top of page
Rechercher

(انتفاضة ألزوالي)تونس14/17 جانفي2010/2011 (الجزء الأول) المختار المختاري الزاراتي

  • Photo du rédacteur: zaratimoukhi
    zaratimoukhi
  • 18 juil. 2022
  • 36 min de lecture

الإهداء:


إلى روح شهداء تونس منذ بدأ تاريخ هذه الأرض ذات البعد الإنساني العميق. بما تمثّله من خليط عرقيات وديانات وثقافات عديدة ومتعدّدة أثرت الشخصيّة التاريخيّة بجميع وجوهها وتفاصيلها

تلك أرض"إفريقيّة"مانحة اسم القارة بأسرها

ـ ملاحظه: إن هذه المحاولة لقراءة الأحداث واستقراء مصير وديعة الشهداء فينا. هي محاولة خاصة وبجهد ذاتيّ وموضوعيّ. ينشد حقيقة من نحن في المشهد وفي الصورة. ومدى ثوريّة ثورتنا ومآلها. بعيدا عمّا يعرف بنظريّة المؤامرة(ولو أنها نمط يستقرا به التاريخ وفيه ما هو صحيح(في ثوراتنا الحاضرة خصوصا) وجب أن يعتدّ به ويدرس بموضوعيّة تاريخيّة فمن قواعد وآليات المستعمر هي المؤامرة) لكنني عوّلت على قراءة الأحداث والمراحل بمنهج تاريخي جدليّ. واقعيّ تحليليّ.وبحسب مجريات الأحداث وتطورها.رغم ما فيه من العمل التقريري الصحفي الذي أراه داعما ولا يخلوا من التأريخ.فهو يعتمد الميدان ودوافعه. قبل العاطفة وما تبصره.وبلغة أكثر اقترابا من المواطن العادي المتعلّم على اختلاف درجاته.وبعيدا عن خطاب من يدّعون أنهم نخبتنا وثروتنا السياسيّة. وبدون مصطلحات ذات بعد معرفي نظري موجّه للنخبة. وإنما مخاطبا أكثر ما يمكن من شرائح وطبقات المجتمع.معتمدا أساسا على ما نشرت من مقالات صحفيّة متابعة لأهم الأحداث ومحاولة الإجابة عن أسئلة جوهريّة تخصّ الشأن التونسي خصوصا. ولي أجر من حاول... ثم العربي عموما.بتداخل الأحداث وتشابكها.لما يمس من وحدة الأرض العربيّة وشعبها.رغم التجزئة المفروضة...

وشكرا.

المختار المختاري الزاراتي

تونس من 2011 إلى 2017

***

لماذا انتفاضة وليست ثورة


بالرجوع لتاريخ الثورات الانسانية والمحددات والمعايير. والعناصر التي بنتها عبر التجارب التاريخية للإنسانية الثائرة. ليعتمدها العلماء والمؤرخون في عملهم التصنيفي ويطلقون مصطلح ثورة على المادة المثبتة لديهم محل الاشتغال.فانّ معظم هذه الشروط الاساسية والرئيسيّة. لم تتوفّر في الحالة التونسية موضوعة هذا الكتاب.

وأهمها وأوّلها قيادة الثورة.فمن جانب كان هناك حضور اعلاميّ لعديد العناصر التي اسندت هذه الانتفاضة وساهمت ولو بجزء ضئيل في اندلاعها.لكن على الارض لم توجد قيادة فعليّة محددة لشروط قيام الثورة ومراحل صعودها الطبيعي لتكون ثورة تغيير جذري ومبني على اسس من الوعي والسند الفكري المحدد لجملة نقاط اندلعت لأجل تحقيقها هذه الثورة.

والذي حصل على الارض الواقع هو حالة مطروحة للدرس وتمثل استثناء حتى على صعيد تصنيفها كانتفاضة ولو انها اليها اقرب.ففعل العناصر الحديثة على الارض كان محدد ومن الاهميّة بمكان حتى يصعب علينا تغافل دوره او تهميش فاعليته.وأكبر هذه العناصر أهميّة هو (مواقع الاتصال والتواصل الاجتماع. أي الانترنت)والذي سنشرح أهميته في خلق ما يسميه العدو الامبريالي (الفوضى الخلاّقة).

فكل الدعوات للتظاهر والخروج عن السلطة عشية 14 جانفي كانت تمرّ عبر حلقة التواصل الاجتماعي لتصل الشريحة الأهم في هذه الانتفاضة (الشباب) ولتكون عناصر قيام هذه الانتفاضة ممثّل في شعارها الذي وقع الاتفاق عليه ضمنا ودفعا من مصادر توجيه هذا السلاح الفعّال الجديد ونعني به(مواقع الاتصال والتواصل الاجتماعي على الانترنت)

وحاصل واقع انتفاضة تونس انّ الشباب التونسي قام بدور أساسيّ لم يكتمل بحكم عنصرين رئيسيين.

الأوّل الحرب الإعلاميّة التي كرّست بشكل جذري ما سمي غدرا(براءة الثورة من الانتماء السياسي وأنها عفويّة)حتى اصبح الشباب المنتفض يتباهى بجهله بين الامم وهو يمجّد عدم انتمائه الثوري لا لليمين ولا لليسار ولا للوسط.وانجرف الجميع نحو اغلاق ذهنية وعقلية الشباب الثائر ونسبة الوعي الجمعي للمنتفضين لتأسيس وتكوين قيادة منتمية وواعية وحركية فاعلة من الممكن ان تكون من الميدانيين حتى ومن عناصره النوعيّة تقود وتأسس وتبسط نفوذها على الدولة ومفاصلها بقصد التغيير الجذري الثوري.

لكن الحاصل أنه سلّم أمر الانتفاضة الشعبيّة في البدء إلى بقايا عناصر النظام ومن ثمة سلمت إلى منتدبي تاريخ الامبريالية والتي بدورها سلمتها إلى الرجعية وبلغ الأمر إلى تأسيس شروط جديدة أسست لمشهد جديد اتعس من القديم وقبر بالتالي حلم تونس كلّها ومن ورائها الانسانيّة الطامحة للقيام على دكتاتورياتها ومستعمرها وناهب دمها ومفقّرها. وقبر بذلك جملة شروط قيام الانتفاضة وعناصرها المطلبيّة الرئيسيّة الممثلة في شعارها المحوري.

'شغل. حرّية. كرامة وطنيّة'

أو................خبز. حرّية. كرامة وطنيّة.../...

وهنا وجب التذكير من خلال مقارنة بسيطة بين انتفاضة (الخبزة) 1984 وكيف كان لها قيادة تسيّرها ممثلة في 'الاتحاد العام التونسي للشغل'بقيادة الحبيب عاشور ومن معه.ولها قاعدة شعبيّة واسعة وواعية ولو بنسبة مرتفعة عن مثيلتها في 2010 وأحدد وعيها بالعناصر المطلوبة وهي الوعي السياسي والنقابي وسقط فيها من الشهداء عناصر نوعية فمثلا شهيد الحركة الثورية والشبابية عريس الوطن الشهيد'الفاضل ساسي'الذي سقط يوم 4 جانفي أي في أوّل أيام الانتفاضة وهو الاستاذ الشاب حديث التخرج وقائد قافلة الشهداء الذين توزّعوا على عموم الخارطة.وكان حراكها شعبيا بكل الاعمار والشرائح بلا استثناء عكس ما كان من اعمار الذين خرجوا في 14 جانفي الذي غلب عليهم النفس الشبابي.

وغيره من المعطيات التي تعكس قوّة انتفاضة الخبزه والتي لم ترقى في قاموسنا الاصطلاحي الى مرتبة ثورة.

سيقول بعضكم ان بورقيبة لم يهرب وبذلك تصبح ثورة.

أجيبه أنّ بورقيبة كان في تلك المرحلة التي كانت فيها فرنسا لا تزال تسيطر على قرارها المستقلّ نسبيا خصوصا فيما يخصّ مجالها الحيويّ(مستعمراتها القديمة الدائمة).وأمريكا ساعتها لم تحكم سيطرتها على أوروبا العجوز وعلى أنظمة الحكم فيها ولم يكن لها في تونس سند شعبيّ تستند اليه للاندساس في صلب القرار رغم التعاون والتعاطف والسند الذي تجده في الأغلب الأعم من الطبقة الحاكمة والمؤهلة للحكم بعد بورقيبة. لذلك كان بورقيبة هو الضامن الوحيد لاستمرارية الحالة حتى الاندساس والتجهيز وبسط النفوذ للمرحلة التي كان بن علي بغبائه وفقره العلمي وثقافي الشخصي وكذا البطانة والمحيط وفي افضل الحالات وعيا كان هؤلاء الواعون منبطحين إلى درجة أنهم كانوا الخدم الأوفياء للجهلة وبائعي علمهم ووعيهم وذواتهم للبطانة.فهم بمعرفتهم الاداريّة والعلميّة كانوا الأداة التي شرّعت وقننت السرقات والنهب واغتصاب املاك الشعب والخواص على السواء بضبط قوانين واطر اداريّة وقانونية سهلت لهاته العصابة ولمن يدفع مقابل الخدمات ما كان جاثما على كاهل الشعب المسكين.وهذه الحالة ليست بالجديدة بل هي ما تربوا عليه منذ زمن بورقيبة وحتى منذ الاستعمار المباشر من رشوة ومحسوبية ومحاباة وغيره من الامراض التي نخرت عمق الشعب فأصبح هو المشجع عليه والمتعامل به من الاسفل والى اعلى رتبة في الدولة الخربة.

لذلك على الدارس أن لا ينساق وراء ما يريده البعض بل أن يخضع جميع المعطيات للتحليل والاستنتاج وللتدقيق في تفاصيل الاشياء الصغيرة قبل الكبيرة.وأن لا تأخذه نشوة هرب بن علي الذي كان مبرمجا سلفا والذي كان مخططا له عكس ما كان زمن انتفاضة الخبزه حيث كان يجب الحفاظ على موقع بورقيبة الخادم لمشروع المستعمر.والذي لم يترك لهم فرصة اختيار بديل اذ حطم كل مكونات الشخصيات التي كان يمكن ان تكون بديلا له بحكم مرض الزعامة الذي غرسه فيه حاشيته غصبا عن الشعب أولا ثم كان الشعب الجوق الذي يهلل ويطبل حتى أقنعه بمرضه هذا(الاّ من بقي وفيّ للشعب من المبدئيين).وكذلك زمن بن علي ولو بمتغيرات جزئيّة بسيطة نتاج تغيير الأيام والسنين وبعض التقدم الحاصل في ذهنية الجميع

المختار


نحن و الضدّ الذي فينا؟

منذ البدء. وفي إطار خارطة المستعمر. كان هناك محطّات تمثّل بالنسبة له مخابرا عملية و علمية. لإنتاج البرامج الملائمة لكلّ أمّة. وفقرة في تاريخ الإنسانية الحاضر(أي الذي يكتب الآن على الأرض)ومنها ما يحصل الآن بالهند من خلال الشركات الكبرى للأدوية وهذا القطاع الذي عرف عبر التاريخ بإنسانيته وتعاليه على المادة مقابل الروح الإنسانية سواء بالمفهوم الديني أو العقلي العلمي لكن هذه الشركات الإنسانية جدا اختارت أحد أفقر البلدان لتجعل من إنسانها فأر تجاربها وببخس الأثمان وبدون متابعة علميّة طبيّة للانعكاسات السلبيّة لأدويتها المستحضرة والتي تساهم في إعاقة وحتى موت عدد مهم من مواطني الهند في ظلّ حكومة أباحت وتساهلت حد إهانة مواطنيها بتواطئها اللا وطني هذا لكسب بعض الدولارات ومن يدري في أي اتجاه وحساب بنكي ؟ ولمن تذهب ؟

ولئن كانت الهند مختبرا علميّا واقتصاديا وسياسيا ومن هذا المنطلق ذاته ومن خلال مشاريع المستعمر بشركاته العابرة للحدود بقوّة قادر .فإنّ الثالوث مصر تونس ونقاط خليجيّة تمثّل وحدة واحدة إنتاجيه للفكرة. هي الإمارات(كجنّة ماليّة). ثمّ استبدلت الكويت بقطر لموقعها العسكريّ وطاقاتها الماليّة. ومدى قدرة حاكمها على خدمة مشاريعهم من حيث التواطؤ الكلّي والعمالة وتوفيره لكلّ ثروات البلاد لخدمة مشروع يتخيّل أنه أميره ومن يجني ثماره للصعود كقوّة بديلة عن القوى التقليديّة المستهلكة كلّيا والتي كشف كلّيا عن ملفّ عمالة حكّامها وتواطئهم الغير مشروط مع الامبرياليّة والصهيونيّة العالميّة.

