاصها المتواصل لدم الشعب. ولا حتى لها صفة ثوريّة ومصداقيّة تشفع لها عند الشعب. بأن يتبع وينفّذ مشاريعها السياسية والاقتصاديّة. التي لا تختلف شكلا ومضمونا مع النظام و طرحه. وتعطي حقّ الناس وعرقهم ما يستحقه من مقابل. لذلك كانت في أفضل الحالات تطوّرا عشية الرابع عشر من جانفي صامتة وغائبة عن وعي ركّب بمفعول سحريّ تدرّب عليه فاعلوه في مخابر أمريكا(وكان تدريب هؤلاء العينات يستند على قاعدة شديدة وبالغة الحساسيّة تضمن حياد المستعمر وعدم وجوده في الصورة من خلال الخطاب الموجّه الذي كان من صميم الموقع مائة بالمائة إذّ توفّر لديها متطوّعون لقّنوا الطرق ومنهجيّة والمادة الأوليّة من المعلومات وما يتوفّر لديهم من طرق وأشكال الخطاب ليتركوا لهم مجال إبداع الخطاب الملاصق تماما لهويّة الشعب)(أضف إلى ذلك الممهد الذي ابتلع الرأي العام بهالة إعلاميّة مفبركة وأعني ملفات"ويكيليكس" الشهيرة بمسرحيّة محاكمته مما أضفى مصداقيّة على ملفاته المسرّبة لتغذية الغضب الشعبي الذي راجت ممهدات من تلك الأخبار لديه لكن طرحها على هذه الشاكلة أصبح مستندا ووثيقة تدعم غضبه ومشروعيّة تحرّكه ضدّ هذا الطاغية وأذنابه) وبما أنّ تلك الآلة الجهنّمية التي ولدت من رحم الإبداع ألمخابراتي ثمّ وبعد إنتاج السحر الجديد الكامن الآن في إطار السريّة. سوّقت كسلعة وأصبحت حاجة ضروريّة لدى العام والخاص وأقصد عالم الانترانت وعلى رأسه مواقع التواصل الاجتماعي المتداخلة من فايسبوك وتويتر وغيرها. والتي جنّدت الشعب بطليعته المتعلّمة لتنساق بقيّة الفعاليات الشعبيّة وراء الدعوات التي وجّهت والتي ألهبت الشعب خصوصا بعد الوحشيّة والعنف المركّز على القتل والذي لولا عناصر أخرى لكان كارثيّا. التي جوبهت بها طلائع الشعب والتي هي ذاتها استغلّت كمعطى لإبراز وجه النظام القمعي السارق والوحشيّ الجبان بالصوت والصورة مما أثار الناس وجيّشهم وجعلهم طين قابل للتشكّل نارا تحرق البلاد.
مما مهّد للعناصر التي كانت على استعداد تام من خلال خطط وسيناريوهات جاهزة للانقلاب على السلطة والتي لم تظهر في الصورة إلا ساعة الصفر أي خلال يوم الرابع عشر من جانفي(في العاصمة)وقبلها (في 17ديسمبر في الداخل) حين انطلقت بعد اطمئنانها على خروج بن علي من القصر مغادرا نحو منفاه لتنقضّ بهلوانيا على الأحداث وتسيّرها من وراء ستار من اختاروا قنطرة عبور نحو ما بعد الانقلاب. بفعل مغطّى بشرعيّة دستوريّة حتى لا تفقد ما أطلقوا عليه (ثورة شعب واعي وسلميّ أو الثورة الهادئة) طابعها وما يرمون من وراء تثبيتها ليس لتونس فقط وإنما لباقي "المشروع الثوريّ"الذي خصص للعرب وتحديدا لجزء من الخارطة العربيّة(آنيّا) ذات الطابع الرئيسي للمشروع الاستعماري القادم "وهو مشروع استباقي لحرب قيادة العالم الجديدة والتي تتخذ من الواجهة السياسية ما يخفي الصراع الاقتصادي المتصاعد بين قوى متعدّدة ومتنوعة على نقاط مفاتيح إستراتيجية على الخارطة الجيوا-اقتصاديّة وسياسية".
فحتى الذي من المفترض أنه حليف استراتيجيّ لأمريكا "ساركو ألغبي" أثبت واقع الأحداث ومجرياتها أنه كان مستثنى من العمليّة النوعيّة ومغيّب تماما عن الأحداث.رغم موالاته اللا مشروطة لأمريكا ونموذجها الاقتصادي والسياسي التي تمليها عليه ليكون مع ميركل اليمينيّة (الأكثر حياديّة والأكثر ذكاء). رأس الرأسماليّة الفاحشة في أوروبا ومستعمراتها القديمة(التي لم تبق كذلك منذ زمان). حتى أن وزيرته كانت عشيّة الثالث عشر من جانفي تطلب من مجلسها السماح بتزويد النظام الفاشي النوفمبري صديقها الشخصي في تونس بالسلاح وحتى المال الكافي لبقائه على رأس النظام وقمع الشعب الخارج عن السيطرة."ولا أتصور أن وزيرة فرنسا تنطق عن الهوى بل هو وحي مجموعة على رأسها ساركو الغبيّ" ولم يظهر في الصورة الاّ بعد أن دفعت الحقائق الميدانيّة في ليبيا لبروزه كلاعب في حلف تأكّد تجميعه والحشد إليه وتوفير غطاء شرعيّ ولتدخّله ووجوب تدخله وتحركه كعميل مهدد بفضح ملف تدخل ليبيا القذافي في بروزه كرئيس لفرنسا وحتى لا تخسر فرنسا معركة الكينونة في صلب المشروع الاستعماري الجديد الذي تقوده أمريكا وحتى لا تظهر فرنسا خارج الحساب لثروات المنطقة التي هي ذاتها من كان سببا في مواراته التراب السياسي.
ماذا جناه الشعب من انتفاضة الانقلاب(أو ما بعد ثورة الانقلاب)؟
ولأنّ العمليّة برمتها كان مشكوك في درجات نجاحها لعلم المستعمر بمدى نفاذ النظام لكامل تفاصيل الحياة داخل الوزارات السياديّة وغيرها وحتى الحياة الاجتماعيّة عبر شبكة معقّدة مخابراتية يقبض من خلالها على كامل تفاصيل الدولة والشعب بأسره"حتى أنه لم يظهر في الصورة حتى الآن على الأقل. من وزارة الداخليّة مثلا إلاّ فرقة بعينها صغيرة العدد مهمّة من حيث القيمة العمليّة بينما تركوا لبن علي ما كان بمثابة الطعم لكي يبتلع الحالة بدون الشكّ الذي حتما كان سيحبط العمليّة كلها"(وهنا أسئل قيادات الجيش عن قصّة وأسباب وتفاصيل "إعدام ذكيّ"أو ما سمي آنذاك. سقوط المروحيّة الشهيرة برئيس أركان الجيش وعناصر رئيسة من المخابرات العسكريّة مجتمعين فيها بقيادة الجنرال سكيك؟).
وما الوقفة المشهودة للكونغرس سوى وقفت افتخار بنجاح الثورة الهادئة التي عوّضت المخطّط الأول للغبي بوش الابن الذي نهج الاستعمار العسكري المباشر. الذي وضع الجيش الأمريكي وقوّته الضاربة في عمق هدف الأعداء لمطامح الامبرياليّة الأمريكية. مع استنزاف الكثير من ثورات الشعب الأمريكي في خزائن لا فقط دافعي الضرائب فيها الذي يعمّرها ولكن أيضا بيوت مال المسلمين. ولا نتحدث عن تأثيرات الحرب المباشرة على واقع ومستقبل أمريكا في المنطقة لتصاعد الكره الشعبي والغضب الذي حتما سيبرز قيادات مرحلته المناوئة لأمريكا وعملائها في المنطقة. وحتى في المناطق التي تعتبر أكثر حلفاءها تواطأ وعمالة. لذلك كانت تلك الوقفة متقاسمة بين أوباما وإدارته التي نجحت في اختبارها الرئيسيّ من جهة وعلى قوّة إرادة شعب أعتبر عند الجميع على أنه من أكثر الشعوب خضوعا وخنوعا حدّ الخوف الجحيميّ. هذا الشعب الذي أذهلهم ليس بالإرادة القويّة فحسب. وإنما بهبّته كرجل واحد عصيّ على كلّ آلات القمع القاتلة ليكون نجما تنحوا نحوه الشعوب في حاضرنا الذي نعيش. لذلك نقرّ بكونها ثورة يراد لها أن تغتصب لتكون مثالا لبقية الشعوب أنه لا غنى عن أمريكا في تقرير مصائرها.
