الثروة الأمريكية الحقيقيّة (ثورة الياسمين 'ألربعي')
- zaratimoukhi
- 5 juin 2020
- 18 min de lecture

بقلم المختار المختاري الزاراتي
ـ كيف تنتخب أمريكا الأنظمة العميلة. وتوصلها للحكم تحت غطاء حقّ يراد به باطل؟
في كلّ مشهد تغيير حاكم من حكام العرب"وحتى دول الفقر الثالثيّة".والتي غالبا ما تزورنا بعد أن يشيب جيل وتنهك أجيال بفعل السجون والمنافي(وفي أفضل الحالات المبكية غربة هي منفى اختياري دفع إليه لاعتبارات عدّة هذا او ذاك المواطن الذي دفعه وعيه وغيرته على وطنه إلى المطالبة).ومن خلف الحجب يطلع علينا الحلّ والوصفة السحريّة التي لن تطيل الزمن لنراها نسخة أتعس ممن سبقها.وهي التي جاءت من انقلاب أو غدر غلّف بالوطنيّة.ولا يلبث هو نفسه أن يكشف لنا وبشكل مفضوح وسخيف مصدر قدومه إلى كرسي هو السيف بحدّه ونصله الذي يحزّ كلّ يوم رقابنا المهللة بغبائنا الإرادي (الله ينصر من صبح). ولنصح على اكتشاف (أننا نوهم أنفسنا. أننا أخيرا اكتشفنا الدور الأمريكي الذي يراقب متوثّبا. كلّ لفتة جفن وسكتة عقل.كلّ تفاصيل يومنا من القصر إلى القبر إلى اصغر بيت من الطوب والقشّ في ريفنا الجريمة.)وان أمريكا هي في النهاية من خلف المستعمر الأوروبي العجوز الملعون. الذي عشش في عمق دماغه من الالزهايمر وأضحى مخصيا سياسيا يمينا ويسارا. واقتصاديا (هو على شاكلتنا. تابعا ورهينة ومرهون منذ مشروع الإنقاذ الأمريكي مارشال وحتى يوم الناس هذا.وما يميّز هذا المشروع المهين من ربط كلّي لاقتصاد العجّز بالباب العالي في واشنطن) ويكابر حتى اللحظة.
ولم يفتنا أن نبحث في دفاتر الأيام التي تسرّب لفكّ الارتباط أوّلا ولتهيئة مناخ سلبيّ ينتج عنه قيام مشاريع الباب العالي الأمريكي بسلاسة ويسر.يخبرنا عن كمّ الغباء الذي تأصّل فينا.ومن كثرة ما نسرع مبدعين في أشكال النسيان نجد أن حلقات السلسلة اكتمل دورانها حول رقبتنا ونحن في أكثر أيامنا سعادة وحراك خلاّق وإبداع فكري وسياسي و....و...منقطع النظير.وعلامة فارقة في تاريخنا التحوّلي.
لذلك آثرت أن أذكّر من مازال لم ينم بعد.واخبر من كان نائما.وأعلن لمن يريدون لنا أن ننام واقفين. أنّ فينا من ينام نوم الذئب بعين مفتوحة.
لذلك نبدأ من حيث بداية النهاية التي أسست للمشهد الاسلامويّ الأسود. أو ما يسمى بثورة الياسمين(الشتوي)
1ـ وثيقة ويكيليكس المسربة والخاصة برؤية السفارة الأمريكية المثبتة في شكل تقرير تفصيلي موجّه للإدارة المركزية الأمريكية (هذا أهم ما تحتويه في شكل ملخّص):
مثّلت تونس بعلاقاتها الممتدة لأكثر من مأتي سنة مع أمريكا نقطة محورية في سياستها الاقتصادية والأمنية ليس للمنطقة العربية ككل أو العربية المغاربية فقط وإنما الإفريقية أيضا بحكم موقعها الاستراتيجي المفتوح كجسر بين كلّ هذه المحيطات وأوروبا ومضيق جبل طارق منفذ أساطيل الجيش الأمريكي التي تجوب البحار ومنها المتمركزة بالمتوسط لحماية طرق التجارة الدولية الخاصة بمنظومتها ومكونات حلفها ودائرته العالمية.لذلك فإن الإدارة الأمريكية ركّزت نشاطها المباشر في تونس للفوز بها نهائيا مقابل تراجع فرنسا إلى مرتبة الشريك الاقتصادي التقليدي الأول بينما لأمريكا أغراض ومشاريع أخرى لا تقف عند حدود التجارة مع تونس كخارطة ضيقة.وبعد صعود اليمين وسيطرته على كلّ مفاصل فرنسا وتنامي الدور الصهيوني في كواليس السياسة الفرنسية وانتهازية ما يسمى باليسار في فرنسا وترهله وانحنائه لرغبات أمريكا والحركة الصهيونية التي انغرست في العمق الفرنسي بسيطرتهم على مفاصل الإعلام خصوصا. بقنواته المتعددة والمتشعبة المنغرسة في لبّ المحيط الفرنكوفوني بكلّ أجزائه. وفي إطار تفاهمات تترك لفرنسا مجالها الحيوي بينما تتقاسم معها أمريكا ما تراه نشاطا مشروعا لتأمين حدائق وطنها الخلفية أي مصدر ثروتها التي تنهبها من هذه الأمم الفقيرة الكادحة من نفط وغاز والماس وذهب وما وهواء وعبيد في شكل مأنسن جديد أي بترك هذا العبد في موطنه يكدح ليسعد المواطن الأمريكي الثريّ بالثروة ومصادر الطاقة لتشغيل مصانعه ويبيعه فتات ما فاض من سلعه الموبوءة والاستهلاكيّة من الدرجة الرخيصة التي لا يرغبها المواطن الأمريكي العادي أو الأوروبي أيضا.وبخلاف عن وجودهم حقل تجارب لأسلحتهم الفتاكة المستقبلية المتمثلة خصوصا(السلاح البكتريولوجي)بنشر الاوبئة والفيروسات التي يبحث عنها علمائهم في إرث الإنسان القديم الذي كان يعاني من انتشارها ومنها(السيفليس والطاعون والسيدا والايبولا وفيروسات الأنفلونزا بجميع أنواعها التي عرفناها اليوم....و..و..وغيرها كثير مما اكتشفه علماء السلاح الأمريكي لتعويض الآلة العسكرية الحالية والحد من خسائرهم البشرية مقابل قتل أكبر عدد ممكن من العدو ومحقه تماما(وانتشر هذا الصراع في نهاية ستينات القرن خصوصا في إطار الصراع بين الكتلة الشرقية وأمريكا وحلفائها).
