الخوف من النهاية (اقتصاد الصدمة رأسمالية الكارثة اللا وطني)
- zaratimoukhi
- 22 mai 2020
- 10 min de lecture

بقلم المختار المختاري الزاراتي

(كيف يمكن أن نحقق الاستفادة من الفوائد المرجوة من فكرة الحكومة؟ (...) أول هذين المبدأين هو وجوب تقييد نطاق سلطات الحكومة؛ فلابد أن تكون الوظيفة الأساسية للحكومة هي حماية حريتنا من الأعداء بالخارج ومن إخواننا المواطنين بالداخل: أي الحفاظ على القانون والنظام، وتطبيق العقود الخاصة، وتعزيز الأسواق التنافسية. وبخلاف هذه الوظيفة الأساسية.) ميلتون فريدمان Milton Friedman
هكذا ينظر عالم الاقتصاد الأمريكي ميلتون فريدمان Milton Friedman* صاحب نظرية الصدمة أو عقيدة الصدمة (بالإنجليزية: The Shock Doctrine *)، وهي نظرية رأسمالية تقوم علي مبدأ استغلال الكوارث في الدول، وفي حالة عدم وجود كوارث فيجب صناعة كارثة مفتعلة ثم استغلال نتائجها.
وفي هذه المقالة التي تسبق ترتيبها في سلسلة مقالات اقتصاد الصدمة رأسمالية الكارثة في تونس التي نكتبها لإنارة الرأي العام حول البرامج التي تحاك لهم في غفلة من واقع الانغماس في اليوميّ المبرمج لهم.
ولما لواقع الحال من دلائل ثابتة وعارية وماثلة أمامكم الآن وهنا. على صحة ما ذهبنا وما نذهب إليه من تحليل.
فمنذ أوّل ساعات الكارثة تحركت الآلية الحربية (لرأسمالية الكارثة) والتي تشكلت في مساحتين يعتبران على أيامنا أهم المصادر التي يعتقد العامة أنها تأتيه بالمعلومة الحقيقية والصحيحة في ظلّ ما اعتاد عليه من شحّ وانعدام الصراحة بين الحاكم والمحكوم. أي بين السلطة الحاكمة والشعب. منذ عقود طويلة. وهما الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة الاجتماعية وعلى رأسها الفايسبوك.
لكن غفل عن المعطى المهمّ وهو أنّ هذين الآليتين لا يمتلك زمامهما ولا هو قادر على السيطرة عليهما بل هو كالعادة مستهلك يدفع ليشاهد فقط. ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ بل حتى وهو يموّل ويدفع مقابل الاستهلاك فإنّ صاحب الشأن (المسيّر والمسؤول والمصدر والممول الأكثر حضورا بقراراته والمشترك بين السياسي ورأس المال صاحب المؤسسة ومجموعة الممولين والمشاركين والداعمين بعلاقاتهم مع السلطة. كلّ هذه الشبكة العنكبوتية ومن لفّ لفها. هي المتحكم الرئيسي فيما يروج ويبوب على التوالي (خبر عاجل وخبر رئيسي وخبر ثانوي.... الخ) وحتى التحقيقات والبرامج وحتى المسلسلات والبرامج الترفيهية لا تخلوا من الدسّ والتوجيه والتلاعب بالرأي العام لمصلحة ما. على رأي نحوم تشومسكي العالم الامريكي القائل.

'هناك بروباغندا كبيرة موجهة للجميع من أجل الانخراط في الاستهلاك. فالاستهلاك جيِّدٌ للأرباح وجيِّدٌ للمؤسسة السياسية'
*فما المصلحة الآنية في الزمن الكوروني؟
*يقول فريدمان: "بالرغم من أهمية دور المشروعات التجارية الخاصة والنقود في الاقتصاد الفعلي، وبالرغم من المشكلات المعقدة العديدة التي تثيرها، تتمثل الخاصية المركزية لأسلوب السوق في تحقيق التنظيم تمامًا في الاقتصاد التبادلي البسيط الذي لا يتضمن لا المشروعات التجارية الخاصة ولا النقود. وفي ذلك النموذج البسيط، وكذلك في الاقتصاد المعقد القائم على المشروعات الخاصة واستخدام النقود، يكون التعاون فرديًا وطوعيُا تمامًا شريطة أن: (أ) تكون المشروعات خاصة، وبذلك تكون الأطراف المتعاقدة الأساسية أفرادًا و(ب) يتمتع الأفراد بحرية الدخول من عدمه في أي تبادل بعينه، ومن ثم تكون كل صفقة طوعية تمامًا."
