المشروع الهيكلي لديوان العمل الثقافي والاجتماعي*
- zaratimoukhi
- 18 juil. 2022
- 7 min de lecture

مقترح ارساء منظومة عمل اجتماعي وثقافي خاص بالتربية ـ
* المختار ولد الرازي*
*مشروع بناء هيكلي*
إلى السيد وزير التربية الموقّر
تحية تربوية وبعد:
بلغ إليّ شخصيا أنّ سيادتكم تعتزمون إحداث برنامج خاص في شكل ديوان خدمات ثقافية واجتماعية لعموم تلاميذ وربما طلبة تونس.
وبما أنّ المشروع في حد ذاته نظرة ثورية مؤسسة لمشروع مواطن تونسي محمي ومسنود بشكل علمي ثقافي واجتماعي يخرج المواطن التونسي من دوائر وعاهات إن لم أقل أوبئة قاتلة أهمها فقدان الشخصية المتمركزة المعبّئة والمشحونة بخصوصياتها وهي أرضيته الصلبة والحامية في آن للتواصل مع عالمه في بعديه الخاص والعام.
ولأنّ المشروع أثار فينا مطلبا طالما نادينا وتحملنا من أجله الكثير أردت أن أكون داعما فاعلا وليس متابعا مستهلكا.
ومن هذا المنطلق أعددت هذه المساهمة التي أستمدها من رؤيا ميدانية بما أنني من المهتمين والمساهمين في الحقل الثقافي منذ أكثر من 30 سنة ومن أبناء الوزارة الذين عانوا ظلما كبيرا ولازال ولكنّي أتعفف عن الخاص وأسعى إلى الاسهام وليس الحرث في الماء الآسن. وأحاول الافادة قدر ما يتوفّر لدي من معلومة ومن جهد.
ولهذا أشكر لك سيادة الوزير هذا الجهد والرؤيا التي مطلبا رئيسيا لمن هو جاد في اصلاح ما افسده السابقون. ودمره المتهافتون.
وليس الشكر لديّ كلاما عابرا منافقا وإنما اسنادا ومساهمة في التقويم والخلق (عملا بالمثل التونسي القديم 'يد وحدها ما تصفقش') ولا أكتفي بأن أكون مرآة بل مساهما بالرأي والفعل وذلك أضعف الإيمان.
وإلى الأمام ولي ولكم التوفيق ولو بعد عمر طويل.
المواطن المختار المختاري 'الزاراتي'
*البرنامج التربوي الثقافي والاجتماعي*
تقسيم الوحدات:*
ـ تقسّم خارطة كلّ مندوبية من المندوبيات الجهويّة للتربية إلى وحدات جغرافية تضمّ نسبة لا تقلّ عن 20% من مجموع نسبة تلاميذ المندوبية عامة ولا تزيد عن نسبة 25% من المجموع العام.
ـ ويديرها رئيس مباشر يكون الرابط بين ادارة البرامج ومتفقدي المواد الفنية والتثقيفية ومدرسي هذه المواد والمشرفين على انفاذ وتنفيذ البرامج وهو أيضا يقوم برفع تقارير دورية يستخلصها من مقترحات اطار التدريس (اصحاب الاختصاص) والمتفقدين المشرفين على اسرة تنفيذ وإنفاذ البرامج من المدرسين وأيضا ملاحظاته الذاتية والموضوعية حول المشاريع والبرامج وأساليب وطرق ومواقيت برمجتها وأيضا خلاصة ما نتج عن هذه البرامج وخصوصا الثغرات الميدانية الناتجة عن هنّة أو نقص موجود فيها عموما.
يجب وضع خطة موزعة على ثلاثة أطراف تتعاون من أجل تطوير وتغير وتشكيل برنامج خاص بالثقافة في الوسط المدرسي والجامعي.
*وهي :
ـ وزارة التربية
ـ وزارة التعليم العالي
ـ وزارة الثقافة
ـ وزارة السياحة
ـ وزارة الشباب والرياضة
*كما يلحق بالقائمة مجموع المتدخلين في البرامج مثل وزارة الداخلية كطرف ضامن لأمن المجموعة الوطنية ومن بينها تلاميذه وطلبته.
*إدارة البرامج:
تتميز هذه الادارة بوجود أهل الاختصاص المتميزين من بين أبناء الوزارة.
في ميادين مختلفة ذات علاقة عضوية بالمشهد الثقافي الوطني. من أدب ومسرح وموسيقى وفنون تشكيلية وإلحاق مختصين في ميادين لا تزال خارج دائرة التعليم مثل السينما.