ولأنّ تونس تمثّل طريق رئيسيّة ومعبّدة لتنفيذ مشاريعها التي واجهتها الواضحة شعاري الديمقراطية والحريّة وعنوانها الرئيسي موطئ قدم لقوات الافريكوم(للتدخل السريع)وغطائها تجاري...واصلها نهب ثروات الشعوب الإفريقية وطرد كلّ من تسوّل له نفسه الاقتراب من حديقتهم التي كانت مغلقة لزمان في انتظار دورها في الماكينة الأمريكية.وتونس أيضا رقم مهم في المعادلة العربية سواء مغاربيا أو شرق أوسطيا من خلال إمكانياتها وحضورها في داخل الجامعة العربية وتأثيراتها على بعض دوائر القرار من خلال علاقات بشخصيات فاعلة عربيا.وأيضا من خلال علاقاتها بالسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني.
ومن خلال تقارب وجهات النظر في مجمل الصراعات والنزاعات الدولية وقضايا الشعوب المحيطة بتونس على وجه التخصيص سواء برابط الدم والانتساب (أي القضايا العربية والمغاربية العربية)أو قضايا الشعوب الإفريقية.وبلوغا القضايا الإنسانية والنزاعات الدولية.
لكن في فترة حكم بن علي وخصوصا بعد تقدمه في السن وسيطرته المتنامية من خلال جهاز كامل ركزه للتخابر الداخلي مشكلا من التجمّع(الحزب الحاكم) والداخليّة. على كلّ أعوانه ووزرائه وحاشيته. وليس فقط المعارضة والشعب الكريم.حتى انه لم يترك مجالا لبروز خليفة له يمكن أن يتولّى الدولة بعد مماته من خارج دائرة القصر التي سيطرت عليها زوجته ليلى وهذه الأخيرة تكنّ حقدا خاصا ومتناميا ليس على الشعب وحسب وإنما حتى على كلّ من تحدث عن تمييزه في الدراسة أو القدرة السياسية أو المالية.وهذا طبيعيّ حين نعرف تاريخ هذه الشخصيّة التي أصبحت ركيزة مسيطرة على الدولة بمعيّة إخوتها وإذنابهم من سقط المتاع الذين لا يتميزون عنها في التاريخ الشخصي والتكوين العلمي المعدوم والضحل.والنسب العائلي الفقير المعدم.مقارنة بتركة بورقيبة التي أثقلت كاهلهم ودمرت وجودهم لردح من خلال تواجد شخصيات كان لابدّ لبن علي أن يوظّفهم لتكريس وجوده علما منه بقدرتهم التسيرية وخبرتهم وحنكتهم وجملة علاقاتهم الخارجية التي وظّفوها لشخصه حتى يرضى عنه اليهود والنصارى بأن يكون رئيس تونس بعد الانقلاب على بورقيبة.والذين ينتسبون لعائلات معروفة لدى العامة برفعة سندها المالي و ألفلاحي التاريخي ومنها التجاري والمقاول وتطوّر ليشمل حتى أصحاب المصانع من البرجوازيون الجدد الذين انتفعوا كبير النفع من ولوجهم الدائرة والمحفل (الطرابلسي "نسبة لليلى الطرابلسي زوجة بن علي) في مرحلة لاحقة.ونتيجة لتقدمه في السنّ الذي اسكنه هاجس الانقلاب عليه مثلما فعل هو ببورقيبة وخشية من كلّ مقترب من محيطه.أطلق يد الجهاز البوليسي السياسي ووسع أفرعه ليشمل عديد الفروع في مؤسسة الداخلية كما ربط الداخلية بجهاز الحزب الحاكم(التجمع) وجعل منهما جهازا متكاملا في مراقبة الشعب بأسره.
فالولاء للتجمع الذي يفتح للفقراء باب الرزق يمرّ عبر ما يمكن أن يوفّره هذا المعدم من تقارير وإفادات حول من يمكن أن يكون معارضا أو حتى مشروع معارض انطلاقا من البيت والحيّ شاملا المعتمديات بلوغا الولاية وصولا إلى مراكز تجميع المعلومات واستكمال الملفات ثم تحال على من يصدر الأوامر وفي اغلب الأحيان كان بن علي هو نفسه من يراجع الملفات ويعطي التعليمات في شأن أسماء تعدّ خطيرة في رأييه.
وكان الأمريكان على علم بجميع تفاصيل ما يجري من خلال عملهم المشابه تماما للفعل ألمخابراتي لبن علي (طبعا حسب وجودهم وما يرغبون معرفته سواء عن الحكام أو المحكومين ومنهم وعلى رأسهم من يمكن أن يكون عنصرا نافعا لمشاريعهم).ولينفذوا لعمق أكثر الشرائح تضررا في عهد بن علي (الشباب المعطّل والمفقّر)اتخذت نفس أسلوب المستعمر الفرنسي لكن بإضافات أمريكية ولمسات مزوقة ومبهرجة بشكل يجذب الشباب التواق للفكاك وكسر الطوق الذي يحتجزه داخل مربّع الضغط النفسي والمادي المضروب عليه بشكل جعل المستقبل في عيونهم وبصائرهم اسود براق.
ومن خلال معرفة الأمريكان بمسار العقلية التونسية المنفتحة على الحضارات الإنسانية بغير عقد ولا تعقيدات مسبقة ركّزوا في تعاملهم أوّلا على توفير التكوين والتدريب على لغة التواصل الانجليزية.والتبادل التعليمي من خلال رصد منح دراسية للراغبين في الدراسة في أمريكا خصوصا من الباحثين لكن الجانب التونسي الذي يعرف مسبقا بأهمية الدور الأمريكي في اصطياد الرؤوس والعقول من هذا الباب قام بتقليص عدد الطلبة المنتفعين بالمنح التي ترصدها أمريكا تحت مشروع "فول برايت" للدراسة الجامعية بأمريكا من جانب واحد.كما امتنعت عن تحقيق دعم مشاريع الشباب عبر برامج المتاحة لمنظمة العون الأمريكي.وهنا لابدّ من التذكير بغباء السيدة الأولى التي زاحمت بو عبدلي في مدرسة قرطاج الدولية وطردته منها قامت من خلال سلطة زوجها بفرض ضرائب ذات مفعول رجعي وبطريقة أحادية وفجّة بخصوص مدرسة التعاون الأمريكية بتونس.لتجبرها تدريجيا على الإغلاق مما يدفع نحو تقليص البعثة الدبلوماسية الأمريكية وتحد من برامجها وهذا ينتج عنه آليا تحجيم العلاقات الثنائيّة إلى حدّ أدنى.ويتحوّل الصديق إلى مشروع سكين.
