top of page
Rechercher

الموروث الحضاري بجهة سليانة: بين عبث المعهد الوطني للتراث وصمت الوزارة

  • Photo du rédacteur: zaratimoukhi
    zaratimoukhi
  • 5 juin 2020
  • 5 min de lecture


بقلم المختار المختاري

وطن بلا تاريخ هو وطن لقيط لا ماضي له ليؤسس حاضرا مرتكزا على شخصية وطنية تكتسب شرعية وجودها من كنوز ماضيها التليد. ولمن سيعاند متأسيا بتجارب اللقطاء في العالم يجب أن يتعلّم القراءة ويطالع ما يبررون به وجودهم باعتماد بلاد المصدر الذي نزح منه أجدادهم ونقطة انطلاقهم لغزو الشعوب الآمنة والتي منهم من يحاول امّا طمس تاريخها أو الاستحواذ عليه وسرقته من وطنه (انظر اسرائيل وراجع ملفات أمريكا والدول الأوربية التي تعرض في أهم متاحفها ما استحوذت عليه ولا تزال من تاريخ الأمم التي كانت تستعمرها على الأخص) أمّا الشعوب والأمم التي تستند إلى كتاب عمرها على الأرض فهي ليس فقط لا تنحني ولا تندثر بل وتعيش عظمتها من عظمة ما ورثت وأجلت وكرمت وليس بمفهوم التقديس الأعمى بل بالأساليب والطرق العلمية التي جعلت منه مادة ليس فقط للتبجيل والتكريم بل وحتى للاستثمار المربح (انظر مصر ومتاحف العالم الغربي وأشهرهم لوفر ومتحف بريطانيا وموسكو وغيرهم) فالتاريخ الذي قال عنه عظيمنا المتروك والمهمل في وطنه حيث لا يقرا ولا يعتد به بينما يدققون النظر في معانيه ويعملون بها غيرنا من الأمم التي نتصورها لخسة وعمالة بعض من فينا أنهم الأقوى والأقدر والأجدر والنموذج الذي يحتذى وحتى في هذا الباب لم ننجح ولن حتى ينزاح جملة كوابيس وكوارث وطنية بالجملة الجاثمة كالجلمود على صدورنا بقرارات إما من نهج المحاصصة أو تندرج ضمن خانة المحسوبية والولاءات المقيتة.

'التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الاخبار وفي باطنه نظر وتحقيق'

ولاية سليانة نموذج لنكبة وطن لا دفة فيه حتى نتحدث عن تغيير اتجاه الدفة وعلى جميع الأصعدة وهي في ذلك ليست الوحيدة ولا حتى المستهدفة بذاتها بل ثلثي الوطن يرزح تحت ذات المعاناة لكن ما يجري فيها من مهازل يجعلها في صدارة الأخبار. ومن هذه الأخبار الكوارث العظيمة على وطن يعاني اجتماعيا وعلميا واقتصاديا وباء ذاهب به نحو الافلاس ووضع اليد من طرف الدائنين جراء ما يأتيه من يسمون أهل الحل والعقد. نكتشف في كل دقيقة منها ما يثلج صدورنا من دمار لاحق في اسرع من لفتة جفن لبنادق المستعمر المتوثب. فهذا المعهد الوطني للتراث البوابة الكبيرة والأصلية للبلاد والوطن برمته حيث يتضح من سابق حديثنا عن أهمية التاريخ والمواقع التاريخية الأثرية والتي تكتسي على أيامنا صبغة اقتصادية كبيرة كما سبق الذكر والتوضيح. عدى الدور العلمي الذي يتعدى ويتخطى حدود الوطن والامة والمحيط الاقليمي الى العالمي الانساني. وعوض أن يكون له دور مشعّ ومساهم ساند ودافع نحو ارساء تقليد السياحة الثقافية الحقيقية ونزع فتيل سياحة الثلاث (s) التي لم يعد لها في المجال السياحي العالمي سوى مراكز معروفة لا نرقى لها أخلاقيا ودينيا واجتماعيا وتاريخيا وحتى اقتصاديا حتى أصبحت سياحتنا سياحة فقراء العالم ومنتزها للشيخوخة العالمية المفلسة. (انظر رقم السياح والمداخيل المستخلصة من السياحة وقارنها ببلدان عربية مثل مصر وذلك أضعف من أضعف من الإيمان).