ولكن يجب أيضا إضافة عناصر مميزة لها فعلها المتداخل مع العمل الثقافي العلمي مثل مختصين في التاريخ الوطني وفي الفلسفة من بين الباحثين المنتمين للوزارة.
وهنا وجب تفسير وجود هذا التشكيل في خانة واحدة فإنّ الفنّي والأدبي والثقافي عموما بلا سند تاريخي وفكري فلسفي علمي يراجع ويصحح الموروث بتدرج (أي حسب سنّ المتلقّي من التلاميذ أو الطلبة) ويؤسس لعقلية واعية مفكرة باحثة وتمتلك آلية البحث والتحليل في شكليها العلمي المدرسي التعليمي وتضعها على المحكّ في ما تختاره من اتجاه ابداعي ثقافي يحصنها أمام الغثّ المكرّس والمبرمج لها والذي ذهب بها نحو التصحّر الثقافي والفكري والتجهيل الذي أفرز الأمراض والسموم التي نعيشها اليوم في مجتمعنا الغير محصّن.
ويكون البرنامج مستمدّ من ألعاب ترفيهية مستمدّة مادتها الرئيسيّة من صلب البرامج التعليمية في موادها الرئيسيّة (كالعربية والتاريخ والفلسفة والعلوم كالفيزياء والكيمياء....إلخ) وهذا لما يتعلّق بالبرامج العادية الدائمة والمستمرّة على مدار الموسم الدراسي.
كما تبرمج الرحلات والتجمعات الاستثنائيّة (في شكل شراكة مع وزارات ذات الاختصاص كوزارة الثقافة ووزارة السياحة)
ففي المهرجانات الوطنيّة (محليّة كانت أو أرحب منها) فرصة لاحتكاك التلميذ والطالب مع واقع العمل الثقافي والإبداع خارج دائرته الضيقة التي تعود عليها في محيطه التعليمي.
وهي تؤسس لجيل من مختلف المتدخلين في العمل الثقافي الوطني بين باث ومتلقّي (مبدع ومشاهد ومواكب).
كما أنها تنشئ علاقة منها الذاتي ومنها الموضوعي بين الشخصية المبدعة التي ترعاها وتنميها المؤسسات التعليمية والمشرفين عليها وأيضا تنمي الحسّ الوطني والشخصية الوطنية المعتد بذاته ومكونات موروثه وتاريخه والذي يساهم من خلالهما في بناء أسس حاضره ومستقبله. وحضارتها ووهو ما يحميه من الانزياح والانحراف أوالاغتراب وفراغ الشخصية التي يمكن للآخر أن يبني من خلاله مدخلا لاستلابه وتحويل وجهة جهده وذكائه وقدراته ومواهبه وخبراته التي كونها من ثروة بلاده ومخزونها الرئيسي قدراتها البشرية جيلا بعد جيل .. والأسوأ من ذلك تبني الافكار الهدامة أو تجنح للإجرام و الانحراف.
كما أنها تعيد قيمة التمدرس لتحدّ من الانقطاع والعزوف عن الدراسة.
تكوين لجنة تتركب من خبرات وطنية في مجالات الابداع الفني والثقافي بقصد تأسيس مراجع مدرسيّة متدرجة بيداغوجيا ومؤسسة علميا على جملة قواعد معرفية.
فالثقافة ليست قميصا نتزين به في المحافل وإنما ذهبت الى ان تكون علما في مجالاتها ولكل مجال مفرداته ومكوناته العلمية (رغم انها فنية أو ابداعية منها ما هو عفوي ومنها ما هو موهبة ومنها ما هو فطرة) لكن للعلم موقعه الذي يحمي ويطور ويحضن ويثقّف ويشذب ويزيل العوالق من الشوائب حتى تكون جاهزة لتشريف الوطن.
ومن هذه العلوم ما يخصّ اللغة. وما يخصّ الفكر. وما يخصّ الآلة. وما يخصّ علوم موازية مثل علم النفس والاجتماع.
لذلك وجب تأسيس اللبنة الأولى لانتشال الوضع الثقافي العام من العفوية والاستسهال الذي أثر سلبا على الحياة الثقافية عامة وجعل منها طريقا يسلكه المتهافتون والأغبياء وناقصي المعرفة والجاهلين بمحتوى العلوم وهي التي تمثل مخزون المثقف الذي ينهل منه مقايسه لمعرفة وتشكيل قوله الفصل.
ومن هنا كان للأنظمة الدكتاتورية سبيلها لتشكيل براغيث ثقافة البلاط. معتمدة على قولتها الشهيرة (هذاكة اش عندنا) ونسيت السؤال الرئيسي من المسؤول عن وجودهم وعدم وجود غيرهم من الجادين.