وقامت السفارة بتركيز نواة برنامج ثقافي يزرع في الأوساط الشبابية مشهدا ثقافيا مأمركا. والنفاذ إلى صورتها التي قلّدها بن علي وهي جمعيات ما يسمى بالمجتمع المدني التي تمولها الدولة لتكون بديلا تدريجيا لدورها كدولة (مثلا في تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة)هنا نطرح سؤال كيف لجمعية أن تقوم مقام الدولة في تمويل وتركيز مشاريع اقتصادية صغيرة ومتوسطة ونفس هذه الدولة التي تموّل هذه الجمعيات للقيام بهذا الدور.ألا يعدّ ذلك تفريط في عصب أساسي لمشاريع الدولة التي تدرّ عليها مداخيل وتوفّر لها مواطن شغل تقلص من حجم البطالة وتقلّص من نسب الجباية المتفاقمة من كاهل الشعب؟وهذا التفريط أليس تملّص تدريجيّ عن مهمتها كدولة رعاية مواطنيها من خلال تدرّج يبيح لهذه الجمعيات جمع أرباح ومنافع مادية تكوّن رأسمال يحوّلها في نظر القانون من جمعية مدنية إلى مؤسسة مالية مشغّلة؟وهذا النموذج الأمريكي للتخلّص من دور الدولة الراعية مقابل الحريات الفردية للملكية.هل هو النموذج الذي يصلح لتونس التي والأمريكان أول العارفين إنها دولة تعدّ من الدول النامية التي تفتقر ولو ظاهريا وفي نظر الشعب التونسي للمواد الأولية للصناعة وعلى رأسها الطاقة والثروة الباطنية من نفط وغاز عكس بلدان الجوار(ليبيا والجزائر)؟
ولا نتجنّا حين نتحدث عن جمعيات الفعل الخيري التي تمنح لها الدولة رخص العمل وتمدها بالدعم المالي(حتى لا يسيطر عليها مجموعات اسلامويّة كان بن علي قد وضع لائحة بأهمها وبالتالي يقع تتبع من يتعامل معها).هذه الجمعيات أصبحت عبأ على الدولة في مرحلة نشاط وزارة الشؤون الاجتماعية لكن تدريجيا تخلصت الوزارة من ملفّ رعاية المعوزين والفقراء ودعمهم لتترك المجال إلى هذه الجمعيات ذهابا نحو تخلّص وتملّص الدولة من رعايتها لشعبها الذي لو هو فقير لأنها لم تقم بدورها أما في تشغيله أو في توفير مصدر الرزق القار الذي يقيه هذا العوز الدائم هو وعائلته وتترك لجمعيات تتحجج بقلّة الحيلة نظرا للتمويل الضعيف بقصد الضغط على المصاريف المتزايدة في هذا الباب بحكم تطوّر نسبة الفقر في تونس. في الوقت الذي تراكم عائلة الطرابلسية الثروة من خلال النهب والسرقة والتهريب والتهرب الجنائي وكلّ النشاطات الغير مشروعة من سيطرة على السوق السوداء التي قتلت الاقتصاد التونسي وبمباركة أمريكية وصمتها الذي يشتم من ورائه الرضي التام على ما يربط هذه الدولة بقروض جديدة تزيد في رهنها وتوريطها ليوم معلوم.
وفي هذا الوقت الحساس من تاريخ تونس نجد الصديق الأمريكي يوصي إدارته من خلال تقرير تفصيلي عن الوضع في تونس.في حكم عجوز جديد ليس هو ببورقيبة لننتظر خليفته.وليس في بطانته وحاشيته من تأتمنه أمريكا على تونس او يستقر لها عليه رضي نسبي.ولأنّ بن علي خبير بالتجربة في مجال صناعة الرؤساء ورعايتهم فقد كلّف عبد الوهاب عبدلله حين توليه حقيبة وزير الخارجية بمراقبة والسيطرة على تحرك البعثات الديبولماسية في تونس وتطوير علاقاتها مع الكوادر التونسية سواء الإدارية او السياسية(وكانت السفارة الأمريكية تظنّ أنها وحدها التي تعاني من هذا المأزق لكن بلغها فيما بعد أنّ الأمر يسري على أهم البعثات الدبلوماسية التقليدية والغير تقليدية في علاقتها بالمجتمع المدني التونسي والإدارة والسياسيين التونسيين.(حتى ان صاحب التقرير يشير إلى حادثة رصد منحة لمرآة تونسية كجائزة من خلال برنامج mepi 2 في البداية طلب منها مديرها المسؤول في وزارة التجارة عدم الذهاب واستلام الجائزة وعند إصرارها تلقت تهديدات بالقتل مجهولة المصدر فخافت وتراجعت.)
وهذه الصعوبة متأتية أساسا من تعميم قام بتوجيهه عبد الوهاب عبدلله يأمر فيه البعثات الدبلوماسية الحصول على تراخيص مكتوبة قبل الاتصال بأي مسؤول في أي وزارة كانت.وكل المنظمات الشبه رسمية.وبالنسبة للمسؤولين من الدرجات الوسطى فلم يعد مسموحا لهم التحدث مع عناصر السفارات والبعثات الدبلوماسية من غير الحصول على رخصة واضحة تنصّ بالتدقيق على المواضيع وكيفية التطرق إليها التي يمكن لهم الخوض فيها.
وهذه البيروقراطية ليست بالغريبة عنّا كتونسيين فكيف ببعثات دبلوماسية وعناصر سفارات يعرف النظام مسبقا أنها دوائر متقدمة للتجنيد والغربلة لخليفته.