مع بقاء الإمارات كقاعدة وجنّة تحصر فيها وتحشر أموال الهاربة من الضرائب.والأموال ذات الأصول الفاسدة كأموال المخدّرات وأموال السلاح المهرب من الأسواق السوداء وغيرها.مثّلت هذه المحطات مختبرات هامة وعلى جميع الأصعدة لإنتاج وتجريب الكثير مما جعل منها فعلا حديقة خلفيّة مثاليّة للمستعمر مع وجودها كسوق استهلاكية متميزة ومميزة.

وهي ميدانيّا ثلاثة محطّات مغايرة. ومهمّة في إنتاج الحلول السريعة والملائمة إلى حدّ بعيد. لخدمة أهداف "حديقة وطنهم الخلفية" التي يمثّلها العرب. بخيراتهم التي تتنوع بين ثروات الأرض"بين باطن وسطح". وثروات الساعد. وما يحاولون امتلاكه كلّيا. الثروة الفكريّة (حتى بالتبعيّة إن لزم الأمر سرّيا). لأن هذه المخابر في أصلها. هي تطرح عليها جملة مشاكل ومسائل معقّدة لا يمكن لباحثيهم في خلايا الأبحاث الموظّفة للغرض أن ينتجوا لها حلولا بمعزل عن أهل الساحة. فيقع على كاهلها إنتاج الحلول.التي تدرس ويعاد إنتاج مراحلها حسب ما يتلاءم وقدراتهم ومصالحهم في المناطق والرّقاع.

إذا هي مفكّرة(ولو أن هذا الفكر حوصر إلى درجة تكوين نخبة تابعة في أغلبها. (رغم فعل الزمن الذي أبق على عناصر وطنيّة التفكير وحلولهم المقترحة). والتي مثّلت ولا تزال عنصر الجذب لمطالب الشعب.أمام هذا المشروع ألمخبري. (ألمخابراتي في توجهه).

ويبق على الطرف المرشّح لدور الريادية ميدانيّا. وهو محدود الصلاحيات. محدّد الوجود.تحمّل فيما تحمّل أعباء وجود هؤلاء الوطنيين في ساحته لما يمثّلونه من ورقة مهمّة. غصبا عنهم وليس بمحض إرادتهم.لكشف مختطاتهم ونذالة وحقارة مؤامراتهم على أوطانهم وشعوبهم.ولأن التخلّص من هذه العناصر ليس مهمّة عسكريّة قتاليّة(على الأقل في الوقت الراهن). ولا حتى الحاجة تفرض إلغائهم تماما من على الساحة. لتكريسهم ورقات ضغط حين يجب وزمن يجب للحكّام الموهومين بسيادة وسلطة وريادية أبديّة ومطلقة. كان ولا زال مطروحا عليهم مسألة الاحتواء لهذه العناصر النوعيّة (والتي وهبتها "روح الثورة"وجودا فاعلا على الأرض)

أو تحييدهم في زمن الأزمة. وحين انكشفت أزمة المستعمر(وعلى الأخص السيطرة على المستقبل "خصوصا منه المنظور" في ظلّ التناحر على السلطة داخل كيانات حديقة وطنهم الخلفية. ودخول لاعب جديد على الساحة الاقتصاديّة العالميّة من صلبهم لكنّه شره وشرس. ويلغي سابقه في أي لحظة. وبقوّة متناهية. من خلال أساليب قذرة(وتعدّ لا أخلاقية في عرف و مفهوم الاقتصاد العائلي الذي لا يزال يسيطر على منافذ الحكم في هذه الدول). وهو المولود من رحم طموح المافيا والصدفة وليس من العائلات التقليديّة المصنّعة والمتاجرة. وهذا العنصر الجديد أخذ في الاستفحال في شريان الطامحين من حكّام مهزومين. إلى بلوغ ثروة تنسيهم فقر منبعهم الأصلي الذي صنعوا منه. وهم زين العرب. ومبارك. والعقيد.وعلي عبد لله صالح وغيرهم كثر ومنهم من احتكر ثروة شعبه لخاصته وبطانته من عربان الخليج. وهم صنف ثاني هو دائم التعامل بحكم المصالح. وتمّ تأسيس ما يشابه عائلات الغرب الحاكمة بالسلالة الدمويّة للتحكم في مطلق البلاد. ولتضمن بقاءها الدائم هي مستعدّة لفعل الكثير. وصرف ما يلزم على هذا الكثير. قصد الديمومة المطلقة في الحكم .ومن أهم أسلحتها الداخليّة طبعا عامل الدين الذي يشرّع وجودها على رأس أمّة هي عربيّة قبل أن تكتمل بإسلامها كيان كامل متكامل.

وبعد ما تخيلوه من انتهاء حقبة الثنائية الحاكمة في العالم وتفرّد حاكم يريد أن يكون مطلق بأي ثمن(وهنا أطرح سؤالي: من الذي يرغب في هذا الحاكم المطلق؟ ومن رشّحه لهذه الخطّة؟ وما حاجة الإنسانية عامة لهذه القوّة؟ أليست مكيدة أمل المال للسيطرة على عبيد الزمن الذي نعيش،والزمن القادم. لفرض تواصل وجودها في نعيم حيث يشقى ويموت الفقراء والمعدمون والكادحين بفعل شراهتهم ونهبهم المتعمد لكدح وعرق هؤلاء المعدمين؟وبمنطق القوّة العسكريّة إن لزم التدخّل. وسياسة تعتمد التخويف بما تمتلك من ترسانة حربيّة.وبجيش من المرتزقة. يعيشون على حلم ألثراء بفتات الرأسماليّة الامبرياليّة والصهيونيّة. ليقتلون الناس في أوطانهم. وليبق من يبق عبيدا. يرضعون دمهم. ويولون عليهم من يرون فيه(الكاو بوي مسخرة) الذي كانوا. أيام دخولهم جنّة الهنود الحمر التي سرقوها وأبادوا أهلها. ولعلم من لا يعلم. من بقي من الهنود الحمر(أصل سكان المكان) هم الآن في مساحات محصورة بسياج يزورونهم السياح ليتأكدوا من صحة (كذب) الأفلام التي طالما شاهدوها في صباهم حول قوّة وشجاعة وإقدام(السارق والناهب) راعي البقر.وقلّة ذكاء هؤلاء الهنود المتوحّشين. وهذا البقر والذهب وأصول الزراعة وغير ذلك من مستلزمات الحياة التي كانت منطلق ثرائهم قبل اكتشاف الطاقات الأخرى التي كانت بوابة عالم المهاجرين من جحيم الحرب في أوروبا ليكونوا أرضيّة العلم والبحث التي بدءوها في أوطانهم من أين جاء به؟ أمن سجون أوروبا مهدهم الأول؟ حيث كانوا يقضون سنوات سجنهم قبل أن تطلق أياديهم في أرض أمريكا؟ وهنا أنهي السؤال حتى لا أخوض في موضوع آخر.). وعلى إثر دخول لاعب جدد على المستوى الاقتصادي وذراعه العسكريّة آخذة في الطول إن لم تكن طالت فعلا. مع ما لم يتخيّلوه من سرعة تماسك روسيا. وريثة الاتحاد السوفيتي. بفضل توفّر خيرات كثيرة وإرث علميّ وأرضيّة عسكريّة متطوّرة. أعادت تشكيلها. أخطاء هذه القوّة الوحيدة الطليقة(التي تفترض نفسها كذلك) وأطماعها المفضوحة في الانفراد بالسيطرة على الثروة في كلّ العالم. لتعيش أمريكا أولا. وثم أتباعها الخلّص. من الذين ولدوها أي أوروبا العجوز التي أنجبت أصولهم وأصل الصهيونيّة. التي هي الآن أكبر منتصر(بهزيمة مقدّرة في الزمن القريب)رغم أنها أهم مفصل في وجود أمريكا ذاتها. فلو سألت أي مبتدئ في عالم السياسة والاقتصاد والتاريخ(سيجيبك حتما أن كل مقوّمات القوّة. والموقع الاستراتيجي. وديمومة الاستقلال"حتى لا أقول السيطرة"مع عوامل وتفاعلات التاريخ بفعل نظرية المؤامرة والأزمات الدائمة. ووحدة المفصليات العرقيّة المبنيّة على وحدة الدين قبل المنشأ(إن أمنّنا بنظريّة الشتات). والرقعة الجيو- سياسية. والجيو- اقتصادية. وحتى الجيو- عسكريّة. (وهي عوامل كانت في الأصل ترشّح كلّ من أمم العرب. وآسيا ليكونا قوّة المستقبل) لكن لماذا العرب أقرب وأخطر؟

توفّر أهمّ شروط الوحدة إنسانيا(ما يعادل العرق حتى باحتواء أعراق أخرى من خلال الاختلاط الدموي تاريخيّا). أضف عليها وحدة العقيدة التي راكمت في كلّ المحيط لغة وقبلة واحدة. ما مهّد إلى وحدة عوامل كثيرة أهمها اللغة. والتجاور الجغرافيّ. حيث لا توجد فواصل تعيق جغرافيا هذه الوحدة. مع توفّر شرط رأس المال بفروعها الأرض والقوّة العاملة وأرضيّة فكريّة عند الأجيال الفقيرة.ورأس المال العائد من الثروات النفطيّة)هذا باختصار مجحف ما يمكن أن يشكّل أول أخطار تجابه المستعمر القديم الجديد.والذي مهّد لقبوله وكان سببا مباشرا لدخوله الأرض والزمن. انتهاء مفعول "الرجل المريض السلطة التركية العثمانية". ليخرج علينا بعد مزحة زمنيّة من مصّ دماء الشعب وثرواته كمستعمر مباشر. ومن رحم وجبّة إرث دفعه حبّ التماهي والتواصل مع التقدّم والحضارة. كما رآها هذا السلف ممن نعدّهم الآن إصلاحيين(المتشبّهين بما أبهرهم به التقدّم العلمي والفكري والطامحين لاستنساخه على أراضيهم وليس تثوير بنائهم العقلي والروحي بما لديهم من ملكات لبلوغ هذه الدرجة من التقدّم عن طريق التلاقح المعرفي المولّد) وهم في الأصل من مهّد لبروز وتوجّه أنظار المستعمر الجديد لنقطة الضعف هذه.وهو الطامع في ممتلكات الرجل المريض. والذي مرض من شبع بخيرات هذه الأرض. التي لا يزال حلمه يراوده بالعودة إليها بأشكال متعدّدة.خدمة لمشروعه الثوريّ جدا هو قوّته الاقتصاديّة المتماهيّة والقوّة الامبرياليّة. وما تحالفه مع الصهيونيّة العالميّة رغم كلّ المسرحيات السياسية التليفزيونية. فأسسها ثابتة على الأرض.وما تحالفه الاقتصادي والعسكري إلاّ واجهة ومدخل.

ولأننا ربينا على الاستكانة والخوف. نتاج لفقدان أجدادنا الحكّام(القريبين من زمننا هذا) لمكونات الشخصيّة ومقوّماتها. ولجهل. وحتى أميّة. وعدم أهليّة وقدرة، وإرادة واعتداد بالذات. وكلّ ما يتمكّنون به من فرض قوّتهم وحرّتهم.(رغم الكمّ الهائل من المسلسلات التي تمجّد وتطبّل لتاريخ كتب بدماء الشعب قبل العديد من الشخصيّات التي أبرزت البحوث الحديثة الكثير من الشبهة والغدر والوصوليّة في مواقفهم) فهم راحوا يتمسكنون لأيّ قوّة صاعدة لتقف معهم وتنصف قضياهم لكن بأي ثمن؟ رغم بكائهم على أطلال هي نافذة وقدوة كانت تفيدهم في العلو.ّ لا في التدنّي إلى أسفل مركز في خارطة الوجود الإنساني.

أثبت تاريخ حكّامنا أنهم لا ثقة لهم بالشعب. لأن الشعب يعرف ضمنا أنهم نصّبوا عليه من طرف مستعمر هو أصل من يحكم. ولا ثقة للشعب بحكّامهم. حتى يتحدون معهم. خصوصا بعد افتضاح أمر هؤلاء الحكّام في المحكّ(حروب العرب ضدّ الكيان الإسرائيلي). فتعدّد الخيانات التي من خلالها ثبت لدى الشعب أن الحكّام لا يخشون على كرامة شعوبهم وإنما على ديمومة ملكهم وثرائهم وعائلاتهم على حساب كرامة وحرّية شعوبهم إذا ليست هناك ثقة بين الحكّام وإن اجتمعوا. وكانت هذه الخطّة في التفرقة بين الحاكم والمحكوم والحكّام فيما بينهم. هي أداة السيطرة التي لا تزال حتى أيامنا هي العمود الفقري لسيطرة الامبرياليّة والصهيونيّة على العرب عموما.بأداة اسمها الخوف.