ماذا نسمي وليدنا يا شعبي؟
بالنهاية لن نختلف في تسميتها ثورة ولم تكن هادئة.لأن الثورات لم تكن كذلك حين يسقط فيها شهيد واحد فما بالك بأكثر من ثلاث مائة شهيد وما يقارب الثلاثة آلاف من الجرحى. ولسنا هنا في هذه المحاولة لتقصّي الحقيقة بصدد التقليل أو نفي الثوريّة عن شعب ثار وقدّم ما قدّم ليكون حرّا متألقا على الدوام. وصانع ليس لتاريخه وحسب وإنما لتاريخ الفقراء والكادحين وكلّ المقهورين الحالمين بالكرامة والحرّية والعدل والمساواة. لكن لمعرفة من يقف وراء حاضرنا فاللعبة لم تنتهي بعد في مسألة تقرير المصير. هل يعود للشعب أم لمن يخدم أجندة ومصالح آخرين؟
وهل هؤلاء الآخرين يرضيهم ذلك؟ويرضوا بما يقرّره الشعب الثائر؟أم سيحسبون تدخّلهم لدعم الثورة بضربة قاضية أحكموها حتى تكون البلاد مستعمرة لدكتاتورياتهم التي يصنعوها مثلما صنع من جلبابهم وجبتهم بن علي وأذياله وأتباعه؟وهل ما يقع على عاتق الشعب الآن من مهام استكمال المراحل الثوريّة استوعبته نخبها لتفوز بالوطنيّة التي لا توهب وإنما تفتكّ غصبا فهي مفتاح الحرّية والكرامة الوطنيّة والعدل.
الانقلاب على مسار الثورة
لم تنطلق الحرب الخفيّة مع حادثة نسمة ولا حتى مع واقعة النقاب في جامعة سوسة أو معهد صفاقس. ولم تنطلق من تونس أصلا. ولسنا وحدنا من نتحمل نتائج هذه الحرب القذرة المضادة للثورة.لاحظوا ما يحصل في مصر في قضيّة الأقباط (مع العلم أنّ هذه القضيّة مفتوحة منذ ما قبل مبارك). على اختلافات الأرضيّة وتنوعها. كمصادر أسلحة وحطب الحرب. وأخيرا وليس آخرا تخريب الهدوء النسبي بين طرفي النقيض إيران والسعوديّة (بين الشيعة والوهابيّة) وإقحام السعوديّة في لعبة ليّ ذراع إيران.
ولأن في تونس لا توجد طوائف يمكن اعتمادها لإشعال الفتيل. لكن لدينا يمين متديّن، ويسار ديمقراطي على نقائصه. ولحصر الأسباب يفرض علينا الواقع النظر لخارج الرقعة الجغرافيّة (تونس) أو حتى (مصر) واكتشاف المتغيرات الدوليّة الرئيسيّة التي لها علاقة وطيدة بنا كبلد لا يزال تحت وصاية الاستعمار الاقتصادي بجميع أوجهه مادمنا على ارتباط بصندوق النقد الدولي وبنوك القروض الدوليّة والبلدان الدائنة الأخرى والتي لها مصالحها ورأسمال متحرّك على أراضينا.
وأهم نقطة فارقة يجب أن ننطلق منها. صراع اليمين واليسار في أوروبا عموما وتحديدا في فرنسا. ليس للارتباط التاريخي الذي يربطنا كبلد (تونس) بها وإنما لما تمثّلها فرنسا من ثقل في الحياة السياسية في القارة العجوز. وما يمكن أن تثيره من متغيرات في اتجاه غالبية بلدان القارة الفاعلة سياسيا. وما صعود نجم اليسار المهدد ليمين الوسط وأقصى اليمين حتى وإن تحالفا. سوى تهديد كبير للمصالح اليمينيّة العالميّة المحميّة بالذراع الأمريكي الذي لن يرضى بخسارة، من عوّضها خسارة توني بلير الحليف المحوري لسياساتها الدوليّة. وأعني ساركوزي كحليف استراتيجي ونوعي لبرامج الإمبرياليّة والرأسماليّة العالميّة وكلنا يذكر أدوار ساركوزي في ما يسمى الربيع العربي وخصوصا في ليبيا. تعويضا عن خسارته لمواقع في تونس على اثر تصريحات وزيرة داخليّته وافتضاح أمر علاقاتها برموز الطاغوت في تونس. وكان ذلك من تدبير وتنفيذ اليسار الفرنسي ذاته.
وعلى اثر الصراع الذي دار على الساحة التونسية بدعم مادي ومعنوي من الخارج لوضع أسس سياسية مرتبطة. منذ سقوط النظام أي عشيّة 14/01 إن لم أقل قبل ذلك ومنذ التخطيط للإيقاع برموز هدر الثروة التي تتخيلها القوة العظمى من باقي ثرواتها. وصراع رأس المال القذر الناهب، الجشع. على حداثة عمره الاقتصادي. والذي ورّط الاقتصاد الأمريكي بصفقاته المشبوهة. و حلفائهم من طواغيت المستعمرات. في أزمة اتخذت بعدا عالميّا. ولا تزال رغم محاولات الرتق الاقتصادي مؤثرا على عمقها الاقتصادي الاستراتيجي أو ما تدّعي بأنه أمنها القومي. في مقابل الرأسماليّة التي تبني على تركتها القديمة حداثتها الموعودة والتي تخلت عن التكلفة الكبيرة لتصدير الديمقراطيّة (كما في شأن العراق وأفغانستان) وتحريك الشعوب من الداخل لتهدم الدكتاتوريات القذرة المتواطئة مع الطرف السابق الذكر في الاقتصاد العالمي المأزوم.
هذا الصراع الخارجي الحاد. الذي مهّد لظهور توافق داخلي غير مبنيّ على أسس ثابتة تجعل منه أرضيّة صلبة غير قابلة للاختراق لهشاشة الوعي الشعبي من جهة. وعمق فوارق أسس البناء الفكري لكل طرف. ومواربة تبعث على الشكّ والريبة. ولا تفسح المجال للاتفاق على خارطة طريق واضحة المعالم تزيح الغيم من سماء البلاد. جزئيا ونسبيا طبعا. هذا الغموض هو الدافع الرئيسي نحو الارتكان لسند قويّ وحتما هو خارجي في غياب اتفاق شعبي نسبي وواضح حول طرح أو جملة أطروحات سبق وعيه اللا مشروط بوجوب وجودها على ساحة البلاد السياسية الديمقراطيّة. وهذا حتما ما يرغبه ويؤسس له الخارج وما صراعه الداخلي في جزئه الغالب إلا على طرق تسير هذه المستعمرات. أبجشع؟ وانتهاك حقوق؟ أو بأسلوب متوازن فيه الجانب الاجتماعي الذي يراعي وضع آلة الإنتاج الإنسانيّة في بعدها الوجودي الإنساني؟.
وبعد أن قدّم من قدّم طرحه المشروط بدرجة ولائه للخارج. إما بالسفر إلى المقرّ المختار أو من خلال مقرّ وسيط وفي أبغض الحلال سفارات مكوكيّة لهذه المقرّات الموجودة على مقربة وعلى أراضينا. ولم يسلم إلاّ من رحم ربّ الناس. وهو حتما إن لم تكن له قواعد يرتكز عليها في وجوده. زائل، أو مركون، أو مهضوم الجانب ولا يرى إلا من وراء حجب البلاد.
وبعد بروز اليسار كفاعل وسلطة لا مهرب من وجودها رغم ما فعل بالزعيم المفترض أن يزاحم ويكتسح وجود ساركوزي (وأعني ستروسكان). إلاّ أن هذا اليسار استفاد من وضعه المتقدّم على الساحة الداخليّة واستثمر أوراق أخرى داخليّة وخارجيّة منها الدعم المعنوي للإنسانيّة عامة. التي قدّمته الثورة التونسية ذاتها. محل الصراع. والتي أثرت على المواطن الفرنسي معنويا بشكل إيجابي، نحو اليسار. حتى الآن على الأقل وقبل لعب اليمين لأوراقه الأخيرة. وفي انتظار أن تجهز هذه الأوراق ويحين وقتها. ها هي القوّة الإمبرياليّة العظمى تتدخّل لتغطية الثغرة بطريقتها المعتادة (الفتنة).