لذلك قامت السفارة بإنشاء سلاحها الاجتماعي الجديد والفتاك وهو توظيف الفايسبوك لربط الصلة مع شريحة الشباب خصوصا.وأضافتا إليه قامت بإنشاء مدونة خاصة بالسفير الأمريكي تربط العلاقة عن بعد بجميع شرائح المجتمع ومكوناته المدنية والسياسية.ومن خلالها يمكن التوصل إلى استنتاجات نسبيا قيّمة وبسهولة ويسر ومن غير التعقيدات التي يفرضها نظام بن علي كلّ يوم لحصر خسائره الناجمة عن تفاقم الوضع الكارثي في مجالي الحريات والتشغيل خصوصا وهما ملفان حارقان إلى درجة ستعجّل بهروبه.كما قامت السفارة الأمريكية بقصد الالتحام وكسب والتواصل مع الشباب بإقامة حفلات ومهرجانات سينمائية ونشاطات مختلفة موجهة.بينما يمثّل المركز الإعلامي للسفارة وقسم"الزوايا الأمريكية" وسائل اكتسبت شعبية لدى التونسيين من اجل الحصول على الإعلام والمعلومة الغير مصنصرة من قبل النظام التونسي.
ورغم الكمّ المعقول للبرامج الاقتصادية والتجارية التي تهدف أمريكا لربط رأس المال التونسي بعجلة أمريكا وتوجيهه نحو بابها العالي.عبر مشاريع المجلس المشترك في إطار tifa 1 وتمّ إرسال بعثات تجارية واقتصادية عديدة في هذا الإطار وزيادة النشاط في عالم الأعمال.الاّ أن الحكومة التونسية تنزع نحو الصمت أو التلكؤ كما أيضا فيما يخصّ التفاوض حول فتح الأجواء لتسهيل الملاحة الجويّة الذي ترغبه الإدارة الأمريكية.كما كانت تخطط الإدارة الأمريكية للترفيع في نسب الاستثمار والتجارة والدعم الفني في مجالات كالنقل التكنولوجيا.حسب توصيات كاتب الوثيقة.تحت باب تحقيق الأهداف الأمريكية والتي ينطلق في صياغتها من الجملة التالية(وسواء نجحنا في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان أم لا.فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية لها مصلحة معتبرة في بناء علاقاتها...)
ولم تنسى الوثيقة مجال الإرهاب الدولي الذي اختصت به هذه الدولة لاقتحام ساحات مختلفة منها تونس.وهي تلوّح بملف الحريات والديمقراطية بيد والأخرى تحمل مساعدات من خلال التوصية بتحويل مساعدات عسكرية التي تموّل من (صندوق العون العسكري الأمريكي الخارجي).رغم أن الأدلة وافرة التي تفيد بأن الجيش التونسي "حسب رأي كاتب الوثيقة" لا يحتاج لمساعدات عينية من (صندوق العون الأمريكي)بالدرجة التي يدعيها النظام التونسي.لذلك ستتركز المجهودات من اجل حصر عدد قليل من مجالات التعاون العسكري مثل الاستعمال الأخير "للفقرة 1206"وبرامج « pko » من اجل مدّ الجيش التونسي برادار ارضي متطور يراقب (تحركات الإرهابيين على الحدود)وكذلك طائرات مراقبة بدون طيار.وذلك عوض الاستعمال الغير مدروس لصندوق العون العسكري الخارجي.
ـ مدخل للمتداخلات التي تخللت زمن تشكّل الرؤيا التي تضمنها التقرير السابق.
طبعا. في أثناء تشكّل جملة التصورات والاستنتاجات التي وردت في التقرير السالف لم تكن السفارة بمعزل عن المشهد الداخلي بشقّيه السري والعلني. وعملت على تأسيس أرضية مناسبة وسانحة لتنفيذ مشروعها الأوبامي الذي هو نقيض مشروع صقور بوش الابن. فبينما كان بوش يعتمد الآلة العسكريّة. فإنّ أوباما يستخدم ذات السلاح الذي أوصله لسدّة الحكم. الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي الحديثة عبر الانترنات. كما سنرى ذلك في جميع أطوار ما يسمى بثورات الربيع (في أيام خريف وشتاء في مواطن هذه الثورات المزعومة).
وهنا سنعتمد كالعادة على وثائقهم لاستقصاء ماذا كانوا يخططون ويفعلون.لنستخلص في المحصّلة صورة وضعنا اليوم وبعد ما يربوا على أربع سنوات من هذه الثورة.وطبعا سنورد للشقّ الثاني(وليد ثورة الياسمين الشتوي نداء تونس)ما يليق به.وبدوره.ودور زعاماته.أمّ الآن فلنكتشف من جاء بالنهضة من قارورتها المغلقة.
2 ـ الرؤيا الثورية للاستحواذ على بوابة إفريقيا.من خلال ثورة الياسمين الشتوي.
حين نطق مسئولي إسرائيل وقالوا للعرب بعد حادثة قطع النفط.ثمّ كرّروا بإصرار بعد تساقط صواريخ صدام على تلّ أبيب في حرب الخليج 1991.أنهم سيعيدون هؤلاء الأعراب إلى ما كانوا عليه قبل النفط وحتى قبل الإسلام هم نفّذوا قولهم وبدهاء منقطع النظير ومازال تنفيذ هذا المشروع قائما حتى الساعة بطريقة ووتيرة سريعة وبأيادي عربيّة أصيلة ومتأصلة في الملّة والسلالة.وهذا ليس بالغريب عن امّة قال الربّ أوّل ما قال(اقرأ)ومنذ تلك اللحظة ولا قارئ وجد فيها يتصفّح حاضرها ومسار وجودها المستقبلي على أرض الإنسانيّة المفكّرة والمخترعة والمجددة.
وكان عملهم حسب خارطة الوطن العربي تدرّجا من الأحراش بلوغا أرض السواد وصولا أرض النزوح الأول بعيد ظهور الإسلام.لكن مع الحفاظ على ورقة نفاذهم لهذه الرقعة.ومفتاح أبواب كنوز روح المنطقة ككلّ.بينما عقلها وهو الذي يراد له أن يبتر ويدفن ويقبر نهائيا وإلى وقت معلوم لديهم(أي بترك بذرة منه ونواة مدفونة كما خلية نائمة إلى حين انقلاب المشهد ودوران الصورة إلى عقبها تصبح تلك النواة.التي في فترة نومها الجزئيّ والمرحليّ.ربطت بماكينة أمريكا الجندي الحقيقي للصهيونية وليس العكس كما هو مثبت في عقول غالبية الثوريين.من خلال حضورا صفها القتالي الأمامي وهو سفاراتها.والتي لا يغيب عن المواطن منّا التمييز في برّه طريقها الذي يشابه ثكنة أو قاعدة عسكريّة من أفلام المارينز الجنود الإنسانيين الشرفاء.مزروعة في خاصرة كلّ مواطن عربيّ على أرضه).