وكما أسلفنا. ونظرا لحصول طوارئ على مستوى تقسيم خارطة المستعمرات. والحديقة"إن لم أقل الجنّة" الخلفيّة للمستعمر التي أنتجت أيام الاتحاد السوفيتي. فكرة أقنع العالم وخصوصا العرب بها هي أن الشيوعيّة لا تعني الإلحاد والكفر والمجون فقط. وإنما مستعمر جشع راغب في الثروة العربيّة والإطاحة بأنظمتهم وعروشهم ومصادر عيشهم من نفط وغيره وتحويلها للشعب المفقّر والمجوّع ليكون هو سيّدا عليهم. الشيء الذي دفع بالحكّام العرب(أصحاب المال الوفير طبعا) لتوفير أموالهم للصرف على هدم وإعاقة وصول هذا الفكر(الشيطانيّ الذي سيحوّل ثرواتهم إلى تشارك مع الفقراء الكادحين الوضيعين والسواد الأعظم والغوغاء. وكلّ ما أنتجه الفكر "الفاتح" العربي القديم. الذي قام على أصل نشر الدين والدين لله وليس لما انتهى إلى إنتاج أكبر قولة تعلم منها العالم ماذا يعني أن تكون طاغية ثيوقراطيّ: ("أمطري أنّا شئت فخراجك لي") والآن وبعد خروج الاتحاد السوفيتي كممثل للمضطهدين وجب الانتهاء من أثاره. حتى لا يعود التشكّل من أرض خصبة أخرى رغم ثنائيّة في تجربتها وفكرها بما يتماشى والبعد الإنساني الغريزيّ. لكن بسيطرة الدولة وإشراف المجموعة الوطنيّة. حتى لا تنساق خلف رؤى فردا نية مطلقة(والأرض العربيّة خصبة من حيث تاريخها الكلّي في مسألة الفر دانية وحبّ الملكيّة وكنز الثروة حتى أنّ القرآن الكريم نبّههم لشدة حبّ رآه فيهم لكنز المال وخصّهم بآية يتوعّد بالويل والثبور فيها كانزي المال.) لذلك كان من الأجدر بهم(ما لم يفعلوه حتى اللحظة هو قراءة دينهم وقرآنهم. بشكل يتفق مع كنهه الصحيح بعيدا عن اقتناص ما يخدم مصلحة الحكّام وحاشيتهم من المنتفعين بفتات رأس المال الشعب على أرض الشعب الذي ينتج.

لكنّ ما تأكّد منه المستعمر أن العرب عموما لا يقرؤون وزاد عليهم بمستحدثات الإلهاء الصفراء.من كتب مشبوهة. مع محاربة قاعدة التعلّم حتى غدت انتقائية. ولا يعطى لها سوى المادة الأولية التي إن برع فيها وجّه إلى ميادينهم وساحاتهم للاستزادة. ومن ثمة إغراءه وكسبه. أو فمصيره الموت بشكل من الأشكال(منها الموت حيّا) ومنها عند عودته يوظّف مديرا في مكتب يمضي على أوراق في أفضل الحالات موتا. حتى غيّبهم تماما عن التفكّر والتذكّر على الأقل من خلال الأحداث القريبة والتعلّم منها. ومن أصابه مسّ من الذكاء فتلك مصيبة له. نعرف مسبقا ومن غير ما أتحدث في هذا الشأن مصيره.وقواعد اللعبة حتى اللحظة بيد المستعمر. وهذا في حالة من النبوغ. لكن بقي حدود التعلّم مثلا في ممالك الله على أرض الديانات، مرتبط بالحلال والحرام"وما يخدم ديمومة ملك الإنسان لملك موهوب من الله.وهو الذي استهل وحيه لنبيّه بأمر"اقرأ". ولا أظنّ.أو حتّى أشكّ البتّة أن الله غير عادلا في توزيع ثروات ملكه بين الناس. لكن جعلوا من تربتهم وترابهم وتربيتهم وتعليمهم أداة لإنتاج فرسان الملك تحت غطاء فرسان الإسلام والسنّة من الوهابيّة.ومن جبّتهم أخرجت بأمر من العدوّ الأزلي. تنظيمات كالقاعدة والسلفيّة الجهاديّة بتفصيلاتها. لغرض الإطاحة بالشيوعيّة السوفيتية في إفغانستان أولا. ثمّ اتجهت نحو دمها لتريقه فداءا للعدو. فأحلت ما حرّمته الديانات جميعها وليس الإسلام فحسب من إراقة لدم المسلم وغير المسلم من أهل الكتاب وحتى غيرهم ممن ذكروا في الكتاب. ومعروف مسبقا نتائج المرحلة الأولى.وها نحن نعيش المرحلة الثانية منه. وهذا على غرار ما خطّته مصائب تاريخ الحكّام العرب.وعوض أن يعتبروا منه في حكمهم ابتغاء مرضاة الله والإنسان من محكوميهم. تمادوا في غيهم وجورهم وطغيانهم.

و في ظلّ معطيات التمدّد الاقتصادي الذي يعكس في أصل وواقع الأمر تعاطفا فكريّا وإنسانيا، نتج عن هذا التعاون الاقتصادي الذي زاحم القوّة المفترضة وحيدة في مقتل. إذ فضح الكثير من الجشع والبشاعة والطغيان الاستعماريّ. وفضح أيضا ما تشيعه عن هذه الحضارات. و هذا العنصر الإنساني والفكريّ. من خلال الاتصال بهم مباشرة. و حتى لا تزيد نسب خسائرها مع.تصاعد قوّة ما. ترى فيهم انتهازيين ووصوليين من أثريائها الجدد. الذين تسببوا لها في أزمة عالميّة انطلقت في شكل سندات عقارات لتشمل سوق المال وغيره من أسواق. كانت لحدّ قريب حكرا على العائلات الصناعيّة الكبيرة المحكومة بعقود وإطار تنظيمي في أحد أبعاده حكومي منظّم ومتخلق بمفاهيم الأخلاقيات الامبرياليّة العنصريّة. لكن هذه المافيا التي كانت طليقة اليد بحكم أوامر المتصارعين من ذات البرجوازيّة التاريخيّة العائليّة. لإغراق من تريد إغراقهم من الأشخاص والحكّام في ملفّات تفيد في أيام معلومة سلفا. تجاوزت حدّ المسموح واقتربت من بيتها الأبيض كثيرا ومن أطر سياسية أخرى ذات القرار الفصل. مما أربك حتى مستوى إنتاجها ودفعها إلى الغرق أكثر في سوق الاقتراض ومن من؟ من عدوّها الصاعد كقوّة. كم حاولت إغراقه في مستنقعها لكنها لم تفلح حتى الآن على الأقل. وأعني الصين تحديدا. هذه القوّة التي حسب استنتاجي هي المحرّك والمسرّع لحدوث حرب عالميّة ثالثة قريبا. أكثر منها صحوة واستعادة تعافي الروس. وافتضاح أمر حكّام لم يقدروا على هزم عدوّهم التاريخيّ في أي حرب بجيوش وإمكانات ماديّة. ودعم من عادوه من الأحلاف. ثمّ ساهموا وبقدر كبير في تحطيم شكله لا عمق بعض فروع مضامينه، كما أرادوا. و خصوصا حضور هذا الفكر في أرضهم من خلال التبشير بعصر جديد مات فيه الفكر الاشتراكيّ تماما.

ولكن هذه المضامين لبست لبوسا مختلفا بحسب ما أشاعوا على أنّ هذا العصر هو عصر حروب أديان ومذاهب وليس فقر وظلم طغاة. فكانت هزيمة الصهيونيّة المدويّة والتي سيبني عليها طغاة الامبرياليّة والصهيونيّة تفاعلات أخرى في إدارة الصراع.وهي هزيمتهم قدّام حزب وليس حتى دولة بمفردها(وأعني حزب الله). هذا الحزب ذي المرجعيّة الشيعيّة والأصول العربيّة وليست فارسيّة. والمدعوم من إيران وسوريا. المدعومين من طرف روسيا والصين. والذي لم تفلح جميع محاولات كسره وكسر سلاحه المقاوم. بحيث يمثّل حتى اللحظة أكبر مهدّدا لمستقبل الكيان الذي يمثّل واجهة من واجهات الصراع. الذي يعيق توحّد العرب(الخطر الذي مع توفّر عوامل أخرى يمكن أن يكون السلاح القاتل لوجود هذه القوّة(الامبرياليّة والصهيونيّة) التي تفترض نفسها اللاعب الرئيسي والوحيد. الذي يجب أن يكون)وأهم ورقة تمسك بقوّة حضور(حزب الله) وتجدد دمائه السياسية والعسكريّة هو كسره لوهم القوّة الخارقة والخرافيّة للعدوّ.(وما يجب على القوى اللبنانية فهمه أن حزب الله باختلافاته وأخطائه. التي توقعه فيها ظروف التعامل مع العدوّ الذي لم يترك لها منفذا حتى في داخل لبنان. وجب التعامل مع ملفّ سلاحه بحذر كبير فهو ضمانة وورقة التوت التي تغطّي عورة السياسة الاستعماريّة للمنطقة برمتها).

زد على ذلك شبه انتصار إعلامي فاضح وليس عسكري. للمقاومة الغزّاوية المدعومة من سوريا(في معركتها الأولى) أيضا رغم تفاوت قوّة التسليح بين حزب الله والمقاومة الإسلامية في غزّة والتعاطف الدولي الذي أنتجته تلك الحرب التي عرّت. وتعرّي الكيان الصهيوني. وتضعف حضوره ليس دوليا وحسب(رغم إسناد أمريكا لها ولسياساتها ككلّ) وإنما شعبيّا. لا في المنطقة وحسب وإنما في العالم الإنساني. وهو ما أحرج حكّام الهزيمة. وأجّل مخططهم ألتواطئي الانهزامي.ومن وراءهم القوى الاستعمارية الامبرياليّة الغازية. وسنرى لاحقا كيف قطر شقّت صفّ حماس في غزّة وخارجها وزجها في قلب المؤامرة على وحدة الصف الفلسطيني المقاوم.

غباء الغزاة.

أنتجت القوّة غباءها الكارثيّ الأول في ولاية بوش الابن حين جنّد العالم في حربين(الأولى قادها الأب. الذي خاف التورّط فخيّر انسحابا تكتيكيّا قيل أنه مشرّف. لكن غباء بوش الابن أوقعه في المحظور الذي خشيه أباه في حرب 1991) وكانت له في الثانية2003 التي وضعت العراق في حالت انفصام.أسست لمرجعيّة سياسيّة مآلها الأخير حضن إيران. وبما أنها لم تفهم درس انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان. فهي زادت في تورّطها حين قامت بالحرب على طالبان. وعدّت حربيها انتصارا تاريخيّا. والحال أنها أفاقت وقد دخلت المستنقع بمفردها فجيشها أصبح في المتناول. وقوّتها مصدر فخرها واعتدادها عار تمام. ومكشوف للأعداء الرئيسين وهم الآن يساومون سلامته وحفظ ماء وجهه. رغم الدعم المادي والسياسي العربي السخيّ جدا طبعا.والذي بلغ حدّ شراء مواقف دول أخرى بأشكال متعدّدة.وأيضا قواعد الإمداد العسكري التي يتصورونها كافية لتكون مؤسسة لنقاط تفوق أماميّة.في خليجين(العربي والفارسي العربي المشترك) مأمونين الجانب طالما أركان حكم أهمها(العربي) في مأمن من أرضيّة المتغيرات السياسية الثوريّة.