ومن هنا يمكن لنا أن نستشفّ العلاقة الأساسية بين المشهد العام الذي نعيشه وبين ما يدور حولنا. ففي البداية نحن نسلّم بفرضية الوباء الطبيعي (حتى لا نسقط في تأويلات أخرى من شأنها أن تخلق الكثير من التشتت حاليا ويترك أمر الحرب البكتريولوجية لما بعد انتهاء الكارثة) هذا من جهة التأصيل لفعل الكارثة كمبدأ وفرضيّة أساسيّة.
أما ما نحن بصدد تعريته هو ردّة الفعل التي صاحبت الكارثة منذ بدايتها وحتى اللحظة والتي فضحت وعرت مقولات عدّة أهمها وعلى رأسها (رأس المال الوطني) وتجمعاته التي ترتكز أساسا على منظمة كانت منذ إنشائها أحدى مصادر الحكم في تونس ولن ننسى (حكومة شنيق) التي انبثقت عن (الأعراف) أو غرفة الأعراف. والتي تطورت لتصبح اليوم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. بقيادة حالية للسيد ماجول.
الذي طلع بدره علينا بعد سلسلة خروقات اقتصادية قام بها رجال أعمال راجعين لمؤسسته بالنظر وعوض الاعتذار بدلا عنهم لما بدر منهم من صنيع في ظلّ أزمة كالتي يمرّ بها الشعب والبلاد. نجده يدفع نحو تجذير أزمة وطنيّة ذات بعد تأثيري يمكن أن يقود البلاد إلى منزلقات خطيرة ويحاول تمرير وتكريس قرارات اقتصادية هدّامة معتمدا على فكرة ونظرية الاستثمار في الأزمة وهي فكرة منبثقة عن (نظرية الصدمة الميلتونية)
*ماذا حدث يوم 20 مارس 2020 في إحدى القنوات التلفزية الخاصة؟
استمع الشعب المجبر على الاستماع بحكم سريان حضر التجوال إلى السيّد مجول رأس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (نقابة الأعراف) في محطة تلفزية خاصة. ولطرحه الذي كنا بتاريخ 05/03/2020 ومن خلال مقالنا (في تشريح عقيدة الصدمة 'رأسمالية الكوارث') وكيف تستثمر الصدمات وتحوّل وجهة الرأي العام غصبا إلى قبول الحلول الكارثية على الشعب ذاته بعد إيهامه بانّ لا حلّ له للإنقاذ سوى إتباع آراءهم السديدة والرشيدة والعلمية لصالح حسابهم المصرفي الخاص تلك الحلول والأفكار التي يصورن أن لا مناص ولا مفرّ من تطبيقها.
ويقترح علينا (في لغة التباكي والتشكّي من جهة ومن جهة أخرى الظهور بمظهر القويّ. وهي لغة لا تمت للاقتراح بقدر ما تشكل حزمة قرارات موجهة ومرسلة. ليس للشعب فقط. وإنما رأسا إلى الحكومة وللتعجيل باتخاذها قبيل تفطن جهات أو أفراد أو منظمات وطنيّة ستقف حتما ضدّ استغلالهم للازمة والكارثة والصدمة. ففي البداية وقبل الذهاب إلى تشريح الواقع بتعريته ومن منطلقاته التاريخية مواصلا تقصّي حلقات توريط تونس في حلقة رأسمالية الكوارث أو الطرح الرأسمالي الاستعماري العالمي ضمن سلسلة حلقات رأسمالية الكوارث نظرية الصدمة في تونس. والتي تصدر بجريدة الشعب على حلقات. أسوق بعض الردود الفورية في عناصر. إذ أنّ السيد مجول الذي أشاد بما تقوم به المؤسسات الخاصة من إسناد كبير للاقتصاد الوطني في ظل غياب الدولة التي أصبحت بعجزها وبقراراتها التي تبتزّ وتشرذم الرأسمال الوطني وبتلاعب النهب السياسية وابتزاز رجال الأعمال. يمثّل هذا المشهد عبأ ثقيلا على المؤسسات الخاصة وعائق من أهم عوائق تطورها وفي المقابل ثمة أصوات مغرضة ومدسوسة ومأجورة. (تفضح وتتابع لتكشف وتعري الواقع الحقيقي) بينما يقول السيد مجول أنها تتجنى على القطاع الخاص وتكيد له شعبيا وجماهيريا. من خلال حملات (تشويه).