ولأنّ النموذج الملوكي في بلاد النفط والفقر والبذخ والجوع.والعبوديّة التي نهى عنها الإسلام حاله حال بقية الشرائع السماويّة،التي يتشدقون بأنها دستور وجودهم في حياة هي الجحيم بعينه.والتخلّف والتكفير والتهم التي توزّع على كلّ من سوّلت له نفسه التفكير حتى في مصدر رغيفه الحقيقيّ.بينما ملوكهم وعائلاتهم. وحاشيتهم وبطانتهم،في غيّهم يعمهون.وفي سوء الأخلاق والخلق والفعل والقول وغيره من شائن الذكر.وفضائحهم في كلّ موسم تغيير جزئي في تشكيلاتهم.التي جازفت بالخروج عن طوع راعيهم ومولّيهم وزارعهم.أو حتى تطاولت على حضرته.أو حتى أحد مواطنيه أو منتسبين له بولاء(وهو صاحب القول الفصل والحاكم الحقيقيّ لملكهم ومملكاتهم)تطلع علينا كميّة لا يستهان بها من هذه الفضائح.يندى لها جبين. لا المسلم أو المتديّن بأي دين.بل وحتى الذين لا دين لهم سوى عزّة وكرامة الإنسان السويّ الكادح.
هذا النموذج الذي تشتقّ منه دوائر الاستيعاب والتأطير.قائمة أوّلية من الشخصيات.والتنظيمات.أو الأحزاب(حسب وضعيّة كلّ بلد عربي. ودرجات تقدّمه التي خلّفها المستعمر القديم من أوروبا العجوز. أو التي عجزت عن البقاء. حالها حال تركيا العثمانية التي عجزت عن الاستمرار إمبراطورية بابها العالي. لتنحدر إلى أسفل سافل.حين عاندت العقل وتشبّثت بالتخلّف والجهل وهو أرضية حالها الآن. وهذا ليس قدرا. وإنما لمراجع التاريخ سيكتشف أنّ غياب العقل الحكيم و المساير لتطور عقل الشعوب. والإبقاء على مرجعيّة روحيّة للتحمس. لا تكفي للحكم حتى في رقعة صغيرة لا تتجاوز حدود اسطنبول).
بعد أن تقوم دوائر الاستخبار بجمع المعطيات. وغربلة قائمة من يرغبهم المستعمر حسب ورقات الضغط المهمّة التي يمكن أن تكون سلاحه في مرحلة ما.و حسب التاريخ المجيد لهذه الشخصيّة المحوريّة السرية الإجرامية.تنتدب لتكون رأسهم المطلة على هذا الشعب أو ذاك في صورة الورع التقيّ النظيف العفيف الشريف والقائد الملهم الواحد الأحد. ويعملون على إيصاله إلى مكانة تسمح له بلوغ السلطة في اقصر وقت ضمانا لبلوغ الهدف بدون شوائب ولا خسائر أو هزّات.حتى بلغ الأمر على أيامنا وتحت مسميات عدّة كالديمقراطيّة التي ذبحت وشنقت تاريخ بلاد كانت منارة علم(رغم طغيان حاكمها الذي هو بدوره جاء من هذا الباب لكنه حاول الفكاك من أسره بعد أن طهّر نسبيا أوراق اعتماده)وصورة عن التطوّر في عقليّة عربيّ يساير زمانه بثبات.لتولّي وتحت غطاء الروح السالبة من عاد بالبلاد إلى نقطة الصفر.إن لم أقل نقطة اللا عودة.
وكان على الملوك القراجوزات أن يتدخّلوا بالرأي السديد ويصرفوا من بيت مال المسلمين بسخاء لا مثيل له.لقاء تولية نسخ تشابههم. خبروها بقربهم منها وعرفوا مدى ولائها للمال قبل البلاد والشعب.ويجمعون كلّما يكفي من معلومات التي تفيد العدوّ. وتفيدهم بالتالي. عن أطراف وشخصيات محوريّة ترتبط بالولاء لهم والتسبيح باسمهم.حتى تكون لهم المكانة التي لا ينازعهم عليها.وهي مكانتهم المقربة والمحببة تاريخيا عند العدو.وهم واهمين فالعدو كلّ محبته متجهة للنفط ولأموال تجارة الحجّ التي تتكدّس في خزائن العائلة المالكة ومن يصطفيهم من قبيلته ليساعدوه على الإنغراس في دم الشعب من سلطة دينيّة. تقتنص .ويقتطع من كتاب مقدّس هو شريعة السماء. ما يصلح لتشريع سلطة. و تبارك أقوال وأفعال الملك وأهل بيته وتابعيه.أو من تجّار أغراهم المستعمر وربطهم بوثيق رباط التجارة لينفذ سلعته ومنتجاته إلى ديار العرب عموما. من خلال اتفاقيات التجارة بين البلدان العربية التي تسهّل دخول سلعته.حين يعجز عن إدخالها لتلك البلاد التي ترتبط باتفاقات مع غيره من البلاد الأخرى في العالم الإنساني المتزاحم من أجل لقمة العيش.حتى أصبح القرآن سندا او صكا يعطى على بياض لكلّ غاية دنيئة يقتطعون منها (ويل للمصلّين) ويتركون الباقي للعوام والدهماء لكي لا ينظروا للثروة بعين العقل ويطالبوا بحقّهم فيها مستندين على(وخلقناكم درجات).لكن الجشع والجوع الأسود الذي أظهره العدوّ ومن ولاّهم علينا جعل منهم مصاصي دماء العالم المتوحّش الذي صنعوه بمكر ودهاء عبر مراحل من زمن الخليقة.
ومن هذا المنطلق كان لما يسمى ثورة الياسمين بابا خاصا. ودفتر ممضى من طرف عقل الجامع لنقاط التحوّل في التاريخ الإنساني. حول طبيعة هذه (الثورة) وعناصر تفاعلاتها وممهداتها. التي أوصلت من أوصلتهم إلى حكم البلاد. وأن يكون لهم دور فاعل وفعّال في منامها الموغل في الرقاد تأسيسا لحكم (ثوريّ مناضل تاريخي) لتونس(الثورية جدا)ما بعد الطاغية بن علي.