ودعم لا محدود سياسي من حكّام دول الفقر.أو حتى شبه حياد إيجابي لصالحها كما في تونس في 1991. وكان نجاح أوباما هو مبني على قاعدة الخروج من الورطة والانسحاب الفوري والسريع. تزامنا مع بناء قاعدة متقدّمة لعدم استغلال إيران أو غيرها الفضاء الفارغ. الذي أتاحه لها غباء(الصقور). والتواصل مع المخطّط الجديد في ما يدعى بالثورات العربيّة. بعد أن سرّع هذا الغباء في تعرية وتواتر الأحداث ودفع الصهيونيّة(الكيان المهزوم) من التأكيد لكلّ قوى الإمبرياليّة الاستعماريّة على التخلّص من إيران أولا وقبل كلّ شيء. لكن الإدارة الاوباميّة التي وجدت في شركائها الأوروبيين الذين يخشون ليس فقط من تصاعد نجم روسيا كقوّة اقتصاديّة لابدّ منها على الأرض العجوز.وحتى في أسوأ الحالات يكون صعودهم موالي و بشروط أن تكون ذليلة مطيعة. وليس قوّة قادرة على ابتلاع أوروبا ومعاقبتها كما هو الأمر مع ألمانيا تاريخيّا. كما كانت. قبل أن تتورّط في اتحاد مهزوز. إن لم أقل مهزوم سلفا نتيجة التدخّل المباشر والغير مباشر في كلّ حياة أوروبا الموحّدة سياسيا واقتصاديا وعسكريّا وخصوصا في محيطها الحيوي مستعمراتها القديمة التي هي ذاتها أسواقها ومصدر طاقاتها في كلّ مجالات الحياة(وهذه الورقة الرئيسيّة التي حتى الآن لم تستخدم لتحرير هذه الحدائق الخلفيّة من استعمارها بفضل حكّام مهزومون متواطئون العملاء.والمحايدين في أفضل الحالات انبطاحا).

وما بيناه من شروط لوحدة "عرقيّة" وأرضيّة لا تتوفّر إلى حدّ الآن إلاّ في العرب أو في آسيا الصفراء. والعرب أقرب لعذريّة الأرض. وتوفّر المادة الأولية. والثروات الطبيعيّة المتنوعة.فضلا على وحّدة اللغة. والدين لدى الغالبيّة الكبرى. والمصير وغيره من العوامل الداعمة. وهذه المستعمرات هي الآن تتحمّل أعباء أوروبا الموحّدة وأمريكا الامبرياليّة الصهيونيّة. وبعد الضعف الذي برز في أوروبا المتأزّمة برز نجم ألمانيا الاقتصادي "رغم ما جنته تاريخيا من بشاعة مواقف أوروبا وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا. بقصد إضعافها وإذلالها إلى الأبد. والتي إن انكشف أمر هشاشة اقتصادها. فهي دول تعدّ منذ البداية فقيرة فإن فرنسا مثلا التي تعدّ قوّة هي في مسيرة إفلاس واضح وإضعاف متعمّد من القوّة الرئيسيّة المتحكّمة وهميا في العالم. لذلك فهذه التي تتصور أنها لا تزال قوّة على الأرض هي جندي مخترق ومستعمر).


ـ البرنامج:


هكذا بلغنا حدود البرنامج الثاني الغير مكلف(وهذا ما بشّر به عرب المال) "الثورات العربيّة". أو إنتاج الحلّ من الأصل وبالأصل ومن ثمة تحويل وجهته واستعادته(بحقّ أريد به باطل وهو ديمقراطيّة ميتة في المهد الأول) وبتعاون لاعبين من ذات الأرض. ومن الميدان الثائر.وفّرت لهم القدرة الماليّة لتتواصل مع الأطر "الرأي العام" الحالم بتحطيم الفقر وقتله.(فقوّة المال تمثّل مفتاح ولوج بطون وبالتالي عقول الفقراء حسب ظنّهم).


المسألة الديمقراطيّة في الوطن العربي

1ـ استعمار العراق تحت مظلّة الديمقراطيّة الجديدة:


من الأكيد أنّ الأنظمة العربيّة كلّها دكتاتوريّة. وأثبّت كلمة (كلّها) على الإطلاق وليس بعضها وسنبين تدريجيّا هذه الجدوى. والحجّة من الدكترة المفروضة قسرا على هذه الأمة بتجزئتها. ولا مجال للنقاش في مسألة قتل الحرّيات في هذه الدول التي حوّلت إلى كيانات. ولأجزاء منفصلة. لكن لماذا العراق كان نقطة البداية؟

هل هو العقاب الذي جنته من ضرب إسرائيل في حرب 1991؟(وهنا وجب أن أنبّه لمسألة التشابه بين سوريا والعراق ليس في الأنظمة الحاكمة ومبادئها لكن في أساليب تعاملها مع مسألة الحرّيات وحججها في ذلك وهو العنصر الذي مثّل دائرة اختراق الجبهة الداخليّة للعراق ثم سوريا أيضا).العراق ومنذ ما قبل تولّي البعث الحكم بعد الانقلاب على الشيوعيين وبمعونة خارجيّة كان يعيش حالة حرب دائمة انطلقت من تحوّلاته الداخليّة حتى وصول الحرب التي أضطر على خوضها مع إيران. لذلك وجب بناء سند وسدّا اجتماعيا لهذه الحرب. ولهذا المقاتل المتمرّس.

(الجبهة الداخلية). وهي أحد أهم المعطيات لربح أي حرب. سواء عسكريّة. أو حتى اقتصادية ثوريّة. وبلا جبهة داخليّة أو من خلال إرباكها(خصوصا بالإعلام الموجّه مثلا(الذي برع فيه يهود أمريكا ومنها إمبراطوريّة مردوخ). ومن خلال حرب الإشاعات)الذي يثير الانقسام فيها. يسهل اختراقها. وبالتالي خسارة كلّ شيء. وحتى الوجود والاستقلال. لذلك كان الاختراق. ومن ثمّة احتلال العراق سهلا في .2003 بينما استعصى ذلك في 1991 لتماسك الجبهة الداخليّة وشبه انعدام عنصر الخيانة القاتلة.

وتحدّد مسألة الحرّيات في داخل هذه الدول التي يراد استعادتها كمستعمرة كاملة لا جزئيّة بشعار واحد"معي كلّيا لا جزئيا أو ضدّي كليّا" وبالتالي وجب الإقصاء(وهنا الإقصاء يتمّ عبر العقاب الأقصى بأصنافه) حفاظا على وحدة الصفّ في حجّتهم.

وبالتالي ضمان أكبر قدر ممكن من الإقناع بوجوب التغاضي عن كلّ الأخطاء القاتلة على مستوى التماسك الداخلي الديمقراطي المنشود. مقابل دكتاتورية ناسفة تكون حسب رأيهم مسارا لبلوغ الانتصار المنشود. حسب شعار "نفّذ ثم نتناقش "وهذا ما يمارسه كلّ نظام يعيش حالة حرب أو حصار أو مهدّد أو خائف. من أي شكل من أشكال التهديد والحصار والإرهاب بأشكاله التي برعت فيها القوى الاستعماريّة وعلى رأسها أمريكا.ولكن هذا لا يبرّر غياب النفس الديمقراطي المؤسس.

ولأنهم يعرفون كلّ هذه المعطيات. ووجدوا في تفاعلاتها خصوصا الميدانيّة معطى مهمّ.ومنها فعل طول مدّة الضغط على الجماهير. والتي كانت مقصودة سلفا. لبلوغ حالة الاضطراب الداخلي الكلّي. وكسر تماسك هذه الجبهة واختراقها من خلال الحلقة الأضعف أو التي تضعف أكثر لأسباب تتعدّد(منها في الحالة العراقيّة تحريك القوميات أو أيضا اللعب على التباينات المذهبية وتكريس فكرة أنهم مقموعين ومهضومين الجانب والحقوق"مثل الشيعة" رغم أنهم أغلبية"والحقيقة أنهم كانوا ممثلين في السلطة نوعيّا. على قلّة هذه التمثيلية من ناحية النسبيّة.وغياب مبادراتهم الفعليّة الناضجة وطني تجاه القطيعة التي نتجت عن تجاوزات السلطة الخائفة. من التواصل المذهبي بين شيعة العراق وإيران. التي تمثّل لهم حلم الحكم والسلطة.

وأيضا خطئ تعويل القيادة العراقيّة إثر حرب 1991 .على القبلية والمذهبية السنيّة التي كرّست في ذهنيّة الشيعي ما كان يروّج منذ زمن الحرب الباردة وحتى في زمن الاحتلال البريطاني.وليس المرجعيّة الفكريّة الإيديولوجية. خوفا من الخيانة من خلال تعاطف مذهبيّ" وهذا الضعف يجعلها مستعدّة للخيانة. وهذا ما حصل فعلا نتيجة عدم تغذية الفكر(رغم أن الشعب متعلّم وله نخب ترتبط بالحزب بروابط الخوف وليس الاقتناع نتيجة ترسّب الأفكار القمعيّة والانتهازيّة في أغلب عناصرها. وتطوّر الفكر لدى بعض آخر نحو التحاور وعودة الأطراف السياسية العلميّة والعقلية المنزع و التوجّه. بما كاد أن يكون رافدا للجبهة الوطنيّة وليس عكسه. (إن استخدم في إطاره). فالفكر العلمي لا يمكن أن يكون لا وطنيا. بما أنه ينبع من تصور للوطنية مبني على واقع ومعطيات علميّة. وعلى تصورات واقعيّة لعماره ونماءه.

لكن طرق القمع الوحشيّ والدمويّ. تولّد البحث عن حماية. برع المستعمر في توفيرها. وتطويعها لمصالحه. وتجنيدها لاستعمار البلاد.(بالنسبة للفئة الهشّة والغير مسلّحة بالوعي اللازم لاستيعاب مهامها المرحليّة النضاليّة)

و كان يمكن التعاطي معها من خلال مراقبة أي انحراف يطرأ على سيرها ميدانيا. أي درجة ارتباطه بعموم الفكر إنسانيا. مما ينبئ بتبعيّة تتحوّل إلى خدمة للمستعمر.

هنا يمكن أن تتدخّل هذه السلطة الموصوفة بالدكتاتوريّة. وما الصراع الفكري سوى إثراء و أغناء للمبادرة الوطنيّة. وتنويع السبل والطرق لتجاوز الأزمات. وتعدّد الأسلحة لمجابهة أمهات المشاكل. وهنا يكمن التنوع وتعدّد الرؤى في الفكر الاشتراكي داخل المنظومة الفكرية العلميّة. لذلك هي لا تموت كما يدّعون.إمّا حسب التجارب التي تثير الجدل أو عبر التصور والابتكار النظري الذي حتما يمرّ هو الآخر عبر الجدل. من طرح وطرح مضاد.