متخيّلة أنها ستعيد خلط الأوراق وإعادتنا للمربّع الأول (مربّع الصراع حول العلمانيّة) وانطلق السيد الباجي قايد السبسي ومن واشنطن لتدشين الحملة الجديدة. بتصريحه المتجاوز للوقت وللمشروعيّة. فهو مؤقّت الوجود. ومن يحدّد تونس مسلمة أو إسلاميّة هو من سيكتب الدستور من الأطراف المنتخبة شرعيّا فهل كانت هذه التصريحات هي من حرّك المسئول الأمني الأمريكي لنصح رعاياه بعدم التوجّه إلى تونس الآن وبعد الانتخابات؟ خشية العنف الذي هم من يحرّض ويسعى إليه بوسائل متعدّدة ومتنوّعة ومنها أذرع طبعا محلّية .أما تصريحه في جامعة جورج تاون أنه وضع أسس برنامج اقتصادي يمتد على مدى خمس سنوات سوى خرق ثاني لدوره المؤقّت جدّا. والمحصور في تسير مرحلة ما قبل الانتخابات. أم أنّ هناك مخطّط آخر ينتظرنا ربّما للتمديد أو التغيير الشكلي لا غير؟ وما تنحية رئيس المحكمة الإداريّة الفجائي وعدم إعداد وتقديم قائمات العار التي طالبت بها اللجنة المستقلّة للانتخابات والتي لم تسلّم حتى الآن ونحن على مسافة أيام معدودة على الانتخابات أم هو تغاضي مدروس حتى يمكن لأشخاص معينين من نيل حصانة ما بعد الانتخابات وصدور النتائج لخدمة مصلحة ما؟ أو التخويف بالمرتبات ثم التراجع عن هذا التخويف في مرحلة سابقة. وقصة هيبة الدولة. وغيرها من البرامج التي تعتمد على حركة مدّ وجزر يهيّئ الأرضيّة لاستمرارية وجوه بعينها. وأسماء هي ذاتها التي قام الشعب لمحوها من قاموس أيامه. وما حملة تنظيف بعض الوجوه المرغوب وجودها من دوائر محدّدة. وصلت حدّ رفع اليد عن أموال لمساجين في قضايا حق عام. ومن هم رهن التحقيق. وكل الدلائل الاقتصاديّة تشير وبكل وضوح على أن ذخيرة الاقتصاد التونسي بعد14/01 وحتى الانتخابات قادرة على توفير متطلبات المرحلة بدون التدين. ولا غيره من مشاريع الربط مع الخارج الطامع. مع ما أضافه الوضع الليبي. رغم أننا لم نتمنى أن يصل أمر ثورته حدّ التضحية بهذا العدد من الشهداء والتضحيات الدمويّة. وما ينقص سوى التسيير المؤقت جدا والدقيق. حتى قيام الدولة الرئيسية والشرعيّة. بعد صياغة الدستور وقيام انتخابات تشريعيّة ورئاسية وطنيّة ديمقراطيّة.
لكن وكلنا يعرف أن مدير برامج نسمة هو ذات المسئول عن الاتصال في الحكومة المؤقّتة. مع ما هو معروف للعموم من ارتباط نسمة بالرأسمال اليميني الدولي. الذي مكّنها من استضافة نوعيّة في الرتابة. وقلّة المعرفة بإدارة حوار مهمّ، مع شخصيّة كالسيدة كلينتون. وغير ذلك من الدلائل التي تثير العديد من الأسئلة والريبة. ورغم دفاعي النوعي عن حرّية التعبير والحرّيات الثقافيّة إلاّ أني مقتنع وأظن أنني مع الجميع في هذا الموقف المبدئي القائل أن حرّيتي تنتهي عند حدود حرّية الآخرين وبما أنني في بلد ذي الغالبيّة العربيّة المسلمة. وجب أن أنتبه لما لا يخدش حياء أو أخلاقيات هذا الشعب على قلّة وعيه، أو عمق وعيه، بمسائل الدين والدنيا. وما احترامي لخيارات الأغلبيّة الساحقة من مواطني هذا البلد الاّ دليل قبول بالفعل الديمقراطي الحقيقي والصحيح.
ولكن أن يبثّ مثل هذا الشريط ليلة يوم الجمعة وبدبلجة تعتمد مصطلحات منذ زمن والشعب ينادي بوجوب إعدامها من قاموس لهجتنا وحديثنا وليس الفعل العكسي لمثل هذه الأشرطة وهو تحبيب الناشئة فيها وتقريبها من لسانهم. في فعل عكسي وبثّها في ثقافتهم اللغويّة ومخزونهم اللفظي. الذي يعتمد طبعا فيما بعد في لغة التخاطب اليوميّة. في البيت. والشارع في تعدّ على خصوصيّة الذات التونسيّة وخدش للحياء العام وهو عنف لفظيّ. المفروض يعاقب عليه. ومن بعد في المدرسة كما أثبتت ذلك التجارب السابقة في الميدان التربوي اعتماد بعض الناشئة وآخذ عددهم في الارتفاع منذ ما قبل الثورة هذه المفردات، وهذا القاموس. على أنها اللغة الدراسية ذاتها والشواهد عديدة.
وما اعتماد ليس فقط إيحاءات بل وأقوال مخلّة بآداب العقد الاجتماعي المتفق عليه (رغم اقتناعنا بأنه من المسكوت عنه والذي لا يمكن التعاطي معه بمثل هذه الطريقة).
واعتماد ما عمل على تكريسه بن علي طيلة حكمه لتفسيخ تقاليد وعادات المجتمع الأخلاقية الإسلامية وليس الإسلامويّة. والاجتماعيّة الصرفة. والتي حتى وان نعمل على تغيرها مواكبة للعصر ليس في اتجاه الأسوأ. وإنما في اتجاه بناء مجتمع متحضّر. ومقدّر للذات الإنسانية ببنائها التاريخي الكلّي. الذي يمثّل هويّتها. سواء كانت أنثويّة ذات خصوصيّة وذكريّة أيضا ذات خصوصيّة. ومع تفاعلات الذات الإنسانية العالميّة المثقفة والواعية والمسئولة وليس النموذج السيئ للغرب وللشارع الأمريكي المهمّش والمغدور في حرّية يتصوّرها وأنه يمتلكها والحال أنه لا يمتلك سوى قشور الحرّية وأصحاب المال ينعمون ويكدّسون ثرواتهم على حساب فقره وتعاسته وبطالته وهنا أسأل هل هذا هو نموذج الحرّية التي نريد لثورتنا الشعبيّة التي نحن بصدد إنجازها من خلال افتكاكها من الطغمة التي قرّرتها.
كلّ هذه العوامل وأخرى متعارف عليها لذلك نتحاشى تكرارها. تثبت أن الحرب الخفيّة لإعادتنا للمربّع الأول قد تقدّمت نحو الإثارة القويّة التي يمكن أن تهزّ استقرار البلاد النسبي بما يعيق التقدّم نحو انتخابات نزيهة وديمقراطيّة وشفّافة نسبيا. لأوّل مرّة في تاريخ ليس تونس وحسب وإنما الوطن العربي والعالم ثالثي. لذلك على الأطراف السياسية أن تنتبه للحرب الخفيّة التي ليس فقط تعيدنا للمربّع الأول قصد التناحر بين اليمين المتديّن واليسار وخصوصا دعاة العلمانيّة. وترك الفرصة والساحة للقوى التابعة للرأسماليّة الإمبرياليّة لتبني ديكتاتوريّة (بن ...) آخر. وبذات الوجوه التي يتمّ وتمّ حمايتها بطرق قيل قانونيّة وأساليب أخرى منها بقاء الإدارة على حالها وهي تمثّل الحرس القديم المنفّذ والساهر على تنفيذ البرامج المتمثّلة في ديمقراطيّة بحسب ما تقرّره الامبرياليّة العالميّة لنا وليس بناء ديمقراطي حقيقي. أي استعمار متواصل مع قليل من الحرّيات على مقاس الدور الذي نقوم به في إثراء خزائنهم بشقائنا وعرقنا وتعبنا. ودعمنا لقراراتهم ومواقفهم الاستعمارية العالميّة.
وما تحويل القضيّة إلى مسألة ثقافيّة وإبداعية. فالإبداع والثقافة ليست التحرّر الأعمى. وإنما فلسفة تنبع من المكان والزمان. حتى وان ثارت عليه. فهي تعيه وتعي شروط التعايش معه وبنائه من الداخل. ليس من خلال الصدم. وإنما البناء من خلال تأسيس وعي جمعي تدريجي أولا. وليس من خلال التحطيم المبني على جهل أو تهافت أو إثارة لغاية الإثارة أو من خلال جهل مدقع في فهم طبيعة المجتمع ومكوناته وأسسه.
وما شهدنا من تتالي الأحداث يفرض علينا تحليلات غير التي تراها أطراف بعينها. ونكرّر لهم ثورتنا ثورة مستمرّة.