وهنا وجب أن نعود إلى ما بعد عودة علاقات انقطعت منذ ثمانينات القرن ظاهريا بين السفارة الأمريكية في مواقع تواجد قيادات النهضة(الاتجاه الإسلامي سابقا)خصوصا بعد مشورة أحد أعضاء حزب التجديد (الشيوعي سابقا وقبل أن يقضي نهائيا وإلى أبد غورباتشيف. حرمل على شيوعيته) والذي كغيره من زوار سفارة الاستخبار الأمريكي ـ صهيوني لابد أن يعطي ضمن إفادته فكرة عن تطوّرات ومسارات حركة (النهضة "الاتجاه الإسلامي سابقا")السياسي والحركي على الساحة كجزء من رقابة لتحركهم على الساحة.وكان هذا العضو أفاد في زيارته بتاريخ 23أيار2005 بأن (النهضة)الإسلامي التوجّه في بلاد (كفّار الاتجاه) لا يزال فاعلا على هامش المعارضة القائمة ويبحث عن انتشار جديد خصوصا في أوساط الشباب (وقدّم وليام هادسون السفير الأمريكي هذه المعلومات إلى إدارته من خلال برقية تفيد ان المعارضة العلمانية أدركت أهمية وجود الإسلاميين وسارعت بالاتصال بهم من خلال فلول (النهضة) الباقين في البلاد.
ومن اعترافات رئيس الحزب التقدمي الديمقراطي نجيب الشابي للسفير الأمريكي بأنه التقى أعضاء(النهضة)خارج تونس.
كما اسرّ محمد حرمل الرجل الأول في حزب التجديد أنه يمكن أن تكون له ترتيبات في قادم الزمن مع الاسلاميين بقصد تعزيز وجوده وأنشطته الحزبية. وكلاهما لم يخفي تحذيره السفارة الأمريكية من التعامل مع الاسلاميين ووسعوا دائرة تحذيرهم ليشمل جمعية النساء الديمقراطيات التي صرّحت كلّ من الهام بالحاج وحفيظة شقير لأحد موظفي السفارة على هامش اجتماع يوم 9شباط2006 بأن استبدال حكم الدكتاتور بحكم اسلاموي حتى وان كان ممن يظهرون أنفسهم على أنهم معتدلين (هو استبدال دكتاتورية بأخرى).
ولم تخفي وثيقة تعود إلى 29تشرين الثاني2005 تحدث فيها السفير وليام هادسون عن انقسام ثنائي للاسلامويين في تونس.تواطأ عناصر مهمة من النهضة لمدّ السفارة بأهم مستجد النهضة ومن ولاها وعارضها من الاسلامويين والعلمانيين كغيرهم طبعا في التعامل.حتى أن عضوا من النهضة حدّثه بالقول شاكيا لأحد موظفي السفارة:"أن المجموعات السياسية الاسلامويّة لا تهتم سوى بالنشاطات السياسية والتحالفات.مضيفا.أن الله والدين غير مهمّين لهؤلاء،أي أنهم ليسوا أفضل ممن يقود البلاد وقتها (أي بن علي وعصابته)."
وسنرى أن التركيز الكبير خصوصا منذ أواخر سنة 2005 على الاسلامويين وأخبارهم وأخبار زعمائهم الموجودين خصوصا في أوروبا حيث تمركزهم الكلّي قيادات وعناصر نوعية وممولين.وبعد معرفة دور الغنوشي زعيم أهم فصيل وأخطره الذي قضى بقدرة قادر على أهم كوادر التنظيم المخالفين له من خلال جملة علاقات متشعبة مع كتل سياسية أوروبية وعربية مشرقيّة وبلغ حتى الإيرانية في مرحلة معينة خصوصا قبيل حرب الخليج 1991 الشيء الذي جعل عناصره تستقبله عند نزوله لتونس بعيد (ثورة الياسمين)بأهزوجة قيلت للرسول الأكرم عند دخوله مهاجرا للمدينة طالعها:
طلع البدر علينا..................................من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا..................................ما دعا لله داع
ففي طاولة نقاش عقدت يوم 8أذار2006 حضرها نشطا من المجتمع المدني (حسب وثيقة السفارة الأمريكية بتاريخ 22أذار2006 التي نقلت للإدارة في أمريكا وقائع هذا النقاش) كان تركيز الجانب الأمريكي موجّها النقاش حول وضع الاسلامويين وقوّتهم. وهنا يظهر اسم زياد الدولاتلي الذي كان من أصدقاء السفارة الأمريكية المثبّتين في قائمة الزوار الدائمون. وهو عنصر نهضاويّ قياديّ كان يروّج لا لحزبه فقط بل ولشخصه بالأساس (وهذا ليس بالغريب عن مثل هذه الشخصيات) على أنه وحزبه يمثلان التيار الاسلاموي المعتدل. وفي أثناء حرب تموز التقى المذكور (زياد الدولاتلي) بمستشار السياسي للسفارة الأمريكية حسب وثيقة تعود ل18آب2006 كما حضر اللقاء كلّ من صلاح الدين الجورشي على أساس انه ناشط من المجتمع المدني وهو الذي كان عضوا قياديا بالنهضة قبل ان يؤسس اليسار الاسلامي ورفده بمجلة حوارية اسماها 21/15 لتكون منبرا إعلاميا لحركته التي بذلك تكون على خلاف مبدئي مع النهضة ذات التوجه الاقتصادي الليبرالي وليس اليساري على الطريقة الاسلاموية.وفي هذا اللقاء صرّحت الشخصيتان أن الحرب في لبنان و دور أمريكا المساند لإسرائيل هما اللذان قوّيا حزب الله ومجموعات متطرفة أخرى ليكون ذلك دافعا للشباب التونسي للنزوع نحو الأفكار الجهاديّة السلفيّة "كالقاعدة" وتنسحب من فلك التنظيم (المعتدل والغير عنيف "النهضة") ويؤكّد السفير في برقيته التي تمثّل الوثيقة التي صدرت عن السفارة بالتاريخ المذكور أن كلاهما يصنّف نفسه بالمعتدل .