وعوض أن يقوم هذا المعهد بالمحافظة وتطوير وتهيئة وتثمين فضلا عن واكتشاف وتعرية وابراز مخزون الوطن الذي يمتد تاريخه إلى آلاف السنين وليس كما رغب ('زع بع' الهارب ومن سبقه لمهزلة تونس ثلاثة ألاف سنة من التاريخ) ومنذ الانسان البدائي العاقل. لكن أسوة بمن سرقوا وباعوا أثارنا وتاريخنا ودمّر ما لم يقدر على بيعه ونهبه. فانّ الذي يجري في مواقع مكثر والكريب من ولاية سليانة صميم الكارثة التي لم يشفع لوقوعها وجود شريك أجنبي صديق (بولونيا) والتي حتما ومؤكد أنّ ما جرى ويجري سيكون مادة من أهم المواد التي ستكون مثار تندر ومهازل تعترض طريق كلّ تونسي مهما على شأنه وحتى من هم في سدة الحكم عند ذهابه لمحافل أوربا لطلب ما. رغم بلوغ الأمر والمعلومات لوزارة الاشراف وحتى مجلس نواب الشعب اللذان كالعادة سيقولون لنا (غلطونا) بتقارير وردود مفبركة على المقاس والحال أنّ ما يجري من مهازل في هذه المواقع ليس فقط تحد صارخ لقرارات ومخططات الحكومة بل تجاوز صارخ للمهام وتدمير لمخزون الوطن التاريخي 'الاقتصادي السياحي في آن' ولولاية منكوبة تروم الدولة النهوض بها وانقاذ ما يمكن انقاذه من الويلات التي تعيشها عبر خلق متنفس اقتصادي يزيح شبح كارثة ثورة البطالة على واقع مسخرة يشاهدونه ويعيشون تفاصيله على الارض يوميا. وحتى وقفة الاتحاد الجهوي بسليانة وبيانه الاحتجاجي المؤرّخ ب10/04/2018 لم يجد له طريق لمسامع حكومة لا تحترم حتى مخططاتها وطموحاتها ولا تسيطر حتى على منظوريها ممن توليهم مناصب لخدمة برامجها وأهدافها.

معهد بوابة للوطن كبيرة لا يحترم التشريعات الواردة بالرائد الرسمي للبلاد وبمجلة حماية وتثمين التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية. معهد لا يصون ولا يرمم ولا يحمي المواقع الأثرية ولا يثمن المخزون الحضاري والفني للأمة بل وأكثر فهو يعمل على تخريب مشروع وزارة الاشراف (وزارة الشؤون الثقافية) التي تصرّح بأنها تسعى جاهدة وبكل السبل إلى دعم الجهات وتثمين خصوصياتها الثقافية التاريخية والفنية والتي تعقد الشراكات وتستجلب الموارد وتسعى حثيثا لتوسيع برنامجها هذا ليشمل أكبر مساحة من الوطن المنكوب.

معهد يتستر على تجاوزات دائرة صيانة المعالم والمواقع التي تعمدت بشتى الوسائل العبث بالمخزون الحضاري والأثري لجهة سليانة وغيرها من الجهات. ورغما علم المدير العام فضل عدم الالتزام بالقوانين وتأدية واجباته فإنه تستر لحماية أطراف من خروقات بالجملة أولها وليس آخرها الملفات رخص البناء والتهيئة العمرانية رغم تحركات السلط المحلية والجهوية ومطالبتها مدير المعهد بضرورة التدخل العاجل والجدي للرد على ملفات المواطنين المشتكين من التعطيل ليذهب الى المغالطة وأولها وليس آخرها تواريخ استلام الملفات وتتعمد المماطلة في الردّ على المطالب الاّ بعد انقضاء الآجال القانونية بل وأهمّ من ذلك التغطية على تقصير دوائر وأشخاص. والذهاب الى تعطيل برامج عمل الموقع (الكريب) والذي كما سبقت الاشارة اليه ينجز باتفاقية دولية بين تونس (ممثلة في المعهد) وجامعة فرصوفيا البولونية.