هل هي لم تأسس لهم الأرضية المعرفية والعلمية لتحميهم من مزالق جمة؟
أكم هي قبرت منهم من قبرته لتعلي شأن من يخدم صوتها وصورتها وغلّبت طائفة ترتزق أكثر مما تساهم في الابداع. (إن كان وساهمت أصلا) ؟
لذلك فتكوين هذه المراجع لتدريس مواد فنية وأدبيّة خاصة بمن لهم اهتمام وتوجه غير رياضي ومن يهتمون بمستوى ثقافتهم. وهي أيضا مادة علمية ينطلق منها المدرس لتوجيه تلاميذه وطلبته.
*لجنة تأسيس المواد والكتاب البيداغوجي و المنهاج المعتمد في حصص التربية الثقافية:
تتركب اللجنة من:
ـ مختص في علم النفس.
ـ مختص في علم اللغة والآداب العربية والعالمية.
ـ مختص في تاريخ الفنون والآداب.
ـ مختص في طرائق التدريس.
*مختص في تقنيات والآلة الثقافية والفنية (مثل "الصوت والصورة" والمونتاج والتركيب وغيره)
ـ مختص في الإعلام.
*لماذا هذا التشكيل الغير متجانس في ظاهره؟
ـ الفنّ له تاريخ ومراحل والثقافة تراكم عبر التاريخ وتتواصل من جيل الى جيل وتعتمد في تواصلها على اللغة وطرائق التعبير بها في جانب. كما أنها تستند إلى آلة (خصوصا في الفنون الحديثة وفي الموسيقى مثلا)وأيضا للثقافة طرائق في تكوين ومراكمة الخبرة وهي تمرّ من المشافهة الى مراحل أخرى أثر فيها المكتشف العلمي. ولنبلّغ المعلومات المرغوب توصيلها للمريد في مخبر الثقافة وجب أن نفهم أولا نفسيته والفترات التي يكون فيها جاهزا للتواصل والإستيعاب بشكل مريح للباث (الاستاذ والمعلم المشرف) والمتلقي وهو تلميذنا وطالبنا المستهدف من خلال العملية التثقيفية.
وبهذه الفقرة أكون قد وضحت التداخل والمزاوجة بين العناصر التي تتشكل منها لجنة التأسيس.
*ومن خلال ما أسلفنا الترتيب والقول. يتضح الدور الرئيسي في رفد الحياة المدرسيّة ليس على مستوى التثقيف العلمي الحقيقي وحسب وإنما على مستوى ثاني وهو اسناد العمل الاجتماعي في المحيط المدرسي .
ففي هذا البرنامج حماية أساسيّة لمجموع التلاميذ والطلبة المستهدفين من الانحراف وتوظيف مهاراتهم في مناحي سلبيّة. وتدفع بهم الى تطوير مهاراتهم ومواهبهم وتشذيبها وتثقيفها بالشكل والأسلوب العلمي الذي يجعل منها مشهدا رافدا ومكملا ومكتشفا وداعما لثقافة وطنية جادة وعلمية وبانية لمشهد ثقافي وطني يساهم في تشكيل المنحى الثقافي التونسي بخصوصياته وهي الاضافة المطلوبة لإشعاع الوطن في المحيط العربي والإنساني. ككائن مبدع واستثنائي.
ـ ولكن يجب أن لا نضع في الاعتبار عنصرين أساسيين لنجاح العملية.
العنصر الأول وجوب مراجعة نظام الحصص التعليمية ومنها التنشيطية حتى نضمن درجة تركيز لدى المتلقي (التلميذ أو الطالب) في حضورها الفعلي المتكامل. إذ أن الحصّة لا يمكن أن تتجاوز حدود 45 دقيقة فيها ما يقارب العشر دقائق للتهيئة ويمكن أن نصل تدريجيا إلى حدود النصف ساعة من التركيز المتفاوت الدرجات من القصوى الى المتوسطة حتى نضمن الحد الأعلى من الحضور الذهني القابل للتعاطي الجدي والاستيعاب بنسبة تفوق حتى 90%.
وأما العنصر الثاني فهو التعاطي العلمي مع الحالات الاجتماعية في محيطها وقبل تحويل ملفها الى دوائر الاشراف والمعالجة المركزة. يعني تكوين (عدد 2 من اطار القيمين ومن بعض المعلمين وخصوصا (المدير المساعد في المدارس الابتدائيّة) وكذلك عناصر من ادارة الجامعة) على التحرك الناجع في محيطهم وبشكل علمي (نفسي واجتماعي) وتمثل وحدة متحركة سريعة. تحدد الحالات بالتعاون مع اطار التدريس وبقية المتدخلين. وتدرس الحالات لتبوبها بين حالات ظرفية (استعجاليه) وبين حالات يجب توجيهها الى العناية المركزة المختصة.