- ما بعد الانتخاب الديمقراطي جدّا:
على إثر تصعيد ورقة الإخوان التي يرعاها الشرق الذي هو راغب أشدّ ما يكون الرغبة على العودة إلى زمن الإمبراطوريّة"الإسلاميّة" ولو كلاعب ظلّ ومسخ لراعيه ومبدع أطوار نموّه في المشهد السياسي على إثر انهيار مصر في الضمير الشعبيّ لا فقط في ضمير الساسة والنخب.بحيث أصبحت في عزلة عن الشارع مما عجّل كعامل من العوامل بسقوط سلطة مبارك وأعوانه المكشوفين على الأقل.وعدم القبول شعبيّا بسلطان عثماني جديد هو في وجوده شريك مكشوف للصهيونيّة في العالم وعلى رأسها إسرائيل العدوّ التاريخيّ للعرب.إذا فالمجال تصوّروه مفتوحا وسهل ولوج ذلك الفضاء الذي طالما صرف على نواة منه حتى تنشر فكرهم المؤسس على تأويل للنصّ الإسلامي المقدّس مجمّع من عناصر عرفت لا بولائها المطلق لسلطان يمثّل مصدر ثرائها وسلطتها التي جرّبت بقوّة السيف ونفعت في محيط خليج خال من كلّ احتكاك فكريّ بالعقل الإنسانيّ الحديث عدى ما رحم ربّي من استهلاك حميريّ لمنتجات العقل البشريّ القادم من بلاد الكفّار طبعا(وأعني عبد الوهاب وابن تيميّة مثالا وليس حصرا).والذي سبق وجود هؤلاء الكفّار بمنتجاتهم التي تغطّي كامل تفاصيل الحياة اليوميّة بكلّ أوجهها فينا. فتوى تبيح التعامل معهم في نطاق التجارة لسابقة للرسول الأكرم في التعامل مع اليهود متغافلين على ما وقع بعد ذلك التعامل بعد خيانتهم له وللعهود التي تربطهم به.والتي أجمعت صحف التاريخ الإنساني وحتى صحف كتابهم المقدّس على أنها أصل في تركيبة تفكيرهم وآلية تعاملهم مع غير اليهوديّ وبوصاية دينيّة صرفة يعتمدونها كمعطى أساسي لبقائهم وبقاء ونقاء سلالتهم وانظروا تقسيم المجتمع اليهودي الذي لم يكتفي بالتقسيم الترتيبي بين أشكيناز وسفرديم بل مواطنين بتقسيم من الواحد للخامس من الدرجات. والتي تحمي وجودهم الذي كان الرسول قد أزاله إثر تفطنه لخياناتهم وتآمرهم مع أعداء الإسلام بحدّ السيف من حصونهم التي كانوا يتصوّرون أنها درعهم الحامي الذي يشاكل في هذه الأيام دروعهم العسكريّة التي غذّوا عقل العربيّ البسيط أنها خرافيّة وقاتلة ومبيدة له إذا ما تقدّم نحو حصونهم الحاليّة.التي أثبتت أحزاب(كحزب الله وائتلاف أحزاب غزّة) وليس جيوش دول بطمّ طميمها تدّعي الثوريّة والنضاليّة والعروبة أنها قادرة على اختراقه وهدم تلك الخرافة الوهميّة التي هم أنفسهم(أعني الإسرائيليين)صدّقوا كذبتهم و يتوهّمون سلطانا يصنعون له عناوين مضحكة"كقبّة ودرع صاروخيّ وغيره) وكشفوا عورتهم أمام جيوش مهزومة بقرار سياسي تآمري عربي.رغم الشواهد التي منحتها المقاومة على هشاشتهم ليس على المستوى العسكري فحسب وإنما حتى على مستوى جبهتهم الداخليّة.
وهاهي قطر وليدة زمن المال القذر والسقوط السياسي. وبرعاية آل سعود أصحاب مرجع نظرهم في طرق ووسيلة "تهويد" العرب وبوسائل معدّة سلفا في دوائر الصهيونيّة والامبرياليّة العالميّة من موساد وسي أي إيه وأم 6 البريطانيّة وغيرها كثير حتى أنه يصعب الآن حصر وجودها وتمركز وتموقع عناصرها.لكن الأصل في المخطط واحد ليشكّل وضوح التحرّك فرديّا كان أم جماعيّا. خصوصا وأن تماثل وتشابه الأدوات أيضا تشكّل المدخل الرئيسي لاكتشافهم في أي حلقة هم مندسّون. وخلف أي ستار يتوارون. وما يفضحه العنصر الوهابي.العنصر المكشوف والواضح والجليّ والذي يستر ويغطّي ما سنكشف ما توصّلنا من خلال الأحداث صعوده للحلبة من أعداء الثورة.والصراع المفتوح بينهم للقيادة وتزعّم المشهد السياسي المزوّق الجديد الخادع فقط لمن لا عقل له يتابع ما يشهده من أحداث ونوعيّة الملفّات المطروحة على الأقل.
فبعد تصعيد الداء استوجب زرع المصل المضاد لخلق موازنة هي متنفّس دائم ووجهين لعملة واحدة اختصاصها الأساسي ودورها الذي هو من أولويات عملها(وإن اختلفت الأشكال الآن من مساند لتحركاتهم ومغازلتهم سياسيا بقصد ربحهم كرقم على الخارطة وبين من انتهت فترة التعامل وجاهر بالعداء بحكم تولّيه سلطة الحكم ولو مؤقّتا)وهذا كلّه لأجل حرق طريق صعود من وضعوهم موضع أعدائهم التاريخيين وأعني تحديدا اليسار بكلّ أطيافه والمنظّمات التاريخيّة كالإتحاد العام التونسي للشغل مثلا.وهم الموجودين أصلا على الخارطة السياسية"ولو بنسبة تمثّل رقما صعبا"وبعد تشكّل جبهة الشعب التي حالها حال المنظّمات وعلى رأسها الإتحاد العام التونسي للشغل هي قادرة على التوسّع على خلفيّة عملها السياسي المواجه لتطورات الأحداث ودرجات فعلها الواعي والمسئول على الساحة ليس الداخليّة وحسب وإنما تفاعلها مع المنظّمات الدوليّة ذات البعد الإنساني المساند لحركات تحرّر الشعوب في العالم.واعتمادها أساليب الفضح لكلّ دور مشبوه وفي حينه من خلال ما يتوفّر لديها من فرص حضور إعلامي رغم الحصار المفروض نتيجة الصراع الأول بين طرفي ووجهي العملة الواحدة وبينهما والاتجاه الثوريّ الحقيقي.
وما وضع الخلايا المشكوك فيها وفي أدائها والأخرى المعروفة بولائها وتعاملها مع مداخل المستعمر كجمعيات زرع المال القذر لشراء الو لاءات كجمعيات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة الأوروبيّة والأمريكيّة وغيرها. وكذلك التفاعل إيجابيّا مع الوضع الذي تفرضه أجندات تعمل من خلال أرضنا ووضعنا. لرهن مواقفنا في الداخل والخارج مع الرهن الاقتصادي وهجمة شراء ثروات الشعب.على قلّتها.وما شراء الذمم الذي سبق تدافع رؤوس أموالهم القذرة التي وجدت فينا المطهّر والغاسل لها حتى تكون في وضع يسمح لها لدخول نوادي الاستعمار كدافوس ونادي أوروبا الموحّدة وغيرها. وصناديق قتل الشعوب كصندوق القروض وغيره. بما يفتح للمستعمر موطئ قدم مفتاح وطريق سالكة لبلع المنطقة برمتها خصوصا منها التي بها الثروة الأم"النفط والغاز".وأعني ليبيا والجزائر كمرحلة ممهدة لإفريقيا. ونقطة ضخمة الإنتاج والمخزون تكون مفتاح بقيّة ما وراء الساحل والصحراء من غابات وغيرها هي الحديقة اللازمة لضمان إصلاح ما أفسده غازات صناعاتهم للتوازن الطبيعي للعالم.وضمان للثروة المائيّة التي هي مفتاح من مفاتيح الحياة المستقبليّة بعد ما أثر الاحتباس الحراري في"كليماتولوجيا" الكون.
إذا فإن تواجد عنصر السلفيّة بتفصيلاتها من"القاعدة في شمال المغرب العربي" بتحديد للمنطقة على الخارطة من الاسم هو يغني لتوضيح حدود المهام الموكلة إليها. والتي ولدت لها ومن أجل تحقيقها.وبقوّة داخليّة من الشباب الذين غرّر بهم ليكونوا يد العدوّ الطائل بحكم خصوصيّة معرفتها الميدانيّة وافتقارها وفقرها الشبه كلّي للوعي وللمعرفة التي تخصّ حتى الشأن الذي قاموا من أجله(الدين ونشره والتأسيس على منوال السلف)الذي دخلته في السابق الإسرائيليات وفيما بعد حرّفت غايته بالتجزئة المتعمّدة والاقتناص الذي يدسّ في عقول المراهقين سنّا وفكر.لتجنيدهم لمعركة هدم وحرق ما بلغته نخبهم الوطنيّة من نضج خافوه وخشوا بأسه فسارعوا بالانقلاب على ثورة شعب حرّ وسيعيش حرّ غصبا عن كلّهم لا بعضهم.
وما الإضراب العام الذي دعا إليه الإتحاد العام التونسي للشغل ليوم 13/12/2012 (سواء نجح أو لم ينجح جزئيّا)إلاّ بداية معركة وثورة على جيوب الغادرين والمتآمرين على حرّية وخبز الشعب المفقّر والملعوب ليس بعرقه وكدحه فقط بل بكلّ حياته.