إن الدكتاتوريّة رغم أنها ثابتة إلاّ أنها في العراق وسوريا(وسنعود لسوريا بالتخصيص في مسألة ما يسمى ثورة سوريا) ليست كما السودان الذي قسّم حسب رغبة إسرائيل"كمرحلة أولى".ولا كما في تونس ومصر. وليست كما في دول الخليج وهذا محكوم بنقاط أساسية أهمها الاقتراب من خطّ النار أو المجال الحيويّ مع العدوّ(وما يفرضه من تسلّح وتوجّه في العلاقات مع (السوفيت سابقا التي تحولت إلى روسيا الفيدراليّة. والصين كساند وداعم. لما تمثّلانه من قوّة عالميّة). مع التقارب الفكري وما يفرضه من عداء وتوتّر دائم مع العدوّ. وما يتوفّر لدى العراق خصوصا من قدرات مالية ناتجة عن ثروة نفطيّة تعدّ مخزون يقدّر بحوالي 40% من المخزون العالمي. قادرة على أن تكون محطّة تعبئة ضدّ العدوّ) أما بالنسبة لمصر وبعد أن تغلغلت الامبريالية فكريّا وعمليّا على الساحة بكلّ تفاصيلها منذ عصور خلت. وحتى في صفوف معارضتها" وما نتج عنه من معاهدات كان آخرها وليس آخرا توقيع معاهدة كامب ديفيد". والحال غيره بالنسبة لخليج من المفترض أن يكون خاليا من العداوة حتى وإن تورط بعض زمن في القضيّة الفلسطينيّة وما خوفه من إيران إلاّ زراعة زرعها من يخشى على النفط. من تحوّل وجهة التحكم في جريانه. وجريان نهر عائداته معا. فما يدعى بالعداوة التاريخيّة المذهبيّة. هي عمليّة تخويف لحكّام مرعوبين من ممثلي تلك المذاهب من بني جلدتهم. وهم الذين يعيشون الدرك الأسفل. رغم ما وهب الله تلك الأرض من ما يحيي الموتى وهي رميم. من خيرات نفطيّة وشمسيّة وغيرها. فهم ومن خلال فتاوى تجّار الدين ممن أباحوا لأنفسهم تجزئة ما جاء في القرآن ليأخذوا ما يصلح للحاكم ويغيّبوا(وإن تمكّنوا لأحرقوا الباقي) حتى يعيش هؤلاء الطغاة في نعم ومال مكنوز. كان الأجدر أن تكون شعوبهم هي أكثر شعوب الأرض حكمة. وعلما. ودراية.وإبداع علمي. ومثال للناس. على ما يمكن أن ينفع المال في وجود الإنسان، ككائن قبل أن تكون الحجارة الخرسانيّة الشاهقة التي لم يخططوها ولم يبنوها بعقولهم وسواعدهم حتى. بل كلّ ما عليها(وهو فان مع الزمن) من صنع"هندسة تجريبية غربيّة ويد عاملة فقيرة تعامل في أفضل الحالات "سخرة" وأهل الدار مقسّمين بين معدمين وفقراء نتيجة مرجعيته المذهبيّة أو ملّتهم. ودرجة قبيلتهم في سوق القبائل. فميسور ثم غنيّ ثم ثريّ بدرجة قربه للحاكم وولائه المطلق واللا مشروط.من خلال القبيلة أو الخدمة التي يوفّرها لبقاء هذا الحاكم.وهي إعانة على وئد أي رغبة في التحرّر عند فقراءهم. وما حصل في البحرين دليل على شراسة حكّام قريش حين يتعلّق الأمر بالحكم(حيث أرسلوا عونهم القاتل للشعب البحريني المضطهد على خلفية مذهبه)بتلك السرايا الحربيّة التأديبية. وحين تراها نخالها متوجّهة بعتادها ذاك لفتح فلسطين. وليس لكسر رغبة فئة فقيرة معدمة ومحكومة على خلفية مذهبها بالإعدام أحياءا. وطبعا مسحوا دم السكين في ثوب إيران على أنها الدافع وراء تحرّك هؤلاء وليس لأسباب أخرى.(وهم بطريقتهم تلك يدفعونهم للاحتماء واللجوء لإيران فعلا) ولن أتحدث عن فضائح أهل الحكم ومقرّبيه في بلادهم أو خارجها "من تحليل ما حرّم الخالق على المخلوق" ويدّعون أن الشيوعيين هم أهل الزندقة والكفر والفسوق والفجور والمجون. وملفّاتهم المخزية تملأ أرشيف المخابرات العالميّة. العدو الرئيسي. لحين ميسرة.يفضح منها من يجب أن يلغى من خارطة القصر ودوائره من حكّام العمالة وأعوانهم الخلّص.والأكثر من ذلك. وحتى لا يكون للقذارة باب واحد. وجب أن تقذّر أمّة بأكملها. من فقرائها إلى أغنيائها. من بسطاء ساكنيها إلى مثقّفيها وعلماءها. "حتى وإن كانوا من أصل ومعدن شريف"(وهم أوّل القائمة). من خلال إتباع نهج. خلنا أن باب الاجتهاد أغلق تماما ونهائيّا. لكنه فتح على غفلة محسوبة وأعيد غلقه عمليّا ليبق بعض المهرّجين يزيدون ويزايدون بلا علم. وعن جهل مدقع. في فضحه بفتاوى مضحكة مبكية ليصحّ فينا قول الشاعر: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم: إذا فإن دكتاتورية الخليج مبنيّة على ثلاث مفاصل الحاكم والخدم والعبيد(ويدخل في خانة العبيد كلّ خلق الله بلا تمييز في فقرهم. لكن السيد الأوحد صاحب العلم الثابت والأصل الضارب في تاريخهم الذي تعلّموه. ومثالهم الأعلى هو أمريكا واليهود. وحجّتهم في ذلك أن الرسول(صلعم) أباح الاتجار معهم وما علموا عن الرسول غير هذه الفكرة. بدون وضعها في إطارها الزمني الذي فرض عليه هذا التعامل وحدود هذا التعامل والمبتغى منه.وهذا غيض من فيض.

لكن لزيادة تعميق الجهل وتكميم الأفواه غرسوا في كلّ أرض العرب أشياع وتبّع لهم. دعموهم بالمال وما يفيد في قتل الفكر أولا وأساسا. يزرعون في العقول البسيطة جهلهم "وهي فئة تمثّل ثقل عربيّ نتيجة الفقر المدقع التي تعيشه غصبا عنها". وبدعم وتوصيل ووسائل منحت بسعرها وثمنها. من طرف المستفيد الأول(اليهود الذين لا ولن يرضوا عنك مهما فعلت لهم...)وأمّا "رباط الخيل" فقد أعدّ للسوفيتي في أفغانستان والنظام الشيوعي في صربيا وكوسوفو وغيرها من رقاع يوغسلافيا الجديدة. وغيرها من الأماكن التي تختارها لها دوائر المخابرات الصهيونيّة والإمبرياليّة العالميّة ...وإسرائيل ليست سوى بلد شقيق وصديق وحليف سرّي لديمومة الكرسيّ...

فكانت التربة الحاضنة الأولى لضرب الكفر في الأرض ورمزه الشيوعية وأصلها السوفيتي في أرض الإسلام وأرض الله قاطبة(أنشئت القاعدة في أفغانستان وجمع فيها شمل من غرّر بهم من خيرة شباب العرب في حرب. قادتها وقادتهم فيها، ورعتهم أمريكا والصهيونيّة. ثمّ وحتى الآن يستخدمون ليس ورقة ضغط فقط وإنما الصفّ الأمام أمامي. لتهيئة الأرض لمصلحة أمريكا والصهيونيّة. وتوظّفهم في كلّ مستنقع يريدون بث الرعب فيه. ليصلوا إلى استجداء هؤلاء المرعوبين لهم ليحموهم(أو دعمهم بالسلاح والمعلومات. أمّا المال فتتكفّل به الدول النفطيّة. فهم رعاياها وأهل ملّتها والخارجين من جبّتها).

ثم جاء تحوّل هو الدرس بعينه(وأعني قضيّة سرايفو) هنا المعركة في أوروبا إذا فالمال يكفي مع الحشد الجماهيري الداعم بصوته. أما أوروبيينا فنؤدبهم نحن. ونحميهم نحن. فلا قاعدة ولا استثناء. كلّ هذا والنفط يموّل الحروب. ثم جاءت نقطة تسريع وتيرة التاريخ القذر للصهيونيّة حين أوهموا العالم أن القاعدة الممثل الشرعي والوحيد للإسلام بضرب برجي "الحمام" في أمريكا.(وهنا أسأل ما دخل العراق وامتلاكه للأسلحة النووية أو الكيماوية في برجي حمام أمريكا وفي القاعدة؟ لتكون فيما بعد وبتحوّل أرصدة الحجّة عند مقارعتها وطرحها على المجتمع الدولي والرأي العام الإنساني الذي تفطّن في وقت متأخّر نسبيا لكذبة امتلاك العراق لأسلحة نوويّة.فتحوّلت وتحركت واجهة الحرب الحديثة"الإعلام" لنشر كذبة جديدة هي مشكلة جلب الديمقراطيّة لشعب مضطهد في العراق وعلى ظهر الدبّابات(أي ديمقراطيّة هذه التي يجيء بها الموت والخراب والدمار؟) وكان معلوما منذ بريمر من سيحكم. ومساحة حكمه على الأرض. وبأي شروط. ولكن للمقاومة كلمتها التي حوّلت الكثير من الحسابات وأعطت زخما بعملياتها للحدّ من تمكن الاستعمار من تنفيذ مخططه ولو بدرجات متفاوتة. وهنا وجب أن أوضّح أن إيران حتى الآن هي ملتزمة رغم ما يمكن أن تصل إليه في العراق بعدم التورّط المباشر. وتحريك اللعبة السياسية مع القليل من الضغط العملي النوعي على الميدان. لتحمي وجودها فقط. فبحساب الأحداث كان يمكن أن تكون معارك أو معركة على الأقل(خصوصا وأن الجيش الأمريكي بين فكي الكماشة عسكريّا واستراتيجيا وإمدادا لوجستيا). لكن خيرت المناورة السياسية حفاظا على سلامتها وسلامة شعبها وبالتالي المنطقة ككلّ وأولها العراق. لكنّها وللتشفّي قامت بأكبر عمل قذر وهو الإسهام في شنق صدام حسين يوم عيد إسلاميّ عام لكلّ الطوائف والمذاهب. وهذا ما بحثت عنه أمريكا. كحجّة على بشاعة الشيعة ولا إنسانيتهم. (ومس ذلك المسلمين عامة على اختلاف مذاهبهم وحتى عند الرأي العام الغربي والأمريكي) وكلّ ما من شأنه أن يرعب حكّام الخوف والتبوّل في السراويل من إيران على أنها عدوّهم الرئيسي وليس الصهيونية وإسرائيل.لكن لا يمكن أن نتحدّث عن العراق دون تدوين أخطاء القيادة العراقيّة وعلى رأسها صدّام حسين. ولن نتحدّث عن خطئ دخوله للكويت وخطئ خروجه منها. لكن على المستويين الداخلي والخارجي في إدارة الأزمة وهذا ما جعل الصفّ الذي تماسك طيلة الحرب الأولى(1991). ينهار سريعا في الثانية. فالحصار الاقتصادي، أنتج تعاملا هو على حدود التماس بين الخطأ والصواب. في كيفيّة التعامل مع(البرجوازيّة الوطنيّة في أثرهم الفكري) وأثرياء الحرب في الواقع. والسيطرة عليهم حتى لا يغرقوا القدرة الشرائيّة للمواطن العراقي الذي عاش خلال ردح من الزمن في(اقتصاد الحرب) وحتى السنتين من السلم التي عاشها الشعب العراقي كانت مأزومة. حيث لم يجد متنفّسا لتفريغ الشحنة الكامنة فيه. نتيجة تواصل حرب إيران لفترة زمنيّة طويلة كان الكبت فيها(وإن كان مجبرا النظام العراقي على تطبيقه لكن ليس بتلك الحدّة والشراسة. في محاربة الأفكار التي تتجدد بتجدد دماء الشعب. وتعيش في الكامن فيه حتى تنفجر في أول مفترق)وهذا ما فهمه العدوّ وأسس عليه. فعوض التعامل مع الأفكار والتعويل على المبادئ. وإن اختلفت سبلها فهي حتما تصبّ في وعاء واحد هو الوطن. الذي نجتمع فيه لنبنيه. وكان من الأجدر التركيز على احتواء هذه الأفكار ومنحها المتنفّس والثقة في الوجود كعنصر فاعل فالعقل بالنهاية يحمي الشعب ولا تحميه عاطفة واهية أو مستخرجة من ما باد من التاريخ حتى وإن كانت بعض مظاهره لازالت تعيش معنا كما فعل حاكموا العراق حين استمالوا القبيلة ظنّا منهم أنها لا تزال تعني للخليجين شيء(خصوصا إذا علمنا أن القبائل العربيّة في العراق لها امتدادها وروابطها الدموية مع قبائل الخليج التاريخية)لكن هذه الأمة العربيّة التي نريد أن تتوحّد ليس على مسار قبلي. وهذه أحد الركائز النظريّة التي من المفروض كان يبشّر بها العراق. أما رسالتها الخالدة فسبق وأن تحدّثنا وإن لا يكفي لكن نكتفي لحدود المجال وأهمّية النتائج وأصل المبحث.

وأذكر وكنت في تلك الفترة في العراق (1991) أن جريدة رسميّة وناطق إعلامي لمسار ورأي العراق حكّاما. تسرّعت فورّطت نظاما ومن وراءه شعبا بأكمله. حين لم تنتظر نتائج الانقلاب العسكري في روسيا ساعتها. وأخرجت عدد مسائيا على غير العادة يمجّد ويشيد بالجيش الروسي الأحمر. والزعماء السوفيت التاريخيين كخورتشيف وصورة حذائه على طاولة الأمم المتحدة. لكن فشل الانقلاب. كان ضربة للعلاقات. وضربة للدعم الذي كان يمكن أن يكون مماثلا لما نراه اليوم بالنسبة لسوريا.

وعوض أن يستثمر هذا الخطاء داخليّا(ونحن نعرف بوجود الفكر الشيوعي على الأقل عند نخب معيّنة) إلاّ أنه أدار ظهره سريعا لفكرة ظهرت محتشمة في الساحة السياسية آنذاك وهي سياسة الانفتاح على الفكر الحرّ الوطني وهو يعني أصلا الشيوعيين العراقيين. وكما أسلفنا سارع إلى حضن القبيلة غير مباليا ولا حتى متمسّكا بمقولات فكره في ما صنع الاستعمار بالتقسيم(أي الخارطة الجغرافيّا وفعل الزمن في أهلها المقسّمين) من تباعد وولاء.زد على ذلك الحضور الفعلي الدائم واليومي للمخابرات والإعلام الموجّه للعدوّ على مرّ الزمن حتى لا يترك مجالا لأي خطئ من هذا النوع من التقارب الكارثيّ بالنسبة لوجوده. لذلك كان أول أسلحته التخويف من العراق المسلّح القويّ والمعادي لثراء ووجود هذه العائلات الحاكمة التي تعيق وجود كيان عربيّ. مثلما يفعلون الآن مع إيران ولو أن الملفّات تختلف في درجة الخطورة(وسنناقش الأمر في فقرة خاصة).