ومن المهازل التي عاشها الفريق العلمي وعاينتها السفيرة البولونية في زيارة لها للموقع غياب تام للوجيستيك الانساني والبشري الضروري للفريق العامل على الميدان من كهرباء وغيرها وهي ضروريات الحياة على الارض وذلك رغم الاثارة والمطالبة بها وليس أوضح من ردّ مصالح التفقدية العامة لوزارة الشؤون الثقافية على تصريح المدير العام للمعهد المغالط في اجتماع بمقر ولاية سليانة بنفي اقتناء وتوفير الوحدة الصحية. فأي صورة سيحملها عنّا الشريك في بلاد لا يتوفر فيها وحدة صحية ولا كهرباء وما خفي أعظم؟ وأي صورة نعطيها عن وطننا لمشاريع علماء إن لم نقل علماء فعلا. هم مشاريع سلطة في بلادهم سنلاقيهم يوما ما وهم على كراسي القرار؟

ولا نتحدث عن تعريض العاملين والوافدين على الموقع إلى جملة مخاطر بعد تنصل المعهد عن توفير وسائل وامكانات الحماية التي تدخل ضمن مهامها وأولوياتها. ولا نتحدث عن تعمد ادارة المعهد تعطيل تسلم وسائل ترميم وصيانة الخزانات الرومانية بالموقع (الكريب) رغم شراء المواد الاساسية للترميم. مما أدى إلى تدهور الحالة الإنشائيّة للمعالم وتساقط أجزاء منها بسبب التأخير في التدخّل والحال أنّ أولويات المعهد هي صيانة وترميم ثمّ الحفاظ ولكن ادارة المعهد ذهبت الى الأتعس من ذلك حيث لم تخصص مخزنا لحفظ القطع الأثرية المعرضة ليس للسرقة والنهب فقط بل لتدهور حالتها جراء تعرضها لعديد العوامل التي تضرّ بجودتها وقيمتها العلمية والاقتصادية السياحية. رغم توفّر برنامج قدمته أهل الاختصاص حول الحفاظ على المخزون الاثري والحضاري من المخاطر التي قد يتعرض لها وتحويلها إلى عناصر داعمة للتنمية في محيطها بأسلوب علمي دقيق وفريد ومتميز ومعاصر من انشاء بنك معلومات لحصر وجرد ودراسة القطع وكشف خصوصياتها وتميزها ومميزاتها. بهدف توسيع المسالك السياحية للبلاد وصيانتها وترميمها والسهر على تثمينها ووضع البرامج الكفيلة بالارتقاء بسياحتنا الثقافية عموما.

ولئن البحث العلمي في برنا ترف وكماليات لا طائل من ورائها ولئن الآثار والتاريخ عنصر ثانوي لا يخص الشخصية الوطنية والراية والعمق الحضاري والعلمي ذي البعد الكوني. ولئن شعارنا هو لا تقرأ ولا تعرف ولا تتطلع ولا تكتشف عنك وعن بلدك وعن تاريخك ما يجعل منك معتدا بذاتك صاحب رأي وفكر وسند .

ولئنّ يراد لك أن تكون لقيط في عالم يتحدث لغة التاريخ والاجداد بأسلوب علمي لا اورثذوكسية تشوبه ولا تقديس أعمى جاهل فإنك لا تقدس ولا تحني الرأس الاّ لمن يعتبرك سلعة ومستهلك لا يستحق سوى وطن sos وربما أدنى من ذلك بكثير.

ولهذا استوجب الوقوف ضد التيار وحتى ما قامت به ادارة المعهد من محاولات تشويه وطمس الهويّة وتكميم الافواه واقصاء وتهميش الفاعلين في الموضوع ومحاولة مغالطتهم بعديد الوسائل ومنها حتى الهرسلة والعقابي. فإننا نعري للقراء صورة ومشهد مما يحدث في تونس الثورة (ثورة الزوالي)

تونس 14/09/2018

 
 
 

Comments


Post: Blog2_Post

Subscribe Form

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • Twitter

©2020 par موقع المختار المختاري الزاراتي. Créé avec Wix.com

bottom of page