والثورة مستمرّة
في الردّ على آل "نسمة شوو" حول العلاقة بين السياسة والاقتصاد
إنّ التلازم بين السياسة والاقتصاد هو عضويّ حتى لا يمكن فصل العالمين على بعضهما فهما ليس مكمّلين لبعضهما بقدر تمثيلهم وجهين لعملة واحدة إذ لا يمكن أن نجد سياسة لا تقوم على رؤية اقتصاديّة تترجم الأقوال والرؤى السياسية إلى أفعال اقتصادية ليس لأنها منتهاها وإنما لما يمثّله الخطاب السياسي من واجهة الإقناع بجدوى الخيارات الاقتصاديّة المتبعة تخطيطا كلّ حسب منظوره ورؤيته وقراءته لبؤر الصراع المحلّي والعالمي على تحصيل الربح والسيطرة على منابع هذا الربح حتى تصل في أحيان كثيرة إلى استعمال القوّة العسكريّة إن لم يفيد الاستعمار الاقتصادي بالتوجيه نحو التبعيّة التي تتمظهر في شكل الخطاب التابع النابع من معطى الحفاظ على استقرار الاقتصاد من جهة المغلوب وتثبيت معنى القوّة والردع والجزر إن لزم الأمر من جانب صاحب القرار الاقتصادي العالمي .
هذا عموما تفسير بسيط ومقتضب للعلاقة بين السياسة ولاقتصاد . ونردّ هنا على القائل أن الأحزاب التي ضنّ أنها وليدة اليوم في تشكّلها والتي تصارع الآن لتفوز بموقع على الخارطة السياسيّة إنما هي بذلك تخدم طرحها الاقتصادي الذي تتبناه وليس عنونها وشعارها سوى مختصر على توجّهها الاقتصادي فحين نقول الحزب الليبرالي أو الاشتراكي مثلا هنا إننا نوصّف المجموعة التي رفعته بصفة ملازمة للنمط الاقتصادي الذي تتبناه والتي ترى فيه خلاص المجموعة الوطنيّة . وهي تحارب سياسيا لإقناع الناس بجدوى هذه الخيارات وصلاحها للوطن والمواطن.
ولأنّ ما اجتمعتم لأجله غير بريء بالمرّة فهو يكشف لكي يضلل. ويسحر البسطاء بجدوى خيارات حكومة من المفترض أن تكون في ذات معنى وجودها أصلا أي وقتيّة . لكن ما طرحه السيد الوزير هو مشروع متكامل نابع من رؤيا اقتصاديّة ذات بعد برجوازي ارتباطي في أساسه وما السرعة في التنفيذ سوى تكبيل وكسر مبادرة تقوم من أي اتجاه ومن أي طرف يمكن أن تكون له السيطرة بعد الانتخابات على الساحة السياسية . خصوصا المغضوب عليهم من يسار تخصيصا وتحديدا وحتى يسار الوسط.
فالحكومة التي من المفترض أن تكون مؤقّتة في كلّ برامجها التي تترجم اقتصاديّا لتسيير البلاد نحو خيار الشعب بالانتخابات إنها أقصت الخيار الشعبيّ بالضربة القاضية اعتمادا على تصوير الأمر على أنه ضرورة لا مناص منها وحلّ لا بدّ من إتباعه غصبا لتواصل المسألة ألمعاشيه للبلاد وكأن البلاد غارقة لا محالا إن لم نتبع خطاهم وفكرهم التي شبّه لهم أنها الحلّ . وهنا أسئل لماذا الغرب سارع لتشريفنا في G8 هل لأننا قمنا بثورة عظيمة فحسب وماذا تؤثّر الثورة التونسيّة وكذلك المصريّة على مسار تواجدهم على خارطة هذه الأماكن بالذات ونحن نعلم مداها الإستراتيجيّ في الموقعين ألمغاربي والعربي بقضيّته الفلسطينيّة وغيرها من قضايا الأمّة التي ننتمي إليها ضرورة وليس اختيارا فقط .
إنّ السهرة كانت دعاية في إطار دعابات العصر المأزوم ، للبرجوازيّة أن تقف وقفتها وتتحوّل من انكماشها إلى لاعب رئيسيّ وأن ترتهن وتربط مصير بقائها في ظلّ أي نظام صاعد لتخرّبه حين يتجه عكس البوصلة التي حدد اتجاهها سلفا . وأسأل أين وجه الذكاء في هذه الخيارات "سوى ما يعيد في أذهان الناس من عود إلى تمجيد الذات والمجموع بأننا نجحنا وننجح حتما" وهذا جميل لكن ضريبة هذا النجاح المفترض من سيدفعها هل المواطن دافع الضرائب أم البرجوازيّ الذي يربط من جديد بسيده في الخارج عضويّا ليشكل حزام أمنيا لوهم القوّة الإمبريالي والذي هو أبرز المتهرّبين من دفع الضرائب بينما الشعب الكريم تستقطع ضريبته من المصدر . لكي يثبت السيد الوزير ومن وراءه كلّ المؤقتين أننا أناس طيبون وكرماء وندفع ما علينا في حينه وبلا مواربة أو تردد ولا نطالبهم بفسخ الديون إجلالا منهم لثورة الشعب الحرّ الذي هو في إطار بناء ما يرغبه هو من أشكال الديمقراطيّة وليس ما ترغبه الدول العظمى من رؤية للديمقراطيّة التي تدعوا إليها بقوّة السلاح في العرق وأفغانستان وغيرهما .
والحال أن "هولند" وهو ناطق باسم بلاده و أتباعه من الغرب "وهذه المصيبة" طالب بفسخ ديون تونس أو على الأقل بعض منها . لكننا نثبت للمرّة المليون أننا شرفاء وأصحاب كلمة فصل ندفع يعني ندفع . ولا يهم مادام الدافع الأصليّ هو الشعب الكريم الغارق في التعاسة والفقر والضنك وليس الحكومة المؤقّتة التي سترحل لتترك للصاعدين إرثا أثقل من الذي تراكم من العهد البائد ما قبل 14-01- .
وهنا أذكّر برأي الذي سبق وأن بينته في مقالات عدّة منشورة بجريدة الشعب لمن يريد المتابعة. أننا لا مناص لنا من أن تلعب البرجوازيّة الوطنيّة دورها الرياديّ والتواصل والمتصل مع منبع وجودها وقوّة وجودها العاملين على تطوّرها الساعد الكادح الذي يقوّيها ليس لتدور عليه وإنما لتسير معه جنبا إلى جنب في إتحاد واحد وتقسم الخيرات حسب الأدوار وبكلّ شفافيّة وحبّ للوطن بأهله . وان تكون قياداتنا متنوعة بحسب التمثيليّة النسبية لكل طرف وبالثقل الذي تفرضه النزاهة النسبية للعمليّة الانتخابية تأسيسا للديمقراطيّة وبالتزام بشروط الثورة في التعايش السلمي المتجانس .
ولنا في النموذج الصيني مثال أول نسوقه كأحد الخيارات المطروحة والأقرب إلى روح الثورة التونسيّة بفوارق تبدوا كبيرة لكنّها في الأصل ليست كذلك ويمكن أن نشرح ونبيّن في إفراد مقال خاص بالموضوع لكن هنا نتحدّث عن فهم الصين للدور الذي يمكن أن تقوم به البرجوازيّة الوطنيّة المراقبة ليس لتكبلها وقطع أرزاقها ومجالاتها الحيويّة وإنما وبعد دراسة للواقع النفسي الإنساني الغريزي لحبّ الملكيّة من جهة والحاجة إلى نمط جديد يثري البلاد قدّام الصراع الشرس على المستوى العالمي للفوز بالأسواق الاستهلاكية وحتى لا نكون سوقا استهلاكية بامتياز كما كنّا قبل 14-01 . فإننا نحتاج إلى قوانين تنظّم عمل رأس المال وننتخب له من خلال دراسات الخبراء الوطنين اتجاها يفتحنا على المستقبل أي نستشرف الخطّ الاقتصادي العالمي ونستقري اتجاهه من الآن ونمضي إلى عمقه متلازمين . بورجوازيّة وطنيّة وعماّل وفلاّحين . وما الحديث عن طبقة وسطى فهو مغالطة للواقع إذ أن حال هذه الطبقة بعد كلّ مظالم الرئيس المخلوع وآله وصحبه وزوجته وآلها وصحبها . لم يبق لدى هذه الطبقة سوى الساعد لتدخل في تصنيف العمال بالفكر والساعد.
وما الحديث عن التجربة الهنديّة على أنها في حين ظهورها هي تجربة سياسية متمثّلة في شخصيّة غاندي فهنا يتضح لديّ عدم بلوغ الدرس الغاندي في شكله الذي يخبر بمضمونه وحتى بعد أن قال قولته الشهيرة التي أختصرها : فالتهب عليّ رياح الكون الأربعة لكن لا تضيّع ريحي : بما معناه أن الثقافات وأهمّ منها محرّكها الاقتصاد ، لتهبّ عليّ من اتجاهات الكون الأربعة لكن لا تنسيني غزل الصوف الذي أراد أن يخبر من خلاله توجّه الهند إلى ثرواتها ومنها الملح لتحرير البلاد من الاستعمار ليس العسكري فحسب وإنما الاقتصادي من خلال خيار الانطلاق بما هو متوفّر ومتاح وموجود أي من الموجود اتجاها نحو المنشود . وإن كنّا نشابه هذه الفكرة في انغلاق جزئيّ فإننا في هذا الظرف العالميّ الاقتصادي والتراكم التاريخي للاقتصاد التونسي وأيضا الاجتماعي فإنّ هذه النظرة هي صعبة صعوبة من تعوّد على الانفتاح الكلّي كسوق استهلاكية بامتياز . في جميع الأطر والميادين . حتى الثقافيّة منها .