وكان دخول بغداد فاتحة الحرب الفعليّة وبداية وضع قدم. في موطئ القدم. على الأرض المفتاح. لكن الرأي العام الأمريكي. ورغم الأرباح التي جناها خاصته القياديّة. وتطوّر الإنتاج وتسارع وتيرة الأحداث. مع زيادة في الاستهلاك على أرض المعركة. ومع تمويل عربيّ متفاني وسريع و سخيّ. إلاّ أن كلّ مقاتل أمريكي يموت خارج الديار هو ورقة انتخابيّة وليس روحا بشريّة. ومع تزايد العمليات النوعية للمقاومة العراقية تزايدت الأصوات المنهوبة في ضرائبها والمسروقة في رزقها المموّل عربيّا(أي استئثار نخبة معيّنة بمشاريع إعادة أعمار ما دمّروه وبدم الشعب العراقي هذه المرّة)

والمحصّلة أنه(أي الشعب العراقي) خرج من دكتاتوريّة تشبع وربّما لا تغني. إلى دكتاتوريّة لا تشبعا بل وتقتل وتنهب وتسرق وتجهّل بالجملة. وهذه هي الديمقراطيّة الامبرياليّة الصهيونيّة المشتهاة. وكم من عالم اغتيل أو جنّد لمخابر العدوّ قسرا.

وحتى لا أطيل وأسقط في التكرار. أواصل بانيا على ما سبق خطورة الأخطاء التي وقع فيها(صقور بوش) في الوسائل واختيار المواقع الأولى لوضع الخطوة والقدم الأولى فالاقتراب من الهدف يكون تدريجيّا وتفاعليّا على رأي غريمه في الانتخابات الذي سيفرض رأيه من خلال إقناع الصديق الحليف و(العدوّ) الحليف في الداخل الأمريكيّ الصهيونيّ ببرنامجه .


(من هم؟)

1ـ أوباما والتغير الذي جاء من أجله:

كان صعود نجم أوباما سياسيا مرفقا بهالة. تغذّي رؤية شعبيّة أمريكيّة جديدة تماما. على شخصية من يحكم قوّة عالميّة. ليس على مستوى الأصل العرقي واللوني فحسب. حتى أنه عدّ نصرا للأقليات المضطهدة تاريخيّا، واقتصاديّا، وحتى تعليميّا، وحياتيا عامة(ومنهم المسلمين بما أنه يحمل من الأب الإفريقي دما مسلما"باراك حسين أوباما") وابتعادا عن حماقات وغباء حكم عائلات الثراء. اللذين ابسط ما يقنعهم وهم في الحكم، هو مراكمة الثروة على حساب الشعب(المموّل الرئيسي لخزائنهم عن طريق الضرائب التي يدفعها وكدحه الدائم). وعلى حساب مصالحه ومصالح شعوب العالم. من خلال تكتّل الحاكم ومن كان خلف صعوده، في عصابة تستنفر كلّ طاقاتها وجهدها للفوز بأكبر قدر ممكن من العقود والاستثمارات. وربط علاقات قذرة مع حكّام مهزومين أصلا(عربا وغيرهم). وبأسلوب استخباراتي من خلال جمع ملفّات مخزية تكون ورقة ضغط دائمة . وليس بنسب الولاء لأمريكا شعبا و (وطنا). بقدر خدمة المصالح ألأمريكيّة(المتمثّلة في مصالح النخبة الرأسمالية والشركات(وعلى رأسها شركات السلاح والصناعات الثقيلة العابرة للقارات وخصوصا الصناعات الاستهلاكية ذات الغلاف البديع والمنتوج المسرطن والمدمّر للعقل والسلامة الصحيّة للمستهلك المستهدف)وهي نتاج مصانع الطبقة المتحكّمة في كلّ أمريكا. بإرادة الحاكم طبعا. وتوابعه في العالم). وكان أوباما حلم الأمريكان شعبا(خصوصا الفئات الضعيفة والأقليات ذات الأصل الغير أوروبي. والدين المغاير لدين الطبقة الحاكمة. وتحالفاتها التي أسسها المال ليقوّيها ويغذيها العامل الديني. وفكرة الاضطهاد التاريخي. لكن العوامل الجديدة خصوصا بعد تطوّر أسعار النفط التي تراكمت ثروات خياليّة بيد فئة من حكّام هزمتهم أهوائهم. وجينات الجريمة التي تجمعهم وهؤلاء. الذين أبدعوا في اصطياد مثل هذه الفئة لتقوية حضورها في محيطها. وزرعها حتى تكون الجندي الأمامي لحماية حديقة أمريكا الخلفيّة.لكن أوباما جاء ليجدّد هذه الآلية ويحدّثها بعد أن أصبحت كلّ تفاصيلها مكشوفة لدى الخاص والعام. وبالية في بلدان هؤلاء العصابات الحاكمة. وعوض تدمير معارضي هذا الجندي الأمامي. وقع ومنذ البدء انتقاء لمن يمكن أن يكون خلفا صالحا للسلف الذي يكون من مهامه تدمير اللذين بقوا خارج ما تنتقيه أمريكا. وتخرجه إلى ظلّ يترعرع فيه إلى حين. ثمّ يستخدم ورقة ضغط على هذه الجندي ساعة يجب. وكانت أرض أوروبا هي الوسّادة لهؤلاء. حيث راكمو الذلّة.والأموال القذرة. لطول ما تاجروا في المواقف حسب قواعد الربح والنفع الذي نشؤ عليه. من أجهزة تسهر على حماية وجودهم. وتوفّر لهم وبتخطيط مدروس. ساعات الظهور والاختفاء وما يجب أن يقال وما لا يقال في ذلك الظهور المهيب.

أوباما وفي سرعة منقطعة. ومن خلال الهالة وبفضلها فقط. يحرز على جائزة لم يظهر بعد استحقاقه لها ولم يظهر حتى القدرة على تنفيذ البرامج التي فكرتها كانت سبب لهذا الدعم المعنوي الكبير والتاريخي لمن ينالها(قبل أن يكتشف العالم مؤخّرا ولمرة أخرى. أن نوبل جائزة سياسية بامتياز وليست إنسانية تنال بالجدارة وحتى أصبحت محفلا من محافل تأطير. ما يخالف المبدأ الذي أقدم نوبل ذاته على تأسيس هذه الجائزة ومن المال الذي جناه من اكتشافه المدمّر).

ولأن إرادة كاملة هي التي وقفت خلف أوباما(سياسية واقتصادية وعسكريّة وحتى مخابرتيه عالميّه).جرّبوا وسائل غير تقليدية فاجأت النخبة السياسية التقليدية في أمريكا. وعلى رأس هذه الأسلحة. سلاح اجتماعي يمس القاعدة الشعبيّة من أقرب مجالاتها الحيويّة(المواقع الالكترونيّة ومنها الفايسبوك والتويتر واليتوب وغيرها) وكان الفوز ليس لأوباما فقط بل لنجاح المرحلة الأولى من مختطه الحربي الجديد البسيط والمعقّد في آن. وكانت الآلية المتفوّقة على الميدان بدرجة أكبر لسهولتها ورواجها في غالبيّة الشرائح الاجتماعيّة بفروقها الطبقيّة.(الفايسبوك) الذي ربط بين بقيّة الفروع القتاليّة بضغطة زرّ. وتسريبا للمعلومات في طرق الاستخدام على ذات المواقع.

هذا السلاح الذي أصبح أكبر سلاح للدمار الشامل فهو أقوى فعليا، وزمنيا، من حرب تقليديّة. وأكثر شراسة وضراوة من آليات عسكريّة. تتحرّك بأموال طائلة وربّما تنتهي في رمية مقاتل جيّد على الطرف الآخر فتكون خسارة في المال والأرواح.وتمّ تأجيل اللجوء إلى السلاح إلى حين"وتوفّرت فرصته في حرب ليبيا من خلال بروز الناتوا كمقاتل إلى جانب من أسمو نفسهم بالثوار". وهنا سيكون ردّة فعل دافع الضرائب. الحامي الوحيد لديمومة مصانع الآلة العسكريّة هذه قويّة. ربّما تكون استفاقتها أقوى من تلك التي عاشتها أمريكا على إثر خسارة مخزية في فيتنام. لذلك كان يجب الترتيب المحكم لهذه الحرب(ومن خلال المقولة العلميّة التجربة والخطأ هي مقوّم النجاح) يمكن أن نستقصي مراحل التنفيذ الفعلي لهذا المقاتل وقفزاته على الخارطة المعقّدة أصلا. والأخذ من ملفّ الصقور المهزومين ما يفيد للخطّة الجديدة.والعودة إلى دور المخابر(التي تحدّثنا عنها في أول البحث أي البلدان المخابر. التي أعدت سلفا لتكون مخبر إنتاج الحلول والبدائل).ولاختصار المسافة والمساحة نورد المعطيات في شكل نقاط أسئلة:

- أين الآن موقع ويكيليكس ومالكه. وكلّ الهالة التي أحيطت بهذا الملف. والتسريبات التي تخصّ الشعوب. بقصد تنويرها وتشكيل غضب شعبيّ. سترتفع درجاته. بردّة فعل المكشوفين للحفاظ على مواقعهم؟ وقام الطرف الأمريكي بمسرحيّة محاكمة صاحب الموقع من جهة. لتبرئة ساحتهم قدّام حكام لم يرحلوا بعد إلى مثواهم. وشنّوا حملة إعلاميّة موازية لدعم مسألة الحرّيات وخصوصا حرّية التعاطي مع المعلومة وحرّية شخصيّة للمساهمين في بثّها للرأي العام. وهذا مبدأ متنازع عليه إنسانيا. ولم ينتهي ملفّه لما يشوبه من اختراقات.وهنا حرّك ضمير الشعوب لحماية مناصريهم.

- المحاولات الأولى لاستخدام حرب الفايسبوك وجّهت إلى إيران بقصد إضعاف وإرباك جبهتها الداخليّة وكلنا يذكر محاكمة المتهمة بالزنا وأوّل ما جرّب فيها. التصوير الهاتفي للأحداث الميدانيّة. وهنا يبرز التويتر وعالمه الموازي والخادم للفايسبوك في عمليّة الحرب التي فاقت الإعلام الذي حاول مسايرة الحدث بتخصيص عناوين استقبال لهذه التسجيلات الهاوية ثمّ تطويعها واستخدامها في شكل دعاية موجّهة حسب طلب الخدمة(وللتذكير نذكّر بدور محطّة الجزيرة لتعويض النقص في كمّية المستخدمين العرب للفايسبوك).

- وبعد توفّر الغضب الشعبي العام وترعرع وتغذية نار الحقد على الطبقة الحاكمة وأهل بلاطها المنتفع بدم الشعوب كانت مرحلة التحريض المبطّن من خلال تكثيف وإطناب بلغ حدّ الفبركة لزيادة مساحة الزمن الملهب للجماهير الناريّة وقتها. والتي لا تنتظر سوى القادح الفعلي أو المبرّر(على هشاشته). للخروج إلى الشارع والمواجهة الرهيبة.

- قبل ذلك بقليل تواترت التقارير التي تفيد بأن تونس على حافة الهاوية.وهي الفاتحة الأولى. خصوصا بعد تطعيم المشهد المتوتّر أصلا بإطناب الجزيرة في التعاطي مع ملفّ الساحة التونسيّة(المختبر)ومنذ أحداث الرديف 2008.

- الجميع يجمعون أن لا دور للسياسيين في الثورة وهذا خطأ تاريخيّ فكلّ المحطات التلفزيّة وعلى رأسها(بنسب المشاهدة في تونس) فرنسا24 والجزيرة على وجه الخصوص ومحطات فرنسيّة وعربيّة(بدرجة مشاهدة أقل)استنجدت بتحليلات السياسيين التونسيين من أقصى اليسار واليمين وحسب برامج وأجندات معدةّ سلفا في دوائر مختصّة. لكن تأكدهم من معطى عربي قائم لا يخصّ تونس وحدها. أن العرب شعب نسّأ بقدر كبير من السرعة. وبفعل التوجيه لأسباب كثيرة أهمها نقص كبير وفادح في درجة الوعي الجماعيّ. الفكريّ والتنظيميّ وخصوصا التعليميّ. الذي ضربت قواعده منذ زمن بعيد فأصبح انتقائيا وحتى نخبويّا(لكن زمن المعارك تسارع حيث أن وجود أطراف فكريّة من عائلات فكريّة متعدّدة في تونس وفي الوطن العربي ولو بشكل محصور في نخب متنافرة كان لها ومازال حضورا. يمكن (وأكيد) أنه سيكون فاعلا. إذ لا مجال بعد الآن لتحريك الشعب بوجهة واحدة وتحت شعار واحد حتى وإن كان ذلك بالعودة إلى فعل السلاح.)