أمّا فيما يخصّ التحوّلات المهمّة التي ترتّبت عن الملفّ المجمّع لدى الإطار الأمريكي الأمّ. من مصادره داخل تونس وخارجها وحيثما وجد اسلامويّ تونسي أو مرتبط بهذا الاتجاه التونسي ومشروعه في تونس. وحسب وثيقة مؤرّخة ب21آب2006 وهي تروي بالتدقيق المفصّل لأهمّ الإفادات عن اجتماع 15آب2006 الذي عقد بين الاسلامويين التونسيين"المعتدلين" والوثيقة تذكر وبتحفظات مسألة الاعتدال التي ينسبوها لهم من خلال ذكرها بين معقوفين.والمستشارين السياسي والاقتصادي وكذلك بحضور ومشاركة الضابط السياسي بالسفارة الأمريكية والتي أرسلها رئيس البعثة الأمريكية في تونس وقتها ديفيد بالارد واعده بناء على طلب من رضوان المصمودي أمريكي من أصول تونسية يرأس مركز "قيل" دراسة الإسلام والديمقراطية ومقره واشنطن.ومن بين الحاضرين أيضا سعيدة العكرمي الأمينة العامة للرابطة الدولية لدعم السجناء السياسيين.ويعبرون فيها أنهم رغبوا في لقاء ممثلين عن السفارة "لإعادة فتح حوار في القضايا المشتركة"بعد انقطاع ظاهري دام منذ الثمانينات أي عند صعود بن علي للحكم وإطلاق سراح الغنوشي شرط خروجه من تونس والتزامه الصمت(حتى فيما يخصّ مصير أتباع الاتجاه الإسلامي الذي يرئسه) مقابل إبعاد شبح المشنقة عنه.وبعد أن حلّ الحزب من طرف الدولة التونسية وحبس من أراد النظام وقتها حبسه بتوافق مع راعيه وموصله للحكم وقتها.بعد إزاحة صخرة فرنسا اللاعبة على الحبلين الأمريكي الفرنسي خصوصا بورقيبة.لكن من جملة هذا اللقاء ورغم كلّ ما قدّمته المجموعة من اجل دمقرطة تونس بشكل يجمع العلماني بالاسلاموي وهذا تأسيس لإزاحة الحاكم وتلميح لذلك.إلا أن المحاورين الأمريكان لم تقنعهم الفكرة بل حتى سخر بالارد من ادعاء انّ حزب النهضة حصل قبل حله على 60% من أصوات الناخبين سنة 1989 بينما لم تتعدّ النسبة الحقيقيّة 30%. وفق بالارد كاتب البرقية والمطلع على عديد الحقائق من خلال شبكة تعمل لحساب السفارة منتشرة في أرجاء البلاد على غرار ما هو معمول به في عموم البلدان الواقعة تحت بصر وإرادة ورغبة الصهيونية والامبريالية العالمية بقصد السيطرة عليها.وكم حاولوا إقناع محاوريهم الأمريكان ان التعاطي معهم يصبّ في مصلحة أمريكا لتعيد الثقة والمصداقية لنفسها في الشرق الأوسط خصوصا من خلال حاجتها لنموذج يمسح من أذهان العرب خيبة أمريكا في العراق بنموذج ديمقراطي جديد لا يكون على صهوة الدبابات وكان ابرز المدافعين للترويج لتونس على إنها المهيأة أكثر من غيرها لتكون المثال الذي تحتاجه أمريكا لذلك هو الدولاتلي الذي يعدهم ببديل عن البن لادنية وعن الجبهات القاعدية وغيرها في العراق.وكانت المجموعة في الأصل ترغب من خلال هذا اللقاء وغيره اعتراف أكبر قوّة امبريالية في العالم بهم ومشروعهم الاسلاموي ربما بذلك تزيح عنهم لا فقط "الزين" بل وحتى الأحزاب الكارتونية والبوتيكات السياسية الأخرى فهي مفتاح الحكم وبساطه السحريّ ولذلك طلبت المجموعة الاسلامويّة خدمة من السفارة الأمريكية بأن تتحوّل بعثتها الدبلوماسية لزيارة حمادي الجبالي أحد القادة في حزب النهضة الممنوع آنذاك من مغادرة ولاية سوسة وهو حسب رأييهم يمثل احد أهم أعمدة التيار الاسلاموي المعتدل.كما طلبت بإدراج لائحة بأسماء بعض الاسلامويين المعتدلين ضمن لوائح زوار السفارة الأمريكية وان تشمل عناصرهم خصوصا القيادية منها الزيارات التي تنظمها لأمريكا.
وللتماهي والمجارات (بقصد الاختبار طبعا) قامت البعثة الأمريكية بزيارة الجبالي في إقامته الجبرية بسوسة بتاريخ 31آب2006 أي بعيد ما يربوا على خمسة عشرة يوما عن اللقاء المذكور آنفا.وكان ذلك بمنزل الجبالي بسوسة ودام لأكثر من ساعتين وكان هذا الموظّف بالسفارة هو في الأصل ضابط الذي لفت نظره في هذا اللقاء عدم تشكّي الجبالي من السياسة الأمريكية في لبنان أو علاقات إسرائيل بالملف العراقي وهي مواضيع ساخنة.بل ركز على أن الغنوشي هو قائد النهضة وهي ذاتها في الخارج كما في تونس وبنفس الطرح وهي ككل الحركات الاسلامويّة في حضرة الراعي الأمريكي.وعليه فإن النهضة راغبة في العودة إلى الساحة السياسية في تونس ولو تدريجيا وهم غير راغبين في إنشاء دولة اسلاموية كغيرهم وفي مسار حديثه عن بقية الأحزاب الاسلاموية العربية انتقد رؤيتهم التي تعتقد أنها تمتلك(الحقيقة الإلهية،ولا تقبل النقد) وردا على ملاحظة الضابط على انه يبدوا علمانيا.أكد الجبالي أنه يفصل بين ممارسته للدين عن الشأن العام والحياة العامة.وعمم رأيه هذا على كلّ الاسلامويين المعتدلين قاصدا بذلك النهضة وقياداتها ومن ولاهم ودخل عباءتهم.وهم يرفضون العنف كمبدأ.
لكن الضابط كانت له إجابة فورية دقيقة استند فيها على تاريخ هذا الحزب وهي تفجيرات فنادق سوسة في الثمانينات.لذلك لم يصدق الضابط قول الجبالي عن انه ممنوع من العمل والتضييقات التي تمارس على نشاطه وتحركاته.
