حكومة الصم والبكم والعمى وأكثر من شهرين من إضراب إداريي التربية *بقلم المختار المختاري 'الزاراتي'
- zaratimoukhi
- 15 févr. 2021
- 5 min de lecture

تدخل الجامعة العامة لموظفي التربية (المعتصمين بوزارة التربية) وكامل تشكيلاتها الجهوية والمحلية منذ تقريبا ال 63 يوما (في تاريخ كتابة هذا المقال) ما يعني أكثر من شهرين دون أي اهتمام ولا تفهم ولا حتى سؤال من طرف رئاسة الحكومة ووزارة الإشراف وكل الأطراف ذات الشأن. محاولين اللعب على فعل الزمن لبثّ الملل والشكّ والإرهاق والانشقاق في صفوف المضربين أو على الأقل تمهيد الطريق نحو تقديم تنازل أو تنازلات من قبيل التفاهم وتأجيل ما أمكن تأجيل تماشيا مع خطاب الوزير المذكور.
وسأبدأ من حيث انتهى أكثر سياسيي البلاد حين قالوا (وقت الثورة لقاو الإدارة والإداري ماسكين بزمام الأمور ووقفوا الإدارة على ساقيها) هذا الاعتراف الذي لا لون له ولا طعم حين يتعلّق الأمر بحقوق هذه الشريحة المتروكة للإهمال وللتركيع حتى تكون دائما الخادم المطيع والعبد الذي لا يحقّ له حقّ أمام واجب تمليه حكومات لا تفقه لا في عملها الإداري ولا السياسي ولا الاجتماعي ولا حتى تفقه دورها كمواطن يجب أن يحافظ على منظومة هي رأس الحكم وادارة شأن الدولة والشأن العام على السواء.
وبالتالي يحملنا السؤال وماذا جناه هذا الإداري الوطني؟
والذي أثبت في كلّ محطات البلاد الحارقة أنه الأكثر وطنية من كافة وزراء وحكام وسياسيي ما قبل وما ما بعد (ثورة مغدورة). وماذا جناه الإداري التربوي كعنصر من ماكينة الإدارة الوطنيّة برمتها والذي بفعله المهني ووجوده وجهده وهو الذي لولاه لما حافظت البلاد قاطبة بحكم ما تعنيه المؤسسة التربوية برمتها من أهمية عددية في جملة أسلاكها الفاعلة في العملية التربوية كاملة في أحلك أيام وأزمنة سواء قبل أو خلال أو بعد (الثورة المغدورة).
وأين ضاع عرقه وجهده وحقوقه الأساسيّة؟ وهو الموضوع دائما في دائر الظلّ والتعتيم على دوره الفاعل في كامل تفاصيل (اللوجيستيك) التربوي بكامل تفاصيله ومفاصله الإدارية والمالية من حياة كافة الأسلاك المهنية منذ دخولهم المهنة إلى غاية إحالتهم على شرف المهنة. وكذلك دورهم الرئيسي المخفي والمعتم عليه في كامل تفاصيل الامتحانات الوطنية منذ ما قبل وضع أسئلة الامتحانات إلى غاية إعلان النتائج والأعداد للمواسم الدراسية من إحصاء وتجهيز وصيانة وإسكان وإعاشة من خلال العمل الإداري والمالي في إعداد الميزانية وتوزيعها وغيره من مفاصل العملية التربوية.
وحتى لا يقال عنّي أتجنّى وأبحث عن (البوز الصحفي) مقابل الواقع المزري لهذه الشريحة من إداريي البلاد. أجدني مجبرا على المرور عبر معطيات التاريخ لإثبات وطنية الوزراء والحكام تجاه هذا الإداري وهنا اذكّر أنّ هذا ذكر بسيط لا حصرا لكامل تفاصيل عملية تهميش وتعتيم وانتهاك حقوق الإداري التربوي.
فمنذ سنة 2011 أمضى قطاع إداريي التربية 8 محاضر اتفاق بدون اعتبار محاضر الجلسات التي كان آخرها محور الإضراب الحالي وهو نتيجة الاتفاقات التي انطلقت منذ 2011 والمؤرّخ في 17 ماي 2018 يعني منذ ما يزيد عن السنتين ونقترب من الثالث بدون تطبيق لبنوده ولا حتى لغالبية هذه البنود التي وقع الاتفاق حولها وإمضاء الاتفاق النهائي بعد سبع سنوات من التحاور والتجاذب والمراوغة والتملّص والتعلل بإفلاس الدولة والواقع يشير إلى أنّ هذه الدولة وهذه الحكومات وعلى الأخص الحالية التي ذهبت بتفاعلها إلى أقصى درجات التفاعل الأعمى الأصمّ والأبكم.