نقول بما أنك صارحت وصرحت أن شركاتنا ومؤسساتنا الوطنيّة رابحة ومربحة ومشغلة فما عليك وعليها سوى الإسراع بدفع معاليم الصندوق الاجتماعي. وسداد القروض والضرائب المستوجبة. والتخلّي نهائيا عن مطالبة الدولة بدعم والوقوف ماليا لإسناد الشركات والمؤسسات المفلسة أصلا. أو التي في طريق الإفلاس. باعتماد عنصر الأزمات (على عادتهم الدائمة ومن أمد). ويستوجب أيضا إرجاع الحقّ إلى أصحابه. أفي دولة كتونس يمكن أن نجد من يملك ويتصرف في إبرام العقود مع الشركات الخارجيّة في ملف الثروات الباطنية الوطنية. مثلا ملف آبار نفط والغاز. لتسأل عائلة البوشماوي مثلا عن ملف الآبار النفطية ومنها ملف بئر الزارات النفطي. وليس هذه العائلة وحسب بل عديدة هي الأسماء على شاكلتها والتي يجب أن تسأل كيف تحصلت على التراخيص للقيام بهذه الأدوار برا وبحرا. بدل الدولة التي بقوانينها هي تمثّل مرجع النظر الوحيد والمالك باسم الشعب للثروات). وخصوصا أيضا الابتعاد نهائيا عن لعب الدور السياسي في الدعم المالي السخيّ والضغط السياسي والاقتصادي لتولية من ترغبونه على سدّة الحكم. والكفّ عن التلاعب بالسوق. من الاحتكار وإلى الزيادة في الأسعار بغير الرجوع إلى السلطة المعنيّة. وخبراء البلاد لموازنة جيب المواطن مع العرض والطلب. قبل اتهام اتحاد الشغل عند مطلبته بالزيادة في الأجور بما يتناسب والسوق وحاجيات الناس الأساسية، بأنه المتسبب في التضخم وتدهور الاقتصاد الوطني. بينما تخفون رؤؤسكم تحت التراب مختفين ومستغلين الأزمات بكلّ الأشكال والحلول الشيطانيّة. أو التخفي وراء السياسيين الذين يضغطون على زرّ الإرهاب لتمرير قوانين تخدم مصالح طائفة منكم مثل حادثة نزل سوسة الشهيرة والتي على إثرها صدرت حزمة قرارات جنت من مال الشعب ما جنت بينما يموت أبناء الشعب المدافعين عن وجودكم من أبناء المؤسستين الأمنية والعسكرية ولا نسمع لكم تدخلا أو مساعدة أو حتى بيانا يشد على أيدي هؤلاء المنحدرين من صلب الفقر والتعاسة.
*و ذكرا لا حصرا أو إحصاء نعدد بعض هذه الخروق الخطيرة.
1* احتكار المواد الأساسية المدعومة والأدوية عامة والسيد ماجول راغب في رفع الدولة يدها عن المواد المدعومة أي علاقة ولماذا ألان يزيد الفعل قوّة بعد أن كانت طرحت في عديد المناسبات وتمّ رفضها شعبيا ورسميا.
2* الديوانة بميناء رادس تضبط حاويتين محملتين بمعدات طبية منتهية الصلوحية: لشحنة (أصحابها ) لو تمكن من المرور بها ووضعها في السوق التونسية هذه الأيام ..فكم تتصورون تكون أرباحه أو أرباحهم مع ما نتوقعه من تحيل آخر في الأثمان على المواطنين
3* ارتفاع أسعار والمضاربة في السوق الغير مراقب نتيجة التهاء أجهزة الدولة في تطبيق قرارات فورية.
4* التركيز والإطناب الإعلامي الذي يصعد منسوب الخوف ويقوي درجات (الستراس العام) ويعمي بصيرة وفكر الشعب عن أهداف الطامعين. ويرميهم في حضن الموافقة اللاإرادية على حزمة القرارات التي ترتب في الخفاء لهم. وهي المهمة الملقاة على عاتق الإعلام المدفوع الأجر من الخواص تحديدا. ويعاضده الإعلام المسيس والمنتمي.