وأما تجارب أمريكا اللاتينيّة فإنها تختلف شديد الاختلاف لما تعانيه من صراع قويّ ومباشر من خلال خارطة التدخّل على أرض الواقع وواقع الأرض بحكم الطبيعة الجغراسياسيّة والاقتصاديّة للمكان . وما تمتلكه هذه الأرض من ثروات طبيعيّة لا يتوفّر منها لدينا سوى ما يسد رمق جوعا الإمبرياليّة المتواطئة عالميّا أي تبّع وظلّ الإمبرياليّة في محورها المركزي الأمريكي
وما الحديث عن وثيقة ثورة . أو وديعة تختصّ في تحديد نمط الاقتصاد إلاّ توريط وربط وتكبيل للشعب بمكوناته من برجوازيّة وطنيّة وعمال وفلاّحين . للخيارات التي رسمها ممول الحكومة المؤقّتة وداعهما الذي شرّفها بحضور G8 وأعطاها الفرصة والزمن لاختيار ما هو أصلا مفروض عليها "أو على الأصح ما تخال مفروض عليها" والحال أن برجوازيّتنا الوطنيّة هي قادرة أن تلعب دورها الاستثنائي والتاريخيّ الذي يحسب لها الآن وغدا . في إنقاذ البلاد بما تضخّه من مشاريع اقتصادية وتحريك للسوق العاملة داخليّا وخبرتها في مجال التسويق الخارجي لتبني استقلالية ليس قرارها هي وحسب وإنما استقلال الوطن وبناء عزّته وكرامته وشموخه... والفاهم يفهم ... / ...
لماذا ثورتنا دائمة؟
إن محاولات تحويل شعبنا من الدكتاتوريّة الغاشمة إلى دكتاتوريّة ناعمة هي العنصر الرئيسي في المهام المحرّكة للعدوّ الخارجي. ولأن ارتكازه دوما وتعويله على شريحة رأس المال الذي يغذّي وجوده بكلّ السبل ليكون هو الرمز في القيادة الحقيقيّة للبلاد العربيّة عامة والتونسية كجزء. وإن كان إعجابه شديد بمن ينعتون جزافا بالإصلاحيين هؤلاء الإسقاطين الذين يحاولون إقناع الجماهير بأن تطوّرنا رهينة تقليد الغرب واستنساخ عقيم في أسسه للنموذج الذي يتصوّرونه راقي وحداثيّ. جاهلين أصلا أن معطيات الشعب في أرضيتها هي هشّة وغير متجانسة ليس على صعيد الوعي بضرورات المرحلة ولكن بما يجب أن يكون عليه دوره في بناء هذه الديمقراطيات على أنقاض صراع كانوا فيه حطبا ليكون هذا الغرب الذي نحاول الآن تقليده والمشي على هديه. ولن تكون هذه الاتباعيّة سوى تكملة(إن لم أقل فاتحة صراع جديد نكون فيه كالعادة حطب ناره. وجنود الصفّ الأمام الذي يدافع عن الامبرياليّة والصهيونيّة العالميّة).
ولقد كان آخر عناقيدهم(بورقيبة) الذي كان يتشدق ويسند خطبه بشاهده(لا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم) وهو الذي لم يترك مجالا للشعب ليغيّر ما بنفسه من خلال محاصرة وضرب وقمع كلّ المحاولات الوطنيّة لبناء رؤية وبذرة تغيير في هذا القوم الذي ينشد التغير. وما نحن عليه اليوم من انحدار كبير في مستوى الوعي الجماهيري المبني على عقلانيّة وفكر حرّ ومسئول إلاّ ثمرة ما أسس له بورقيبة وأكمل السيناريو ابن علي.
وكذلك الحال في كلّ الوطن العربي مع فارق الاقتراب من خطّ النار وأيضا الاقتراب الجغرافي من معسكر قوّة. وليس التقارب الفكري الإنساني المبني أساسا على الجدل الذي يفرز تعاطي مع الخصوصيات لكلّ قطر ولكلّ وطن ولكلّ أمة حسب موقعها التاريخي والجغرافي وخصوصيات التطوّر العلمي والفكري فيها.
أو أنهم كما الحالة التي تعيشها أهم رقاع الثورة. من تكريس لسلطة تخريب مغلّفة بالذين. هذا الذي يتبناه برجوازيي المرحلة المتعاونون حتى الآن بقصد تثبيت وجودهم على رأس السلطة وتشريع وجودهم لمراحل قادمة وبأي طريقة تصل حدّ التكفير وبثّ الفرقة بين شرائح شعب فرّقه قبلها الدكتاتور ليعيش آمنا حتى قيام الثورة. وهاهم يعيدون سيناريو المنّ والسلوى والزكاة التي يجمّعوها في صناديق تحيل ذاكرتنا على صناديق خيريّة تضامنيّة كانت مصدر رزق الناهبين الحاكمين إذ لم يكفيهم سرقة رأس مال الدولة بل بلغ بهم الجشع واللهفة والجبن حدّ سرقة ما هو موجّه للفقراء ساعة أزمة والذي موّلهم مفقّرين آخرين من ذات الشعب. وهاهم يبرّرون تكديسهم للمال وحبّهم له حبّا جمّا ولمّا. بغلاف اقتطعوه من دستور الدين ليشرّعوا سرقاتهم القادمة(وجعلناكم طبقات) وعوض تعليم الفقير كيف يصنع خبزه بعرق جبينه وبكرامته. هاهم يبنون حكمهم على قاعدة النهب الرئيسيّة منّ عليهم بالزكاة ليبقوا دائما محتاجين لوجودك. وكن سخيّا بعض الشيء في زكاتك ليعيدوا دائما انتخابك حتى تولّى عليهم إلى أبد. لكن وجب على الثورة وثورييها أن يعوا هذا الخطر ولا يقعوا في انحرافات من قبيل الاستكانة لهذا النمط من السياسة التي لا تتغير في جوهرها عن الدكتاتورية السابقة. وأن يدوم شعار شغل حرّية،هما كرامتنا الوطنيّة.
أيضا لا يجب أن نغفل على الدور الحقيقيّ لمن نسمّيهم شركائنا المستثمرين الأجانب فوجودهم بيننا قائم على معطيين. الأول هو ما توفّره السلطة من تشريعات وضرائب رخيصة(مقارنة ببلادهم والبلدان التي ننظر لها على أنها قاطرة التطوّر. والثاني،ليس رخص اليد العاملة فقط وإنما ما يجب أن يحميها مثل الضمان الاجتماعي وغيره من وسائل ضمان حقّ الكادحين. ولأنّ الأنظمة الاستعماريّة هي التي تتحكّم في مثل هذه الشركات حسب أولويات أجندتها فها نحن نرى كيف يعاقب الشعب التونسي حين طالب بحقوقه(بعد أن اكتشف القيمة الحقيقيّة لجهده وكدحه وعرقه)بإغلاق هذه المصانع وهروبها. والإشكال هنا أن السلطة التي تتعلل بقلّة الموارد الطبيعيّة(نذكّرها أنها هي ذاتها من كانت تتحدّث عن سرقة أموال الشعب فهل مصدر هذه الأموال هي هذه الشركات وهذه القروض فقط)و عوض أن تعاقبهم على عدم وفائهم بتعهّداتهم تجاه عقودهم وتجاه عمّالهم هي تتمسكن حدّ التسوّل والتذلل للدول المانحة من شرق وغرب ومغاربة.وأيضا هذه الشركات الفارة إلى جنان مفتوحة من الوطن العربي وعوض مطالبتها بحقوق الكادحين والفصول الجزائيّة لفسخ عقود وجودهم على أرضنا هي تكثّف حملتها لتشويه مطالب الكادحين وتحمّلهم مسؤولية هرب هذه الشركات لجنان أخرى موجود فيها الشروط التي سبق وأن ذكرت.
وما يزيد الحال تعكّرا وغرق في حيرة كبيرة على مستقبل هذه الثورة هو هرولة من في السلطة إلى الخارج طلبا للمال والحال أن إرادة الشعب كانت تكفي لبقائه خارج دوائر العقاب المفروض عليه من خلال الحلّ(مثالا وليس حصرا) الذي سبق وأن تحدثت عنه في هذا البحث(بنك الثورة).
