الاتحاد العام التونسي (للبرجوازية الصغيرة) 20 جانفي 1946
- zaratimoukhi
- 23 mai 2020
- 3 min de lecture

بقلم المختار المختاري الزاراتي

منذ ما قبل سقوط بن علي كنّا نبهنا وصارحنا بصريح القول وبلا مواربة إلى تحوّل الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أداة هيمن على قرارها وتوجهها وحوّل مسار نضالاتها إلى تأسيس قاعدة مصالحه ونعني به (عنصر البرجوازية الصغيرة من العاملين بالفكر وبتعاطف مع مؤسسات البرجوازية الفاقدة لقيادة ذات تكوين ووجدت في هؤلاء متعاون جاهز ومتكون وله قليل الخبرة التي تمكنه من بلوغ مأربها) وهذا ليس بالغريب عن مسار وجودها كرقم في خارطة البلاد فهذا الاتحاد هو مكون من تاريخ الذين سلموا محمد علي الحامي وبكوا عليه قبل أن يشذّ بهم فرحات حشاد إلى ضمّ الاتحاد إلى ممتلكات الحزب الدستوري (حزب بورقيبة) ويتجه به نحو السيزل (منظمة النقابات الحرّة) بعد فكّ الارتباط الذي اسسه محمد علي الحامي مع نقابات المنظومة الاشتراكية اليسارية في العالم (باعتماد فكرة وهمية كانت في حينها سلاح شعبيّ وهو وجود بعض عناصر غريبة عن الجسم الوطني التونسي ودور الاتحاد في النضال ضد المستعمر وبالتالي حمل لواء الوطنية ونزعها عن غيره والحال أنه أوّل من ذهب لهذا الجسم الغريب في خارج البلاد ليأخذ منه الموافقة على وجوده كلّه وأسأل هل كان محمد علي الحامي ضدّ النضال المسلح ضدّ الاستعمار وإن كان كذلك لماذا يناضل من اصله ويتحمل ويصارع من اجل حقوق العمال التونسيين وهو طارح مسالة تصفيته شخصيا من طرف المستعمر ؟ أليس الصراع بينه وبين حشاد صراع مبادئ واتجاه ؟) وكان حزبه هذا الذي وفّر له الالتحام والاعتماد على هذا الكم الكبير من المناضلين المفقرين الكادحين موهما قياداته بالحكم ولو في الظلّ الشيء الذي أوجد الحبيب عاشور في مؤتمر الحزب مناصرا ومنتصرا لبورقيبة على حساب صالح بن يوسف وهو الذي من خلال قاعدة الاتحاد وجه دفة الحكم لبورقيبة الذي غدر بزعيمه وسلم رقبته (للمستعمر) حتى لا يكون الرقم الذي يزيحه عن مخططه لأن يحكم وبإطلاق تونس المحررة. وهذا ما دفع عاشور في مرحلة نقده الذاتي (وهذا في افضل حالات تبرئة ذمته) بأن يقف إلى جانب مطالب قواعده في نضالهم خصوصا فيما عرف باسم ثورة الخبز والتي جنى نهايته ونهاية وجوده كرقم في معادلة القوة بالبلاد بالاعتماد على تصعيد الخطّ المصلحي المتمثّل في البرجوازية الصغيرة (المتواطئة والمصلحيّة في كلّ حالات وجودها التاريخي في كلّ رقاع خارطة تاريخ الانسانيّة)
واليوم وبعد (ثورة 17/14 جانفي) وبعد سقوط معنوي وفعلي كبير وتاريخي للأعراف خصوصا بعد قتل الهادي الجيلاني معنويا (هذه الفئة البرجوازية السارقة والناهبة والمدمرة للبلاد) ومنظماتهم الحاكمة وعلى رأسها ( اتحاد الصناعة والتجارة برئاسة آل البوشماوي أول المنتفعين بحماية الطرف الأمريكي الراعي لمشروع تنفيذ مقرراته التي املاها مسبقا على الصناديق الدائنة وأولها صندوق النقد الدولي أول الخربين والمدمرين والمستعمرين لتونسي وسياستها وثروة شعبها وغيره ممن ارتبطت مصالحهم معا)
'انظروا عقود حقل الزارات النفطي مثالا . وأخت وداد التي ترأس غرفة التعاون الامريكي التونسي الخاص بالمال والأعمال...إلخ'.