وللإنارة فإن البلاد التونسيّة أهمّ عنصر ممول لاقتصادها وميزانيتها التي يستخدم اكبر رقما فيها منذ أمد طويل لإصلاح المؤسسات الخاصة المفلسة أصلا نتاج انعدام الرؤيا والتوجه والعقلنة الاقتصادية والتجارية وإنما واقع الحال أن أصحاب العدد الأكبر من هذه المؤسسات هم أصلا عديمي التكوين وليست سوى الصدفة من أتت بهم لميدان وجودهم وليس سوى مال مجهول المصدر (هذا بالنسبة للعموم المغرر بهم والموهومين والغير عارفين بدواليب البلاد الحقيقية) هو الضرائب التي تستقطع من المصدر (جيش العمال بالفكر والساعد) وهي الطريقة التي فرضها المستعمر بعد أن كانت تخرج المحلة لجبايتها أيام البايات. بينما مؤسسات الخواص ليس فقط عاجزة عن دفع الضرائب المترتبة عليها وعلى نشاطها في السوق بل وتزيد تفليس البلاد بالرقم الهائل من الأموال المقترضة من بنوك بعينها وهي التي ترجع بالنظر للدولة بالنسبة الأكبر من رأسمالها. والتي تقاد للتفليس حتى يتمكن هؤلاء من شرائها بابخس الأثمان فلو تمّ ذلك هل يمكن لكم آن تجدوا من يقرضكم ساعتها؟
ربما يقول من يتفق مع السيد ماجول أنها حالات شاذة أو استثنائيّة أو حتى غلاء أسعار المواد الأساسيّة وغيرها مما كشف سره ومن الذي يجرّكم ويجرّ البلاد إلى مزيد من تكريس استعماره واستحماره للبلاد برمتها. من خلال تلاعبه الخارجي. ومادمت صرحت أنكم قادرون فلما لا توقفون هذا النزيف. ولما أنتم غير قادرين على السيطرة على من شذّ وانتم راعيه الرسمي وممثله الرئيسي في البلاد؟
أمّ أنكم لا تظهرون إلا في الأزمات لتكرسوا سلطتكم وسلطانكم وتعمقون الجراح بالاتجاه نحو تحرير السوق وضمان تدفق دعم الدولة الذي هو مال الشعب المستخلص من الضرائب المستقطعة من المصدر؟ وأيضا نزيد التعرية. في رفع اليدّ المستترة والمستهترة التي تهدم مؤسسات الدولة (الشعب) الضامنة لموازنة السوق والسعي إلى (تفليسها) بقصد السيطرة عليها ومن ثمة خوصصتها. ولن أكثر الحديث فيما يخصّ الأجور وموافقتها مع السوق ومع الإنتاج والعرض والطلب.
*وجوب تعليم وصحة وثقافة عمومي.
ونحن نشهد ما يحدث في العالم الرأسمالي الذي أصبح لا فقط مفضوحا بلا مبالاته بالحياة البشرية وهو الذي غرس في العالم شعارات الأخوة والإنسانية والمساواة والحياة الإنسانية هي الأساس وغيرها كثير لا يحصى ولا يعدّ نراه اليوم من أعلى منابره يقدم الحياة البشرية قربانا لكرونا أولا ولخزائن أفراده الأثرياء ثانيا ليس فقط مستهترا بل ومجرما في حقّ الإنسانية (وتصريحات رئيس وزراء بريطانيا وترمب أمريكا وغيرهما دليل واضح على الصفاقة وانعدام الإنسانية إن لم نقل أكثر). فهل هذا هو النموذج الذي تذهبون إليه وتعتمدونه وتقودون الشعب المفقر والمجهل إليه؟
ها هي دول كبيرة كايطاليا وألمانيا وغيرها يعود إلى التفكير جديا في خوصصة التعليم والصحة بجميع مفاصلها من المستشفى إلى الدواء والى الآلة الطبية ويعود أيضا إلى عنصر الثقافة الوطنية التي تؤسس الشخصية الوطنية المحمية بالعلم والفكر وطرائق دخول الحضارة الإنسانية من خلال تركيز العنصر الحضاري الخاص والمميز.