نظر الضابط لأثاث بيت الجبالي الذي كان من البذخ والجودة وبذخه في استقبال ضيفه.مما دفع جبالي إلى التركيز على التطرف الاسلاموي مقارنا بين أتباع النهضة المنفتحين (إلى حين) وبين الشباب التونسي المتشدد والمتطرّف البادي في الظهور نتيجة الضغط العام الذي أنتجته سياسات الدكتاتور بن علي وفضائح سرقات ونهب عائلة أصهاره ومقربيه لثروة هؤلاء الشباب الذين يعيشون الفقر والخصاصة وانعدام الأفق وسواد المصير الذي دفعهم نحو يأس كان سبابا كافيا لاستدراجهم إلى أحضان الفكر الذي تريده وترعاه الصهيونية الأمريكية لتؤسس من خلاله مشروعها الاستعماري للمنطقة بأسس التخلّف والجهل والعود إلى جاهليّة الجاهليّة والى الجاهليّة الأولى (وأعني بجاهليّة الجاهليّة المعنى ألعنفي للفضة الجاهليّة التي تفيد التوحّش في التصرف ورد الفعل وبعنف وبطش يظهران لمن خالفهم بأسا مخيف يسيطرون من خلاله على الناس وهذا ما نشهده في تصرفات هذه الفرق والملل الاسلاموية من قاعدة وداعش وغيرها من نصرة وأنصار وغيرها من المسميات المنتشرة كفقاقيع برك آسنة)
ومن هنا تأتي دعوته المبطنة (حسب تصوره) لفتح المجال أمام النهضة للعودة إلى الساحة التونسية وفك الحصار عليها.إذ لم يفته تذكير الضابط أن بعض العناصر المنتمية للنهضة والتي ترفض التعاطي مع الأمريكان عكس من بقوا أوفياء لنهجه هم أصدقاء خلّص للسفارة الأمريكية بتونس.والمثال واضح في القائمة الموجودة على لائحة زوار السفارة وغيرهم من الراغبين وهم صفوة من الاسلامويين المعتدلين المنفتحين (اللايت) وهو النوع الذي يتصورون انه مرغوب فيه في أمريكا لحكم المنطقة.ويقدمون خدماتهم للفوز بنصيب الأسد. من سدّ الحكم في تونس.
ولم تكن السفارة الأمريكية غافلة عن من كانوا من النهضة ممن فتحوا مجال الحوار معها في إعادة صياغة حرب العراق.لكنهم راوغوا حتى يصلوا إلى اعتراف أمريكي بوجودهم كطرف مهمّ (وقويّ حسب تصوّرهم) يمكن ان تعول عليه أمريكا إذا ما فكّرت في إزاحة بن علي.
ولم يغيب عن السفارة الأمريكية قبيل ثورة الموز ان تقوم بإشراك عناصر بقصد تكوينهم في فنون الحرب الحديثة (عالم الانترنت من (انترنوت وبلوقرات). ومؤثثي صفحات لمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"من خلال برامج (فريدوم هاوس) التكوينيّة.وعلى رأسهم عناصر نهضاويّة.
ومن خلال وثائق وتقارير أفرجت عنها الإدارة الأمريكية مؤخرا من خلال ما نشره موقع« موجز الشرق الأوسط » الأمريكي ويكشف الموقع سلسلة من وثائق وزارة الخارجية ووزارة الأمن الوطني، التي اضطرت الخارجية الأمريكية إلى الإفراج عنها بموجب قانون حرية المعلومات ليزيح اللثام عن العلاقة السريّة القويّة(خصوصا بعد قيام ما يسمى بالثورات الربيعيّة)بين الإدارة الأمريكية وتنظيمات الإخوان المتأسلمين في كلّ من مصر وتونس وليبيا وسوريا. وعلى وجه الخصوص. تونس ومصر.وخصوصا الحوصلة النهائية والتقييم الذي قامت به إدارة أوباما بتوصية منه شخصيا والذي قام شخصياً بإصدار « دراسة توجيه رئاسية » في 2010، طالباً تقييماً لجماعة الإخوان وحركات « الإسلام السياسي » الأخرى (أي قبيل قيام ثورات الربيع المزعومة).وخصوصا منها التي تصف نفسها بالاعتدال.وعلى توصياتها كان التعامل مع الحركات المتأسلمة التي تدعي الاعتدال كواجهة إعلامية وسياسية وما تضمره هو لا يعرفه سوى راعيها الذي يوجهها حيث ترغب رياحه.وريحه اتضح نزوعها نحو "الاعتدال الهمجي"اعتدال ظاهره تقوى وباطنه دماء وتخلّف ودمار.وعود إلى أزمنة غابرة من الجهل والجهالة. وبالتالي، يخلص الموقع إلى أن إدارة أوباما أوضحت للعالم منذ على الأقل شتاء 2012، بأن واشنطن ستدخل في شراكة إستراتيجية مع التنظيم الدولي الإخوان المسلمين.
ولم يغب عنّا الصيادين في الماء العكر من المشككين في مصداقية ما أتينا على ذكره فإننا نورد لهم ما أرادت فعلا وليس إيهاما بأنها لا تريد تسريبه الإدارة الأمريكية عن طريق ورقة وليام اسانج صاحب اشهر موقع وثائق ونعني بها طبعا (ويكيليكس)
ووقفوا في ليلة مشهودة في الكونغرس ليس لأننا أطردنا الدكتاتور وقمنا بثورة وإنما لأنّ نصرهم كان كبير وتكتيكهم رائع وبلا خسائر لا بشرية ولا مالية.بل بكبسة زرّ.
وحسب البرقيات ذات الرمز التالي ونوردها تباعا وبترتيب زمني:
ـ23 أيار 2005 (05tunis1081)refid........destination ( 05tunis981) – (id 33109)
ـ9 شباط 2006 (06tunis388)refid...........- (id53871). destination(06tunis224)
ـ29 تشرين الثاني(05tunis2564)……refid destination(05tunis2153 /05tunis2420) – (id 46303)
ـ22 آذار 2006refid(06tunis670) …….. destination(06tunis425) – (id 57621)
ـ18 آب 2006(06tunis2144)refid ……… destination(06tunis2111) – (id 75404)
ـ21 آب 2006(06tunis2155)refid ….. destination(06tunis2144) – (id 75528)
ـ06 أيلول 2006(06tunis2298)refid ……… destination(06tunis670) – (id 77302)
ولكم جزيل الشكر على المتابعة.
Yorumlar