ليعيد لوجودهم فرصة العودة للحياة بعد موت سريري ينتج عنه موت مؤكد ومحتوم. من خلال فرصة (الحمار الوطني) ورغبة (اتحاد الصناعة والتجارة) في مأسسة وديمومة هذه السلطة المعنوية على الاحزاب الحاكمة لتكون رقما في معادلة تأسيس قوانين النهب والسرقة على عادتها وبحساب تكوينها ومرجعياتها وولاءاتها للدينار والدرهم فقط.الشيء الذي روّج له في مرحلة أولى إعلاميا لتلميع صورة وداد وتنظيف وجودها.وبلغ حدّ همس اسمها لتكون لاعبا سياسيا على خارطة الحكم الرسمي كوزيرة أو غيره من المناصب العليا.وبلغ أمرها أن تفتخر بإنجازها (الذي هو انجاز اتحاد البورجوازية الصغيرة) إثر الانتخابات التشريعية بأن تصرّح لوسيلة إعلام شعبية بما لم يكن يحلم به البرجوازيون الذين اغرقوا البلاد في وحل تعاملهم المرسوم على قاعدة السرقة والنهب والفحش والغش وكل تعاليم الربح السريع بلا رعاية ولا اهتمام حتى لديمومة قدرة المستهلك وحتى العامل في مؤسساتهم.وتصرّح بأن رقم الكراسي التي نالوها في مجلس نواب الشعب هو انجاز تاريخي بالنظر للمرحلة.
وها هو اتحاد البورجوازية الصغيرة الذي يدافع عنه بعض مرضى اليسراوية وحتى يناضل من أجل تبرئته وتنظيف وتلميع صورة برامجه الخائنة لقاعدتها الشعبية الكادحة ونسبها وضمها لورقة وجودها وسندها التاريخية التي هي واعية بقدرته لذلك تغازل مكوناته السياسية حتى لا تفقد خطّ الرجعة.
وما كلّ هذه الهالة النضالية التي يفرضون علينا من خلالها حمايتهم تضامنيا ببث روح وفكرة ان الاتحاد برموزه هو مهدد من طرف جهة معلومة.ولماذا هذا التهديد لا يجيء إلاّ في تحرك معين ويرتبط أساسا ببرامج يتقدم بها الاتحاد هذا وليس في فترات ومراحل أخرى ؟
هذا التمشي البرجوازي هو الدافع وراء احتفاظ دولة (ما بعد الثورة) بمرجعيتها السياسية التي تتمثل في مواصلة برنامج تركيع الشعب التونسي وضمه نهائيا للممتلكات الرأسمالية الامبريالية العالمية والصهيونية حارستها. بهذا الرقم (الاتحاد العام التونسي للشغل) كمحاور وحيد نقابي رغم اعطاء التأشيرة القانونية لتجمعات نقابية أخرى (أقول قولي هذا ولست من مناصري الحبيب قيزة في فكرته للعودة إلى دفاتر التاريخ والانتصار لمحمد علي الحامي وحمل راته خارج الاتحاد ذاته ولا أنتصر للسحباني صاحب التاريخ المعروف والانتهازية والوصولية التي لا يزال يمارسها حين يرتمي في احضان طرف سياسي معادي اصلا للفكرة النقابية والمؤسسة النقابية).لكن لمجرّد السؤال المشروع.
وحتى لا أطيل أدعوا كلّ نقابي مناضل أن يفتح ملف تاريخ الاتحاد ويدرس ما راكمه من تاريخ ومن هو العنصر الفاعل فيه حتى نصل إلى خارطة توجهاته الحالية واتجاهه المستقبلي وبلا مزايدات وبكل عقلانية تحليلية ونقدية هي في اصلها تحمي اتحاد كمؤسسة كلّ وجودها ملك للشعب الكادح وليس لطرف دون آخر يستأثر بها وعلى حساب نضالات الجماهير .
شيوعي ثوري وافتخر
تونس 20/01/2015
Comments