لذلك لابد من لجنة تكوين متركبة من مختصين في علم النفس ومن علم الاجتماع تركز مدونة خاصة تعالج عموم المواضيع الخاصة بالمحيط المدرسي في كل عناصر التدخل فيه (اطار تدريس + اطار اشراف + اطار تسيير + والمتلقي "التلميذ والطالب" )
وتكون هذه المدونة مادة تحمي جميع المتدخلين من اطار التدريس والإشراف والتسيير ويكون بذلك مجال تدخله فاعلا ودقيقا بنسبة عالية علمية
وتقوم الوزارة بإدراج حلقات دراسية وتكوينية على مدار الموسم لمتابعة وتطوير وتكوين خلفية علمية لدى العناصر الفاعلة في الحياة التعليمية حتى نضمن الحد الاقصى من الحماية النفسية والاجتماعية والتي يكملها البرنامج الثقافي في حماية التلميذ والطالب من اشكال الانحراف وانعدام الشخصية ورعاية وحماية مواهبه الكامنة فيه من استخدامها في وجهة خاطئة ومدمرة له ولمجتمعه.
وهنا وجب ابداء ملاحظة مهمّة تتعلّق بالمسألة الأمنية (أي مساهمة وزارة الداخلية لحماية المؤسسات التربوية أمام بوابة المؤسسات وفي محيطها)
والملاحظة نلخصها في التالي:
ـ إنّ الحضور الأمني في شكله الحالي يثير في نفسية التلميذ والطالب الكثير من التوتر وتمثل دافعا نحو انتاج حلول التخفّي والتهرب منه عند وجود حالات الخروق (وهي حالات ونتائج تعتبر طبيعيّة لشكل الحضور المتبع).
لذلك ندعو وبالتعاون مع وزارة الداخلية إلى انتقاء العناصر التي تقوم بهذه الدوريات الأمنية للمشاركة في حلقات تكوينية تهدف أنواع المخالفات وأشكال التوقّي منها بتدخل مغاير عن التدخل الأمني العمومي (خصوصا وأنّ طرف في المشهد هو تلميذ وطالب بما يمثلانه من خصوصية نفسية واجتماعية وتعليمية) لذلك يجب أن يكون شكل التدخل وأنواع العقاب مختلفان تماما عن أساليب الردع والتوقي من الجريمة في شكلها المدني العمومي.
وهنا يأتي دور اللجنة الاجتماعية والنفسية التي سبق حديثنا عنها في ايجاد وابتكار أشكال للردع والعقاب تتماشى وذهنية وسنّ وحالات المستهدفين من التلاميذ والطلبة تزاوج بين الردع والتوقي والحفاظ على استمرارية حياة التلميذ والطالب التعليمية دون المساس بما يصبو اليه المجتمع من اصلاح.
خصوصا وأن المنحرفين الذين يتوزعون في محيط المؤسسات التعليمية ليسوا بعيدين في السنّ عن منظوريهم من التلاميذ لذلك وحتى نستهدف هؤلاء أيضا بشكل موازي وعلمي.
وجب أن يكون لوزارة التربية حضور فاعل في داخل مؤسستين هامتين هما (المؤسسة الاصلاحية) و (مؤسسة فاقدي السند 'ألأبوين' أو ما يعبر عنه عمليا ب sos)
وذلك عبر برامج علمية ومواد للتدريس خاصة بكل مؤسسة.
فمثلا المؤسسات الاصلاحية ومن خلال اطار التدريس التقني والمهني يمكن بعث برامج تعليمية لهؤلاء مزاوجة بين الاصلاح والتعليم. من خلال تخصيص برامج حماية العقلية والتثقيف الموجه والإحاطة الاجتماعية الموجّهة.
وكذلك الحال بالنسبة لمؤسسات sos مع الاختلاف في تركيز أقسام للتعليم العام في مختلف نواحيه وأقسامه واختصاصاته. بالتوازي مع التعليم المهني والتقني وأيضا إحداث منهج خاص للتثقيف والتربية والإحاطة النفسية ثم الاجتماعية خاصة بهذا الجزء الذي يكوّن مكونا من المجتمع.
ونخلص إلى هذا النموذج التخطيطي المصغّر لجميع الوحدات المتداخلة والتي تشكل هياكل الاشراف والتسيير لهذا البرنامج المقترح:
المختار المختاري 'الزاراتي'
コメント