فالحكومات السابقة منحت عديد الأسلاك الإدارية في البلاد مرارا وتكرارا ما عمق الفارق بين منتبسبي السلك الإداري في البلاد مما زاد في منسوب الاحتقان والغضب لتمييز مؤسسات عن غيرها وإفرادها بحزم من الحقوق بينما تحجب الحقوق الأساسية التي يطالب بها أبناء أهمّ مؤسسات الدولة على الإطلاق بالنظر لأهمية دورهم في كامل تفاصيل المنظومة التعليمية في عموم الوطن وهم إداريي التربية.
وحتى أكون أشدّ وضوحا لنكتشف معا مصداقية الدولة وحكام ما بعد (الثورة المغدورة) إذ أن اغلب ما ورد في كامل الاتفاقات والمباحثات والحوارات مع وزارة الإشراف ومن وراءها رئاسة الحكومة الطرف الأصلي في إعطاء الضوء الأخضر لكل اتفاق دون نسيان دور وزارة الإشراف في مسألة تطبيق الاتفاقات المبرمة. فالعناصر الرئيسية لهذه الاتفاقات السابقة ظل حبرا على ورق على غرار تنظير عناصر التأجير (تعديل المنحة الكيلومترية+المنحة الخاصة) تثمين الشهائد العلمية احتساب سنوات التعاقد تحديد المشمولات تخفيض ساعات العمل تسوية المسار المهني وغيرها من المطالب التي تم الاتفاق حولها بل وهناك بعض المطالب كانت محددة بتواريخ على غرار تثمين الشهائد العلمية ومع ذلك لم تجد طريقها للتفعيل.
هذا غيظ من فيض وقليلا من كثيرا يمكن ذكره. والذي يثبت أن لا أمان ولا ثقة في تعامل وتفاعل الحكومات بوزرائها مع مطالب الإداري التربوي. وأنّ وطنية الإداري التربوي لا يزايد عليها أيّ كائن مهما كان مركزه وموضعه في خارطة الدولة والوطن عموما وأنّ الخطاب الذي يشي بالبحث عن تنازل أو محاولة شقّ الصفّ وكل محاولات الضغط نحو إفساد تحرّك الإداري التربوي في عموم الوطن من خلال أطراف متعاونة أو من خلال اللعب بالورقة السياسوية أو (تحت مسميات الجدولة) غير مقبول نهائيا فإن كانت الوزارة لم تحترم تعهداتها واتفاقياتها التي وقعت عليها فيما سبق وتخلت عن تطبيق ما تأجل فكيف ستثبت صدق نواياها في تطبيق ما سيؤجل اليوم؟
وأن هذه الدفعة النضالية المتواصلة بنفس هذا التماسك والتراص تحت الراية النقابية وراية الاتحاد العام التونسي للشغل. نتيجة الإحساس بالضيم والغبن وأن هذه القواعد المناضلة بجامعتها العامة وهي الثابتة على حد الاتفاق المعنوي مع قواعدها والاتفاق المادي في تطبيق كامل اتفاق 2018 من حقوق مشروعة دفعة واحدة لا جدولة لها ولا مواعيد سوى التطبيق الفوري
ونلخصها في عناصرها الرئيسية:
*بالنسبة إلى تنقيح النظام الأساسي:
1- تسمية السلك: تغيير تسمية السلك ب"السلك الإداري التربوي"
2- الرتب: إضافة رتبة "متصرف عام للتربية فوق الرتبة"
3- تمتيع كل موظفي السلك بترقية استثنائية في 01/10/2019.
4- يحافظ الأعوان الذين تمت ترقيتهم استثنائيا على الأقدمية المكتسبة في التربة السابقة لعملية الترقية الاستثنائية.
5- تمتيع كل موظف بالسلك بترقية استثنائية قبل الإحالة على التقاعد بثلاث سنوات بداية من أكتوبر 2019
*بالنسبة إلى المناظرات والترقيات:
آليات الترقية.