إن عمليّة التخويف الكبيرة التي يحاصرون بها الرأسمالي الوطني(حتى لا أقول برجوازيّة وطنيّة)تجعله مربك وقلق إلى درجة التعاون خوفا على مصير ثروته التي هي في الأصل(والمثال هنا تونسيا) ثمرة جهد الشعب التي نهبوها طيلة عقود من زمن الحكم(منذ بورقيبة) وحتى ما هم مطالبون بدفعه حماية للدولة التي تؤويهم وحقّها الطبيعي في الضرائب التي هي أساس ميزانيتها فهم يتعللون ويجدون مليون عذر لكي لا يدفعوا ويفقّروا هذه الدولة حتى تنتهج التخصيص والخوصصة وتبيع لهم ثروات وجهد الشعب وثروته بأبخس الأثمان وحتى لو كان وحافظوا عليها واستثمروها وإنما باعوها للأعداء بأسعار تصوّروها رابحة والحال أنهم أول الخاسرين لقيمتها بعد استصلاحها وهيكلتها و وضع برامج علميّة وبشرية لاستثمار خيراتها وجني ربح دائم وتوفير فرص الشغل لكلّ شرائح المجتمع من متعلّمين(كالمهندسين والخبراء وحتى اليد العاملة والكادحة) لكن عمليّة التخويف والرعب التي يعيشونها نتيجة حده الصراع مع افتقار غالبيتهم العظمى للوعي والعقل المفكّر جعل منهم أولا ومن الشعب لقمة سائغة. وبذلك يكونوا قد نجحوا في إدخال المستعمر إلى عمق البلاد.
أيضا و حتى نكون واقعيين لا يمكن أن نهدم الصورة بتوقيع نخاله ثوريّ من خلال التهديد بالتأميم والحال أن تراكما تاريخيّا أفرز هذه الشريحة وجذّر وجودها في المجتمع بتفاصيله. والتعاطي معها يكون على قاعدة الوطنيّة.
فإن شرط الوطنيّة ينطلق من توعيتهم وإدراكهم بأن العدوّ دخل ليقصيهم ويجعل منهم جندا لبرامجه وليس كما يتصوّرون سيزيد في ثرائهم ويدعم وجودهم فمصلحته وما يحصل عليه من ثروة لا يمكن أن يهديها لأي كائن وهذا شريعة الامبرياليّة. لكن بالاستناد إلى الشعب الكادح يمكن أن تكون لهم شرعيّة الوجود وديمومته حرّا. ومستقلّ الإرادة والمصير. ولا يتمّ ذلك إلاّ في إطار شرعيّة الوجود كمكوّن من مكوّنات المجتمع.
إذا فالوعي جماعيّ ومهمّ إلى درجة تكاد تكون أكثر الضروريّات التي تحمي الجميع من الانحراف. فعمليّة دعم فريق أو آخر في انتخابات مثلا(مثلما أوضحته الحالة في تونس عند انتخاب المجلس التأسيسي) لا تتم على قاعدة من يخدم مصالحي فقط ويحميني من الشعب(كما كان الحال عند تمسّكهم بحكم بن علي وعصابته حتى النخاع ولمّا وصل الأمر إلى إفقارهم صمتوا عند غليان الشعب واختاروا الحياد خوفا أيضا. بل وجب أ يعوا أولا أن الشعب لا يطالب سوى أن يكونوا وطنيين وليبرهنوا على ذلك بالتحرّك واستثمار أموالهم في مشاريع تدعم البنية الأساسيّة للاقتصاد وتشغّل اليد العاملة وتدرّ عليهم أرباح معقولة ومنطقيّة. وليس دعم الأحزاب التي تحميهم كما أسلفت من غضب الشعب بقوّة البرامج الأمنيّة لذلك فإن كلّ المعطيات تشير أننا لم ننطلق بعد في الثورة الحقيقيّة ثورة البناء لوطن حرّ مستقلّ الإرادة وديمقراطيّ واع بطاقاته الكامنة فيه. وهذه الحقيقة تتواصل منذ ميلاد الثورة العربيّة وهي دائمة. إذ لن تنتهي بتركيز حكم الشعب بجميع أطيافه بل تمتدّ في كلّ الأزمنة القادمة.
سوريا خطّ النار ومعادلات المنطقة والحرّية والديمقراطيّة مطلب الثوّار:
لا مجال للنقاش في دكتاتوريّة نظام الأسد(أبا كان ثمّ خليفته"والحال أن نظام سوريا نظريّا هو عقلانيّ ويحسب على اليسار الوسطي لكنه أنتج مهزلة أولى في قيادته من طرف الابن خليفة على هدي الرسالة الخالدة") هذا الخليفة الذي بشّر الشعب السوري بعدله واعتداله وروحه الشبابيّة المتعلّمة والمثقّفة والمساندة للحرّيات وغيره من الخطب التي رافقت اعتلائه حكم سوريا التي تمثّل لجمهرة الأعداء والأصدقاء ملتقى ونقطة صراع محوريّة لبرنامج كلّ طرف على مدى الزمن الذي سيطول ما بقي صراع القوى قائما على الأرض. وبهدي ودعم كبيرين من المعسكر الاشتراكي تمكن الأب(حافظ) من الحدّ من خسائره الخارجيّة وإحكام السيطرة على داخل لم يزل يعيش في ذاكرته القريبة جدّا حروب سوريا التاريخيّة مع الصهيونيّة الشيء الذي خوّل (لحافظ) هدم البيت على أي فكر يغاير معتقده ورؤيته حتى آمن كأي موهوم بديمومة صحّة وجهة نظره وجدارة حكمه بأن يكون الأوحد المطلق فقبل الإسلاميين وحماة كان نصيب كبير للشيوعيين(رغم تحالفه مع روسيا السوفيتية الشيوعيّة التي لم ولا تحمي حتى من يشاركها الرأي لكن يخافها في المنهج والوسيلة مقابل راعي أمين لمصالح إستراتيجية و..و..ولا تؤمن سوى بالولاء المطلق لرؤيتها للصراع وإدارته وليس للعمق الفكري والنظري للطرح السوري الشيوعي النابع من موقع الممارسة الفعليّة والأرض والشعب والتراكم التاريخي والعرقي والديني"الذي نشئوا عليه"وخصوصيّة أن تكون شيوعيّا عربيّا من سوريا باختصار) ثم كان أيضا للأكراد نصيب لا يستهان به قبل أن تحصل واقعة حماة المنسوبة للإسلاميين وكلّ هذه المظالم"حتى لا أقول مجازر"تبنى على قاعدة(لم يحن بعد وقت الديمقراطيّة فالبلد محاط بالأعداء)وهي كلمة حقّ أريد بها باطل. فالقول صحيح حين يتعلّق الأمر بالسياسة الخارجيّة لكن الداخل -وكما أسلفنا القول في معرض الحديث عن العراق- لا يمكن إنسانيّا ولا سياسيا ولا تاريخيّا ولا تحت أي غطاء تحديد الزمن الذي هو أصلا مملوك لصاحب الحقّ الأصلي هو الشعب في تحديد متى وأين وكيف ولماذا نختلف في الرأي وفي الفكر والسبل والوسائل. لذلك كان من الأجدر عوض أن نتهم فقط دور العدو في بثّ سمومه أن نتعاطى بواقعيّة مطالب الشعب في الحرّية والكرامة الوطنيّة وديمقراطيّة الساحة السياسية والمقياس الذي نفصل به بين من يدسه العدوّ وبين الوطني هو ليس الطرح الفكري الذي يجابه بالإقناع النظري والميداني وإنما بنوعية الحراك ومنتهاه على الأرض وكشفه من خلال أخطاء هي حتما وإن طال الزمان سيعلمها الخاص والعام من الشعب ويزيحه بذات الآلية(الديمقراطيّة) وليس السلاح الذي يشترى من مال الشعب سوى سلاح للمقاومة وليس موجّه لعمق وجوده ككائن يفكّر وينتج ويحلل. فالشعب ليس بدرجة غباء دائم حيث يقنعه الخطأ مهما زيّن أو شبّه.
ولأن التحوّلات في دائرة الصراعات للحفاظ على موقع الحكم كانت بشراسة الصراع على تطويع سوريا أو تحييدها على الأقل فيما يخصّ القضايا الجوهريّة لصراع القوى أنتج ردّة فعل تحوّلت من خلالها سوريا من دولة طرحها الفكري عقلاني نسبي إلى دولة القبيلة(العلويّة) وتحوّل وجه الحكم إلى أداة جاهزة ومجهزة لقتل التطوّر الفكري الداخلي مع معطى له أهميّة قصوى طرحت نفسها في كلّ الحراك الشعبي العالمي(وصول أطفال ما بعد الحروب العالميّة والإقليميّة حتى إلى سنّ إنتاج الفكر ومن خلال فقده للمساحة اللازمة لإبراز وإظهار قواه الجديدة لتطويع الأفكار إلى واقع وهو الذي انطلق وانخرط في صلب العمل الفعلي كلّ في دائرته مع ما يصيب الفكر من تقادم وتكلّس لعدم تجدد دمائه من الداخل من خلال ما أسميه "عناقيد الإسناد والتجدّد النظري القابل ليكون واقعا داخل أي تنظيم حزبي يساري" ولأنّ تاريخنا العربي لم يعلّمنا في أقصى الحالات ثوريّة(كالعراق وسوريا)سوى الأورثذوكسية والتحنيط الفكري حتى يبلغ مداه في تأليه الحاكم واسترقاق المحكوم وكلّ من شذّ على هذه القاعدة هو العدوّ ولا عدوّ.