وبالتالي أما حان أن يتوقف نزيف الصراع على خوصصة هذه المجالات الحساسة والتي دفع فيها الأجداد والأحفاد شقاء أعمارهم وتعبهم وعرقهم لتأثيثها وتركيزها. وهذا ما يذهب بي إلى سؤال أراه مهم إلى كل هؤلاء المتهافتين على المال العام وتبديده وتبذيره وخزنه في مشاريع وهمية (وأقول وهمية لأن الرابح منها ليس الوطن ولا حتى أثريائه وإنما الخارج الذي يمسك بزمام الصناعة وبالتالي التجارة هل ستجدون اليوم مهربا من كورونا وقد أصبحت مستشفياتنا وأدويتنا ومخابرنا في مهب الريح؟).
*هل يمكن أن تفعلوا وتنفذوا هذه البرامج؟
(أتحداكم فانتم بلا أموال الشعب لن تمكثوا في الأرض سوى بعض ساعة فالارتباط والارتهان إلى السوق
الخارجي الذي تحكمه الأزمات المتتالية لن تبقي منكم ولن تذر ولن ترحم) وان كان وذهبتم في هذا الاتجاه (وأشكّ شكّ الأنبياء في شعوبهم) ساعتها سنكون من الداعمين لمشاريعكم التي تختار فقط زمن الكارثة والصدمة لتمرر إحكام قبضتها على البلاد نهائيا.
ومن مصائب الدهر أن ترتبط الحلول في كلّ أزمة بتسريح عدد كبير (اضطراريا) لليد العاملة. وطلب الدعم
والتعويض من مال الشعب. وتأجيل دفع القروض لمرة أخرى (من خلال الإيهام بإعادة الجدولة التي لن تطبق فحين يجيء الأجل تكون الأزمات جاهزة إما محليا بعملية إرهابية أو عالميا كالتي نحن بصددها).
وبعد الإعفاءات الضريبية والتأجيلات السابقة بسبب عملية سوسة (الإرهابية) بين معقوفين. والتي طالت حتى الديون المستوجبة على خدمات عمومية لم يستثنى منها المواطن في عزّ أزماته الخانقة. وفي زمن لا يتعدى سنتين نشهد حملة جديدة متجددة للمطالبة بإجراءات وسن قوانين لفائدة من (رأسمال يقول انه وطني).
هل تبادر إلى ذهنكم وانتم تتحدثون عن صندوق الدعم أن عملية التفقير التي كنتم أهم لاعب فيها انحدرت بمن كانوا الشريحة الوسطى إلى الحضيض والى مصاف الفقراء؟ وأنها احد أهم العناصر الممولة لصندوق التعويض وكافة الصناديق التي تمولكم أيام الأزمات؟
وأنها يقع على عاتقها وحدها أعالتكم والدولة معا؟ ولا يعود عليها بالنفع سوى رغيف خبز وبعض السكر وقهوة وزيت السوجا وكلها سلع يتمّ الاحتكار والاتجار بها في الأسواق السوداء كأنها سلع صينية مهربة ومن يقوم بهذا الصنيع أليس راجع إليكم بالنظر ويحتمي بحماكم وبمنظمتكم وهل انتم قادرين على التدخل وإيقاف مهازلهم؟ (حتما لا وستقولون نحن غير مخولين ولا مكلفين ولا قانون يمنحنا حقّ الفضح والتعرية والكشف عن الفاسدين). وأقول أنّ ما كشفته الأحداث منذ انتفاضة الشعب (17/14) جانفي 2010. من أسماء أجرمت في حقّ قوت الشعب ووجب القضاء عليها ومحاكمتها وحتى إرجاع المال المنهوب منها بالقوة النظامية. واجب وطني صرف فهل تقفون مع هذه المطالب بقوة كما تقفون ألان مع مطالب ليس لكم الحقّ فيها فالذي دفع المال لكي تحكم هذه الطبقة والشريحة هم انتم رجال الأعمال بالدرجة الأولى ومن يقف وراء ملف الابتزاز والدفع بالصراع إلى أقصاه هم انتم ومن بين صفوفكم المتناحرة على الثروة الوطنيّة ومنها المكتشفات الجديدة من أبار (اللاقمي) إلى أبار (غاز البطون) كما يشيع من وليتموهم لخدمة أجنداتكم ثمّ تأتي اليوم لتقول أنهم لا يمثلونكم ويبتزونكم؟
ومع هذا كنت شخصيا كتبت ونشرت بجريدة الشعب سنة 2015 مقالا وكان مخصصا لمقترح قدمته لفضّ إشكالية صندوق الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه الحقيقيين. وأخذ بفكرة جزء منه وهو البطاقة الذكية الشعبية التي تمنح لكل منتفع حسب درجات التمتع والتي تقاس بالدخل الشهري. لكنه لم يفعّل حتى اليوم لأنّ السياسيين الذين تدعمونهم وتولونهم بأموالكم زمن الانتخابات وتوجهون الرأي العام من خلال وسائل الإعلام الراجعة إليكم بالنظر (الخاصة طبعا كالتي توجه خطابك من مشهدها اليوم) كانت ومازالت تقف خلف أجندة واحدة مع بعض ذرّ رماد وطنيّ على عيون الغفل.