- وهنا كان(البوعزيزي ليقوم بدور أسست ناره أحداث قفصه 2008 وبن قردان ومساكن وغيرها في إعطاء الضوء الأخضر. لمن يحمي النار ويوجهها إلى برّ آمن. كوجهة أولى."الجيش وجزء من الأمن "الآمن جانبه" بحكم سيطرة بن علي المباشرة على الجهاز الأمني ودرايته الشخصيّة بمفاصله ومكاتبه). فكانت وقفة الكونغرس المشهودة تحيّة لنجاح مبدأ أول ومفصل أول من آليات الحرب. وخصوصا شجاعة وإقدام وقوّة إرادة الثائر التونسي. الذي حوّل أحلام عديدة وعلى رأسها حلمه هو أصلا إلى حقيقة ميدانيّة في مهدها الأول ليلة 14-01-2011 الانقلابية.

وكان انتصار ثنائيّ ففي ذات الليلة احتفل وبحذر شديد كلّ من الإدارة الأوباميّة والشعب التونسي. الأول بفعاليّة طرحه الحربي. والثاني بقوّته وإرادته. وهزمه لطاغيّة يعتبر من أقوى طغاة العصر الذي نعيش. رغم تأكده الضمني من معونة ما قدّمت له في اللحظات الحاسمة والدليل"شكوكه في عمليّة تهريب الرئيس المخلوع"وغيرها من الأحداث المرافقة. الغامضة حتى الآن رغم محاولات التبرير المبرمج على خلفيّة الوطنيّة.

وهنا جاء دور مخبر آخر وجب التضحية به فقد انتهى دوره عمليا واحترقت ورقت توته بحيث أصبح عبأ على مخططات أمريكا والصهيونيّة في المنطقة رغم المحبّة الخاصة التي يحظى بها في دوائر التنفيذ العربي للمخطط الأمريكي للخدمات التاريخيّة التي قدّمها لهم. لحمايتهم وتثبيت رؤيا التعامل مع أمريكا كقوّة عالميّة قادرة على حماية وجودهم. لكنّهم وكما سنرى ليسوا مستعدّين أو لنقول قادرين على حمايته هو أصلا من غضب شعبه المجهّز الجاهز وأعني تحديدا مبارك مصر.

فلكلّ دوره حسب قائمة المصالح وأزمنتها التي تحدّدها الصراعات الأممية. وفي مصر لم يشذّوا عن القاعدة التاريخيّة التي بحكم واقع مصر كعدوّ للكيان ظاهريّا(أتحدّث هنا على مستوى الحكّام وليس الشعب). رغم معاهدة كامب ديفيد المهينة.(ورغم كلّ البيانات الثوريّة قبل الثورة بزمن وحتى مستهلّها بالعداوة التاريخيّة. واللا الغليظة. لوجود الكيان والمعاهدة وما انجرّ عنها من اتفاقات. على سبيل المثال بيع الغاز المصري ببخس الأثمان للكيان. وسنرى أن بعد الوصول إلى الحكم أصبح الخطاب في تونس"دولة الاحتلال"وكلمة دولة دليل على الاعتراف الضمني بوجود دولة إسرائيل بحدود لن تكون في كلّ الأحوال حدود 1967 أمّا في مصر فالموافقة كلّية على المعاهدة وما تبعها).

أيضا فإن الجيش أيضا يعتبر المحرّك الرئيسي لإنتاج القيادة منذ جمال عبد الناصر ولا يريد فقد مكانته. هذا رغم سيطرة المعارضة على الشارع المصري. التي أصبحت تاريخيّة على الساحة على أيام مبارك تخصيصا. والتي غذتها بالإشعاع الإعلامي والهالة الشعبيّة المفترضة(كحركة كفاية لعبد النور مثلا. والتي كنّا نتصوّر من كثرة ما تواترت أخبار نضالها على الساحة المصريّة والتي استدعت في بعض الأحيان كما خلال محاكمات عبد النور تدخّل أمريكيا رسميا)ولا أتحدث عن القتل المنظّم على الشاكلة التونسية والعربيّة عموما للخطر اليساري عموما وتجفيف منابع انتشار أفكاره وحصر رقعة حضوره في من لم يحملهم بعد الزمن إلى مثواهم الأخير والذين يحاولون جاهدين ترك أثر لهم وخلف يمنع اندثارهم مخطئين في تقديرهم لأن تاريخ الأفكار له حتميات حتى في الوجود العفوي وحتى الغريزي.الذي ينضج وينتشر بفعل التواصل مع الإنسانيّة وحراكها المسترسل والمتواصل.

وكانت مصر بميدان التحرير. وكان الشعب المصري مدفوعا بانتصار مستحقّ. على شاكلة ثورة شقيقه التونسي. في طريقه لصنع الحدث لكن فشل هذه المرّة ذراع الحرب في تأمين مصير مبارك بعد الضغط الجماهيري الكبير. الذي تعداده يفوق جماهير تونس الصغيرة. لذلك فإن التعاطي معه كان يحتكم إلى السرعة. حتى لا تنفلت الأمور نحو ما لا ترغبه إدارة المعركة. بحيث تخرج الأحداث عن السيطرة. وتشبث مبارك بالسلطة غير مقتنع بنهايته الحتميّة.

كانا سلاحا أفشل(حتى بعد فهمه لحتميّة رحيله المتأخر جدا) تهريبه على شاكلة بن علي تونس. لكن المحاولة متواصلة لضمان الحدّ الأدنى من سلامته مقابل سكوته وصمته عن التاريخ(وهذا ما كان غير متوفّر كما سنرى في الملفّ الليبي فالقذافي يمثّل خطرا فهو ذاكرة تاريخيّة ليس للعرب وقياداتها فحسب وإنما للصراع العالمي فهو من الحكّام الذين عمّروا منذ ما فاق ال40 سنة من الحكم الفعلي فكانت فتوى إسلاميّة(قرضاويّة) بقتله. وكما رأينا كم شنّع به. والتاريخ هنا يذكّرنا بفتاوى قتل صدام يوم عيد إسلامي. (وهذا نموذج آخر على قوّة حضور المتأسلمين وليس المسلمين في مخطّط العدوّ والإسلام براء من هذه الملّة أو تلك.وخصوصا تعويله عليهم لقيادة العوام الغفّل)

ويذكّرنا أيضا بما درسنا في التاريخ العربي خصوصا من مجازر تغطّى بالدين وتغلّف بما يجتزئ من كتاب الله عمدا وقصدا لتبرير وتشريع ما لا يشرّع أو يبرّر.لا دينيّا ولا أخلاقيا ولا إنسانيا حتى.والذي بلغ حدّ ضرب الكعبة بالمنجنيق بقصد الهدم على رؤوس معارضيّ الحكم الذي يتمثّل في شخص الحاكم وسلالته المالكة لرقاب الأمّة.

وللحفاظ على الحدّ الأدنى من سلامة إسرائيل. والعمل على ديمومة هذه السلامة من غضب شعبيّ جارف أبرزته الأحداث خصوصا في قضيّة سفارة إسرائيل بالقاهرة. التي كانت بمثابة مقياس للتعاطي الشعبي الدافع لأي قيادة في اتجاه حرب مع إسرائيل. ليكون الشرط المباشر لاستلام السلطة ولو وقتيا في مصر هو الالتزام بعاهدة كامب ديفيد. وكما سبق وأن أشرت أن الاسلامويين من معتدلة إلى غلاتهم.بلغوا مرحلة من خيانة الثورة بالقبول بشرط الحفاظ على سلامة إسرائيل مقابل الوصول إلى السلطة. وحتى الجناح العقلاني المكفّر لليساريين في بلده هو مكفّر لا يقوى على الالتحام بالشعب نتاج لما أسلفنا من تحليل لعمليّة القتل المنظّم لهذا الفكر بينما لا يقوى الاسلامويون على تكفير الكافر أصلا بل يمدّ له يد السلام فقط ليحكم. (وهذا ما سنمرّ عليه ذاكرين في مرحلة أخرى من هذه الدراسة).

لم يتجاوز الزمن شهرين ليحتفل العالم وخصوصا فقرائه وكادحيه بانتصار ثاني مدوّي. لكن ليسوا لوحدهم. فإدارة المعركة الامبرياليّة الصهيونيّة. التي لا تزال تحافظ حتى الآن على الحدّ الأدنى من الظهور على السطح. مخافة تحوّل الغضب الشعبيّ على وجودها هي أيضا. الغير مرغوب فيه أصلا. وتاريخيّا. في أوساط الشعوب المضطهدة عموما والعربيّة على وجه التخصيص. للتاريخ الأسود لأمريكا في المنطقة. وهذا ما وعته جيدا إدارة المعركة. لذلك هذه المرّة وكسابقتها في المخبر الأول أعادت لعب ذات الورقة(الجيش. والموالي. والثابت ولائه من الأمن ومن العناصر النوعيّة) لكن اختلف الدور الطبيعي للجيش بين تونس، التي تكتسب مقوّمات الدولة المدنيّة تاريخيّا(في جزئها العام على الأقل أي الإدارة المسيطرة على دواليب الدولة لذلك من يتحكم في الإدارة له الحكم في تونس. بينما وبحكم عوامل تاريخيّة فإن الحضور العسكري في آليات الحكم في مصر وخصوصا المخابرات العسكريّة يصبح شرط ومفتاح الحكم منذ ثورة الضباط الأحرار وحتى اليوم. هو إما التحالف معها. أو التحالف مع من بيده مفاتيح تحييدها جزئيا على الأقل وضمان بقائها في ثكناتها أكبر زمن ممكن. من العناصر السياسية التي تحظى بقبول الجيش).

وهذا الفارق هو الذي كان عاملا حاسما في عمليّة التأسيس لما بعد الثورة في كلا الساحتين فبين إعادة كتابة الدستور وبين تغيير مفاصل منه"ونعرف كلّنا قيمة الدستور في الاحتكام إليه بحثا عن الشرعيّة(الديمقراطيّة)للحكم.ولو لفترة زمنيّة تمتدّ حتما إلى زمن مؤسس حتما لمسار تاريخ جديد لمصر. إذ لا يمكن كتابة دستور كلّ سنة أو تنقيحه كلّ أربع سنوات بصعود نجم لاعب جديد على سدّة الحكم. إلاّ في حالات جنوح السفينة أو الاتفاق العام على الجدوى والحاجة لذلك.

وكان 25 فيفري(فيبراير) إيذانا صريحا وقويّا وفاعلا في جدّية سلاح التغيير وفعاليته في نمطين(الدولة الأمنية والدولة العسكريّة أين يكون الحزب على وهن عقيدته تابعا لا متبوع وسنرى كيف تتولّد مشاكل تضطر الامبرياليّة للنزول بثقلها في ظلّ الدولة الحزبيّة أو العقائدية الحزبيّة مع التفاصيل المغايرة للحالة في ليبيا رغم أن العنوان واحد) . ونجاح التعبئة المنشودة من خلال الأسلحة الفاعلة التي سبق ذكرها. وكان هذا التاريخ مستهلا فعليّا بحكم ارتباط مصر التاريخيّ بالخليج(أو بالجزء الشرقيّ من الخارطة العربيّة أكثر من تفاعلها مع الجزء ألمغاربي)لذلك سنلحظ شبه حذر شديد رغم خصوصية العلاقة بين ليبيا ومصر تاريخيّا وشعبيّا كدولة جارة غنيّة. رغم قيادتها التي عادت طويلا مصر حتى وهي في حاجة لدعمها قبل أن يتحوّل العقيد إلى مساندا لمبارك سياسة وقيادة بعد فتح علاقاته مع أمريكا(التي نجح نجاحا باهرا في تنفيذها وتنفيذ شروطها زين العرب على رأي ياسر عرفات). لكنه لغرور تاريخيّ بحكم أقدميته في الحكم(التي تخللها نضال بجملة كبيرة جدا من الأخطاء في داخل ليبيا وفي خارجها بحكم ما يطرح على نفسه"وأعني العقيد القذّافي"من أدوار رياديّة وقياديّة عالميّة. التي لم يغفرها اليهود والامبرياليّة الصهيونيّة لمثل هذه القيادات التي تنعت بالثوريّة العالميّة.وما جناه شعبه وقاساه من تهميش لدوره في الداخل بلغ حدّ قتل التفكير وليس بلوغ الفكر إلى غالبيّة شباب ومثقفي الشعب بدعوى نظريته العالميّة الثالثة العظيمة التي تكفي ليكون كتابه الأخضر لليبيا دستورا إن لم أقل قرآن وجود).