ومن هذا المنطلق وكان بشّار صعوده مخالفا حتى للنظرة الحزبيّة البعثيّة التي تشكّل تنظيما عقائديا تراتبيّا في أصل القيادة ولم يكن بشّار آنذاك أولى من غيره من شخصيات الحرس القديم. لكن تمّ التجاوز على خلفيّة أنهم الحزام الفعلي للنظام وسيكون هو(والحال أنه تلميذهم) وجه المعاصرة وبشير تحوّل في سوريا الداخل والخارج كما أرادوا أن يصوّروه.
وهنا نهود لمنطلق الثورة السوريّة(التي نتمنى أن تكون وتعتمد على ذاتها أولا وأخيرا)كانت تتمثّل في إثبات بشّار للصورة التي رافقته وحلم الديمقراطيّة بأن ينهي العمل بالفصل الثامن من الدستور والذي ينهي احتكار البعث للحياة السياسية الداخليّة ويفتح عصرا جديدا من الديمقراطيّة التي ناضل من أجلها الشعب على مراحل بيننا في البدء مفاصلها التاريخيّة الرئيسيّة. لكن تأخر النظام في تطبيق وعودت في هذا الخصوص أدخل على الخطّ الطامعين لينتهزوا فرصتهم التاريخيّة في تفكيك سوريا وحل ملفها بشكل غير مباشر. ومع هذا كان بإمكان القيادة مراجعة الأمور وتغيير وجهة الأعداء والطامعين والمتربصين من خلال المضيّ قدما مع الشعب وإلى صفّه وبذلك تخلق تماسك الجبهة الداخليّة ويقصى بقيّة الأطراف الخارجيّة من خلال التوعية الداخليّة بمخاطر الانحراف-إن كان ثمّة انحراف. ومخابرات سوريا كفيلة بكشف الملفات حينها دعم للشعب ومكتسباته الديمقراطيّة التي وإن زمنيّا ستكون حديثة وواقعيّا هي ثابتة منذ القدم سرّيا وحتى علنيا-لكن وكعادة الأنظمة الدكتاتوريّة حكمت على سوريا بخطّ لا رجعة فيه بعد أن تداخلت الأوراق واستعملت بشكل مباشر وعلني(والمصيبة بدعم عربيّ على عادته التي لم يخلفها ولن. أبدا مدام هناك للعرب خليج)وهذا ما أوصل الحالة السوريّة من ثورة شعبيّة بامتياز إلى حرب إستباقيّة وبالوكالة ليس على الشعب السوري فقط وإنما على عموم منطقة الشام تاريخيا وهي مدخل وطريق لحلّ كلّ الأزمات الفعليّة التي يعيشها ليس فقط الكيان الإسرائيلي وإنما القوى الامبرياليّة العالميّة.
وكان من الثابت أن نجد فيتوا روسيا وأيضا صينيّا وحتى أكثر في قادم أيام الصراع. لذلك نكرّر أن الحلّ بيد الشعب السوري وقياداته الميدانيّة وليس القادمين على ظهور الدبابات التي ستهدي ورود الديمقراطيّة للشعب السوري ولنذكّرهم أين هو الجلبي الآن وأين ديمقراطيته التي جاء بها على طهور دبابات أمريكا للعراق. ونسألهم من سيكون من ثوار الخارج جلبي سوريا.
أو أن تتعاملوا مع واقع مهزوم سلفا من خلال تكريس خارجيّ بالإحساس بالعجز أو الخوف أو عدم القدرة أو افتقار القوّة اللازمة. مثلما فعلوا ليوهموا خفاف ومهرولين من بعض قادة، من كانت في مهدها الأول ثورة. لتصبح من خلال عقود ومصالح أمضيت ليتحرّك الناتوا ويضع يده على ثروات الشعب الليبي التي طالما تحكّم فيها قبلا القذّافي وخاصته. فأصبحت حرب احتلال واستعمار مبطّن ومغلّف بغلاف وهم الثورة المظفّرة. وأكرّر أن الشعوب لا تقهر بحكم ما تحتويه من مادة خام هي كثرتها وترابط أوصالها التي حتى وإن غرّ بعضها وصدق كذبة القوّة والحقيقة(حقيقة نظام حاكم مطلق)فإنها سترجع عنه في أول احتكاك صريح وفعلي مع شعبها لتنظمّ إلى مهدها وحقيقتها أنها من وإلى شعبها تعود. ويعود حقّ وجودها في العالم. حرّة مستقلّة كريمة.وهنا الإقناع هو الطريق. والإقناع لا يكون إلى من الداخل بذات الوضع المعاش الدموي والكارثيّ فقبل أن تفكّر أيها الثائر في إرسال صور الكارثة إلى الخارج بلّغها إلى الجندي الذي قبالتك بطرق مختلفة ليرى بشاعة ما يفعل. لأنه لا يرى ذلك الآن من خلال وجوده في قلب الحدث ونار سلاحه يحجب الصورة الناتجة. وتحويل وجهة بصره وبصيرته بما يقوم به النظام من تعتيم عنه هو أولا للحقائق على الأرض.وأيضا إيصال صوتك له بأشكال متعدّدة ولا تعدم الحيلة في ذلك ليكسب الثقة في نتائج الثورة الحتميّة ويعدم خوفه الكامن فيه من النظام الدكتاتوريّ الشرس و(عقابه للمنشقّين عنه).
وللتذكير فقط. لولا سوريا الشعب لما كان لحزب الله أن ينتصر وهو الذي حزب. ويصنع ربيعا لم تصنعه جيوش العرب مجتمعة ومن بينهم جيش الأسد(أبا وإبنا). ولولا سوريا لما فضح مرّة أخرى ضعف الكيان الصهيوني. هذا الكيان الذي مثّل للحكّام العرب وشكّل هزيمتهم وخياناتهم لشعوبهم خاصة وعامة. ولم يكن النظام السوري ليدعم المقاومة منذ نعومة أظفارها لولا المدّ الشعبي الثوري السوري. فتذكّروا يا شعب سوريا أن أي هزيمة تحاك خيوطها الآن في. ومن كلّ الاتجاهات. هي مرفوضة تاريخيّا قبل أن تكون حاضرا مؤلما وله انعكاسات كبيرة وخطيرة ليس على سوريا وفلسطين ولبنان فحسب وإنما على العرب الثائرين بلا استثناء. فلا يركب ثورتكم باعة الكلام في أسواق الاستعباد والاستعمار القديم المتجدّد بصولاتهم وجولاتهم المدفوعة الأجر. ولا يخدعنّكم موقف روسيا والصين لكنه يمكن أن يكون منفذا لحماية الثورة من خلال كفّ أيدي. مقابل علوّ يد الشعب بالمقاومة والمقاومة.
والثورة مستمرة
ومن هذه المنطلقات يمكن تحديد المهام الثوريّة المستوجبة والأكيدة خصوصا إذا ما أمنّا بالدور الاستعماري الهدّام الذي أنهك تونس منذ أزمنة بورقيبة والتي أوصلتنا من بورجوازيّة عائليّة نادرة(إذ كانت تعدّ على الأصابع كعائلة بن عمّا وبو جبل وبوروبة والترجمان ومهنّي الذي وصل متأخّرا وبعض آخر قليل جدّا)إلى نسب تتراوح بين 15ألف ميليونير و7آلاف ميلياردير في بلاد فقيرة الموارد وكم أوهمونا أنها تحت سيطرة الدولة.
ولهذا وجب في برنامج العمل الأخذ بعين الاعتبار لما سبق وأن بلغه العدوّ من تغلغل في الحياة العامة بكافة مجالاتها وساحاتها وقراءتها بشكل يمكن له أن يلهمنا الحلول التي هي وحدها تكون الطريق مع عدم التغافل عن نقطتين رئيسيتين يجب أن يتوفّر عليهم البرنامج وأصله القراءة وهما نفسيّة المتلقّي(الشعب)وعقليّة المتلقّي(الشعب)حتى يكون لنا مكان تحت الشمس في كلّ المراحل ولا نكون تجمّعا عائليّا تعاطفيّا. وعاطفيّا في أقصى الحالات ثوريّة حين نكون عصبة صغيرة لا ترقى لإيصال صوتها حتّى.
رفاقي أتمنّى أن لا أكون ثقيل الظلّ بإطالتي هذه ولو أنّي لم أكتفي بعد لأنّ في التأسيس أصل والأصل هو أساس كلّ المبنى لذلك سأتوقّف الآن على هذا الأصل والأساس ولي في الفروع أراء أخرى.
وإلى حوار آخر.
رفيقكم الشيوعي الثوري:المختار الزاراتي
Comentários