ولن ننسى أن التاريخ الوطني كشف لنا زيف الكثير من البرامج والأجندات. ابتداء من حكومات الرأسمالية كحكومة شنيق والى قيادة بن عمار والمنجي سليم لمفاوضات الاستقلال (الاتفاقيات التونسية الفرنسية).
باريس 3 جوان 1955 وخصوصا الجزء المتعلق بالاتفاقيات الاقتصاديّة. ومن ثمة كلّ الأدوار التي تلتها حتى الساعة الراهنة من تاريخ شعب ووطن صنع فيه الجهل شريحة كبيرة وأمية ثقافية شريحة أخرى وأمية من النوع الجديد (شعب لا يقرأ) ومن هنا يكون المدخل الذي من خلاله تتسللون لكن مازال في الوادي حجر.
وحتى لا أثقل كاهلكم كمنظمة أقول أن هذه الفئة الغالبية من المتخفين والمتسترين بشخصية وهمية في أصلها إذ أن تسمية رجل أعمال ليست تسمية قانونية إذ لا تحدد الصفة ولا النوع بل هي معممة ومعومة. لذلك فإننا لا نجمع الكلّ في سلة واحدة ولكن الغالبية فرضت نوعية هذا الخطاب المعمم فكثرتهم جرت إلى اتهام الكلّ في غياب دوركم الرقابي والتطهيري الذي هو من صميم الفعل الوطني من خلال الفضح وكشف الملفات وإحالتها لمن يقوم بالدور وكفّ اليد عن التدخل لصالحهم من منطلق فضّ المشاكل العالقة سواء بعلم أو بغير علم بخفايا ملفاتهم.
كيف كانت إجابة الفارين من الحجر الصحي الذاتي (قلقت) وهي الإجابة الواقعية التي تكشف عقلية وشخصية التونسي الغير منضبطة والغير ملتزمة والمستهترة نتيجة عوامل عديدة أهمها تفقير وتصحير العقول منذ أمد ليس ببعيد لمثل هذا اليوم. ومن يقف وراء ذلك ومن الذي يقف اليوم خلف تكريس خطاب إلغاء العقل والفكر مقابل خطاب الخرافة والتخريف.
ونترك مزيد التحاليل لمقالتنا التي تشرّح وتحفر في الرؤيا الاقتصادية العالمية الاستعمارية الجديدة (القديمة) حول نظرية الصدمة واستخدام الكارثة في الحرب الاقتصاديّة.
*للكشف والتوضيح.
ولنختم بإنارة الرأي العام (العدد الذي يوهمونه بان الاتحاد العام التونسي للشغل هو أداة لضرب الاقتصاد وتدمير البلاد) ونوضح لهم بهذه السلسلة من المقالات كيف أن (السياسيين) ونضعها بين معقوفين لأننا لا نرى فيهم أصلا أي فكر أو عقل سياسيي وإنما هي صور في أفضل حالاتها إن لم نقل روبوتات مبرمجة تنفذ برامج تكسب من ورائها ما تكسب ولا همّ لها سوى شخصها وما تحصل عليه (وهي غالبية والحمد لله)
إن الاتحاد كان دائما سندا للشعب الكادح ومهمته هذه التي تجلب لعناصره الكثير من المتاعب والتهم والتشويه لم تثنيه عن الوقوف مجددا في وجه لا فقط هؤلاء الجشعين النهابة بل وفي اتجاه توجيه القيادات الحاكمة إلى إنصاف الشعب والعمل على إعطائه ولو القليل من حقوقه في ظلّ الأزمة والكارثة التي تعيشها البلاد. وتقف بكل مكوناتها موقفا نضاليا يمنع استغلال الكارثة في اتجاه تمرير او تكريس وضع اقتصاديّ كارثي مستقبلا.
لتحميل الكتاب كاملا مترجما للغة العربية هذا الرابط.
29/03/2020
Comments