لذلك كان هذا التاريخ على الأرض الليبيّة نهاية تخفّي القيادة الحارسة(الملاك الحارس امريكا)لهذه الثورات. بحكم تسارع الأحداث فيها. أكثر من اليمن الذي يحظى قائده بحظوة خاصة بعد توحيد اليمن ومحو الشطر الكافر منها بقوّة الدعم الخليجي الموجّهة دفّته من أمريكا.وغيره من الملفات التي كان صالح يتبناها. لكن وقوفه مع صدّام في محفل خاله محفل المنتصر كان بداية نهايته. فصدام منتصر في حربه ضدّ إيران وهو منتصر في حربه على اليمن الاشتراكي ونسي في لحظة فرح ونشوة أن من انتصر فعلا هو من رعى الحرب وموّلها وهو ليس سوى مجرّد جندي مطيع نفّذ ميدانيا. ولا يحقّ له أن يتصوّر أنه بطلا تاريخيّا حتى لو كان الأمر يتعلّق بيمن هو واحد أصلا.

فحاولت أولا أمريكا أن لا تظهر في الصورة مباشرة وتركت لقطر دور البروز مضحّية بحليفها. فهي تعلم حتما حجم الغضب الشعبيّ الذي ستجنيه بعد انكشاف دوره لكنها وللحاجة الأكيدة هي قادرة على حمايته ودعمه مرحليّا ليكون جنديها على الساحة. لذلك حمته بأن جعلته قبلة من يرغب في الحكم(أي بتكريس إرادة قوّة مفترضة)ثم عدّلت هذه الخطّة بأن جعلته محطّة لبلوغ البيت الأبيض أو مفتاح الجنّة. لطرح البرامج التي ترغب في الحكم وإظهار كمّ القدرة على الولاء للبرامج الجديدة للقوّة المحتفلة بانتصار رؤيتها وأسلحتها(السلميّة لحدّ ما) للتغيير والحرب.حتى أن قيادات حماس العدوّ الأصلي للكيان الصهيوني والذي كان قبل تحوّل قياداته الشرعيّة إلى ضفّة التحالفات السوريّة. تنكرت بذلك لباعثها والدور الذي كلّفت به عند ولادتها من قسم ظهر المقاومة التي ومن خلال الدعم السوري أصبحت ورقة من ورقات توت الأنظمة العربيّة قبل التخلّي عليها لدعم برنامج الديمقراطيات العربيّة بدبابات أمريكا. والعوزي الصهيوني.وبعد التمكن من ابتلاع قيادة فتح منذ ياسر عرفات و"أسلوا" وحتى أوان إلغائه عن الوجود. ها هي هذه القيادات تتجزأ بين مناصر لقطر ومشروعها وتمويلها وبين عناصر قياديّة تاريخيّة لم تجد حتى الآن وطنا تتشرّد فيه لحين ميسرة قطريّة أمريكيّة.

إذا ومن خلال هذه العناصر العامة يمكن أن نفكّك أحد أبرز التجارب وأوّل منبت للثورة وأكثر الساحات صراعا على ثوريّة الثورة وشرعيتها الشعبيّة التاريخيّة. تونس التي لا تزال تكتب وبمراحل حسّاسة تاريخ الصراع بين الشعب ذي غالبيّة قادرة على برمجتها وأقول لثقلها في الشارع السياسي التونسي غالبيّة أخرى بين "متفرّجة صامتة"كما سمّاها رئيس الوزراء الغنوشي. وبين متحرّكة صلب المعركة وبأدوات تخلق من ضعف قوّة.

وحتى أكون أكثر وضوحا فإن ما أحرزته ترويكا الحكم المؤقّت في تونس في ظلّ الانتخابات الديمقراطيّة الأولى وعلى رأسها حزب النهضة. هو لا يمثّل إطلاقا غالبيّة الشارع الذي شاهدناه ونشهده بعد خروج العديد من صمتهم عند احتداد العناصر المحرّكة هي ذات العناصر التي ستبني قاعدة الحكم ومشروع تونس ما بعد انتفاضة و(إنقلاب) 14/01/2011. لكن سنضطر للمرور بتحليلنا على أهم مراحل التاريخ التي خزّنت وشحنت ما كان من (ثورة) لنعي أهمّية نضال كلّ طرف في تاريخ الحركة الثوريّة في تونس وعلى الأخص دور الشعب في هذه المراحل.


من نحن؟

(تونس "الثورة" نموذجا)


وقبل تخصيص نزر من مواقفنا وما يجب أن يخصص لسوريا واليمن وجب أن نمرّ على الزمن الفاصل الذي كان لحظة التأسيس في الأروقة وبتغطية من أحداث ليبيا والحرب على ألقذافي وليس ثورة كما كانت في المنطلق(أيام بنغازي) إذ بدخول الناتو وآليته العسكريّة التي حسمت المعركة عمليّا وفعليّا خرج مفهوم الثورة من ساحة ثورة المنطلق وهنا يبرز جليّا وجه المحرّك وخدمه الرئيسيين على الميدان كلاعب رئيسي وأساسي يجب أن يعي كلّ حسب رأيه. حجم ومسار ومآل نضاله.وكان للأحداث في ليبيا انعكاس(مؤسس لمرحلة فوضى خلاّقة في محيط المغرب العربي) على مجريات الأمور سواء في تونس أو مصر معا.

فكان على تونس أن تدخل مرحلة صراع داخلي شرس للغاية تحكمه في الأصل قوّة رأس المال. ورأس رأس المال الاستعماري في آن وتضاد الدوافع والأجندات.التي في النهاية تتحد في الهدف.

وقبل أن يبرز معطى جديد قديم نسبيا هو تكريس وجود الطرف الإسلامي "كورقة تستهلك نفسها بنفسها حتى تركيز معطيات المرحلة داخل صورة ومشهد يوحي من بعيد بصراع سياسي ديمقراطي ناشئ إلى حين توفير عناصر وقواعد وشخصيات المرحلة ليصعدوا(ديمقراطيّا) للمشهد الجديد"وكانت ركائز صعود نجم من قدموا من بلاد الثلج إلى نار الانتفاضة بقوّة المال السياسي والإعلام الموجّه(كالعادة قناة "الجزيرة" التي ما تزال حتى اللحظة التي أتحدث عنها تحظى بإصغاء المشاهد العربي عامة والتونسي والمصري خصوصا. نتيجة حضورها. تبعا لأجندة محكمة البرمجة والتطبيق. وبتوفّر الآلة اللازمة لانتقاء وفبركة الصورة. ومن ورائها الخبر الذي يحرّك أحاسيس المشاهد. ويقتل عقله جزئيا على الأقل. وهذا ما نجحت فيه إلى حدّ ما حتى هذه المرحلة. بمعيّة محطات أخرى تصارعها لتدعم نهجها ضمنا. من أجل الفوز بلقمة من الكعكة المعدّة للإعلام"النزيه الثوري الديمقراطي الحرّ" ومن بين هذه القنوات من كان معدّا منذ حكم الصقور في ذات الميادين المخبريّة والتي كانت أذرع فاعلة في التغطية المنتقاة والتوجيه المبرمج. بحرفيّة مخادعة. لتأخذ الحيز الذي تركته فيما بعد الجزيرة التي فضح أمرها. خصوصا في تونس. ووقع حتى طردها من الساحات. حين كانت تحاول يائسة لكسب ما تبق من مصداقيّة وحياديّة مخاتلة ومغالطة كاذبة. للعودة للدور الذي رسم لها. من خلال تنويع وجودها في صلب قضايا الشعب التونسي المصيريّة لكن حيلها لا تنطلي إلاّ على غافل جديد أو مشبوه أو مريض عقليا. وتعتمد هذه المحطّات الناشئة على الإقناع بالصورة المنتقاة بدقّة متناهية الذكاء حيث تجمع بين خاص يوهم بأنه عام. وأيضا الإلهاء حين يجب حتى أنّ بعضها أصبح مثار تهكم التونسيين. أو الغضب الفعليّ مما أفرز"حسب المتوفّر من دعم" بروز إعلام يوجّه ويحاول السيطرة بكلّ السبل على الرأي العام. قصد تسييره إلى وجهة محدّدة. وليس يعلم ويخبر ويوفّر المعلومة بنزاهة وحياديّة وصدق في تونس". وهو ما ترغبه حاليا القيادة لتكريس وجودها والتحكّم في الرأي العام وبالتالي قلب الطاولة حين تشاء على من تشاء. ونعلم كلّنا قيمة الإعلام في العصر الحالي وحتى خلال ما سمي تاريخيا بالحرب الباردة خصوصا إعلام الصورة. وحتى الأداة الوطنيّة(على أساس ممولها الأول والأخير الشعب)فهي تعيش صراع كسب الشرعيّة للوجود فقط كمرفق عمومي لابدّ من وجوده في المشهد العام وضرورة على قاعدة اتضح في الأخير أنها محكومة بالتعيينات

والولاءات .لذلك رضخ على عادة بعض أهله الذين يتخيلون أن رزقهم بيد الحاكم وليس ممول وجودهم الشعب(دافع الضرائب)لذلك هم انحازوا لخدمة النظام وهذا عمق التخلّف والمرض الذي تعانيه ديمقراطيتنا الوليدة وبدعم خارجي لا مشروط ولا محدود.فهو النهج الذي سطّروه لكي تبق هذه المستعمرات قائمة كمستعمرة مهما كانت درجات وعي ونضج نخبتها إن لم أقل شعبها. على الأقل بما هو ملك لهم بما أنهم ممولوه والمتحكمين في مصيره ومنها وزارة الداخليّة والتربية والعدل والصحّة العموميّة وغيرها التي تعيش أساسا على ضرائب الشعب.

وبين داخل لا يزال منه المشبوه لتاريخه ألانبطاحي وعمالته للحاكم(على رأي مقولة الأجداد"الله ينصر من صبح"). وبين محاولات تلاقي صدّ الطرف الحاكم الآن. لانحياز بعضهم لقضايا شعبيّة بصدق نسبي مهمّ.محاولا الخروج بأخف الأضرار إمّا بتجنيبها وتحييدها أو بضمّها إلى ممتلكاته الحزبيّة الحاكمة مؤقّتا(أو حتى سلطة شرعيّة حاكمة) وهذا مالا تفترضه الحالة الثوريّة من مصداقيّة تامة وغير مشروطة وبلا خوف يعيد سريعا إنتاج خوف من سلطة ويفترض أنها تؤسس لديمقراطيّة شعبيّة تونسيّة وحرّية وكرامة حتى قبل الخبز الذي هو ضرورة حتميّة.وليس لحكم جديد مؤقّت يؤسس لدائم. بشروطه وقواعده. وبطرق الاحتلال وبغطرسة ودكتاتوريّة مقنّعة بالضرورة الحتميّة. وبزوايا نظرتهم وطرحهم. وليس الكسب الديمقراطي من خلال الإقناع والجدوى والضرورة الشعبيّة الديمقراطيّة.

وحتى أسرع بلا تسرّع سأعتمد في هذا الجزء من المبحث على مقالاتي كسند وليس حجّة وهي التي نشرت بجريدة الشعب لسان الإتحاد العام التونسي للشغل. وواكبت مختلف مراحل الانتفاضة الشعبيّة التونسيّة لتنير مراحل التاريخ بصيغة شعبيّة قبل أن تخاطب نخبة تتخبّط في مجهولها. وفي أهم المفاصل تباعا. وعلى قاعدة الصيرورة التاريخيّة ومراحله المفصليّة المؤثّرة في ما بلغته الوضعيّة الثوريّة حتى تاريخ نشر هذا البحث الشعبي على الرأي العام والخاص في شكل مساهمة إثراء. وإنارة. وتشكيل وعي لمن غالطتهم وراوغتهم وهمّشتهم الأزمنة السياسية. أهمّ وسيلة مهمّة من أسلحة التجميع والتعبئة وهو الإعلام. وستكون هذه المقتطفات التي أنتقيها بعناية متواصلة مع الروابط التاريخيّة للانتفاضة في أهمّ مفاصلها ومراحلها ومحاورها التاريخيّة في تونس المعاصرة.وبطريقة يفهمها الشعب أساسا.

نهاية الجزء الأول

 
 
 

Kommentare


Post: Blog2_Post

Subscribe Form

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • Twitter

©2020 par موقع المختار المختاري الزاراتي. Créé avec Wix.com

bottom of page