1- الترقية بالشهائد:
يرتقي إلى الرتبة الأعلى في 1 جانفي من كل سنة كل موظف بالسلك له أقدمية أربعة سنوات على الأقل في الرتبة ومتحصل على شهادة تساوي على الأقل الشهادة المطلوبة للانتداب في الرتبة الأعلى لرتبته الحالية.
2- الترقية بالملفات:
المقاييس
الأقدمية العامة: نقطة عن كل سنة مع احتساب الفترة التي قضاها المترشح بصفة تعاقد.
العدد الاداري للسنة التي تسبق السنة التي تم بعنوانها فتح المناظرة (وفي صورة التساوي تعطى الأولوية لأكبرهم سنا).
نسب الترقية بالمناظرات الداخلية بالملفات:
35% من مجموع المترشحين إلى كل رتبة ترقية.
يكون مفعول الترقية في 01 جانفي من سنة فتح المناظرة.
3- الترقفية بالتكوين:
يتمّ في حدود طاقة استيعاب المؤسسات التكوينية التابعة لوزارة التربية فتح مناظرات داخلية بالاختبارات للالتحاق بمرحلة تكوين تدوم 06 أشهر وتفضي إلى الترقية إلى الرتبة الأعلى مباشرة وذلك بالنسبة إلى الرتب من الصنف أ1 و أ2 و03 أشهر بالنسبة إلى كتبة التصرف المعنيين بالترقية إلى رتبة متصرف مساعد.
*بالنسبة إلى المنح:
1- تنظير السلك الإداري التربوي ببقية الأسلاك الخصوصية الراجعة بالنظر للوزارة وذلك بالنسبة إلى المنحة الشهرية الخاصة والمنحة الكيلومترية.
2- الترفيع في المنحة الخاصة بالأعوان المحاسبين الراجعين بالنظر لوزارة التربية 120د ابتداء من 01/01/2019.
وهذه المطالب القديمة هي ليس فقط نهاية بل هي طوي صفحة الماضي لاستقبال متطلبات الوضع الحالي والمزري والذي تعيشه البلاد والذي تتحمل مسؤولية التأخير فيه الحكومة ووزارة الإشراف على السواء. والمتضرر منه أيضا الموظف التربوي والذي لا يتمتع بغير راتبه لإعالة نفسه وعائلته ولا يوفر له عمله أكثر من هذا الدخل الذي بالقياس لما منح لإداريي مواقع أخرى يحملون ذات المستوى الدراسي وربما اقل خبرة وأقدمية في المهنة إلاّ انه تمكن من نيل مطالبه وحقق ما يحميه من الانجراف خلف مسالك لا تمت لأخلاق الإداري بصلة الاّ من شذّ (وهم قلة بالنظر إلى نسبة المنتمين للسلك الإداري في عموم إدارات الوطن).
وهنا يحملنا السؤال إلى المواعيد القادمة التي لها أهميّة كبيرة لدى رئاسة الحكومة ووزارة الإشراف والدولة برمتها ولا ترقى لمرتبة الرواتب التي فضحت أوراق الوزارة وطرائق تعاملها لمحاولة ضرب الحق النقابي والحقوق الراجعة لمنظوريها. وهي الامتحانات الوطنية التي تقترب مواعيدها. كيف سيكون الوضع إذا لم تحلّ أزمة إداريي التربية؟
لذا كان خطاب الوزير الذي استمعنا إليه في لقاء مع التلفزة الوطنيّة من منطلق الذهاب نحو حلحلة الوضع حتى إنجاح الامتحانات وغيرها من المناسبات الوطنية. وهنا نقول إذا كانت ثمة وطنية حقيقية وصادقة فإن منطلقها الرئيس هو الذي يفي بتعهداته ليجد صدى هذه الوطنية لدى قواعده وإن الإحساس بالغبن هو طريق للنضال وليس في النضال سوى الوطنية وبلا نضال ليس ثمة وطنية.
والحقوق هي أول أسس الوطنية فوطن لا يعطي حق مواطنيه هل يمكن أن يطالب أبناءه بالثبات على هذه الوطنية أو الانزلاق نحو الجريمة في حق الوطن ومواطنيه. وبالتالي ثمة درس تاريخي بعيد وقريب يقول سؤاله الموجه. هل يبقى حكامه في أماكنهم؟
والتاريخ القريب واضح كيف هرب بن علي ونظامه إلى الموت في الغربة وليس في الوطن.
المختار المختاري 'الزاراتي'
Comments